فصل: سنة سبع عشرة وأربعمائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر **


 سنة سبع عشرة وأربعمائة فيها قدمت الاسفهسلارية بغداد فراسلوا العيّارين بالكف عن الناس فلم يفكروا فيهم وخرجوا إلى خيمهم وسبوهم وتحاربوا واستعرت الفتنة ولبسوا السلاح ودقّت الدبادب وحمي الطويس ثم هجمت الجند على الكرخ فنهبوه وأحرقوا الأسواق ووقعت الرعاع والدعّار في النهب وأشرف الناس على التلف فقام المرتضي وطلع إلى الخليفة واجتمع به فخلع عليه ثم ضبطت محال بغداد لكن شرعوا في المصادرات‏.‏

وفيها توفي قاضي العراق ابن أبي الشوارب أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن العباس بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب الأموي‏.‏

قال الخطيب‏:‏ كان رئيسًا نزهًا عفيفًا سمع من عبد الباقي بن قانع ولم يحدّث وعاش ثمانيًا وثمانين سنة‏.‏

وقد ولي القضاء أربعة وعشرون نفسًا من أولاد محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب‏.‏

منهم ثمانية ولّوا قضاء القضاة هذا آخرهم‏.‏

وفيها أبو العلاء صاعد بن الحسن الربعي البغدادي اللغوي الأديب نزيل الأندلس‏.‏

صنّف الكتب وروى عن القطيعي وطائفة‏.‏

قال ابن بشكوال‏:‏ كان يتَّهم بالكذب‏.‏

وأبو بكر القفّال المروزي عبد الله بن أحمد شيخ الشافعية بخراسان حذق في صنعته حتى عمل قفلًا ومفتاحه وزن أربع حبات فلما صار ابن ثلاثين سنة أحسّ من نفسه ذكاء وحبّب إليه الفقه فبرع فيه وصار إلى ما صار وهو صاحب طريقة الخراسانيين في الفقه عاش تسعين سنة ومات في جمادى الأولى‏.‏

قال ناصر العمري‏:‏ لم يكن في زمانه أفقه منه ولا يكون بعده مثله‏.‏

كنّا نقول‏:‏ إنه ملك في صورة آدمي‏.‏

وأبو محمد عبد الله بن يحيى السكري البغدادي صدوق مشهور روى عن إسماعيل الصفّار وجماعة توفي في صفر‏.‏

وأبو الحسن الحمامي مقرئ العراق علي بن أحمد بن عمر البغدادي‏.‏

قرأ القراءات على النقّاش وعبد الواحد بن أبي هاشم وبكّار وزيد بن أبي بلال وطائفة وبرع فيها‏.‏

وسمع من عثمان بن السماك وطبقته‏.‏

وانتهى إليه علو الإسناد في القرآن وعاش تسعًا وثمانين سنة توفي في شعبان‏.‏

وأبو حازم العبدوي الجاولي عمر بن أحمد بن إبراهيم بن عبدويه الهذلي المسعودي النيسابوري الأعرج يوم عيد الفطر‏.‏

روى عن إسماعيل بن نجيد وطبقته‏.‏

قال الخطيب‏:‏ كان ثقة صادقًا حافظًا عارفًا ويقال إنه كتب عن عشرة أنفس عشرة آلاف جزء‏.‏

وأبو حفص عمر بن أحمد بن عمر بن عثمان العكبري البزاز‏.‏

روى عن محمد بن يحيى الطائي وجماعة وعاش سبعًا وتسعين سنة‏.‏

ووثقه الخطيب‏.‏

وأبو نصر بن الجندي محمد بن أحمد بن هارون الغسّاني الدمشقي إمام الجامع ونائب الحكم ومحدّث البلد‏.‏

روى عن خيثمة وعلي بن أبي العقب‏.‏

وجماعة‏.‏

قال الكتّاني‏:‏ كان ثقة مأنونًا توفي في صفر‏.‏

فيها اجتمعت الحاشية ببغداد وصمموا على الخليفة حتى عزل أبا كاليجار وأعيدت الخطبة لجلال الدولة أبي طاهر‏.‏

وفيها ورد كتاب الملك محمود بن سبكتكين بما فتحه من بلاد الهند وكسره صنم سومنات وأنهم فتنوا به وكانوا يأتون إليه من كل فج عميق يقرّبون له القرابين حتى بلغت أوقافه عشرة آلاف قرية وامتلأت خزانة الصنم بالأموال وله ألف نفس يخدمونه وثلاثمائة يحلقون رؤوس حجابه‏.‏

وثلاثمائة رجل وخمسمائة امرأة يغنون فاستخار العبد الله في الانتداب له ونهض في شعبان سنة ست عشرة وأربعمائة في ثلاثين ألف فارس سوى المطوِّعة ووصلنا بلد الصنم وملكنا البلد وأوقدت النيران على الصنم حتى تقطع وقتلنا خمسين ألفًا من أهل البلد‏.‏

وفيها قدم جلال الدولة ببغداد وتلقّاه الخليفة ونزل بدار السلطنة‏.‏

ولم يسر من بغداد ركبٌ‏.‏

وفيها توفي أبو إسحاق الاسفراييني إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الأصولي المتكلم الشافعي أحد الأعلام وصاحب التصانيف‏.‏

روى عن دعلج وطبقته وأملى مجالس وكان شيخ خراسان في زمانه‏.‏

توفي يوم عاشوراء وقد نيَّف على الثمانين‏.‏

وأبو القاسم بن المغربي الوزير واسمه حسين بن علي الشِّيعي لمّا قتل الحاكم بمصر أباه وعمه وأخوته هرب هو وقصد حسّان بن مفرَّج الطائي ومدحه فأكرم مورده ثم وزر لصاحب ميافارقين‏:‏ أحمد بن مروان الكردي‏.‏

وله شعر رائق وعدّة تواليف عاش ثمانيًا وأربعين سنة وكان من أدهى البشر وأذكاهم‏.‏

وأبو القاسم السراج عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله القرشي النيسابوري الفقيه‏.‏

روى عن الأصم وجماعة وكان من جلَّة العلماء توفي في صفر‏.‏

وعبد الوهاب بن الميداني محدّث دمشق وهو أبو الحسين بن جعفر بن علي‏.‏

روى عن أبي علي بن هارون واتهم في روايته عنه‏.‏

وروى عن أبي عبد الله بن جروان وخلق‏.‏

قال الكتّاني‏:‏ ذكر أبو الحسين أنه كتب بقنطار حبر وكان فيه تساهل‏.‏

ومحمد بن زهير أبو بكر النَّسائي شيخ الشافعية بنسا وخطيب البلد‏.‏

روى عن الأصم وأبي سهل بن زياد القطّان وطبقتهما‏.‏

ومحمد بن محمد بن أحمد الروزبهان أبو الحسن البغدادي‏.‏

روى عن علي السُّتوري وابن السماك وجماعة‏.‏

وتوفي في رجب قال الخطيب‏:‏ صدوق‏.‏

ومعمر بن أحمد بن محمد بن زياد أبو منصور الأصبهاني الزاهد شيخ الصوفية في زمان بأصبهانز روى عن الطبراني وأبي الشيخ‏.‏

ومات في رمضان‏.‏

ومكِّي بن محمد بن الغمر أبو الحسن التميمي الدمشقي المؤدِّب مستملي القاضي الميّانجي أكثر عنه وعن أحمد بن البراثي وهذه الطبقة‏.‏

ورحل إلى بغداد فلقي القطيعي وكان ثقة‏.‏

وأبو القاسم اللالكائي هبة الله بن الحسن الطبري الحافظ الفقيه الشافعي‏.‏

تفقّه على الشيخ أبي حامد وسمع من المخلص وطبقته وأكثر من جعفر بن فنَّاكي‏.‏

قال الخطيب‏:‏ كان يحفظ ويغهم صنّف كتابًا في السنة وكتاب رجال الصحيحين وكتابًا في السُّنن‏.‏

