فصل: سنة ست عشرة وست مائة فيها تحركت التتار

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر **


 سنة ست عشرة وست مائة فيها تحركت التتار‏.‏

فخارت قوى السلطان خوارزم شاه وتقهقر بين أيديهم ببلاد ما وراء النهر وانجفل الناس بخوارزم وأمرت أمه بقتل من كان محبوسًا من الملوك بخوارزم وكانوا يضعة عشر نفسًا‏.‏

ثم سارت بالخزائن إلى قلعة ايلال بمازندران ووصل خوارزم شاه إلى همذان في نحو عشرين ألفًا وتقوضت أيامه‏.‏

وفي أول العام خرب الملك المعظم سور بيت المقدس عجزًا وخوفًا من الفرنج أن تملكه فتشتت أهله وتعثروا وكان هو مع أخيه الكامل في كشف الفرنج عن دمياط وتم لهم وللمسلمين حروب وقتال كثير وجرت أمور يطول شرحها‏.‏

وجدت الفرنج في محاصرة دمياط وعملوا عليهم خندقًا كبيرًا وثبت أهل البلد ثباتًا لم يسمع بمثله وكثر فيهم القتل والجراح والموت وعدمت الأقوات ثم سلموها بالأمانفس شعبان وطار عقل الفرنج وتسارعوا إليها من كل فج عميق وشرعوا في تحصينها وأصبحت دار هجرتهم وترجوا بها أخذ ديار مصرية‏.‏

وأشرف الإسلام على خطة خسف اقبلت التتار من المشرق والفرنج من المغرب‏.‏

وعزم لمصريون على الجلاء فثبتهم الكامل إلى أن سار إليه أخوه الأشرف كما يأتي‏.‏

وفيها توفي أحمد بن سليمان بن الأصفر أبو العباس الخريبي روى عن أحمد بن علي بن الأشقر وابن الطلابة‏.‏

توفي في ذي الحج‏.‏

وأحمد بن محمد بن سيدهم أبو الفضل الأنصاري الدمشقي الجابي المعروف بابن الهراس‏.‏

سمع من نصر الله المصيصي وغيره‏.‏

توفي في شعبان‏.‏

وابن ملاعب زين الدين أبو البركات داود بن أحمد بن محمد بن منصور بن ثابت بن ملاعب الأزجي وكيل القضاة‏.‏

روى عن الأرموي وابن ناصر وطائفة‏.‏

وبعض سماعاته في الخامسة‏.‏

توفي في جمادى الآخرة بدمشق‏.‏

وريحان بن تيكان بن موسك الحربي الضرير‏.‏

مات في صفر وله بضع وتسعون سنة‏.‏

روى عن أحمد بن الطلاية والمبارك بن أحمد الكندي‏.‏

وست الشام الخاتون أخت الملك العادل‏.‏

توفيت في ذي القعدة ودفنت بتربتها التي بمدرستها الشامية‏.‏

رحمها الله تعالى‏.‏

وأبو منصور بن الرزاز سعيد بن محمد ابن العلامة المفتي سعيد بن محمد ابن عمر البغدادي‏.‏

روى البخاري عن أبي الوقت وحضر ابا الفضل الأرموي‏.‏

وأبو البقاء العلامة محب الدين عبد الله بن الحسين بن أبي البقاء العكبري ثم الأزجي الضرير الحنبلي النحوي الفرضي‏.‏

صاحب التصانيف‏.‏

قرأ القراءات على ابن عساكر البطائحي وتأدب على ابن الخشاب وتفقه على أبي يعلى الصغير وروى عن ابن الطي وطائفة‏.‏

وحاز قصب السبق في العربية وتخرج به خلق‏.‏

ذهب بصره في صغره بالجدري‏.‏

وكان دينًا ثقة‏.‏

توفي في ربيع الآخر‏.‏

وابن شاش العلامة جلال الدين أبو محمد عبد الله بن نجم بن شاش بن نزار الجذامي السعدي المصري شيخ المالكية وصاحب كتاب الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة‏.‏

كان من كبار الأئمة العاملين‏.‏

حج في آخر عمره ورجع فامتنع من الفتيا إلى أن مات مجاهدًا في سبيل الله في حدود رجب‏.‏

وعبد الرحمان بن محمد بن علي بن يعيش الصدر أبو الفرج الأنباري أخو أبي الحسن علي‏.‏

روى عن عبد الوهاب الأنماطي وغيره‏.‏

وعمر تسعين سنة‏.‏

توفي في شعبان‏.‏

وعبد العزيز بن أحمد بن مسعود ابن الناقد أبو محمد البغدادي المقرئ الصالح‏.‏

قرأ القراءات على أبي الكرم الشهرزوري وغيره وسمع من أبي سعد البغدادي والأرموي‏.‏

توفي في شوال‏.‏

والافتخار الهاشمي أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل العباسي البلخي ثم الحلبي الحنفي‏.‏

إمام المذهب بحلب‏.‏

سمع بما وراء النهر من القاضي عمر بن علي المحمودي وأبي شجاع البسطامي وجماعة‏.‏

وبرع في المذهب وناظر وصنف وشرح الجامع الكبير وتخرج به الأصحاب وعاش ثمانين سنة توفي في جمادى الآخرة‏.‏

وعلي بن القاسم ابن الحافظ الكبير أبي القاسم بن عساكر عماد الدين أبو القاسم ولد سنة إحدى وثمانين وسمع من أبيه وعبد الرحمان بن الخرقي وإسماعيل الجنزوري‏.‏

ورحل إلى خراسان فكان آخر من رحل إليها من المحدثين‏.‏

وأكثر عن المؤيد الطوسي ونحوه‏.‏

وكان صدوقًا ذكيًا فهمًا حافظًا مجدًا في الطلب إلا أنه كان تشيع‏.‏

وقد خرجت عليه الحرامية في قفوله من خراسان فجرحوه‏.‏

وأدركه الموت ببغداد في جمادى الأولى‏.‏

وصاحب سنجار الملك المنصور قطب الدين محمد بن عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي بن آقسنقر‏.‏

تملك سنجار مدة‏.‏

حاصره الملك العادل ايامًا ثم رحل عنه بأمر الخليفة‏.‏

توفي في صفر‏.‏

وتملك بعده ولده عماد الدين شاهنشاه أشهرًا ومات قبله أخوه عمر وتملك بعده مديدة ثم سلم سنجار إلى الأشرف ثم مات‏.‏

سنة سبع عشرة وست مائة فيها قصد الموصل الملك مظفر الدين صاحب إربل‏.‏

فالتقاه بدر الدين لولو وكسره‏.‏

وأفلت ونازل مظفر الدين الموصل‏.‏

فنجدها الأشرف ثم وقع الصلح‏.‏

وفي رجب وقعة البرلس بين الكامل والفرنج وكانت فتحًا عزيزًا‏.‏

قتل من الملاعين عشرة آلاف وانهوموا إلى دمياط‏.‏

وفيها حج بالعراقيين أقباش مملوك الخليفة‏.‏

وكان من أحسن أهل زمانه‏.‏

استراه الناصر بخمسة

آلاف دينار‏.‏

وكان معه تقليد بمكة لحسن بن قتادة لموت أبيه في وسط العام‏.‏

فجاءه بعرفات راجح فقال‏:‏ أنا أكبر ولد قتادة فولني‏.‏

فتوهم حسن أنه معزول‏.‏

فأغلق مكة فركب أقباش ليسكن الفتنة وقال‏:‏ ما قصدي قتال‏.‏

فثار به أولئك العبيد الأشرار وحملوا‏.‏

فانهزم أصحابه‏.‏

فتقدم عبد فعرقب فرسه‏.‏

فوقع فذبحوه وعلقوا رأسه‏.‏

وأرادوا نهب العراقيين‏.‏

فقام في القضية أمير الشاميين المعتمد والي دمشق ورد معه ركب العراق‏.‏

وأما التتار فإنهم أخذوا في آخر عام ستة عشر بخارىوقتلوا وما أبقوا‏.‏

ثم عبروا نهر جيحون واستولوا على خراسان قتلًا وسببًا وتخريبًا وإبادة إلى حدود العراق بعد أن هزموا جيوش خوارزم شاه ومزقوهم‏.‏

ثم عطفوا إلى قزوين فاستباحوها وحاصروا تبريز وبها ابن البهلوان‏.‏

فبذل لهم أموالًا وتحفًا‏.‏

فرحلوا عنه ليشنوا على الساحل‏.‏

فوصلوا إلى موغان وحاربوا الكرج وهزموهم في ذي القعدة من سنة سبع عشرة‏.‏

ثم ساروا إلى مراغة وأخذوها بالسيف ثم كروا نحو إربل فاجتمع لحربهم عسكر العراق والموصل مع صاحب إربل فهابوهم وعرجوا إلى همذان فحاربهم أهلها أشد محاربة في العام المقبل وأخذوها بالسيف وأحرقوها ثم نزلوا على بيلقان وأخذوها بالسيف وقتلوا بلا استثناء‏.‏

ثم حاربوا الكرج أيضًا وقتلوا منهم نحو ثلاثين ألفًا ثم سلكوا طرقًا وعرة في جبال دربند شروان وانبثوا من تلك الأراضي وبها اللان واللكز وطوائف من الترك وفيهم قليل مسلمون‏.‏

فتجمعوا والتقوا‏.‏

فكانت الدبرة على اللان‏.‏

ثم بيتوا القفجاق فملكوها وأقاموا هناك إلى سنة عشرين وست مائة‏.‏

ولما تمكن الطاغية جنكزخان وعتا وتمرد وأباد وأذل العرب والعجم قسم عساكره وجهز كل فرقة إلى ناحية من الأرض ثم عادت إليه أكثر عساكره إلى سمرقند‏.‏

فلا يقال كم أباد هؤلاء من بلد وإنما يقال كم بقي‏.‏

وكان خوارزم شاه محمد بطلًا مقدامًا هجامًا وعسكره أو شابًا ليس لهم ديوان ولا إقطاع بل يعيشون من النهب والغارات‏.‏

وهم تركي كافر أو مسلم جاهل لم يعرفوا تعبئة العسكرفي المصاف ولم يدمنوا إلا على المهاجمة ولا لهم زرديات ولا عدد جند‏.‏

ثم إنه كان يقتل بعض القبيلة ويستخدم باقيها ولم يكن فيه سيء منالمداراة ولا التؤدة لالجنده ولالعدوه‏.‏

وتحرش بالتتار وهم يغضبون على من يرضيهم فكيف بمن يغضبهم ويؤذيهم‏.‏

فخرجوا عليهوهم بنوا أب وأولوا كلمة مجتمعة وقلب واحد ورئيس مطاع فلم يمكن أن يقف مثل خوارزم شاه بين أيديهم‏.‏

ولكل أجل كتاب‏.‏

فطووا الأرض وكلت أسلحتهم وتكلكلت أيديهم مما بسطنا أخبارهموشرحنا ما تم للإسلام وأهله في التاريخ الكبير‏.‏

