فصل: ذِكْرُ غَزْوَةِ الطّائِفِ بَعْدَ حُنَيْنٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: سيرة ابن هشام المسمى بـ «السيرة النبوية» (نسخة منقحة)



.[شِعْرُ ضَمْضَمٍ فِي يَوْمِ حُنَيْنٍ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ ضَمْضَمُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ جُشَمِ بْنِ عَبْدِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ يَقَظَةَ بْنِ عُصَيّةَ السّلَمِيّ فِي يَوْمِ حُنَيْنٍ، وَكَانَتْ ثَقِيفٌ أَصَابَتْ كِنَانَةَ بْنَ الْحَكَمِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الشّرِيدِ، فَقَتَلَ بِهِ مِحْجَنًا وَابْنَ عَمّ لَهُ وَهُمَا مِنْ ثَقِيفٍ:
نَحْنُ جَلَبْنَا الْخَيْلَ مِنْ غَيْرِ مَجْلَبٍ ** إلَى جُرَشٍ مِنْ أَهْلِ زَيّانَ وَالْفَمِ

نُقَتّلُ أَشْبَالَ الْأُسُودِ وَنَبْتَغِي ** طَوَاغِيَ كَانَتْ قَبْلَنَا لَمْ تُهَدّمْ

فَإِنْ تَفْخَرُوا بِابْنِ الشّرِيدِ فَإِنّنِي ** تَرَكْتُ بِوَجّ مَأْتَمًا بَعْدَ مَأْتَمِ

أَبَأْتُهُمَا بِابْنِ الشّرِيدِ وَغَرّهُ ** جِوَارُكُمْ وَكَانَ غَيْرَ مُذَمّمِ

تُصِيبُ رِجَالًا مِنْ ثَقِيفٍ رِمَاحُنَا ** وَأَسْيَافُنَا يَكْلِمْنَهُمْ كُلّ مَكْلَمِ

وَقَالَ ضَمْضَمُ بْنُ الْحَارِثِ أَيْضًا:
أَبْلِغْ لَدَيْكَ ذَوِي الْحَلَائِلِ آيَةً ** لَا تَأْمَنَنّ الدّهْرَ ذَاتَ خِمَارِ

بَعْدَ الّتِي قَالَتْ لِجَارَةِ بَيْتِهَا ** قَدْ كُنْتُ لَوْ لَبِثَ الْغَزِيّ بِدَارِ

لَمّا رَأَتْ رَجُلًا تَسَفّعَ لَوْنَهُ ** وَغْرُ الْمَصِيفَةِ وَالْعِظَامُ عَوَارِي

مُشُطَ الْعِظَامِ تَرَاهُ آخِرَ لَيْلِهِ ** مُتَسَرْبِلًا فِي دِرْعِهِ لِغِوَارِ

إذْ لَا أَزَالُ عَلَى رِحَالَةِ نَهْدَةٍ ** جَرْدَاءَ تُلْحِقُ بِالنّجَادِ إزَارِي

يَوْمًا عَلَى أَثَرِ النّهَابِ وَتَارَةً ** كُتِبَتْ مُجَاهِدَةً مَعَ الْأَنْصَارِ

وَزُهَاءَ كُلّ خَمِيلَةٍ أَزْهَقْتهَا ** مَهَلًا تَمَهّلُهُ وَكُلّ خَبَارِ

كَيْمَا أُغَيّرَ مَا بِهَا مِنْ حَاجَةٍ ** وَتَوَدّ أَنّي لَا أَؤُوبُ فَجَارِ

.[شِعْرُ أَبِي خِرَاشٍ فِي رِثَاءِ ابْنِ الْعَجْوَةِ]:

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ عُبَيْدَةَ قَالَ أُسِرَ زُهَيْرُ بْنُ الْعَجْوَةِ الْهُذَلِيّ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَكُتّفَ فَرَآهُ جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيّ، فَقَالَ لَهُ أَأَنْتَ الْمَاشِي لَنَا بِالْمَغَايِظِ؟ فَضَرَبَ عُنُقَهُ؟ فَقَالَ أَبُو خِرَاشٍ الْهُذَلِيّ يَرْثِيهِ وَكَانَ ابْنَ عَمّهِ:
عَجّفَ أَضْيَافِي جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ ** بِذِي فَجَرٍ تَأْوِي إلَيْهِ الْأَرَامِلُ