ثم خرج في آخر أيامه إلى الدِّينور فمات بها في رمضان كهلًا رحمه الله‏.‏

سنة تسع عشرة وأربعمائة كان جلال الدَّولة السلطان ببغداد فتخالفت عليه الأمراء وكرهوه لتوفره على اللعب وطالبوه فأخرج لهم من المصاغ والفضيات ما قيمته أكثر من مائة ألف درهم فلم يرضهم ونهبوا دار الوزير وسقطت الهيبة ودبّ النهب في الرعيّة وحصروا الملك فقال‏:‏ مكنوني من الانحدار فأجابوه ثم وقعت صيحة فوثب وبيده طبرٌ وصاح فيهم فلانوا له وقبّلوا الأرض وقالوا‏:‏ اثبت فأنت السلطان ونادوا بشعاره فأخرج لهم متاعًا كثيرًا فبيع فلم تف وفيها توفي ابن العالي أبو الحسين أحمد بن محمد بن منصزر البوشنجي خطيب بوشنج‏.‏

روى عن محمد بن أحمد بن ديسم وأبي أحمد بن عديّ وطبقتهم‏.‏

بهراة وجرجان ونيسابور‏.‏

توفي في رمضان‏.‏

وعبد المحسن بن محمد الصُّوري شاع محسن يدرج القول وله‏:‏ بالذي ألهم تعذ - يبي ثناياك العذابا ما الذي قالته عي - ناك لقبي فأجابا وعلي بن أحمد بن محمد بن داود الرزّاز أبو الحسن البغدادي توفي في ربيع الآخر وله أربع وثمانون سنة‏.‏

روى عن أبي عمرو بن السمّاك وطبقته وقرأ على أبي بكر بن مغنم قال الخطيب‏:‏ كان كثير السماع والشيوخ وإلى الصدق ما هو‏.‏

والذكواني أبو بكر محمد بن أبي علي أحمد بن عبد الرحمن بن محمد الهمذاني الأصبهاني المعدّل المحدّث الصدَّوق عاش ستًا وثمانين سنة ورحل إلى البصرة والكوفة والأهواز والريّ والنواحي‏.‏

وروى عن أبي محمد بن فارس وأبي أحمد القاضي العسال وفاروق الخطّاب وطبقتهم وله معجم توفي في شعبان‏.‏

وأبو عبد الله بن الفخار محمد عمر بن يوسف القرطبي الحافظ شيخ المالكية وعالم أهل الأندلس‏.‏

روى عن أبي عيسى الليثي وطائفة وكان زاهدًا عابدًا ورعًا متألهًا عارفًا بمذاهب العلماء واسع الدائرة حافظًا للمدوَّنة عن ظهر قلب والنوادر لابن أبي زيد مجاب الدعوة‏.‏

قال القاضي عياض‏:‏ كان أحفظ الناس وأحضرهم علمًا وأسرعهم جوابًا وأوقفهم على اختلاف العلماء وترجيح المذاهب حافظًا للأثر مائلًا إلى الحجة والنظر‏.‏

قلت‏:‏ عاش ستًا وسبعين سنة‏.‏

وابو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد البزاز ببغداد في ربيع الأول وله تسعون سنةً‏.‏

وهو آخر من حدَّث عن الصّفار وابن البختري وعمر الأشناني‏.‏

قال الخطيب‏:‏ كان صدوقًا جميل الطريقة له أنسة بالعلم والفقه على مذهب أبي حنيفة‏.‏

سنة عشرين وأربعمائة فيها وقع برد عظام إلى الغاية في الواحدة أرطال بالبغدادي حتى قيل‏:‏ إن بردةً وجدت تزيد على قنطار وقد نزلت في الأرض نحوًا من ذراع وذلك بالنعمانيَّة من العراق وهبّت ريح لم يسمع بمثلها قلعت الأصول العاتية من الزيتون والنخيل‏.‏