فإنا لله وإنا إليه راجعون‏.‏

وفيها توفي زكي الدين الطاهر قاضي القضاة ولد قاضي القضاةمحيي الدين محمد ابن قاضي القضاة زكي الدين علي ابن قاضي القضاة المنتجب محمد بن يحيى اقرشي الدمشقي‏.‏

ولي قبل ابن الحرستاني ثم بعده‏.‏

وكان ذا هيبة وحشمة وسطوة‏.‏

وكان الملك المعظم يكرهه‏.‏

فاتفق أن زكي الدين طالب جابي العزيزية بالحساب‏.‏

فأساء الأدب عليه‏.‏

فأمر بضربه بين يديه‏.‏

فوجد المعظم سبيلًا إلى أذيته وبعث إليه بخلعة أمير قباء وكلوته وألزمه بلبسها في مجلس حكمه‏.‏

ففعل‏.‏

ثم قام فدخل ولزم بيته ومات كمدًا‏.‏

يقال إنه رمى قطعًا من كبده‏.‏

ومات في صفر كهلًا وندم المعظم‏.‏

والشيخ عبدالله اليونيني وهو ابن عثمان بن جعفر الزاهد الكبير أسد الشام‏.‏

وكان شيخًا مهيبًا طوالًا حاد الحال تام الشجاعة أمارًا بالمعروف نهاء عن المنكر كثير الجهاد دائم الذكر عظيم الشأن منقطع القرين صاحب مجاهدات وكرامات كان الأمجد صاحب بعلبك يزوره‏.‏

وكان يهينه ويقول‏:‏ يا مجيد أنت تظلم وتفعل‏.‏

وهو يعتذر إليه‏.‏

وقيل كان قوسه ثمانين رطلًا‏.‏

وما كان يبالي بالرجال قلوا أو كثروا وكان ينشد هذه الأبيات ويبكي‏:‏ شفيعي إليكم طول شواقي إليكم وكل كريم للشفيع قبول وعذري إليكم أنني في هواكم أسير ومأسور الغرام ذليل فإن تقبلوا عذري فأهلًا ومرحبا وإن لم تجيبوا فالمحب حمول سأصبر لا عنكم ولكن عليكم عسى لي إلى ذاك الجناب وصول وأبو المظفر ابن السمعاني فخر الدين عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد عبد الكريم ابن الحافظ أبي بكر محمد ابن الإمام أبي المظفر منصور بن محمد التميمي المروزي الشافعي الفقيه المحدث مسند خراسان‏.‏

ولد سنة سبع وثلاثين وخمس مائة وروى كتبًا كبارًا صحيح البخاري ومسند الحافظ أبي عوانة وسنن أبي داود و جامع أبي عيسى و تاريخ الفسوي و مسند الهيثم بن كليب‏.‏

سمع من وجيه الشحامي وأبي تمام أحمد بن محمد بن المختار وأبي سعد الأسعد القشيري وخلق‏.‏

رحله أبوه إليهم بمرو ونيسابور وهراة وبخاري وسمرقند‏.‏

ثم خرج له أبوه معجمًا في ثمانية عشر جزءًا‏.‏

وكان مفتيًا عارفًا بالمذهب‏.‏

عدم في دخول التتار بمرو في آخر العام‏.‏

وقتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى العلوي الحسني صاحب مكة أبو عزيز‏.‏

وعاش أكثر من ثمانين سنة‏.‏

وخوارزم شاه محمد بن تكش السلطان الكبير علاء الدين‏.‏

كان ملكًا جليلًا أصيلًا عالي الهمة واسع الممالك كثير الحروب ذا ظلم وجبروت وغور ودهاء‏.‏

تسلطن بعد والده علاء الدين تكش فدانت له الملوك وذلت له الأمم وأباد أمة الخطا واستولى على بلادهم إلى أن قهر بخروجالتتار الطمغاجية عسكر جنكزخان‏.‏

واندفع قدامهم وأتاه أمر الله من حيث لم يحتسب فما وصل إلى الري إلا وطلائعهم على رأسه‏.‏

فانهزم إلى برجين وقد مسه النصب فأدركوه وما تركوه يبلع ريقه فتحامل إلى همذان ثم إلى مازندران وقعقعة سلاحهم قد ملأت مسامعه‏.‏

فنزل ببحيرة هناك ثم مرض بالإسهال وطلب الدواء فأعوزه الخبر ومات‏.‏

فقيل إنه حمل في البحر إلى دهستان‏.‏

وأما ابنه جلال الدين فتقاذفت به البلاد ثم رمته الهند إلىكرمان‏.‏

وقيل بلغ عدد جيشه ثلاث مائة ألف وقيل أكثر من ذلك‏.‏

وصدر الدين شيخ الشيوخ أبو الحسن محمد ابن شيخ الشيوخ عماد الدين عمر بن علي الجويني‏.‏

برع في مذهب الشافعي وسمع من يحيى الثقفي ودرس وافتى وزوجه شيخه القطب النيسابوري بابنته فأولدها الإخوة الأمراء الأربعة‏.‏

ثم ولي بمصر تدريس الشافعي ومشهد الحسين‏.‏

وبعثه الكامل رسولًا يستنجد بالخليفة وجيشه على الفرنج‏.‏

فأدركه الموت بالموصل‏.‏

أجاز له أبو الوقت وجماعة‏.‏

وكان كبير القدر وصاحب حماة الملك المنصور محمد بن المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب‏.‏