طَوِيلِ نِجَادِ السّيْفِ لَيْسَ بِجَيْدَرٍ ** إذَا اهْتَزّ وَاسْتَرْخَتْ عَلَيْهِ الْحَمَائِلُ

تَكَادُ يَدَاهُ تُسْلِمَانِ إزَارَهُ ** مِنْ الْجُودِ لَمّا أَذْلَقَتْهُ الشّمَائِلُ

إلَى بَيْتِهِ يَأْوِي الضّرِيكُ إذَا شَتَا ** وَمُسْتَنْبِحٌ بَالِي الدّرِيسَيْنِ عَائِلُ

تَرَوّحَ مَقْرُورًا وَهَبّتْ عَشِيّةً ** لَهَا حَدَبٌ تَحْتَثّهُ فَيُوَائِلُ

فَمَا بَالُ أَهْلِ الدّارِ لَمْ يَتَصَدّعُوا ** وَقَدْ بَانَ مِنْهَا اللّوْذَعِيّ الْحُلَاحِلُ

فَأُقْسِمُ لَوْ لَاقَيْتَهُ غَيْرَ مُوثَقٍ ** لَآبَك بِالنّعْفِ الضّبَاعُ الْجَيَائِلُ

وَإِنّك لَوْ وَاجَهْته إذْ لَقِيته ** فَنَازَلْته أَوْ كُنْتَ مِمّنْ يُنَازِلُ

لَظَلّ جَمِيلٌ أَفْحَشَ الْقَوْمِ صِرْعَةً ** وَلَكِنّ قِرْنَ الظّهْرِ لِلْمَرْءِ شَاغِلُ

فَلَيْسَ كَعَهْدِ الدّارِ يَا أُمّ ثَابِتٍ ** وَلَكِنْ أَحَاطَتْ بِالرّقَابِ السّلَاسِلُ

وَعَادَ الْفَتَى كَالشّيْخِ لَيْسَ بِفَاعِلِ ** سِوَى الْحَقّ شَيْئًا وَاسْتَرَاحَ الْعَوَاذِلُ

وَأَصْبَحَ إخْوَانُ الصّفَاءِ كَأَنّمَا ** أَهَالَ عَلَيْهِمْ جَانِبَ التّرْبِ هَائِلُ

فَلَا تَحْسَبِي أَنّي نَسِيتُ لَيَالِيَا ** بِمَكّةَ إذْ لَمْ نَعْدُ عَمّا نُحَاوِلُ

إذْ النّاسُ نَاسٌ وَالْبِلَادُ بِغِرّةٍ ** وَإِذْ نَحْنُ لَا تُثْنِي عَلَيْنَا الْمَدَاخِلُ

.[شِعْرُ ابْنِ عَوْفٍ فِي الِاعْتِذَارِ مِنْ فِرَارِهِ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ وَهُوَ يَعْتَذِرُ يَوْمَئِذٍ مِنْ فِرَارِهِ:
مَنَعَ الرّقَادَ فَمَا أُغَمّضُ سَاعَةً ** نَعَمٌ بِأَجْزَاعِ الطّرِيقِ مُخَضْرَمُ

سَائِلْ هَوَازِنَ هَلْ أَضُرّ عَدُوّهَا ** وَأُعِينُ غَارِمَهَا إذَا مَا يَغْرَمُ

وَكَتِيبَةٍ لَبّسْتُهَا بِكَتِيبَةٍ ** فِئَتَيْنِ مِنْهَا حَاسِرٌ وَمُلَأّمُ

وَمُقَدّمٍ تَعْيَا النّفُوسُ لِضِيقِهِ ** قَدّمْته وَشُهُودُ قَوْمِي أَعْلَمُ

فَوَرَدْته وَتَرَكْتُ إخْوَانًا لَهُ ** يَرِدُونَ غَمْرَتَهُ وَغَمْرَتُهُ الدّمُ

فَإِذَا انْجَلَتْ غَمَرَاتُهُ أَوْرَثْنَنِي ** مَجْدَ الْحَيَاةِ وَمَجْدَ غُنْمٍ يُقْسَمُ

