فصل: فصل في الاغتصاب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البهجة في شرح التحفة (نسخة منقحة)



.فصل في الاغتصاب:

وهو وطء حرة أو أمة جبراً على غير وجه شرعي.
وَوَاطِئ لِحُرَّةٍ مُغْتَصِبا ** صَدَاقُ مِثْلِهَا عليه وَجَبَا

(و) بالغ (واطئ لحرة مغتصبا) بكسر الصاد أي مكرهاً لها (صداق مثلها) يوم الوطء (خ): ومهر المثل ما يرغب به مثله فيها باعتبار دين وجمال وحسب ومال وبلد إلخ. أي وكونها بكراً أو ثيباً من جملة ما يرغب به فيها. (عليه وجبا) ويتعدد الصداق بتعدد الوطآت بخلاف وطء الشبهة (خ) واتحد المهران اتحدت الشبهة كالغالط بغير عالمة وإلاَّ تعدد كالزنا بها أو بالمكرهة إلخ. والضمير في قوله بها يعود على غير العالمة، ومفهوم قوله مغتصباً. وقول (خ) بالمكرهة أن الزنا بالطائعة لا صداق فيه وهو كذلك لأنها أذنت في فساد بضعها، وهذا ظاهر إذا كانت بالغة يعتبر إذنها، وانظر لو كانت صغيرة يوطأ مثلها وطاوعته على الزنا بها هل عليه صداقها وهو الظاهر لأن إذنها غير معتبر، وأما من لا يوطأ مثلها فإنما عليه ما شانها ونقصها عن صداق مثلها لأن وطأها جرح لا وطء، واحترزت بقولي بالغ من الصغير يطأ السفيهة أو الصغيرة البكرين فعليه ما شانهما بدليل قوله: وضمن ما أفسد إن لم يؤمن عليه ولا عبرة برضا الصغيرة وموافقتها له على الوطء، وكذا السفيهة بخلاف الرشيدة ولا شيء عليه في الثيب، انظر الشارح عند قوله في النكاح: ولولي صغير فسخ عقده إلخ.
إنْ ثَبَتَ الوطءُ ولو بِبَيِّنَهْ ** بأَنَّهُ غَابَ عَلَيْهَا مُعْلِنَه

(إن ثبت الوطء) بالمعاينة أو بالإقرار من غير المحجور بل (ولو ببينة بأنه غاب عليها معلنة) صفة لقوله: بينة أي ولو ببينة معلنة أي شاهدة بأنه احتملها بمحضرهم وغاب عليها غيبة يمكن فيها الوطء وادعته المرأة ولو صغيرة يمكن وطؤها أو سفيهة، فإنه يجب لها جميع الصداق فإن صدقت الغاصب في عدم الوطء فلا شيء لها ولو صغيرة كما يفهم من قول (خ): وصدقت في خلوة الاهتداء في الوطء وفي نفيه وإن سفيهة وأمة إلخ. وظاهره أن البكر لا ينظرها النساء والعمل على خلافه.
وَقيمَةُ النَّقص عليه في الأَمَهْ ** هَبْهَا سِوَى بِكْرٍ وَغَيْرِ مُسْلِمَه

(وقيمة النقص عليه في الأمة) أي وعليه في الأمة ما نقصها وطؤه علياً كانت أو وخشاً طائعة أو مكرهة (هبها سوى) أي غير (بكر) بأن تكون ثيباً (وغير مسلمة) بأن تكون يهودية أو نصرانية، وهذا حيث أقر بوطئها أو قامت عليه بينة بمعاينة الوطء، وأما إن شهدت بينة بغيبته عليها غيبة يمكن فيها الوطء فالمشهور لا شيء عليه، وقيل يضمن قيمة النقص، ويجب أن يكون العمل عليه لموافقته لما مرّ في الغاصب للصرة وغيرها. وثالثها إن كانت رائعة واختاره ابن رشد، وإنما وجب عليه ما نقصها في الثيب لأنه بوطئه أحدث فيها عيباً وهو مؤالفتها للزنا لأنها وإن كانت مكرهة فقد ترضى به في ثاني حال فتقوم على أنها لم يطأها الغاصب بعشرة مثلاً وبوطئة بثمانية ويغرم ما بينهما.
وَالوَلَدُ اسْتُرِقَّ حَيْثُ عَلِمَا ** وَالحَدُّ مَعْ ذَاكَ عليه فِيهما