وفيها جمع القادر بالله كتابًا فيه وعظ ووفاة النبي صلى الله عليه وسلم وقصّة ما تمّ لعبد العزيز صاحب الحيرة مع بشر المريسي والردّ على من يقول بخلق القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسب الرافضة وغير ذلك‏.‏

وجمع له العلماء والأعيان ببغداد فقرئ على الخلق ثم أرسل الخليفة إلى جامع براثا وهو مأوى الرافضة من أقام الخطبة على السنّة فخطب وقصرّ عما كانوا يفعلونه في ذكر عليّ رضي الله عنه فرموه بالآجر من كل ناحية فنزل وحماه جماعة حتى أسرع بالصلاة فتألَّم القادر بالله وغاظه ذلك وطلب الشريف المرتضى شيخ الرافضة وكاتب السلطان ووزيره ابن ماكولا يستجيش على الشيعة ويتضوّر من ذلك وإذا بلغ الأمير - أطال الله بقاه - إلى الجرأة على الدين و عدم سياسة المملكة من الرعاع والأوباش فلا صبر دون المبالغة بهما توجبه الحميَّة وقد بلغه ما جرى في الجمعة الماضية في مسجد براثا الذي يجمع الكفرة والزنادقة ومن قد تبرّأ الله منه فصار أشبه شيء بمسجد الضرار وذلك أن خطيبًا كان فيه يقول مالا يخرج به عن الزندقة فإنه كان يقول بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أخيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مكلم الجمجمة ومحيي الأموات البشريّ الآلهيّ مكلم أهل الكهف‏.‏

فأنفذ الخطيب ابن تمام فأقام الخطبة فجاءه الآجرّ المطر فكسر أنفه وخلع كتفه ودمى وجهه وأسيط بدمه لولا أربعة من الأتراك حموه وإلاّ كان هلك والضرورة ماسّة إلى الانتقام‏.‏

ونزل ثلاثون بالمشاعل على دار ذلك الخطيب فنهبوا الدار وعرّوا الحريم فخاف أولوا الأمر من فتنة تكثر فلم يخطب أحد ببراثا وكثرت العملات والكبسات وفتحت الحوانيت جهارًا وعمّ البلاء إلى آخر السنة حتى صلب جماعة‏.‏

وفيها قدم المصريون مع أنوشتكين البربري فالتقاهم صالح بن مرداس على نهر الأردنّ فقتل صالح وابنه وحمل رأساهما إلى مصر فقام نصر ولد صالح وتملك حلب بعد أبيه‏.‏

وفيها توفي أبو بكر المنقَّى أحمد بن طلحة البغدادي في ذي الحجة وكان ثقة يروي عن النجّاد وعبد الصمد الطَّستي‏.‏

وابو الحسن بن الباذا أحمد بن علي بن الحسن بن الهيثم البغدادي في ذي الحجة‏.‏

روى عن أبي سهل بن زياد وابن قانع وطائفة‏.‏

قال الخيب‏:‏ كان ثقة من أهل القرآن والأدب والفقه على مذهب مالك‏.‏

والأمير صالح بن مرداس أسد الدولة الكلابي كان م أمراء العرب فقصد حلب وبها نائب الظاهر صاحب مصر فانتزعها منه وتملكها ثلاثة أعوام ثم حارب جيش الظاهر فقتل‏.‏

وعبد الجبار بن أحمد أبو القاسم الطرطوسي شيخ اٌلإقراء بالديار المصرية وأستاذ مصنف ‏[‏العنوان‏]‏ قرأ على أبي أحمد السامري وجماعة‏.‏

وألّف كتاب ‏[‏المجتبى‏]‏ في القراءات‏.‏

توفي في وعبد الرحمن بن أبي نصر عثمان بن القاسم بن معروف أبو محمد التميمي الدمشقي رئيس البلد ويعرف بالشيخ العفيف‏.‏

روى عن إبراهيم بن أبي ثابت وخيثمة وطبقتهما وعاش ثلاثًا وتسعين سنة‏.‏

قال أبو الوليد الدربندي كان خيرًا من ألف مثله إسنادًا وإتقانًا وزهدًا مع تقدمه‏.‏