كَلّفْتُمُونِي ذَنْبَ آلِ مُحَمّدٍ ** وَاَللّهُ أَعْلَمُ مَنْ أَعَقّ وَأَظْلَمُ

وَخَذَلْتُمُونِي إذْ أُقَاتِلُ وَاحِدًا ** وَخَذَلْتُمُونِي إذْ تُقَاتِلُ خَثْعَمُ

وَإِذَا بَنَيْتُ الْمَجْدَ يَهْدِمُ بَعْضُكُمْ ** لَا يَسْتَوِي بَانٍ وَآخَرُ يَهْدِمُ

وَأَقَبّ مِخْمَاصِ الشّتَاءِ مُسَارِعٍ ** فِي الْمَجْدِ يَنْمِي لِلْعُلَى مُتَكَرّمُ

أَكْرَهْتُ فِيهِ أَلّةً يَزَنِيّةً ** سَحْمَاءَ يَقْدُمُهَا سِنَانٌ سَلْجَمُ

وَتَرَكْت حَنّتَهُ تَرُدّ وَلِيّهُ ** وَتَقُولُ لَيْسَ عَلَى فُلَانَةَ مَقْدَمُ

وَنَصَبْتُ نَفْسِي لِلرّمَاحِ مُدَجّجًا ** مِثْلَ الدّرِيّةِ تُسْتَحَلّ وَتُشْرَمُ

.[شِعْرٌ لِهَوَازِنِيّ يَذْكُرُ إسْلَامَ قَوْمِهِ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ وَقَالَ قَائِلٌ فِي هَوَازِنَ أَيْضًا، يَذْكُرُ مَسِيرَهُمْ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَعَ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ بَعْدَ إسْلَامِهِ:
أَذْكُرْ مَسِيرَهُمْ لِلنّاسِ إذْ جَمَعُوا ** وَمَالِكٌ فَوْقَهُ الرّايَاتُ تَخْتَفِقُ

وَمَالِكُ مَالِكٌ مَا فَوْقَهُ أَحَدٌ ** يَوْمَ حُنَيْنٍ عَلَيْهِ التّاجُ يَأْتَلِقُ

حَتّى لَقُوا الْبَاسَ حِينَ الْبَاسُ يَقْدُمُهُمْ ** عَلَيْهِمْ الْبِيضُ وَالْأَبْدَانُ وَالدّرَقُ

فَضَارَبُوا النّاسَ حَتّى لَمْ يَرَوْا أَحَدًا ** حَوْلَ النّبِيّ وَحَتّى جَنّهُ الْغَسَقُ

ثُمّتَ نُزّلَ جِبْرِيلُ بِنَصْرِهِمْ ** مِنْ السّمَاءِ فَمَهْزُومٌ وَمُعْتَنَقُ

مِنّا وَلَوْ غَيْرُ جِبْرِيلِ يُقَاتِلُنَا ** لَمَنّعَتْنَا إذَنْ أَسْيَافُنَا الْعُتُقُ

وَفَاتَنَا عُمَرُ الْفَارُوقُ إذْ هُزِمُوا ** بِطَعْنَةٍ بَلّ مِنْهَا سَرْجَهُ الْعَلَقُ

.[شِعْرُ جُشَمِيّةٍ فِي رِثَاءِ أَخَوَيْهَا]:

وَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي جُشَمٍ تَرْثِي أَخَوَيْنِ لَهَا أُصِيبَا يَوْمَ حُنَيْنٍ:
أَعَيْنَيّ جُودَا عَلَى مَالِكٍ ** مَعًا وَالْعَلَاءِ وَلَا تَجْمُدَا

هُمَا الْقَاتِلَانِ أَبَا عَامِرٍ ** وَقَدْ كَانَ ذَا هَبّةٍ أَرْبَدَا

هُمَا تَرَكَاهُ لَدَى مُجْسَدٍ ** يَنُوءُ نَزِيفًا وَمَا وُسّدَا

.[شِعْرُ أَبِي ثَوَابٍ فِي هِجَاءِ قُرَيْشٍ]:

وَقَالَ أَبُو ثَوَابٍ زَيْدُ بْنُ صُحَارٍ، أَحَدُ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ:
أَلَا هَلْ أَتَاك أَنْ غَلَبَتْ قُرَيْشٌ ** هَوَازِنَ وَالْخُطُوبُ لَهَا شُرُوطُ