سمع من أبي الطاهر بن عوف وجمع تاريخًا على السنين في مجلدات‏.‏

وقد تملك حماة بعده ولده الناصر قلج أرسلان فأخذها منه الكامل وسجنه ثم أعطاه لأخيه الملك المظفر‏.‏

والمؤيد بن محمد بن علي بن حسن رضي الدين أبو الحسن الطوسي المقرئ مسند خراسان‏.‏

ولد سنة أربع وعشرين وسمع صحيح مسلم من الفراوي وصحيح البخاري من جماعة وعدة كتب وأجزاء‏.‏

وانتهى إليه علو الإسناد بنيسابور ورحل إليه من الأقطار‏.‏

توفي ليلة الجمعة العشرين من شوال رحمه الله‏.‏

وناصر بن مهدي الوزير نصير الدين العجمي‏.‏

قدم من مازندران سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة فوزر للخليفة الناصر سنتين ثم قبض عليه سنة أربع وست مائة‏.‏

وعاش إلى هذا الوقت‏.‏

توفي في جمادى الأولى‏.‏

سنة ثمان عشرة وست مائة استهلت والدنيا تغلي بالتتار وتجمع إلى السلطان جلال الدين بن خوارزم شاه فل عساكره والتقى تولي خان بن جنكزخان‏.‏

فانكسر تولي خان وأسر خلق من التتار وقتل آخرون ولله الحمد فقامت قيامة جنكزخان واشتد غضبه إذ لم يهزم له جيش قبلها‏.‏

فجمع جيشه وسار بهم إلى ناحية السند‏.‏

فالتقاه جلال الدين في شوال من السنة فانهزم جيشه وثبت هو وطائفة‏.‏

ثم حمل بنفسه على قلب جنكزخان وكسره وولي جنكزخان منهزمًا‏.‏

وكادت الدائرة تدور عليه لولا كمين له عشرة آلاف خرجوا على المسلمين‏.‏

فطحنت الميمنة وأسر ولد السلطان جلال الدين‏.‏

فتبدد نظامه وتقهقر إلى حافة السند‏.‏

وأما بغداد فانزعج أهلها وقنت المسلمون وتأهب وفيها سار الملك الأشرف ينجد أخاه الكامل وسار معه عسكر الشام‏.‏

وخرجت الفرنج من دمياط بالفارس والراجل أيام زيادة النيل فنزلوا على ترعة فبثق المسلمون عليها النيل فلم يبق لهم وصول إلى دمياط‏.‏

وجاء الأصطول فأخذوا مراكب الفرنج وكانوا مائة كند وثمان مائة فارس فيهم صاحب عكا وخلق من الرجالة‏.‏

فلما عاينوا الخذلان بعثوا يطلبون الصلح ويسلمون دمياط إلى الكامل‏.‏

فأجابهم ثم جاءه أخواه بالعساكر في رجب‏.‏

فعمل سماطًا عظيمًا وأحضر ملوك الفرنج وأنعم عليهم ووقف في خدمته المعظم والأشرف‏.‏

وكان يومًا مشهودًا‏.‏

وقام راجح الحلي فأنشد قصيدة منها‏:‏ ونادى لسان الكون فيالأرض رافعًا عقيرته في الخفافين منوشدا أعباد عيسى إن عيسى وحزبه وموسى جميعًا ينصران محمدا وأشار إلى الإخوة الثلاثة‏.‏

وفيها توفي الشيخ الزاهد القدوة نجم الدين أبو الجناب أحمد بن عمر ابن محمد الخيوقي الصوفي المحدث شيخ خوارزم‏.‏

ويقال له نجم الدين الكبري‏.‏

وخيوق من قرى خوارزم‏.‏

كان صاحب حديث وسنة وزهد وورع‏.‏

له عظمة في النفوس وجاه عظيم‏.‏

رحل في الحديث وسمع بهمذان من الحافظ أبي العلاء وبالسكندرية من السلفي وعني بمذهب الشافعي وبالتفسير‏.‏

وله تفسير في اثني عشر مجلدًا‏.‏

ولما نزلت التتار على خوارزم في هذه السنة خرج لقتالهم في خلق فاستشهدوا على باب البلد‏.‏

وعبد المعز بن أبي الفضل بن أحمد أبو روح الهروي البزاز ثم الصوفي مسند العصر‏.‏

ولد سنة اثنتين وعشرين وخمس مائة‏.‏

وسمع من غنيم الجرجاني وزاهر الشحامي وطبقتهما‏.‏

وله مشيخة في جزء‏.‏

روى شيئًا كثيرًا‏.‏

واستشهد في دخول التتار هراة‏.‏

في ربيع الأول‏.‏

وهو آخر من كان بينه وبين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سبعة أنفس ثقات‏.‏

والقاسم ابن المفتي أبي سعد عبد الله بن عمر أبو بكر بن الصفار النيسابوري الشافعي الفقيه‏.‏

روى عن جده العلامة عمر بن أحمد الصفار ووجيه الشحامي وأبي الأسعد القشيري وطائفة‏.‏

وكان مولده سنة ثلاث وثلاثين وخمس مائة‏.‏

استشهد في دخول التتار نيسابور في صفر‏.‏

والشهاب محمد بن خلف بن راجح الإمام أبو عبد الله المقدسي الحنبلي الفقيه المناظر‏.‏

رحل إلى السلفي فأكثر عنه وإلى شهدة وطبقتها فأكثر عنهم‏.‏

وأخذ الخلاف عن ابن المني‏.‏

وكان بحاثًا مفحمًا للخصوم ذا حظ من صلاح الدين وأوراد وسلامة صدر وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر‏.‏