وقال رشا بن نظيف‏:‏ شاهدت سادات فما رأيت مثل أبي محمد بن أبي نصر كان قرة عين‏.‏

وقال عبد العزيز الكتّاني‏:‏ توفي في جمادى الآخرة فلم أر أعظم من جنازته حضرها جميع أهل البلد حتى اليهود والنصارى وكان عدلًا مأمونًا ثقة لم ألق شيخًا مثله زهدًا وورعًا وعبادة ورياسة رحمه الله‏.‏

وابن العجوز الفقيه عبد الرحمن بن أحمد الكتامي المالكي‏.‏

قال القاضي عياض‏:‏ كان من كبار قومه وإليه كانت الرحلة بالمغرب وعليه دارت الفتوى وفي عقبه أئمة نجباء أخذ عن ابن أبي زيد وأبي محمد الأصيلي وغيرهما‏.‏

وعلي بن عيسى الربعي أبو الحسن البغدادي شيخ النحو ببغداد أخذ عن أبي سعيد السِّيرافي وأبي علي الفارسي وصنّف ‏[‏شرح الإيضاح‏]‏ لأبي علي و ‏[‏شرح مختصر الجرمي‏]‏ ونيّف على التسعين وقيل‏:‏ إن أبا عليّ قال‏:‏ قولوا لعلي البغدادي لو سرتّ من الشرق إلى الغرب لم تجد أحدًا أنحا منك وكان قد لازمه بضع عشرة سنة‏.‏

وأبو نصر العكبري محمد بن أحمد بن الحسين البقّال والد أبي منصور محمد بن محمد‏.‏

روى عن أبي علي بن الصوّاف وجماعة وهو ثقة‏.‏

وأبو بكر الرباطي محمد بن عبد الله بن أحمد‏.‏

روى عن أبي أحمد العسّال والجعابي وطائفة وأملى مجالس توفي في شعبان‏.‏

والمسبِّحي الأمير المختار عزّ الملك محمد بن عبد الله ابن أحمد الحرّاني الأديب العلامة صاحب التواليف وكان رافضيًا جاهلًا له كتاب‏:‏ ‏[‏القضايا الصائبة‏]‏ في التنجيم في ثلاثة آلاف وخمسمائة ورقة وكتاب‏:‏ ‏[‏التلويح والتصريح‏]‏ في الشعر ثلاث مجلدات وكتاب ‏[‏تاريخ مصر‏]‏ وكتاب ‏[‏أنواع الجماع‏]‏ في أربع مجلدات‏.‏

وعاش أربعًا وخمسين سنة‏.‏

سنة إحدى وعشرين وأربعمائة فيها أقيم مأتم عاشوراء بالنوح والحداد فثارت العامّة ووقع القتال بين الفريقين حتى قتل جماعة وأخربت عدّة دكاكين‏.‏

وفيها قدم الملك جلال الدَّولة إلى الأهواز فنهبتها الأتراك وبدّعوا وأحرقت عدة أماكن وذهبت أموال لا توصف فيقال‏:‏ زاد الذي أخذ منها على خمسة آلاف ألف دينار‏.‏

وفيها غزا مطلوب الكردي بلاد الخزر فقتل وسبى وغنم فثارت الخزر وكسروه واستنقذوا الغنيمة وقتلوا من العسكر والمطوِّعة فوق العشرة آلاف وكانت الروم قد أقبلت في ثلاثمائة ألف على قصد الشام فأشرف على معسكرهم سريّة من العرب نحو مائة فارس وألف راجل فظنّ ملكهم أنها كبسة فتخفّى ولبس خفًّا أسود وهرب فوقعت الخبطة فيهم واستحكمت الهزيمة فطمع أولئك العرب فيهم ووضعوا السيف حتى قتلوا مقتلة عظيمة وغنموا خزائن الملك واستغنوا بها‏.‏