وَكُنّا يَا قُرَيْشُ إذَا غَضِبْنَا ** يَجِيءُ مِنْ الْغِضَابِ دَمٌ عَبِيطُ

وَكُنّا يَا قُرَيْشُ إذَا غَضِبْنَا ** كَأَنّ أُنُوفَنَا فِيهَا سَعُوطُ

فَأَصْبَحْنَا تَسَوّقُنَا قُرَيْشٌ ** سِيَاقَ الْعِيرِ يَحْدُوهَا النّبِيطُ

فَلَا أَنَا إنْ سُئِلْتُ الْخَسْفَ آبٍ ** وَلَا أَنَا أَنْ أَلِينَ لَهُمْ نَشِيطُ

سَيُنْقَلُ لَحْمُهَا فِي كُلّ فَجّ ** وَتُكْتَبُ فِي مَسَامِعِهَا الْقُطُوطُ

وَيُرْوَى: الْخُطُوطُ، وَهَذَا الْبَيْتُ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعْدٍ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ أَبُو ثَوَابٍ زِيَادُ بْنُ ثَوَابٍ. وَأَنْشَدَنِي خَلَفٌ الْأَحْمَرُ ابْنِ إسْحَاقَ.

.[شِعْرُ ابْنِ وَهْبٍ فِي الرّدّ عَلَى ابْنِ أَبِي ثَوَابٍ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَأَجَابَهُ عَبْدُ اللّهِ بْنُ وَهْبٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، ثُمّ مِنْ بَنِي أُسَيّدٍ فَقَالَ:
بِشَرْطِ اللّهِ نَضْرِبُ مَنْ لَقِينَا ** كَأَفْضَلِ مَا رَأَيْتَ مِنْ الشّرُوطِ

وَكُنّا يَا هَوَازِنُ حِينَ نَلْقَى ** نَبُلّ الْهَامَ مِنْ عَلَقٍ عَبِيطِ

بِجَمْعِكُمْ وَجَمْعِ بَنِي قَسِيّ ** نَحُكّ الْبَرْكَ كَالْوَرَقِ الْخَبِيطِ

أَصَبْنَا مِنْ سَرَاتِكُمْ وَمِلْنَا ** بِقَتْلٍ فِي الْمُبَايِنِ وَالْخَلِيطِ

بِهِ الْمُلْتَاثُ مُفْتَرِشٌ يَدَيْهِ ** يَمُجّ الْمَوْتَ كَالْبَكْرِ النّحِيطِ

فَإِنْ تَكُ قَيْسُ عَيْلَانٍ غِضَابًا ** فَلَا يَنْفَكّ يُرْغِمُهُمْ سَعُوطِي

.[شِعْرُ خَدِيجٍ فِي يَوْمِ حُنَيْنٍ]:

وَقَالَ خَدِيجُ بْنُ الْعَوْجَاءِ النّصْرِيّ:
لَمّا دَنَوْنَا مِنْ حُنَيْنٍ وَمَائِهِ ** رَأَيْنَا سَوَادًا مُنْكَرَ اللّوْنِ أَخْصَفَا

بِمَلْمُومَةٍ شَهْبَاءَ لَوْ قَذَفُوا بِهَا ** شَمَارِيخَ مِنْ عُزْوَى إذَنْ عَادَ صَفْصَفَا

وَلَوْ أَنّ قَوْمِي طَاوَعَتْنِي سَرَاتُهُمْ ** إذَنْ مَا لَقِينَا الْعَارِضَ الْمُتَكَشّفَا

إذَنْ مَا لَقِينَا جُنْدَ آلِ مُحَمّدٍ ** ثَمَانِينَ أَلْفًا وَاسْتَمَدّوا بِخِنْدِفَا

.ذِكْرُ غَزْوَةِ الطّائِفِ بَعْدَ حُنَيْنٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ:

وَلَمّا قدم فل ثَقِيفٍ الطّائِفَ أَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ مَدِينَتِهَا، وَصَنَعُوا الصّنَائِعَ لِلْقِتَالِ.

.[الْمُتَخَلّفُونَ عَنْ حُنَيْنٍ وَالطّائِفِ]:

وَلَمْ يَشْهَدْ حُنَيْنًا وَلَا حِصَارَ الطّائِفِ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ وَلَا غَيْدَنُ بْنُ سَلَمَةَ كَانَا بِجُرَشَ يَتَعَلّمَانِ صَنْعَةَ الدّبّابَاتِ وَالْمَجَانِيقِ وَالضّبُورِ.