نسخ الكثير‏.‏

ومات في صفر عن ثمان وستين سنة‏.‏

ومحمد بن عمر بن عبد الغالب العثماني المحدث أبو عبد الله الدمشقي‏.‏

دين صالح ورع‏.‏

روى عن أحمد بن حمزة الموازيني وابن كليب وخليل الرازي وطبقتهم‏.‏

توفي بالمدينة النبوية في المحرم كهلًا‏.‏

وفيها توفي موسى ابن الشيخ عبد القادر الجيلي أبو نصر‏.‏

روى عن أبيه وابن ناصر وسعيد بن البنا وأبي الوقت‏.‏

وسكن دمشق‏.‏

وكان عريًا من العلم‏.‏

توفي في أول جمادى الآخرى عن ثمانين سنة‏.‏

وهبة الله بن الخضر بن هبة الله بن أحمد بن طاوس السديد أبو محمد الدمشقي‏.‏

سمعه أبوه من نصر الله المصيصي وابن البن وجماعة‏.‏

وكان كثير التلاوة‏.‏

توفي في جمادى الأولى‏.‏

سنة تسع عشر وست مائة فيها توفي أبو طالب أحمدبن عبد الله بن الحسين بن حديد الكناني الإسكندراني المالكي‏.‏

روى عن السلفي وجماعة‏.‏

وهومن بيت قضاء وحشمة‏.‏

توفي في جمادى الآخرة‏.‏

وابن الأنماطي الحافظ تقي الدين أبو الطاهر إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن المصري الشافعي‏.‏

روى عن البوصيري ومن بعده ورحل إلى الشام والعراق وكتب الكثير وحصل

وثابت بن مشرف أبو سعد الأزجي البناء المعمار‏.‏

روى عن ابن ناصر والكروخي وطبقتهما فأكثر‏.‏

وحدث بدمشق وحلب‏.‏

وتوفي في ذي الحجة‏.‏

والشيخ علي بن إدريس اليعقوبي الزاهد صاحب الشيخ عبد القادر‏.‏

سيد زاهد عابد رباني متاله بعيد الصيت‏.‏

توفي في ذي القعدة‏.‏

ومسمار بن عمر بن محمد بن العويس أبو بكر البغدادي النيار نزيل الموصل‏.‏

روى عن أبي الفضل الأرموي وابن ناصر وجماعة‏.‏

وحدث بالكثير‏.‏

وكان دينًا خيرًا يقرىء القرآن‏.‏

توفي بالموصل في شعبان‏.‏

وأبو الفتوح بن الحصري الحافظ برهان الدين نصر بن أبي الفرج محمد ابن علي البغدادي الحنبلي المقرئ‏.‏

قرأ القراءات على أبي الكرم الشهرزوري وأقرأها‏.‏

وحدث عن أبي بكر بن الزاغوني وأبي طالب العلوي وخلق كثير‏.‏

وكان يفهم الحديث‏.‏

وجاور بمكة وتعبد ثم خرج إلى اليمن فأدركه أجله بالمهجم في أول السنة‏.‏

وقيل في ربيع الآخر عن ثلاث وثمانين سنة‏.‏

والشيخ يونس بن يوسف بن مساعد الشيباني المخارقي القنيي والقنية قرية من نواحي ماردين وهذا شيخ الطائفة اليونيسية أولى الشطح وقلة العقل وكثرة الجهل‏.‏

أبعد الله شرهم‏.‏

وكان رحمه الله صاحب حال وكشف يحكى عنه كرامات‏.‏

فيها كانت الملحمة البرى بين التتار الذين جاوزوا الدربند وبين القفجاق والروس‏.‏

وثبت الجمعان أيامًا ثم انتصرت التتار وغسلوا اولئك بالسيف‏.‏

وفيها توفي أبو علي الحسن بن زهرة الحسيني النقيب رأس الشيعة بحلب‏.‏

وعزهم وجاههم وعالمهم‏.‏

كان عارفًا بالقراءات والعربية والأخبار والفقه على رأي القوم‏.‏

وكان متعينًا للوزارة أنقذ رسولًا إلى العراق وغيرها‏.‏

اندكت الشيعة بموته‏.‏

والحسين بن يحيى بن أبي الرداد المصري ويسمى أيضًا محمدًا‏.‏

كان آخر من روى بنفس مصر عن رفاعة الخلعيات‏.‏

توفي في ذي القعدة‏.‏

والشيخ موفق الدين المقدسي أحد الأئمة الأعلام أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الحنبلي صاحب التصانيف‏.‏

ولد بجماعيل سنة إحدى وأربعين وخمس مائة‏.‏

وهاجر مع أخيه الشيخ أبي عمر سنة إحدى وخمسين وحفظ القرآن وتفقه ثم ارتحل إلى بغداد فأدرك الشيخ عبد القادر وسمع منه ومن هبة الله الدقاق وابن البطي وطبقتهم‏.‏

وتفقه على ابن المني حتى فاق على الأقران وحاز قصب السبق وانتهى إليه معرفة المذهب وأصوله‏.‏

وكان مع تبحره في العلوم وتفننه ورعًا زاهدًا ربانيًا عليه هيبة ووقار وفيه حلم وتؤده‏.‏