وأمّا بغداد فكاد يستولي عليها الخراب لضعف الهيبة وتتابع السنين الخدَّاعة فاجتمع الهاشميون في شوال بجامع المنصور ورفعوا المصاحف واستنفروا الناس فاجتمع إليهم الفقهاء وخلق من الإمامية والرافضة وضجُّوا بأن يعفوا من الترك فعمدت الترك - قبّحهم الله - ورفعوا صليبًا على رمح وترامى الفريقان بالنشاب والآجرّ وقتل طائفة ثم تحاجزوا وكثرت العملات والكبسات من البرجمي ورجاله وأخذ المخازن الكبار والدُّور وتجدَّد دخول الأكراد اللصوص إلى بغداد فأخذوا خيول الأتراك من الاصطبلات‏.‏

وفيها توفي الحيري القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حفص الحرشي النيسابوري الشافعي في رمضان وله ست وتسعون سنة وكان رئيسًا محتشمًا إمامًا في الفقه وانتهى إليه علوّ الإسناد فروى عن أبي علي الميداني والأصمّ وطبقتهما‏.‏

وأخذ ببغداد عن أبي سهل القطّان‏.‏

وبمكة عن الفاكهي وبالكوفة وجرجان‏.‏

وتفقّه على أبي الوليد الفقيه وحذق في الأصول والكلام وولي قضاء نيسابور‏.‏

روى عنه الحاكم في تاريخه مع تقدمه وآخر من حدّث عنه الشِّيروي وقد صمّ بآخرة حتى بقي لا يسمع شيئًا ووافق شيخه الأصم صنّف في الأصول والحديث‏.‏

وأبو الحسن السَّلطي أحمد بن محمد بن الحسين النيسابوري العدل النحوي في جمادى الأولى‏.‏

روى عن الأصم وغيره‏.‏

وابن درّاج أبو عمر أحمد بن محمد بن العاص بن أحمد القسطلّي الأديب شاعر الأندلس الذي قال فيه ابن حزم‏:‏ لو لم يكن لنا من فحول الشعراء إلا أحمد بن درّاج لما تأخر عن شأو ‏[‏حبيب‏]‏ و ‏[‏المتنبي‏]‏ وكان من كتّاب الإنشاء في أيام المنصور بن أبي عامر‏.‏

وقال الثعالبي‏:‏ كان بصقع الأندلس كالمتنبي بصقع الشام‏.‏

قلت‏:‏ له ديوان مشهور وتوفي في جمادى الآخرة وله أربع وسبعون سنة‏.‏

وإسماعيل بن ينال أبو إبراهيم المروزي المحبوبي سمع جامع الترمذي من أستاذهم محمد بن أحمد بن محبوب وهو آخر من حدَّث عنه توفي في صفر عن سبع وثمانين سنة‏.‏

قال أبو بكر والمعاذي أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن يحيى النيسابوري الأصم سمع من أبي العباس الأصم مجلسين فقط ومات في جمادى الأولى ووقع لنا حديثه من طريق شيخ الإسلام الأنصاري‏.‏

والجمال أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم الأصبهاني روى عن أبي محمد بن فارس وجماعة‏.‏

ومات في ربيع الأول له جزء معروف‏.‏

وأبو محمد البجّاني - بجّانة الأندلس - الحسين بن عبد الله ابن الحسين بن يعقوب المالكي وله خمس وتسعون سنة حمل عنه ابن عبد البر وأبو العباس العذري والكبار‏.‏

وكان أسند من بقي بالمغرب في رواية ‏[‏الواضحة‏]‏ لعبد الملك بن حبيب سمعها من سعيد بن فحلون في سنة ست وأربعين وثلاثمائة عن يوسف المغامي عن المؤلف‏.‏

وحمام بن أحمد القاضي ابو بكر القرطبي قال ابن حزم‏:‏ كان واحد عصره في البلاغة وسعة الرواية ضابطًا لما قيّده أكثر عن أبي محمد الباجي وأبي عبد الله بن مفرّج وولي قضاء يابرة توفي في رجب وله أربع وستون سنةً‏.‏

وابو سعيد الصيرفي محمد بن موسى بن الفضل النيسابوري كان أبوه ينفق على الأصم ويخدمه بماله فاعتنى به الأصم وسمَّعه الكثير وسمع أيضًا من جماعة وكان ثقة مات في ذي

والسلطان محمود بن سبكتكين سيف الدَّولة أبو القاسم ابن الأمير ناصر الدولة أبي منصور‏.‏

كان أبو أمير الغزاة الذين يغيرون من بلاد ما وراء النهر على أطراف الهند فأخذ عدّة قلاع وافتتح ناحية بست وكان كرّاميًا وأما محمود فافتتح غزنة ثم بلاد ما وراء النهر ثم استولى على سائر خراسان وعظم ملكه ودانت له الأمم وفرض على نفسه غزو الهند كل عام فافتتح منه بلادًا واسعة وكان على عزم وصدق في الجهاد‏.‏

قال عبد الغافر الفارسي‏:‏ كان صادق النيّة في إعلاء كلمة الله تعالى مظفّرًا في غزواته ما خلت سنة من سني ملكه عن غزوة أو سفرة وكان ذكيًّا بعيد الغور موفق الرأي وكان مجلسه مورد العلماء وقبره بغزنة يدعى عنده قال وقد صنَّف في أيامه تواريخ وحفظت حركاته وسكناته وأحواله لحظةً لحظةً رحمه الله توفي في جمادى الأولى‏.‏

سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة فيها تفاقم أمر العيّارين وتعثّر أهل بغداد وأقام التجار على المبيت في الأسواق ثم نقبوا دار السلطنة وأخذوا منها قماشًا‏.‏

وفيها عزم الصوفي الملقب المذكور على الغزو وكتب له السلطان منشورًا وأعطي منجوقًا وقصد الجامع لقراءة المنشور فمزقوا على رأسه المنجوق وبين يديه الرجال بالسلاح يترضَّون عن الشيخين ويقولون‏:‏ هذا يوم معاويّ فحصبهم أهل الكرخ فثارت الفتنة واضطرمت ونهبت العامة دار الشريف المرتضى ودافع عنه جيرانه الأتراك واحترقت له سرية وبات الناس في ليلة صعبة وتأهّبوا للحرب واجتمعت العامة وخلق من الترك وقصدو الكرخ فرموا الناس في أسواقه وأشرف أهل الكرخ على التلف فركب الوزير والجند فوقعت آجرة في صدر الوزير وسقطت عمامته وقتل جماعة من الشيعة وزاد أمر النهب فيهم وأحرق في هذه الثائرة سوق العروس وسوق الصفارين وسوق الأنماط وسوق الزيت ولم يجر من السلطان إنكار لضعفه وعجزه وتبسطت العامّة واثروا الفتن فالنهار فتن ومحن والليل عملات ونهب‏.‏

وأما الجند فقامت على السلطان جلال الدولة لاطّراحه مصالحهم وراموا قطع خطبته فأرضاهم بالمال فثاروا بعد أيام عليه وآخر القصّة مات القادر بالله واستخلف ابنه القائم بأمر الله وله إحدى وثلاثون سنة فبايعه الشر يف المرتضى ثم الأمير حسن بن عيسى بن المقتدر وقامت الأتراك على القائم بأمر الله بالرسم الذي للبيعة فقال‏:‏ إن القادر لم يخلف مالًا وصدق لأنه كان من أفقر الخلفاء ثم صالحهم على ثلاثة آلاف دينار ليس إلاّ وعرض القائم خانًا وبستانًا للبيع وصغر دست الخلافة إلى هذا الحدّ‏.‏

وأما دست السلطنة بالعراق فكان لجلال الدَّولة‏:‏ بغداد وواسط والبطائح وبعض السَّواد وليس له من ذلك أيضًا إلا الخطبة فأما الأموال والأعمال فمنقسمة بين الأعراب والأكراد والأتراك مع ضعف ارتفاع الخراج والوزارة خالية من كبس والوقت هرج ومرج والناس بلا رأس‏.‏