(والولد) من الأمة المذكورة (استرق) أي يحكم باسترقاقه (حيث علما) أنه من الزنا وذلك بأن لم يكن لها زوج ولا سيد أو كان لها سيد ونفاه بشرط اعتماده في نفيه على الاستبراء بحيضة وولدت لستة أشهر فأكثر من يوم الزنا (خ): ولا يمين إن أنكره ونفاه وولدت لستة أشهر إلخ. فإن لم ينفه وادعت هي أنه من الغصب فلا كلام لها، وكذا إن قالت: هو من الزوج الأول وقد أتت به لستة أشهر فأكثر من تزوج الثاني فلا يقبل قولها، بل هو للثاني حرة كانت أو أمة، ولو صدقها الثاني في ذلك فلا ينتفي عنه إلا بلعان (خ): ولو تصادقا على نفيه (والحد مع ذاك) الغرم للصداق أو قيمة النقص (عليه فيهما) أي الحرة والأمة، وهذا إذا شهد أربعة بمعاينة الوطء أو أقر بذلك على نفسه ولم يرجع عنه، وأما إن شهدوا بأنه احتملها وغاب عليها وادعت المرأة الوطء وأنكر هو فلا حد عليه، وإنما عليه الصداق للحرة ولا شيء عليه في الأمة كما مر. وقوله في المقرب: ومن اغتصب امرأة ووطئها في دبرها يعني ادعت هي ذلك بعد غيبته عليها فلها الصداق دون الحد عليه، إذ لا يجب الحد إلا بالبينة أو الإقرار كما مر، وأما الاستبراء فواجب عليها (خ) عاطفاً على ما يوجب قدر العدة أو غاب غاصب أو ساب أو مشتر إلخ. ثم أشار إلى مفهوم قوله: إن ثبت الوطء إلخ. فقال:
وإنْ يَكُنْ ذَا الْغَصْبُ بالدَّعْوَى فَفِي ** تَفْصِيلِهِ بَيَانُ حُكْمِهِ يَفي

(وإن يكن ذا الغصب بالدعوى) فقط من غير ثبوته ببينة ولا إقرار (ففي تفصيله) يتعلق بيفي آخر البيت (بيان حكمه) مبتدأ خبره (يفي) والجملة جواب الشرط، والتقدير فبيان حكمه يأتي مذكوراً في تفصيله وحاصل التفصيل أن المدعى عليه إما أن يكون معروفاً بالدين والخير، وإما أن يكون مجهول الحال لا يعرف بخير ولا فسق، وإما أن يكون معروفاً بالفساد والفسق، وفي كل إما أن تأتي مستغيثة متعلقة به عند النازلة أو تدعي عليه ذلك بعد حين فالأقسام ستة فأشار إلى أولها بقوله:
فَحَيْثُمَا الدَّعْوَى عَلَى مَنْ قَدْ شُهِرْ ** بالدِّيْنِ وَالصَّلاَحِ وَالفَضْلِ نُظِرْ

(فحيثما الدعوى على من قد شهر بالدين والصلاح والفضل نظر). في ذلك.
فإنْ تَكُنْ بَعْدَ التَّرَاخِي زَمَنَا ** حُدَّتْ لِقَذْفٍ وَبِحَمْلٍ للزِّنَا

(فإن تكن) الدعوى (بعد التراخي) عن النازلة (زمناً) قريباً أو بعيداً (حدت لقذف) فتجلد ثمانين (و) حدت أيضاً (ب) سبب (حمل) ظهر بها (للزنا) إن كانت محصنة ولم ترجع عن قولها. وتجلد مائة إن كانت بكراً وإنما تعدد الحد لاختلاف موجبهما.
وَحَيْثُما رَحِمُهَا مِنْهُ بَرِي ** فالحدُّ تَسْتَوْجِبُهُ في الأَظْهَرِ

(وحيثما رحمها منه) أي من الحمل (برى فالحد) للزنا (تستوجبه) أيضاً (في) القول (الأظهر) هذا كله بالنسبة للمرأة، وأما الرجل فلا يمين عليه ولا صداق كما يأتي في قوله: وما على المشهور بالعفاف مهر ولا حلف إلخ. وأحرى لا حد عليه، وظاهره أنه لا يفصل فيها التفصيل الآتي في مجهول الحال بين كونها معروفة بالصيانة أو لا بل الحكم ما ذكر في هذا القسم كيف ما كانت هي، وهو ظاهر ابن رشد أيضاً حيث قال: فإن ادعت على من لا يليق به ذلك وهي غير متعلقة به فلا خلاف أنه لا شيء على الرجل وأنها تحد له حد القذف وحد الزنا إن ظهر بها حمل، وإن لم يظهر بها فيتخرج وجوب حد الزنا عليها على الاختلاف فيمن أقر بوطء أمة رجل وادعى أنه اشتراها منه أو وطء امرأة وادعى أنه تزوجها، فتحد على مذهب ابن القاسم إلا أن ترجع عن قولها ولا تحد على مذهب أشهب. اهـ. ومفهوم بعد التراخي أنها إذا جاءت متعلقة به فحد القذف لازم لها، وحد الزنا يسقط عنها مطلقاً كما يأتي في قوله:
وحيث دعوى صاحبت تعلقا ** حد الزنا يسقط عنها مطلقا