وأوقاته مستغرقة للعلم والعمل‏.‏

وكان يفحم الخصوم بالحجج والبراهين ولا يتحرج ولاينزعج وخصمه يصيح ويحترق‏.‏

قال الحافظ الضياء‏:‏ كان تام القامة أبيض مشرق الوجه أدعج العينين كأن النور يخرج من وجهه لحسنه واسع الجبين طويل اللحية قائم الأنف مقرون الحاجبين لطيف اليدين نحيف الجسم إلى أن قال‏:‏ رأيت الإمام أحمد في النوم فقال‏:‏ ما قصر صاحبكم الموفق في شرح الخرقي‏.‏

وسمعت أبا عمرو بن الصلاح المفتي يقول‏:‏ ما رأيت مثل الشيخ الموفق‏.‏

وسمعت شيخنا أبا بكر بن غنيمة المفتي ببغداد يقول‏:‏ ماأعرف أحدًا في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلا الموفق‏.‏

قلت‏:‏ جمع له الضياء ترجمة في جزئين‏.‏

ثم قال‏:‏ توفي يوم عيد الفطر‏.‏

والشيخ فخر الدين ابن عساكر شيخ الشافعية بالشام أبو منصور عبد الرحمان بن محمد بن الحسن بن هبة الله‏.‏

ولد سنة خمسين وخمس مائة وسمع من عميه الصائن والحافظ أبي القاسم وحسان الزيات وطائفة‏.‏

وبرع في المذهب على القطب النيسابوري وتزوج بابنته ودرس بالجاروخية ثم بالصلاحية بالقدس ثم بالتقوية وكان يقيم بالقدس أشهرا وبدمشق أشهرًا‏.‏

وكان لا يمل الشخص من رؤيته لحسن سمته واقتصاده في لباسه ولطفه ونور وجهه وكثرة ذكره لله‏.‏

عرض عليه المعظم القضاء فامتنع وأشار بتولية ابن الحرستاني فولي‏.‏

وكان له مصنفات في الفقه لم تنشر‏.‏

توفي في رجب وله سبعون سنة‏.‏

وصاحب المغرب السلطان المستنصر بالله أبو يعقوب ابن يوسف بن محمد يعقوب ابن يوسف بن عبد المؤمن القيسي‏.‏

لم يكن في آل عبد المؤمن أحسن منه ولا أفصح ولا أشغف باللذات‏.‏

ولي الأمر عشر سنين بعد أبيه ومات شابًا لم يعقب‏.‏

مات في شوال أو ذي القعدة‏.‏

سنة إحدى وعشرين وست مائة فيها استولى السلطان جلال الدين الخوارزمي على بلاد أذربيجان وراسله الملك المعظم واتفق معه ليعينه على أخيه الملك الأشرف لفساد ما بينهما‏.‏

وفيها استولى لؤلؤ على الموصل وخنق محمود بن القاهر وزعم أنه مات‏.‏

وفيها عادت التتار من بلاد القفجاق ووصلوا إلى الري‏.‏

وكان من سلم من أهلها قد تراجعوا إليها فما شعروا إلا بالتتار قد أحاطوا بهم فقتلوا وسبوا ثم ساروا إلى ساوه ففعلوا بأهلها كذلك ثم ساروا إلى قم وقاشان فأبادوهما ثم عطفوا إلى همذان فغسلوا ونظفوا من تبقي بها ثم ساروا إلى توريز فوقع بينهم وبين الخوارزمية مصاف‏.‏

وفيها توفي ابن صرما أبو العباس أحمد بن أبي الفتح يوسف بن محمد الأزجي المشتري مسند وقته‏.‏

سمع من الأرموي وابن الطلاية وابن ناصر وطائفة‏.‏

وتفرد بأشياء‏.‏

توفي في شعبان‏.‏

وأبو سليمان بن حوط الله وهوداود بن سليمان بن داود الأنصاري نزيل مالقه‏.‏

رحل وروى عن ابن بشكوال فأكثر وعن عبد الحق بن بونة وأبي عبد الله بن زرقون‏.‏

وولي قضاء بلنسية وغيرها وعاش تسعًا وستين سنة‏.‏

وأبو طالب بن عبد السميع الهاشمي عبد الرحمان بن محمد بن عبد السميع بن أبي تمام الواسطي المقرئ المعدل‏.‏

قرأ القراءات على عبد العزيز السماني وغيره وسمع ببغداد من هبة الله بن الشبلي وطائفة وصنف أشياء حسنة وعني بالحديث والعلم‏.‏

توفي في المحرم عن ثلاث وثمانين سنة‏.‏

وابن الحباب القاضي الأسعد أبو البركات عبد القوي ابن القاضي الجليس عبد العزيز بن الحسين التميمي السعدي الأغلبي المصري المالكي الأخباري المعدل راوي السيرة عن ابن رفاعة‏.‏

كان ذا فضل ونبل وسؤدد وعلم ووقار وحلم وكان ذا جمالًا لبلده‏.‏

توفي في شوال وله خمس وثمانون سنة‏.‏

وعبد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي سلطان المغرب أبو محمد‏.‏

ولي الأمر في العام الماضي فلم يدار أمر الموحدين فخلعوه وخنقوه في شعبان‏.‏

وكانت ولايته تسعة أشهر وفي أيامه استولى على مملكة الأندلس ابن أخيه عبد الله بن يعقوب الملقب بالعادل‏.‏

والتقى الفرنج فهزموا جيشه فطلب مراكش بأسوإ حال فقبضوا عليه‏.‏

وتملك الأندلس بعده أخوه إدريس مديدة فخرج عليه محمد بن يوسف بن هود الجذامي ودعا إلى آل العباس‏.‏