ومات القادر بالله أبو العباس أحمد بن الأمير إسحاق بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد بالله العباسي توفي ليلة الحادي عشر من ذي الحجة وله سبع وثمانون سنة وكانت خلافته إحدى وأربعين سنة وثلاثة أشهر وكان أبيض كثّ اللحية طويلها مخضب شيبه‏.‏

قال الخطيب‏:‏ كان من الديانة وإدامة التهجد وكثرة الصدقات على صفة اشتهرت عنه صنّف كتابًا في الأصول فيه فضل الصحابة وتكفير المعتزلة والقائلين بخلق القرآن فكان يقرأ كل جمعة ويحضره الناس مدّة‏.‏

وطلحة بن علي بن الصقر أبو القاسم البغدادي الكتّاني ثقة صالح مشهور عاش ستًّا ثمانين سنة ومات في ذي القعدة روى عن النّجاد وأجمد بن عثمان الأدمي ودعلج وجماعة‏.‏

وأبو المطرّف بن الحصّار قاضي الجماعة بالأندلس عبد الرحمن بن أحمد بن سعيد بن غرسيّة مات في آخر الكهولة وكان عالمًا بارعًا ذكيًا متفنّنًا فقيه النفس حاضر الحجة صاحب سنة رحمه الله توفي في شعبان‏.‏

والقاضي عبد الوهاب بن علي بن نصر أبو محمد البغدادي المالكي أحد الأعلام سمع من عمر بن سنبك وجماعة وتفقه على ابن القصّار وابن الجلاب ورأى أبا بكر الأبهري وانتهت إليه رئاسة المذهب‏.‏

قال الخطيب‏:‏ لم ألق في المالكية أفقه منه ولي قضاء بادرايا ونحوها وتحوّل في آخر أيامه إلى مصر فمات بها في شعبان وقد ساق القاضي ابن خلكان نسب القاضي عبد الوهاب إلى مالك بن طوق التغلبي صاحب الرَّحبة‏.‏

قال أبو إسحاق الشيرازي‏:‏ سمعت كلامه في النظر وكان فقيهًا متأدبًا شاعرًا له كتب كثيرة في كل فن‏.‏

قلت‏:‏ عاش ستين سنة‏.‏

وأبو الحسن الطرازي علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان البغدادي ثم النيسابوري الأديب‏.‏

روى عن الأصمّ وأبي حامد بن حسنويه وجماعة وبه ختم حديث الأصم توفي في الرابع والعشرين من ذي الحجة‏.‏

وابن عبد كويه أبو الحسن علب بن يحيى بن جعفر إمام جامع أصبهان في المحرم حجّ وسمع بأصبهان والعراق والحجاز وحدّث عن أحمد بن بندار الشعّار وفاروق الخطابي وطبقتهما وأملى عدة مجالس‏.‏

ومحمد بم مروان بن زهر أبو بكر الإيادي الإشبيلي المالكي أحد أركان المذهب وكان واسع الرواية عالي الإسناد عاش ستًا وثمانين سنة وحدّث عن محمد بن معاوية القرشي وأبي علي القالي وطائفة وهو والد الطبيب عبد الملك وجدّ الطبيب العلامة الرئيس أبي العلا زهر‏.‏

ومحمد بن يوسف القطّان الحافظ أبو أحمد الأعرج النيسابوري مات كهلًا ولم ينشر حديثه‏.‏

روى عن أبي عبد الله الحاكم وطبقته ورحل إلى العراق والشام ومصر‏.‏

ومنصور بن الحسين أبو نصر المفسّر بنيسابور مات قبل الطرازي وحدّث عن الأصم وغيره‏.‏

ويحيى بن عمّار الإمام أبو زكريا الشيباني السجستاني الواعظ نزيل هراة روى عن حامد الرّفا وطبقته وكان له القبول التام بتلك الديار لفصاحته وحسن موعظته وبراعته في التفسير والسنة وخلّف أموالًا كثيرة ومات في ذي القعدة وله تسعون سنة‏.‏