إلخ.
وكان حقه التقدم هاهنا. وأشار إلى الثاني بقوله:
وَذَاكَ في الْمَجْهُولِ حَالاً إنْ جُهِلْ ** حالٌ لها أَوْ لَمْ تَحُزْ صَوْناً نُقِل

(وذاك) مبتدأ خبره نقل آخر البيت و(في المجهول) يتعلق به (حالاً) تمييز محول عن النائب وقوله: (إن جهل حال لها) شرط حذف جوابه للدلالة عليه (أو لم تحز صوناً) معطوف على الشرط (نقل) والتقدير: وذاك الحكم المذكور في المعروف بالخير هو الحكم المنقول في المجهول حاله وإن كانت هي المجهولة الحال أيضاً أو معروفة بعدم الصيانة والعفاف، وعليه فإن كانت الدعوى بعد التراخي زمناً حدت للقذف وللزنا إن ظهر بها حمل وكذا إن لم يظهر في القول الأظهر.
وَإنْ تَكُنْ مِمَّنْ لها صَوْنٌ فَفِي ** وجُوبِهِ تَخْرِيجاً الخُلْفُ قُفي

(وإن تكن ممن لها صون) والموضوع بحاله من دعواها على مجهول الحال (ففي وجوبه) أي حد القذف عليها (تخريجاً الخلف) مبتدأ خبره (قفي) وفي وجوبه متعلق به، والجملة جواب الشرط وتخريجاً مصدر بمعنى المفعول حال من الضمير في قفي، والتقدير: وإن تكن ممن لها صون فالخلف قفي في وجوب الحد عليها حال كونه مخرجاً لا نصاً، وظاهره أن الخلاف في حد الزنا والقذف والذي في ابن رشد تخصيصه بحد القذف ويظهر منه أنها تحد للزنا إن ظهر بها حمل أو لم يظهر على ما مر، وعلى القول بحدها له لا شيء عليه وعلى مقابله إنما عليه اليمين كما قال:
وَحَيْثُ قيل لا تُحَدُّ إنْ نَكَلْ ** فالمَهْرُ مَعْ يَمِينِهَا لها حَصَلْ

(وحيث قيل لا تحد) فاليمين عليه (و) إن (نكل) عنها (فالمهر) يلزمه بنكوله (مع يمينها لها حصل) ولا حد عليه لأنه لم يقر والظرف والمجرور يتعلقان بحصل. هذا حكم المجهول إذا لم تتعلق به، وأما إن جاءت متعلقة به فلا حدّ عليها لا للزنا ولا للقذف حيث كانت من أهل العفاف وإلاَّ فقولان كما يأتي في قوله: وعدم الحد كذا للمنبهم حالاً إلخ.
وَما عَلَى المَشْهُورِ بالعَفَافِ ** مَهْرٌ وَلا حَلْفٌ بِلا خِلاَفِ

(وما على المشهور بالعفاف) وهو القسم الأول (مهر ولا حلف بلا خلاف) وكان حقه التقديم إثر قوله: تستوجبه في الأظهر ويصل بذلك قوله:
وَحَيْثُ دَعْوَى صَاحَبَتْ تَعلُّقا ** حَدَّ الزَّنَا يَسْقُطُ عنها مُطْلَقَا

(وحيث دعوى) على المشهور بالخير والعفاف (صاحبت تعلقاً) به وقت النازلة جاءت مستغيثة تدمى إن كانت بكراً ف (حد الزنا يسقط عنها مطلقاً) ظهر بها حمل أم لا. لما بالغت من فضيحة نفسها، ومعنى التعلق أن تذكر ذلك في الحين وتشتكي بذلك لأهلها، وليس المراد أن تأتي ماسكة بيده أو بثوبه، فهذا لا يتأتى لها فيمن لا قدرة لها عليه. قال في أوائل نوازل الدعاوى من المعيار: معنى قولهم تدمى أن تأتي صارخة مستغيثة، ولو كانت ثيباً وليست كل معصوبة تقدر على التعلق.
وَالْقَذْفُ فيهِ الحَدُّ لابْنِ القَاسِمِ ** وَخَلْفُهُ لَدَيْهِ غَيْرُ لازِمِ

(و) أما (القذف) فكذلك لا حد عليها عند غير ابن القاسم، و(فيه الحد لابن القاسم وحلفه لديه) أي ابن القاسم (غير لازم). لأنه قد برأه ونزهه.
وَمَن نَفَى الحَدَّ فَعِنْدَهُ يَجِبْ ** تَحْليفُهُ بأَنَّ دَعْوَاهَا كَذِبْ

(ومن نفى الحد) عنها بقذفه وهو غير ابن القاسم (فعنده يجب تحليفه) لها (بأن دعواها) عليه (كذب) فإن حلف برئ.
ومَعْ نُكُولِهِ لَهَا اليمينُ ** وتأْخُذُ الصَّداقَ ما يكُونُ

(ومع نكوله) عن اليمين (لها) هي (اليمين) أن ما ادعته عليه لحق (ونأخذ الصداق) أي صداق مثلها (ما) أي شيء (يكون) قل أو جل، ومحل الخلاف المتقدم في حدها للقذف إنما هو إذا كانت معروفة بالصيانة والعفاف.
وَحَدُّهَا لهُ اتَفَاقاً إنْ تَكُنْ ** لَيْسَ لها صَونٌ وَلا حالٌ حَسَنْ

(و) الأوجب (حدها له اتفاقاً إن تكن ليس لها صون ولا حال حسن). وهذه الأبيات من قوله: وما على المشهور بالعفاف إلى هنا كلها حقها التقديم إثر قوله: يستوجبه في الأظهر كما مرت إليه. ثم أشار إلى الدعوى على مجهول الحال المصحوبة بتعلقها به فقال:
وَعَدَمُ الحَدِّ كَذَا لِلْمُنْبَهِم ** حالا إذَا كانت تَوَقَّى مَا يَصِم

(وعدم الحد) للقذف والزنا (كذا) أي واجب اتفاقاً في دعواها (للمنبهم) أي عليه فاللام بمعنى (على) (وحالاً) تمييز محول عن الفاعل وهذا (إذا) جاءت متعلقة به تدمى إن كانت بكراً و(كانت) معروفة بالعفاف والصيانة (توقى) أصله تتوقى فحذفت إحدى التاءين لقول صاحب الخلاصة وما بتاءين قد يقتصر فيه على تا إلخ. (يصم) أي يعيب ويقبح.
وَإنْ تَكُنْ لاَ تَتَوَقَّى ذَلِكْ ** فالخُلْفُ تَخْرِيجاً بَدَا هُنَالِكْ

(وإن تكن لا تتوقى ذلك) الذي يصم ويعيب (فالخلف) في حدها له للقذف (تخريجاً) حال من فاعل (بدا هنالك) وكان حقه أي يصل قوله: وعدم الحد إلخ. بقوله مع يمينها لها حصل كما مرت الإشارة إليه، ثم إذا قلنا: لا تحد هنا اتفاقاً في الصينة وعلى أحد القولين في غيرها، فلابد أن يحلف فإن نكل حلفت واستحقت عليه صداق مثلها كما قال بعد:
وإن يكن مجهول حال فيجب ** تحليفه ومع نكول ينقلب

إلخ.
فكان حقه أن يقدمه هاهنا ثم أشار إلى الثالث بقسميه أي مع تعلق به أو بعد حين فقال:
وَفي ادِّعائِهَا عَلَى المَشْتَهَرِ ** بالْفِسْقِ حَالتَانِ للمُعْتَبِرِ

(وفي ادعائها على المشتهر بالفسق حالتان للمعتبر) أحداهما.
حالُ تَشبُّثٍ وَبِكْرٌ تُدْمَى ** فذِي سُقُوطُ الحدِّ عنها عَمَّى

(حال تشبث) أن تعلق به أي تذكر ذلك في الحين كما مر (وبكر تدمى فذي سقوط الحد عنها عمى.
في القَذْفِ وَالزِّنَا وإنْ حَمْلٌ ظَهَرْ ** وفي وُجُوب المَهْرِ خَلْفٌ مُعْتَبَرْ

في القذف والزنا) إن لم يظهر بها حمل بل (وإن حمل ظهر) لما بالغت من فضيحة نفسها ولشبهة دعواها عليه (وفي وجوب المهر) لها عليه (خلف معتبر) فروى عيسى عن ابن القاسم: لا شيء عليه، ولو كان أشر من عبد الله بن الأزرق في زمانه، ولكن بعد يمينه لأنه إذا كان يحلف مجهول الحال لرد دعواها فأحرى هذا. وروى أشهب عن مالك: لها مهر مثلها إن كانت حرة أو ما نقصها إن كانت أمة، وبه صدر في المقدمات ونحوه في الواضحة عن مطرف وغيره، وهو الذي يجب العمل به لموافقته لما مر في الغصب عند قول الناظم: والقول للغاصب في دعوى التلف إلخ. لأنه إذا كان المعمول به في الأموال أن المغصوب منه مصدق فأحرى في الفروج ولأنه راجع للمال، ومن حمل الناس على خلاف المعمول به الذي قدمناه فإنه يريد زيادة الفساد وتضييع حقوق العباد. وثالثها لابن الماجشون لها الصداق إن كانت حرة ولا شيء لها إن كانت أمة.
وَحَيْثُ قِيلَ إنّهَا تَسْتَوْجِبُهْ ** فَبَعْدَ حَلْفٍ في الأَصَحِّ تَطْلُبُهْ

(وحيث قيل إنها تستوجبه) أي الصداق (فبعد حلف في الأصح) عند ابن رشد وهو قول ابن القاسم (تطلبه) ومقابله لأشهب عن مالك أنها تأخذه بغير يمين، وربما يفهم من هذا أن لابن القاسم قولين: أحدهما لا شيء عليه وهي رواية عيسى عنه، والثاني يوافق عليه مالكاً ولكن يقول تأخذه بيمين.
وَإنْ يَكُن مَجْهُولُ حالٍ فَيجِبْ ** تَحْلِيفُهُ وَمَعْ نُكُولٍ يَنْقَلِبْ

(وإن يكن مجهول حال فيجب تحليفه ومع نكول ينقلب). وتقدم أن حقه أن يذكر هذا البيت عقب قوله: فالخلف تخريجاً بدا هنالك. ثم أشار إلى مفهوم قوله: حال تشبث إلخ. وهي الحالة الثانية بالنسبة للمشتهر بالفسق فقال:
وحالةٌ بَعْدَ زَمَانِ الفِعْلِ ** فالحَدُّ سَاقِطٌ سِوَى مَعْ حَمْلِ

(وحالة) تدعي فيها على المشتهر بالفسق (بعد زمان الفعل فالحد ساقط) عنها للقذف وكذا للزنا (سوى مع حمل) يظهر بها فتحد حينئذ.
ولا صَدَاقَ ثم إنْ لَمْ يَنْكَشِفْ ** مِنْ أَمْرِهِ بالسِّجْنِ شَيْءٌ فالحَلِفْ

(ولا صداق) لها في هذه الحالة، وإنما ينظر الإمام في أمره فيسجنه ويتجسس على حاله ويفعل فيه ما ينكشف به أمره (ثم إن) فعل به ما ذكر و(لم ينكشف من أمره ب) طول (السجن شيء فالحلف) أنه ما اغتصبها واجب علي.
وَإنْ أَبَى مِنَ اليَمينِ حَلَفَتْ ** وَلِصَدَاقِ الْمِثْلِ منه اسْتَوْجَبَتْ

(وإن أبى من اليمين) أي امتنع منها (حلفت) هي (ولصداق المثل منه استوجبت) قاله ابن رشد وحاصله أنه لا صداق لها في مجرد الدعوى على الصالح ومجهول الحال مطلقاً وكذا في الفاسد إن حلف مع عدم تعلقها به فإن تعلقت فالمعمول به أن لها الصداق، وأما الحد فهو منتف على الرجل مطلقاً، وأما هي فتحد مع عدم التعلق في الصالح ومجهول الحال للقذف والزنا إن ظهر بها حمل أو لم يظهر في القول الأظهر (خ): وإن ادعت استكراها على غير لائق بلا تعلق حدث إلخ. وإن تعلقت فلا حد للزنا وإن ظهر بها حمل وحدت للقذف في الصالح على قول ابن القاسم لا على قول غيره، ومحل الخلاف إن كانت صينة وإلا حدت اتفاقاً ولا تحد للقذف اتفاقاً مع الصون في المجهول الحال ومع عدمه قولان. ولا تحد في الدعوى على الفاسق مطلقاً مع التعلق؛ وكذا مع عدمه إن لم يظهر بها حمل والله أعلم. وانظر أواخر فصل الصداق من ابن عرفة فإنه أطال في المسألة وفيه زيادة على ما في النظم.