فمال الناس إليه فهرب إدريس بعسكره إلى مراكش فالتقاه صاحبها يمئذ يحيى بن يوسف‏.‏

فهزم يحيى‏.‏

وابن النبيه الشاعر المشهور علي بن محمد بن النبيه‏.‏

أحد شعراء العصر مات بنصيبين‏.‏

وعلي بن عبد الرشيد أبو الحسن الهمذاني قاضي همذان ثم قاضي الجانب الغربي ببغداد ثم قاضي تستر‏.‏

حضر على أبي الوقت وسمع من أبي الخير الباغبان وقرأ القرآن على جده لأمه أبي العلاء العطار‏.‏

توفي في صفر‏.‏

والشيخ علي الفرتثي الزاهد صاحب الزاوية والأصحاب بسفح قاسيون‏.‏

وكان صاحب حال وكشف وعبادة وصدق‏.‏

توفي في جمادى الآخرة‏.‏

وابن التميم أبو عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد الأنصاري الأندرشي خطيب المرية‏.‏

رحل في الحديث وسمع من أبي الحسن بن النعمة وابن هذيل والكبار وبالإسكندرية من السلفي وببغداد من شهدة وبدمشق من الحافظ ابن عساكر‏.‏

ولد سنة أربع وأربعين وخمس مائة وتوفي في ربيع الأول‏.‏

وابن اللبودي شمس الدين محمد بن عبدان الدمشقي الطبيب‏.‏

قال ابن أبي أصيبعة‏:‏ كان علامة وقته وأفضل أهل

زمانه في العلوم الحكمية‏.‏

وكان له ذكر مفرط وحرص بالغ‏.‏

توفي في ذي القعدة ودفن بتربته بطريق المزة‏.‏

وابن زرقون أبو الحسين محمد بن أبي عبد الله محمد بن سعد الأنصاري الأشبيلي شيخ المالكية‏.‏

كان من كبار المتعصبين للمذهب فأوذي من جهة بني عبد المؤمن لما أبطلوا القياس وألزموا الناس بالأثر والظاهر‏.‏

وقد صنف كتاب المعلي في الرد على المحلى لابن حزم‏.‏

توفي في شوال وله ثلاث وثمانون سنة‏.‏

ومحمد بن هبة الله بن مكرم أبو جعفر البغدادي الصوفي‏.‏

توفي في المحرم ببغداد وله أربع وثمانون سنة‏.‏

روى عن أبي الفضل الأرموي وأبي الوقت وجماعة‏.‏

والفازازي محمد بن يخلقتن بن أحمد البربري التلمساني الفقيه الأديب الشاعر‏.‏

ولي قضاء قرطبة وغير ذلك‏.‏

والفخر الموصلي أبو المعالي محمد بن أبي الفرج بن معالي الشافعي المقرئ صاحب محمد بن سعدون ومعيد النظامية‏.‏

كان بصيرًا بعلل القراءات‏.‏

توفي ببغداد في رمضان عن اثنتين وثمانين سنة‏.‏

فيها جاء جلال الدين بن خوارزم شاه فبذل السيف في دقوقا وفعل ما لا يفعله الكفرة وأحرق دقوقا‏.‏

وعزم على هدم بغداد‏.‏

فانزعج الخليفة الناصر وحصن بغداد وأقام المجانيق وأنفق ألف ألف دينار ففجأ ابن خوارزم شاه أن الكرج قد خرجوا على بلاده فساق إليهم والتقاهم‏.‏

قال أبو شامة‏:‏ فظفر بهم وقتل منهم سبعين ألفًا ثم أخذ تفليس بالسيف وقتل بها ثلاثين ألفًا في آخر العام‏.‏

وكان قد أخذ تبريز بالأمان وتزوج بابنة السلطان طغريل السلجوقي ثم جهز جيشًا فافتتحوا كنجه‏.‏

وفيها توفي الخليفة الناصر لدين الله أبو العباس أحمد بن المستضيء بأمر الله الحسن بن المستنجد بالله يوسف بن المقتفي الهاشمي العباسي‏.‏

بويع بالخلافة في أول ذي القعدة سنة خمس وسبعين وخمس مائة وله ثلاث وعشرون سنة‏.‏

وكان أبيض تركي الوجه أقنى الأنف خفيف العارضين رقيق المحاسن فيه شهامة وإقدام وله عقل ودهاء‏.‏

وهو أطول بني العباس خلافة كما أن الناصر لدين الله الأموي صاحب الأندلس أطول بني أمية دولة وكما أن المستنصر بالله العبيدي أطول بني أبيه دولة وكما أن السلطان سنجر بن ملكشاه أطول بني سلجوق دولة‏.‏

قال الموفق عبد اللطيف‏:‏ كان يشق الدروب والأسواق أكثر الليل والناس يتهيبون لقاءه‏.‏

وأظهر الفتوة والبندق والحمام المناسيب في أيامه وتفنن الأعيان والأمراء في ذلك ودخل فيه الملوك‏.‏

قلت‏:‏

وكان مشتغلًا بالأمور بالعراق متمكنًا من الخلافة يتولى الأمور بنفسه‏.‏

مازال في عز وجلالة واستظهار وسعادة‏.‏

وقد سقت أخباره مستوفاة في تاريخ الأسلام‏.‏

أصابه فالج في أواخر أيامه‏.‏

توفي في سلخ رمضان وله سبعون سنة إلا أشهرًا‏.‏

وولي بعده الظاهر ولده‏.‏

وابن يونس صاحب شرح التنبيه الإمام شرف الدين أحمد ابن العلامة ذي الفنون كمال الدين موسى ابن الشيخ المفتي رضي الدين يونس الموصلي الشافعي‏.‏