.[مَسِيرُ الرّسُولِ إلَى الطّائِفِ وَشِعْرُ كَعْبٍ]:

ثُمّ سَارَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الطّائِفِ حِينَ فَرَغَ مِنْ حُنَيْنٍ؛ فَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، حِينَ أَجْمَعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ السّيْرَ إلَى الطّائِفِ:
قَضَيْنَا مِنْ تِهَامَةَ كُلّ رَيْبٍ ** وَخَيْبَرَ ثُمّ أَجْمَعْنَا السّيُوفَا

نُخَيّرُهَا وَلَوْ نَطَقَتْ لَقَالَتْ ** قَوَاطِعُهُنّ دَوْسًا أَوْ ثَقِيفًا

فَلَسْتُ لِحَاضِنٍ إنْ لَمْ تَرَوْهَا ** بِسَاحَةِ دَارِكُمْ مِنْكُمْ أُلُوفَا

وَنَنْتَزِعُ الْعُرُوشَ بِبَطْنِ وَجّ ** وَتُصْبِحُ دُورُكُمْ مِنْكُمْ خُلُوفَا

وَيَأْتِيكُمْ لَنَا سَرَعَانُ خَيْلٍ ** يُغَادِرُ خَلْفَهُ جَمْعًا كَثِيفَا

إذَا نَزَلُوا بِسَاحَتِكُمْ سَمِعْتُمْ ** لَهَا مِمّا أَنَاخَ بِهَا رَجِيفَا

بِأَيْدِيهِمْ قَوَاضِبُ مُرْهَفَاتٌ ** يُزِرْنَ الْمُصْطَلِينَ بِهَا الْحُتُوفَا

كَأَمْثَالِ الْعَقَائِقِ أَخْلَصَتْهَا ** قُيُونُ الْهِنْدِ لَمْ تُضْرَبْ كَتِيفَا

تَخَالُ جَدِيّةَ الْأَبْطَالِ فِيهَا ** غَدَاةَ الزّحْفِ جَادِيّا مَدُوفَا

أَجِدّهُمْ أَلَيْسَ لَهُمْ نَصِيحٌ ** مِنْ الْأَقْوَامِ كَانَ بِنَا عَرِيفَا

يُخَبّرُهُمْ بِأَنّا قَدْ جَمَعْنَا ** عِتَاقَ الْخَيْلِ وَالنّجُبَ الطّرُوفَا

وَأَنّا قَدْ أَتَيْنَاهُمْ بِزَحْفٍ ** يُحِيطُ بِسُورِ حِصْنِهِمْ صُفُوفَا

رَئِيسُهُمْ النّبِيّ وَكَانَ صُلْبًا ** نَقِيّ الْقَلْبِ مُصْطَبِرًا عَزُوفَا

رَشِيدُ الْأَمْرِ ذُو حُكْمٍ وَعِلْمٍ ** وَحِلْمٍ لَمْ يَكُنْ نَزِقًا خَفِيفَا

نُطِيعُ نَبِيّنَا وَنُطِيعُ رَبّا ** هُوَ الرّحْمَنُ كَانَ بِنَا رَءُوفَا

فَإِنْ تُلْقُوا إلَيْنَا السّلْمَ نَقْبَلْ ** وَنَجْعَلْكُمْ لَنَا عَضُدًا وَرِيفَا

وَإِنْ تَأْبَوْا نُجَاهِدْكُمْ وَنَصْبِرْ ** وَلَا يَكُ أَمْرُنَا رَعِشًا ضَعِيفَا

نُجَالِدُ مَا بَقِينَا أَوْ تُنِيبُوا ** إلَى الْإِسْلَامِ إذْعَانًا مُضِيفَا

نُجَاهِدُ لَا نُبَالِي مَنْ لَقِينَا ** أَأَهْلَكْنَا التّلَادَ أَمْ الطّرِيفَا

وَكَمْ مِنْ مَعْشَرٍ أَلَبُوا عَلَيْنَا ** صَمِيمَ الْجِذْمِ مِنْهُمْ وَالْحَلِيفَا