توفي في ربيع الآخر عن سبع وأربعين سنة‏.‏

قال ابن خلكان‏:‏ كان كثير المحفوظات غزير المادة نسج على منوال أبيه في التفنن في العلوم‏.‏

وما سمعت أحدًا يلقي الدروس مثله‏.‏

ولقد كان من محاسن الوجود وماأذكره إلا وتصغر الدنيا في عيني‏.‏

رحمه الله‏.‏

قلت‏:‏ عاش بعده أبوه سبع عشرة سنة‏.‏

وإبراهيم بن عبد الرحمن القطيعي المواقيتي أبو إسحاق الخياط‏.‏

روى الصحيح غير مرة عن أبي الوقت‏.‏

توفي في شعبان وكان ثقة فاضلًا موقتًا‏.‏

وأبو إسحاق بن البرني إبراهيم بن مظفر بن إبراهيم الواعظ شيخ دار الحديث الهاجرية بالموصل‏.‏

روى عن البطي وجماعة وكان عالمًا متفننًا‏.‏

وجعفر بن شمس الخلافة محمد بن مختار الأفضلي المصري مجد الملك أبو الفضل الشاعر الأديب الكبير‏.‏

سمع منه ديوانه‏.‏

وله تصانيف تقضي بفضله‏.‏

خدم أميرًا مع صلاح الدين ومع والحسين بن عمر بن باز المحدث أبو عبد الله الموصلي‏.‏

رحل وسمع من شهدة وطبقتها‏.‏

وكتب الكثير ولي مشيخة دار الحديث بالموصل التي بناها صاحب إربل توفي في ربيع الآخر‏.‏

وابن شكر الصاحب الوزير صفي الدين أبو محمد عبد الله بن علي الحسين بن عبد الخالق الشيبي الدينوري المالكي‏.‏

ولد سنة ثمان وأربعين وخمس مائة وسمع الحديث وتفقه وساد‏.‏

قال أبو شامة‏:‏ كان خليقًا بالوزارة لم يتولها بعده مثله‏.‏

قلت‏:‏ كان يبالغ في إقامة النواميس مع التواضع للعلماء ويتعانى الحشمة الضخمة والصدقات والصلات‏.‏

ولقد تمكن من العادل تمكنًا لا مزيد عليه ثم غضب عليه ونفاه‏.‏

فلما مات عاد ابن شكر إلى مصر ووزر للكامل ثم عمي في الآخر‏.‏

توفي في شعبان‏.‏

وابن البناء راوي جامع الترمذي عن الكروخي أبو الحسن علي بن أبي الكرم نصر بن المبارك العراقي ثم المكي الخلال‏.‏

حدث بمصر والإسكندرية وقوص وأماكن وتوفي بمكة في صفر أو في ربيع الأول‏.‏

وزين الدين قاضي القضاة بالديار المصرية أبو الحسن علي ابن العلامة يوسف بن عبد الله بن بندار الدمشقي ثم البغدادي الشافعي‏.‏

عاش اثنتين وسبعين سنة وتوفي في جمادى الآخرة‏.‏

روى عن أبي زرعة وغيره‏.‏

والملك الأفضل نور الدين علي ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب‏.‏

ولد سنة خمس وستين بالقاهرة وسمع من عبد الله بن بري وجماعة وله شعر وترسل وجودة كتابة‏.‏

تسلطن بدمشق ثم حارب أخاه العزيز صاحب مصر على الملك ثم زال ملكه وتملك سميساط وأقام بها مدة‏.‏

وكان فيه عدل وحلم وكرم‏.‏

وإنما أدركته حرفة الأدب‏.‏

توفي فجأة في صفر وكان فيه تشيع‏.‏

وعمر بن بدر الموصلي الحنفي المحدث ضياء الدين‏.‏

حدث عن ابن كليب وجماعة‏.‏

وتوفي بدمشق في شوالها عن بضع وستين سنة‏.‏

والفخر الفارسي أبوعبد الله محمد بن إبراهيم الفيروزآبادي الشافعي الصوفي‏.‏

روى الكثير عن السلفي وصنف التصانيف في التصوف والمحبة وفيها أشياء منكرة‏.‏

تو في في أثناء ذي الحجة وقد نيف على التسعين‏.‏

والقزويني مجد الدين أبو المجد محمد بن الحسين بن أبي المكارم الصوفي الفقيه‏.‏

ولد سنة أربع وخمسين وخمس مائة بقزوين وسمع شرح السنة و معالم التنزيل للبغوي من حفدة العطاردي وسمع من جماعة‏.‏

وحدث بالعراق والشام والحجاز ومصر وأذربيجان والجزيرة وبعد صيته‏.‏

توفي بالموصل في شعبان‏.‏

والفخر بن تميمة أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن محمد الحراني الحنبلي الخطيب المفسر‏.‏

ولد سنة اثنتين وأربعين وخمس مائة ورحل فسمع من ابن البطي وجماعة‏.‏

وأخذ الفقه عن ابن المني وجماعة والعربية عن ابن الخشاب وصنف مختصرًا في مذهب أحمد‏.‏

وكان رأسًا في التفسير والوعظ بليغًا فصيحًا مفوهًا علامة مفتيًا عديم النظير‏.‏

توفي في صفر بحران‏.‏

والزكي بن رواحة هبة الله بن محمد الأنصاري التاجر‏.‏

المعدل‏.‏

واقف المدرسة الرواحية بدمشق وأخرى بحلب‏.‏

توفي في رجب بدمشق‏.‏