أَتَوْنَا لَا يَرَوْنَ لَهُمْ كِفَاء ** فَجَدّعْنَا الْمَسَامِعَ وَالْأُنُوفَا

بِكُلّ مُهَنّدٍ لَيْنٍ صَقِيلٍ ** يَسُوقُهُمْ بِهَا سَوْقًا عَنِيفَا

لِأَمْرِ اللّهِ وَالْإِسْلَامِ حَتّى ** يَقُومَ الدّينُ مُعْتَدِلًا حَنِيفَا

وَتُنْسَى اللّاتُ وَالْعُزّى وَوَدّ ** وَنَسْلُبُهَا الْقَلَائِدَ وَالشّنُوفَا

فَأَمْسَوْا قَدْ أَقَرّوا وَاطْمَأَنّوا ** وَمَنْ لَا يَمْتَنِعْ يَقْبَلْ خُسُوفَا

.[شِعْرُ كِنَانَةَ فِي الرّدّ عَلَى كَعْبٍ]:

فَأَجَابَهُ عَبْدِ يَالَيْل بْنِ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ، فَقَالَ:
مَنْ كَانَ يَبْغِينَا يُرِيدُ قِتَالَنَا ** فَإِنّا بِدَارٍ مَعْلَمٍ لَا نَرِيمُهَا

وَجَدْنَا بِهَا الْآبَاءَ مِنْ قَبْلِ مَا تَرَى ** وَكَانَتْ لَنَا أَطْوَاؤُهَا وَكُرُومُهَا

وَقَدْ جَرّبَتْنَا قَبْلُ عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ ** فَأَخْبَرَهَا ذُو رَأْيِهَا وَحَلِيمُهَا

وَقَدْ عَلِمَتْ إنْ قَالَتْ الْحَقّ أَنّنَا ** إذَا مَا أَبَتْ صُعْرُ الْخُدُودِ نُقِيمُهَا

نُقَوّمُهَا حَتّى يَلِينَ شَرِيسُهَا ** وَيُعْرَفُ لِلْحَقّ الْمُبِينِ ظَلُومُهَا

عَلَيْنَا دِلَاصٌ مِنْ تُرَاثِ مُحَرّقٍ ** كَلَوْنِ السّمَاءِ زَيّنَتْهَا نُجُومُهَا

نُرَفّهُهَا عَنّا بِبِيضٍ صَوَارِمٍ ** إذَا جُرّدَتْ فِي غَمْرَةٍ لَا نَشيِمُها

.[شِعْرُ شَدّادٍ فِي الْمَسِيرِ إلَى الطّائِفِ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ شَدّادُ بْنُ عَارِضٍ الْجُشَمِيّ فِي مَسِيرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الطّائِفِ:
لَا تَنْصُرُوا اللّاتَ إنّ اللّهَ مُهْلِكُهَا ** وَكَيْفَ يُنْصَرُ مَنْ هُوَ لَيْسَ يَنْتَصِرُ

إنّ الّتِي حُرّقَتْ بِالسّدّ فَاشْتَعَلَتْ ** وَلَمْ يُقَاتَلْ لَدَى أَحْجَارِهَا هَدَرُ

إنّ الرّسُولَ مَتَى يَنْزِلْ بِلَادَكُمْ ** يَظْعَنْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا بَشَرُ

.[الطّرِيقُ إلَى الطّائِفِ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَسَلَكَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى نَخْلَةَ الْيَمَانِيَةِ، ثُمّ عَلَى قَرْنٍ، ثُمّ عَلَى الْمُلَيْحِ، ثُمّ عَلَى بُحْرَةِ الرّغَاءِ مِنْ لِيّةَ، فَابْتَنَى بِهَا مَسْجِدًا فَصَلّى فِيهِ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ: أَنّهُ أَقَادَ يَوْمَئِذٍ بِبُحْرَةِ الرّغَاءِ حِينَ نَزَلَهَا بِدَمِ وَهُوَ أَوّلُ دَمٍ أُقِيدَ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ هُذَيْلٍ، فَقَتَلَهُ بِهِ وَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ بِلِيّةَ بِحِصْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ فَهُدِمَ ثُمّ سَلَكَ فِي طَرِيقٍ يُقَالُ لَهَا الضّيْقَةُ، فَلَمّا تَوَجّهَ فِيهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَأَلَ عَنْ اسْمِهَا فَقَالَ مَا اسْمُ هَذِهِ الطّرِيقِ؟ فَقِيلَ لَهُ الضّيْقَةُ، فَقَالَ بَلْ هِيَ الْيُسْرَى، ثُمّ خَرَجَ مِنْهَا عَلَى نَخْبٍ حَتّى نَزَلَ تَحْتَ سِدْرَةٍ يُقَالُ لَهَا الصّادِرَةُ، قَرِيبًا مِنْ مَالِ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إمّا أَنْ تَخْرُجَ وَإِمّا أَنْ نُخْرِبَ عَلَيْك حَائِطَك، فَأَبَى أَنْ يَخْرُجَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ بِإِخْرَابِهِ. ثُمّ مَضَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى نَزَلَ قَرِيبًا مِنْ الطّائِفِ، فَضَرَبَ بِهِ عَسْكَرَهُ فَقُتِلَ بِهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالنّبْلِ وَذَلِكَ أَنّ الْعَسْكَرَ اقْتَرَبَ مِنْ حَائِطِ الطّائِفِ، فَكَانَتْ النّبْلُ تَنَالُهُمْ وَلَمْ يَقْدِرْ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنْ يَدْخُلُوا حَائِطَهُمْ أَغْلَقُوهُ دُونَهُمْ فَلَمّا أُصِيبَ أُولَئِكَ النّفَرُ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالنّبْلِ وَضَعَ عَسْكَرَهُ عِنْدَ مَسْجِدِهِ الّذِي بِالطّائِفِ الْيَوْمَ فَحَاصَرَهُمْ بِضْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ سَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَمَعَهُ امْرَأَتَانِ مِنْ نِسَائِهِ إحْدَاهُمَا أُمّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيّةَ فَضَرَبَ لَهُمَا قُبّتَيْنِ ثُمّ صَلّى بَيْنَ الْقُبّتَيْنِ. ثُمّ أَقَامَ فَلَمّا أَسْلَمَتْ ثَقِيفٌ بَنَى عَلَى مُصَلّى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَمْرُو بْنُ أُمَيّةَ بْنِ وَهْبِ بْنِ مُعَتّبِ بْنِ مَالِكٍ مَسْجِدًا، وَكَانَتْ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ سَارِيَةٌ فِيمَا يَزْعُمُونَ لَا تَطْلُعُ الشّمْسُ عَلَيْهَا يَوْمًا مِنْ الدّهْرِ إلّا سُمِعَ لَهَا نَقِيضٌ فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَاتَلَهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا، وَتَرَامَوْا بِالنّبْلِ.

.[الرّسُولُ أَوّلُ مَنْ رَمَى بِالْمَنْجَنِيقِ]:

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَرَمَاهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْمَنْجَنِيقِ. حَدّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَوّلُ مَنْ رَمَى فِي الْإِسْلَامِ بِالْمَنْجَنِيقِ رَمَى أَهْلَ الطّائِفِ.

.[يَوْمُ الشّدْخَةِ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَتّى إذَا كَانَ يَوْمُ الشّدْخَةِ عِنْدَ جِدَارِ الطّائِفِ، دَخَلَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَحْتَ دَبّابَةٍ ثُمّ زَحَفُوا بِهَا إلَى جِدَارِ الطّائِفِ لِيَخْرِقُوهُ فَأَرْسَلَتْ عَلَيْهِمْ ثَقِيفٌ سِكَكَ الْحَدِيدِ مُحْمَاةً بِالنّارِ فَخَرَجُوا مِنْ تَحْتِهَا، فَرَمَتْهُمْ ثَقِيفٌ بِالنّبْلِ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ رِجَالًا، فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِقَطْعِ أَعْنَابِ ثَقِيفٍ، فَوَقَعَ النّاسُ فِيهَا يَقْطَعُونَ.

.[الْمُفَاوَضَةُ مَعَ ثَقِيفٍ]:

وَتَقَدّمَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ إلَى الطّائِفِ، فَنَادَ يَا ثَقِيفًا: أَنْ أَمّنُونَا حَتّى نُكَلّمَكُمْ فَأَمّنُوهُمَا، فَدَعَوْا نِسَاءً مِنْ نِسَاءٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَنِيّ كِنَانَةَ لِيَخْرُجْنَ إلَيْهِمَا، وَهُمَا يَخَافَانِ عَلَيْهِنّ السّبَاءَ فَأَبَيْنَ مِنْهُنّ آمِنَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ كَانَتْ عِنْدَ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ لَهُ مِنْهَا دَاوُدُ بْنُ عُرْوَةَ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ إنّ أُمّ دَاوُدَ مَيْمُونَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَتْ عِنْدَ أَبِي مُرّةَ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ فَوَلَدَتْ لَهُ دَاوُدَ بْنَ أَبِي مُرّةَ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَالْفِرَاسِيّةُ بِنْتُ سُوَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ، لَهَا عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ قَارِبٍ وَالْفُقَيْمِيّةُ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النّاسِي أُمَيّةَ بْنِ قَلْعٍ فَلَمّا أَبَيْنَ عَلَيْهِمَا، قَالَ لَهُمَا ابْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ مَسْعُودٍ يَا أَبَا سُفْيَانَ وَيَا مُغِيرَةُ أَلَا أَدُلّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمّا جِئْتُمَا لَهُ إنّ مَالَ بَنِي الْأَسْوَدِ بْنِ مَسْعُودٍ حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمَا، وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطّائِفِ، نَازِلًا بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ الْعَقِيقُ، إنّهُ لَيْسَ بِالطّائِفِ مَالٌ أَبْعَدُ رِشَاءً وَلَا أَشَدّ مُؤْنَةً وَلَا أَبْعَدُ عِمَارَةً مِنْ مَالِ بَنِي الْأَسْوَدِ وَإِنّ مُحَمّدًا إنْ قَطَعَهُ لَمْ يُعْمَرْ أَبَدًا، فَكَلّمَاهُ فَلْيَأْخُذْ لِنَفْسِهِ أَوْ لِيَدَعْهُ لِلّهِ وَالرّحِمِ فَإِنّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ مِنْ الْقَرَابَةِ مَا لَا يُجْهَلُ فَزَعَمُوا أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَرَكَهُ لَهُمْ.

.[رُؤْيَا الرّسُولِ وَتَفْسِيرُ أَبِي بَكْرٍ لَهَا]:

وَقَدْ بَلَغَنِي أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ الصّدّيقِ وَهُوَ مُحَاصِرٌ ثَقِيفًا يَا أَبَا بَكْرٍ إنّي رَأَيْت أَنّي أُهْدِيَتْ لِي قَعْبَةٌ مَمْلُوءَةٌ زُبْدًا، فَنَقَرَهَا دِيكٌ فَهَرَاقَ مَا فِيهَا. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا أَظُنّ أَنْ تُدْرِكَ مِنْهُمْ يَوْمَك هَذَا مَا تُرِيدُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَنَا لَا أَرَى ذَلِكَ.

.[ارْتِحَالُ الْمُسْلِمِينَ وَسَبَبُ ذَلِكَ]:

ثُمّ إنّ خُوَيْلَةَ بِنْتَ حَكِيمِ بْنِ أُمَيّةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْأَوْقَصِ السّلَمِيّةَ وَهِيَ امْرَأَةُ عُثْمَانَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللّهِ أَعْطِنِي إنْ فَتَحَ اللّهُ عَلَيْك الطّائِفَ حُلِيّ بَادِيَةَ بِنْتِ غَيْلَانَ بْنِ مَظْعُونِ بْنِ سَلَمَةَ أَوْ حُلِيّ الْفَارِعَةِ بِنْتِ عُقَيْلٍ وَكَانَتَا مِنْ أَحْلَى نِسَاءِ ثَقِيفٍ. فَذُكِرَ لِي أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَهَا: وَإِنْ كَانَ لَمْ يُؤْذَنْ لِي فِي ثَقِيفٍ يَا خُوَيْلَةُ؟ فَخَرَجَتْ خُوَيْلَةُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّه: مَا حَدِيثٌ حَدّثَتْنِيهِ خُوَيْلَةُ زَعَمَتْ أَنّك قُلْته؟ قَالَ قَدْ قُلْته؟ قَالَ أَوَمَا أُذِنَ لَك فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ لَا. قَالَ أَفَلَا أُؤَذّنُ بِالرّحِيلِ؟ قَالَ بَلَى قَالَ فَأَذّنَ عُمَرُ بِالرّحِيلِ.