الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الأم ***
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: الْخُلْعُ طَلاَقٌ فَلاَ يَقَعُ إلَّا بِمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلاَقُ فَإِذَا قَالَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتنِي كَذَا وَكَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَدْ فَارَقْتُك أَوْ سَرَّحْتُك وَقَعَ الطَّلاَقُ، ثُمَّ لَمْ أَحْتَجْ إلَى النِّيَّةِ قَالَ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَنْوِ طَلاَقًا دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأُلْزِمَ فِي الْقَضَاءِ، وَإِذَا قَالَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتنِي كَذَا فَأَنْتِ بَائِنٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ سُئِلَ: فَإِنْ أَرَادَ الطَّلاَقَ فَهِيَ طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الطَّلاَقَ فَلَيْسَ بِطَلاَقٍ وَيَرُدُّ شَيْئًا إنْ أَخَذَهُ مِنْهَا. قَالَ وَإِذَا قَالَ لَهَا قَدْ خَالَعْتُكِ أَوْ فَادَيْتُكِ أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا إلَّا بِإِرَادَتِهِ الطَّلاَقَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحِ الطَّلاَقِ قَالَ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا عِنْدَ غَضَبٍ أَوْ رِضًا وَذِكْرِ طَلاَقٍ أَوْ غَيْرِ ذِكْرِهِ إنَّمَا أَنْظُرُ إلَى عَقْدِ الْكَلاَمِ الَّذِي يَلْزَمُ لاَ سَبَبَهُ، وَإِذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا اخْلَعْنِي أَوْ بِنِّي أَوْ أَبِنِّي أَوْ بَارِئْنِي أَوْ ابْرَأْ مِنِّي وَلَك عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ لَك هَذِهِ الْأَلْفُ أَوْ لَك هَذَا الْعَبْدُ وَهِيَ تُرِيدُ الطَّلاَقَ فَطَلَّقَهَا فَلَهُ مَا ضَمِنَتْ لَهُ وَمَا أَعْطَتْهُ. قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ لَهُ اخْلَعْنِي عَلَى أَلْفٍ فَفَعَلَ كَانَتْ لَهُ الْأَلْفُ مَا لَمْ يَتَنَاكَرَا فَإِنْ قَالَتْ إنَّمَا قُلْت عَلَيَّ أَلْفٌ ضَمِنَهَا لَك غَيْرِي أَوْ عَلَيَّ أَلْفٌ لِي عَلَيْك لاَ أُعْطِيك أَوْ عَلَيَّ أَلْفُ فَلْسٍ وَأَنْكَرَ تَحَالَفَا وَكَانَ لَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَإِذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلرَّجُلِ طَلِّقْنِي وَلَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ إنْ شِئْت فَلَهَا الْمَشِيئَةُ وَقْتَ الْخِيَارِ فَإِنْ لَمْ تَشَأْ حَتَّى مَضَى وَقْتُ الْخِيَارِ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَشِيئَةٌ وَإِنْ شَاءَتْ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ مَشِيئَتُهَا بَاطِلَةً وَهِيَ امْرَأَتُهُ بِحَالِهَا. قَالَ وَهَكَذَا فَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا. فَقَالَتْ خُذْهَا مِمَّا لِي عَلَيْك. أَوْ قَالَتْ أَنَا أَضْمَنُهَا لَك وَأُعْطِيك بِهَا رَهْنًا لَمْ يَكُنْ هَذَا طَلاَقًا لِأَنَّهَا لَمْ تُعْطِهِ أَلْفًا فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ قَالَ وَلَوْ أَعْطَتْهُ أَلْفًا فِي وَقْتِ الْخِيَارِ لَزِمَهُ الطَّلاَقُ فَإِنْ لَمْ تُعْطِهِ الْأَلْفَ حَتَّى يَمْضِيَ وَقْتُ الْخِيَارِ ثُمَّ أَعْطَتْهُ إيَّاهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلاَقُ وَسَوَاءٌ هَرَبَ الزَّوْجُ أَوْ غَابَ حَتَّى مَضَى وَقْتُ الْخِيَارِ أَوْ أَبْطَأَتْ هِيَ بِإِعْطَائِهِ الْأَلْفَ حَتَّى مَضَى وَقْتُ الْخِيَارِ. قَالَ وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَسَأَلَتَاهُ أَنْ يُطَلِّقَهُمَا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهُمَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لَزِمَهُمَا الطَّلاَقُ وَفِي الْمَالِ قَوْلاَنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْأَلْفَ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ مُهُورِ مِثْلِهِمَا وَالْآخَرُ أَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرَ مِثْلِهَا لِأَنَّ الْخُلْعَ وَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ قَالَ الرَّبِيعُ وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي. قَالَ وَإِنْ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ لَهُ لَك أَلْفٌ فَطَلِّقْنَا مَعًا فَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا فِي وَقْتِ الْخِيَارِ وَلَمْ يُطَلِّقْ الْأُخْرَى لَزِمَ الْمُطَلَّقَةَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَوْ طَلَّقَ الْأُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ لَزِمَهُ الطَّلاَقُ وَكَانَ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ وَلَمْ يَلْزَمْهَا مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ إنَّمَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ إذَا طَلَّقَهَا فِي وَقْتِ الْخِيَارِ قَالَ وَلَوْ قَالَتَا طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ فَقَالَ إنْ شِئْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ لَمْ تَطْلُقَا حَتَّى يَشَاءَا مَعًا فِي وَقْتِ الْخِيَارِ فَإِنْ شَاءَتْ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تَشَأْ الْأُخْرَى حَتَّى مَضَى وَقْتُ الْخِيَارِ لَمْ تَطْلُقَا قَالَ فَإِنْ شَاءَتَا مَعًا فَلَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا. قَالَ وَإِذَا قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ: إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ أَلْفًا فِي وَقْتِ الْخِيَارِ وَقَعَ الطَّلاَقُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ إذَا دَفَعَتْهَا إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلاَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِيهَا قَالَ وَهَكَذَا إنْ قَالَ أَعْطَيْتنِي أَوْ إنْ أَعْطَيْتنِي وَمَا أَشْبَهَ هَذَا فَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى وَقْتِ الْخِيَارِ فَإِذَا مَضَى لَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ. قَالَ وَإِنْ قَالَ مَتَى أَعْطَيْتنِي أَوْ أَيُّ وَقْتٍ أَعْطَيْتنِي أَوْ أَيُّ حِينٍ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَهَا أَنْ تُعْطِيَهُ أَلْفًا مَتَى شَاءَتْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ أَخْذِهَا وَلاَ لَهَا إذَا أَعْطَتْهُ أَلْفًا أَنْ تَرْجِعَ فِيهَا لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ غَايَةٌ كَقَوْلِهِ مَتَى دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ مَتَى قَدِمَ فُلاَنٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ قَدْ رَجَعْت فِيمَا قُلْت وَعَلَيْهِ مَتَى دَخَلَتْ الدَّارَ أَوْ قَدِمَ فُلاَنٌ أَنْ تَطْلُقَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَإِذَا خَالَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَنَوَى الطَّلاَقَ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا مِنْهُ بِعَيْنِهِ فَالْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ لاَ يَمْلِكُ فِيهَا الرَّجْعَةَ لِأَنَّهَا بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ عَلَيْهَا مَالَهَا وَيَكُونَ أَمْلَكَ بِهَا. وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهَا تَطْلِيقَةً لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ} فَعَقَلْنَا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَقَعُ بِإِيقَاعِ الزَّوْجِ وَعَلِمْنَا أَنَّ الْخُلْعَ لَمْ يَقَعْ إلَّا بِإِيقَاعِ الزَّوْجِ. قَالَ وَإِذَا خَالَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَسَمَّى طَلاَقًا عَلَى خُلْعٍ أَوْ فِرَاقٍ أَوْ سَرَاحٍ فَهُوَ طَلاَقٌ وَهُوَ مَا نَوَى وَكَذَلِكَ إنْ سَمَّى مَا يُشْبِهُ الطَّلاَقَ مِنْ الْكَلاَمِ بِنِيَّةِ الطَّلاَقِ قَالَ وَجِمَاعُ هَذَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى كُلِّ كَلاَمٍ يَقَعُ بِهِ الطَّلاَقُ بِلاَ خُلْعٍ فَنُوقِعَهُ بِهِ فِي الْخُلْعِ وَكُلُّ مَا لاَ يَقَعُ بِهِ طَلاَقٌ بِحَالٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ يُوقَعُ بِهِ خُلْعٌ فَلاَ نُوقِعُ بِهِ خُلْعًا حَتَّى يَنْوِيَ بِهِ الطَّلاَقَ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ بِهِ طَلاَقٌ فَمَا أَخَذَ الزَّوْجُ مِنْ الْمَرْأَةِ مَرْدُودٌ عَلَيْهَا قَالَ فَإِنْ نَوَى بِالْخُلْعِ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا فَهُوَ مَا نَوَى قَالَ وَكَذَلِكَ إنْ سَمَّى عَدَدًا مِنْ الطَّلاَقِ فَهُوَ مَا سَمَّى وَقَدْ رُوِيَ نَحْوٌ مِنْ هَذَا عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَهْمَانَ مَوْلَى الأسلميين عَنْ أُمِّ بَكْرَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا كَمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه إنْ لَمْ يُسَمَّ بِالْخُلْعِ تَطْلِيقَةً لِأَنَّهُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ وَلَوْ سَمَّى أَكْثَرَ مِنْ تَطْلِيقَةٍ فَهُوَ مَا سَمَّى. قَالَ وَالْمُخْتَلِعَةُ مُطَلَّقَةٌ فَعِدَّتُهَا عِدَّتُهَا وَلَهَا السُّكْنَى وَلاَ نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّ زَوْجَهَا لاَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ. قَالَ وَإِذَا خَالَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا الطَّلاَقُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ وَلاَ فِي مَعَانِي الْأَزْوَاجِ بِحَالٍ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ وَلاَ تَحِلَّ لَهُ إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا وَكَذَلِكَ لَوْ آلَى مِنْهَا أَوْ تَظَاهَرَ أَوْ قَذَفَهَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ إيلاَءٌ وَلاَ ظِهَارٌ وَلاَ لِعَانٌ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ وَلَوْ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ لَمْ يَتَوَارَثَا قَالَ وَإِنَّمَا قُلْت هَذَا بِدَلاَلَةِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَمَ بِهَذِهِ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ مِنْ الْإِيلاَءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ وَالطَّلاَقِ وَالْمِيرَاثِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَلَمَّا عَقَلْنَا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ هَذَيْنِ غَيْرُ زَوْجَيْنِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهَا طَلاَقُهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَهَلْ فِيهِ مِنْ أَثَرٍ؟ فَأَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ خَالَعَهَا ثُمَّ أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا عَلَى أَنْ طَلَّقَهَا ثَانِيَةً أَوْ ثَالِثَةً لَمْ يَلْزَمْهَا الطَّلاَقُ وَكَانَ الْخُلْعُ عَلَيْهَا مَرْدُودًا لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى مَا لاَ يَلْزَمُهُ لَهَا قَالَ وَإِذَا جَازَ مَا أَخَذَ مِنْ الْمَالِ عَلَى الْخُلْعِ وَالطَّلاَقُ فِيهِ وَاقِعٌ فَلاَ يَمْلِكُ الزَّوْجُ فِيهِ الرَّجْعَةَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} وَلاَ تَكُونُ مُفْتَدِيَةً وَلَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ وَلاَ يَمْلِكُ الْمَالَ وَهُوَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا بِعِوَضٍ أَعْطَاهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ يَمْلِكُ مَا خَرَجَ مِنْهُ وَأَخَذَ الْمَالَ عَلَيْهِ. قَالَ وَلَوْ خَالَعَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا بِأَلْفٍ وَدَفَعَتْهَا إلَيْهِ ثُمَّ أَقَامَتْ بَيِّنَةً أَوْ أَقَرَّ أَنَّ نِكَاحَهَا كَانَ فَاسِدًا أَوْ أَنَّهُ قَدْ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا قَبْلَ الْخُلْعِ أَوْ تَطْلِيقَةً لَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا أَوْ خَالَعَهَا وَلَمْ يُجَدِّدْ لَهَا نِكَاحًا رَجَعَتْ عَلَيْهِ فِي كُلِّ هَذَا بِمَا أَخَذَ مِنْهَا قَالَ وَهَكَذَا لَوْ خَالَعَتْهُ ثُمَّ وَجَدَ نِكَاحَهَا فَاسِدًا كَانَ الْخُلْعُ بَاطِلاً وَتَرْجِعُ بِمَا أَخَذَ مِنْهَا وَلاَ نِكَاحَ بَيْنَهُمَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: جِمَاعُ مَعْرِفَةِ مَا يَجُوزُ خُلْعُهُ مَا النِّسَاءِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى كُلِّ مَنْ جَازَ أَمْرُهُ فِي مَالِهِ فَنُجِيزُ خُلْعَهُ وَمَنْ لَمْ يَجُزْ أَمْرُهُ فِي مَالِهِ فَنَرُدُّ خُلْعَهُ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَبِيَّةً لَمْ تَبْلُغْ أَوْ بَالِغًا لَيْسَتْ بِرَشِيدَةٍ أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا أَوْ مَغْلُوبَةً عَلَى عَقْلِهَا فَاخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِشَيْءٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَكُلُّ مَا أَخَذَ مِنْهَا مَرْدُودٌ عَلَيْهَا وَمَا طَلَّقَهَا عَلَى مَا أَخَذَ مِنْهَا وَاقِعٌ عَلَيْهَا وَهَذَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَإِذَا بَطَلَ مَا أَخَذَ مَلَكَ الرَّجْعَةَ فِي الطَّلاَقِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا أَوْ تَطْلِيقَةً لَمْ يَكُنْ بَقِيَ لَهُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا. قَالَ وَهَكَذَا إنْ خَالَعَ عَنْهَا وَلِيُّهَا بِأَمْرِهَا مِنْ مَالِهَا كَانَ أَوْ غَيْرُهُ فَالْمَالُ مَرْدُودٌ وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهَا مِنْ مَالِهَا فَإِنْ فَعَلَ فَالطَّلاَقُ وَاقِعٌ وَالْخُلْعُ مَرْدُودٌ عَلَيْهَا وَلَوْ خَالَعَ عَنْهَا وَهِيَ صَبِيَّةٌ بِأَنْ أَبْرَأَ زَوْجَهَا مِنْ مَهْرِهَا أَوْ دَيْنٍ لَهَا عَلَيْهِ أَوْ أَعْطَاهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا كَانَ الطَّلاَقُ الَّذِي وَقَعَ بِالْمَالِ وَاقِعًا عَلَيْهَا وَكَانَ مَالُهَا الَّذِي دَفَعَتْهُ إلَيْهِ مَرْدُودًا عَلَيْهَا وَحَقُّهَا ثَابِتٌ عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ وَغَيْرِهِ وَلاَ يَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْ شَيْءٍ مِمَّا أَبْرَأَهُ مِنْهُ الْأَبُ وَالْوَلِيُّ غَيْرُ الْأَبِ. قَالَ وَلَوْ كَانَ أَبُو الصَّغِيرَةِ وَوَلِيُّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا خَالَعَ عَنْهَا بِأَنْ أَبْرَأَهُ مِنْ صَدَاقِهَا وَهُوَ يَعْرِفُهُ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ لِمَا أَدْرَكَهُ فِيهِ كَانَ صَدَاقُهَا عَلَى الزَّوْجِ يُؤْخَذُ بِهِ وَيَرْجِعُ بِهِ الزَّوْجُ عَلَى الَّذِي ضَمِنَهُ أَيًّا كَانَ أَوْ وَلِيًّا أَوْ أَجْنَبِيًّا وَلاَ يَرْجِعُ بِهِ الضَّامِنُ عَلَى الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ ضَمِنَ عَنْهَا مُتَطَوِّعًا فِي غَيْرِ نَظَرٍ لَهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ كَانَ دَفَعَ إلَى الزَّوْجِ عَبْدًا مِنْ مَالِهَا عَلَى أَنْ ضَمِنَ لَهُ مَا أَدْرَكَهُ فِي الْعَبْدِ فَالْعَبْدُ مَرْدُودٌ عَلَيْهَا وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الضَّامِنِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَ لَهُ الْعَبْدَ لاَ غَيْرَهُ وَلاَ يُشْبِهُ الضَّامِنُ الْبَائِعَ وَلاَ الْمُخْتَلِعَةَ وَقَدْ قِيلَ لَهُ صَدَاقُ مِثْلِهَا وَإِنْ أَفْلَسَ الضَّامِنُ فَالزَّوْجُ غَرِيمٌ لَهُ وَلاَ يَرْجِعُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِحَالٍ. قَالَ وَلاَ يَجُوزُ خُلْعُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا بِحَالٍ إلَّا بِأَنْ يَتَطَوَّعَ عَنْهَا أَحَدٌ يَجُوزُ أَمْرُهُ فِي مَالِهِ فَيُعْطِي الزَّوْجَ شَيْئًا عَلَى أَنْ يُفَارِقَهَا فَيَجُوزُ لِلزَّوْجِ قَالَ وَالذِّمِّيَّةُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا فِي هَذَا كَالْمُسْلِمَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا قَالَ وَالْأَمَةُ هَكَذَا وَفِي أَكْثَرَ مِنْ هَذَا لِأَنَّهَا لاَ تَمْلِكُ شَيْئًا بِحَالٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ رَشِيدَةً بَالِغًا أَوْ سَفِيهَةً مَحْجُورًا عَلَيْهَا لاَ يَجُوزُ خُلْعُهَا بِحَالٍ إلَّا أَنْ يُخَالِعَ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَوْ مَنْ يَجُوزُ أَمْرُهُ فِي مَالِ نَفْسِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مُتَطَوِّعًا بِهِ فَيَجُوزُ لِلزَّوْجِ قَالَ وَإِنْ أَذِنَ لَهَا سَيِّدُهَا بِشَيْءٍ تَخْلَعُهُ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ. قَالَ وَلاَ يَجُوزُ مَا جَعَلَتْ الْمُكَاتَبَةُ عَلَى الْخُلْعِ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا الَّذِي كَاتَبَهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ لَهُ فَيَجُوزُ إذْنُهُ فِيهِ وَلاَ لَهَا فَيَجُوزُ مَا صَنَعْت فِي مَالِهَا. قَالَ وَلاَ يَجُوزُ خُلْعُ زَوْجٍ حَتَّى يَجُوزَ طَلاَقُهُ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا غَيْرَ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ، فَإِذَا كَانَ غَيْرَ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ فَخُلْعُهُ جَائِزٌ مَحْجُورًا عَلَيْهِ كَانَ أَوْ رَشِيدًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مَمْلُوكًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ طَلاَقَهُ جَائِزٌ، فَإِذَا جَازَ طَلاَقُهُ بِلاَ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ كَانَ أَخْذُهُ مَا أَخَذَ عَلَيْهِ فَضْلاً أَوْلَى أَنْ يَجُوزَ مِنْ طَلاَقِهِ بِلاَ شَيْءٍ وَهُوَ فِي الْخُلْعِ كَالْبَالِغِ الرَّشِيدِ فَلَوْ كَانَ مَهْرُ امْرَأَتِهِ أَلْفًا وَخَالَعَتْهُ بِدِرْهَمٍ جَازَ عَلَيْهِ وَلِوَلِيِّ الْمَحْجُورِ أَنْ يَلِيَ عَلَيْهِ مَا أَخَذَ بِالْخُلْعِ لِأَنَّهُ مَالٌ مِنْ مَالِهِ وَمَا أَخَذَ الْعَبْدُ بِالْخُلْعِ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ قَالَ فَإِنْ اسْتَهْلَكَا مَا أَخَذَا قَبْلَ إذْنِ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ وَسَيِّدِ الْعَبْدِ لَهُ رَجَعَ وَلِيُّ الْمَحْجُورِ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ بِهِ عَلَى الْمُخْتَلِعَةِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ حَقٌّ لَزِمَهَا لَهُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَوْ أَرْشُ جِنَايَةٍ فَدَفَعَتْهُ إلَيْهِ رَجَعَ بِهِ وَلِيُّهُ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ عَلَيْهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ خَلَعَ أَبُو الصَّبِيِّ أَوْ الْمَعْتُوهِ أَوْ وَلِيُّهُ عَنْهُ امْرَأَتَهُ أَوْ أَبَا امْرَأَتِهِ فَالْخُلْعُ بَاطِلٌ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ، وَمَا أَخَذَا مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ وَلِيِّهَا عَلَى الْخُلْعِ فَهُوَ مَرْدُودٌ كُلُّهُ وَهِيَ امْرَأَتُهُ بِحَالِهَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ فَخَالَعَ عَنْ نَفْسِهِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ بِحَالِهَا، وَكَذَلِكَ سَيِّدُ الْعَبْدِ إنْ خَالَعَ عَنْ عَبْدِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّ الْخُلْعَ طَلاَقٌ فَلاَ يَكُونُ لِأَحَدٍ أَنْ يُطَلِّقَ عَنْ أَحَدٍ أَبٍ وَلاَ سَيِّدٍ وَلاَ وَلِيٍّ وَلاَ سُلْطَانٍ إنَّمَا يُطَلِّقُ الْمَرْءُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ نَفْسِهِ إذَا امْتَنَعَ هُوَ أَنْ يُطَلِّقَ وَكَانَ مِمَّنْ لَهُ طَلاَقٌ وَلَيْسَ الْخُلْعُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى بِسَبِيلٍ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَالْخُلْعُ فِي الْمَرَضِ وَالصِّحَّةِ جَائِزٌ كَمَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْمَرَضِ وَالصِّحَّةِ وَسَوَاءٌ أَيَّهُمَا كَانَ الْمَرِيضُ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ هُمَا مَعًا وَيَلْزَمُهُ فِيهِ مَا سَمَّى الزَّوْجُ مِنْ الطَّلاَقِ قَالَ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ الْمَرِيضُ فَخَالَعَهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا مَا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَإِنْ مَاتَ مِنْ الْمَرَضِ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا بِلاَ شَيْءٍ كَانَ الطَّلاَقُ جَائِزًا قَالَ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمَرِيضَةُ وَهُوَ صَحِيحٌ أَوْ مَرِيضٌ فَسَوَاءٌ وَإِنْ خَالَعَتْهُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ، وَإِنْ خَالَعَتْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ مَرَضِهَا قَبْلَ أَنْ تَصِحَّ جَازَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا مِنْ الْخُلْعِ وَكَانَ الْفَضْلُ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَصِيَّةً يُحَاصَّ أَهْلَ الْوِصَايَةِ بِهَا وَلاَ تَرِثُ الْمُخْتَلِعَةُ فِي الْمَرَضِ وَلاَ فِي الصِّحَّةِ زَوْجَهَا وَلاَ يَرِثُهَا وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ. قَالَ وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ دَارٍ بِعَيْنِهَا وَقِيمَةُ الْعَبْدِ وَالدَّارِ مِائَةٌ وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ مَرَضِهَا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي أَنْ يَكُونَ لَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ أَوْ الدَّارِ أَوْ يَرْجِعَ بِمَهْرِ مِثْلِهَا نَقْدًا كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهُ كَانَ لَهُ إنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ قَالَ الرَّبِيعُ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ إنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهُ أَنَّ الصَّفْقَةَ بَاطِلَةٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا جَمَعَتْ شَيْئَيْنِ أَحَدَهُمَا حَرَامٌ وَالْآخَرَ حَلاَلٌ فَبَطَلَتْ كُلُّهَا، وَهَكَذَا الْخُلْعُ عَلَى عَبْدٍ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ لِأَنَّ الْخُلْعَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ وَلَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا وَالْعَبْدُ مَرْدُودٌ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْمَرْأَةِ مِيرَاثٌ أَوْ كَانَ الزَّوْجُ بِحَالِهِ أَصَابَ مِنْهُ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مِثْلَ صَدَاقِ مِثْلِهَا أَوْ الصَّدَاقُ الَّذِي أَعْطَاهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ إنَّمَا الْخُلْعُ كَالْبَيْعِ، أَلاَ تَرَى أَنَّ الْخُلْعَ يَفْسُدُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا يَرْجِعُ فِي الْبُيُوعِ الْفَائِتَةِ الْفَاسِدَةِ بِقِيمَةِ السِّلْعَةِ وَمَالِ الْمِيرَاثِ وَهُوَ لاَ يَمْلِكُ حَتَّى تَمُوتَ الْمَرْأَةُ وَهُوَ زَوْجٌ وَالْخُلْعُ الَّذِي هُوَ عِوَضٌ مِنْ الْبُضْعِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: جِمَاعُ مَا يَجُوزُ بِهِ الْخُلْعُ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى كُلِّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْخُلْعُ فَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا فَالْخُلْعُ بِهِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ لاَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا فَهُوَ مَرْدُودٌ وَكَذَلِكَ إنْ صَلَحَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْجِرًا فَهُوَ كَالْمَبِيعِ. قَالَ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يُخَالِعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ بِجَنِينٍ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَوْ عَبْدٍ آبِقٍ أَوْ طَائِرٍ فِي السَّمَاءِ أَوْ حُوتٍ فِي مَاءٍ أَوْ بِمَا فِي يَدِهِ أَوْ بِمَا فِي يَدِهَا وَلاَ يَعْرِفُ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ أَوْ بِثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهَا عَلَى أَنْ يَتْرُكَ أَوْ بِعَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلاَ صِفَةٍ أَوْ بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَى مَيْسَرَةٍ أَوْ إلَى مَا شَاءَ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ أَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَى هَذَا أَوْ يُخَالِعُهَا بِحُكْمِهِ أَوْ بِمَا شَاءَ فُلاَنٌ أَوْ بِمَالِهَا كُلِّهِ وَهُوَ لاَ يَعْرِفُهُ أَوْ بِمَا فِي بَيْتِهَا وَهُوَ لاَ يَعْرِفُهُ. قَالَ وَإِذَا وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَى هَذَا فَالطَّلاَقُ وَاقِعٌ لاَ يُرَدُّ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا أَبَدًا بِمَهْرِ مِثْلِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ أَوْ دَارِ رَجُلٍ فَسَلَّمَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوْ الدَّارَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْبَيْعَ كَانَ لاَ يَجُوزُ فِيهِمَا حِينَ عُقِدَ وَهَكَذَا إنْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ أَوْ وَجَدَ حُرًّا أَوْ مُكَاتَبًا رَجَعَ عَلَيْهَا بِصَدَاقِ مِثْلِهَا لاَ قِيمَةِ مَا خَالَعَهَا عَلَيْهِ وَلاَ مَا أَخَذَتْ مِنْهُ مِنْ الْمَهْرِ كَمَا يَشْتَرِي الشَّيْءَ شِرَاءً فَاسِدًا فَيَهْلِكُ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى الْفَائِتِ لاَ بِقِيمَةِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ وَالطَّلاَقُ لاَ يَرْجِعُ فَهُوَ كَالْمُسْتَهْلِكِ فَيَرْجِعُ بِمَا فَاتَ مِنْهُ وَقِيمَةُ مَا فَاتَ مِنْهُ صَدَاقُ مِثْلِهَا كَقِيمَةِ السِّلْعَةِ الْفَائِتَةِ. قَالَ وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ كَانَ الزَّوْجُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ وَيَرْجِعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ يَرُدَّ الْعَبْدَ وَيَرْجِعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا كَحُكْمِهِ لَوْ اشْتَرَاهُ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهُ قَالَ الرَّبِيعُ وَقَوْلُ الشَّافِعِيُّ الَّذِي نَأْخُذُ بِهِ إنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ بَطَلَ كُلُّهُ وَرَجَعَ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا. قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ سُكْنَاهَا كَانَ الطَّلاَقُ وَاقِعًا وَكَانَ مَا اخْتَلَعَتْ بِهِ غَيْرَ جَائِزٍ لِأَنَّ إخْرَاجَهَا مِنْ الْمَسْكَنِ مُحَرَّمٌ وَلَهَا السُّكْنَى وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا رَضَاعَ ابْنِهَا وَقْتًا مَعْلُومًا كَانَ جَائِزًا لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَصِحُّ عَلَى الرَّضَاعِ بِوَقْتٍ مَعْلُومٍ فَلَوْ مَاتَ الْمَوْلُودُ وَقَدْ مَضَى نِصْفُ الْوَقْتِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا وَلَوْ لَمْ تُرْضِعْ الْمَوْلُودَ حَتَّى مَاتَ أَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا أَوْ هَرَبَتْ مِنْهُ حَتَّى مَضَى الرَّضَاعُ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنَّمَا قُلْت إذَا مَاتَ الْمَوْلُودُ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَلَمْ أَقُلْ يَأْتِيهَا بِمَوْلُودٍ مِثْلِهِ تُرْضِعُهُ كَمَا يَتَكَارَى مِنْهَا الْمَنْزِلَ فَيُسْكِنُهُ غَيْرَهُ وَالدَّابَّةَ فَتَحْمِلُ عَلَيْهَا وَرَثَتُهُ غَيْرَهُ إذَا مَاتَ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ هُوَ وَهُوَ حَيٌّ لِأَنَّ إبْدَالَهُ مِثْلِهَا مِمَّنْ يَسْكُنُ سَكَنَهُ وَيَرْكَبُ رُكُوبَهُ سَوَاءٌ لاَ يُفَرَّقُ السَّكَنُ وَلاَ الدَّابَّةُ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ الْمَرْأَةَ تُدِرُّ عَلَى الْمَوْلُودِ وَلاَ تُدِرُّ عَلَى غَيْرِهِ وَيَقْبَلُ الْمَوْلُودُ ثَدْيَهَا وَلاَ يَقْبَلُهُ غَيْرُهُ ويستمريه مِنْهَا وَلاَ يستمريه مِنْ غَيْرِهَا وَلاَ تُرَى أُمَّهُ وَلاَ تَطِيبُ نَفْسُهَا لَهُ وَلَيْسَ هَذَا فِي دَارٍ وَلاَ دَابَّةٍ يَرْكَبُهَا رَاكِبٌ وَلاَ يَسْكُنُهَا سَاكِنٌ. قَالَ وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِأَنَّ عَلَيْهَا مَا يُصْلِحُ الْمَوْلُودَ مِنْ نَفَقَةٍ وَشَيْءٍ إنْ نَابَهُ وَقْتًا مَعْلُومًا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ مَا يَنُوبُهُ مَجْهُولٌ لِمَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ مَرَضٍ وَغَيْرِهِ. وَكَذَلِكَ نَفَقَتُهُ إلَّا أَنْ تُسَمَّى مَكِيلَةً مَعْلُومَةً وَدَرَاهِمَ مَعْلُومَةً تَخْتَلِعُ مِنْهُ بِهَا وَيَأْمُرُهَا بِنَفَقَتِهَا عَلَيْهِ وَيَصْدُقُهَا بِهَا أَوْ يَدْفَعُهَا إلَى غَيْرِهِ أَوْ يُوَكِّلُ غَيْرَهَا بِهَا فَيَقْبِضُهَا فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ فَإِنْ وَكَّلَ غَيْرَهَا بِأَنْ يَقْبِضَهَا إذَا احْتَاجَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ حَاجَتَهُ قَدْ تُقَدَّمُ وَتُؤَخَّرُ وَتَكْثُرُ وَتَقِلُّ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنْ قَبَضَ مِنْهَا مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ شَيْئًا لاَ يَجُوزُ رَدُّهُ عَلَيْهَا أَوْ مِثْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ أَوْ قِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ. قَالَ وَهَكَذَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى نَفَقَةٍ مَعْلُومَةٍ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ وَأَنْ تُكَفِّنَهُ وَتَدْفِنَهُ إنْ مَاتَ أَوْ نَفَقَتِهِ وَجُعْلِ طَبِيبٍ إنْ مَرِضَ لِأَنَّ هَذَا يَكُونُ وَلاَ يَكُونُ وَتَكُونُ نَفَقَةُ الْمَرَضِ مَجْهُولَةً وَجُعْلُ الطَّبِيبِ فَإِذَا أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ وَانْفَسَخَ الشَّرْطُ وَكَانَ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلِهَا. قَالَ وَلَوْ خَالَعَهَا بِسُكْنَى دَارٍ لَهَا سَنَةً مَعْلُومَةً أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ سَنَةً مَعْلُومَةً جَازَ الْخُلْعُ فَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا. قَالَ وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِمَا فِي بَيْتِهَا مِنْ مَتَاعٍ فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا يَعْرِفَانِ جَمِيعَ مَا فِي بَيْتِهَا وَلاَ بَيْتَ لَهَا غَيْرَهُ أَوْ سَمَّيَا الْبَيْتَ بِعَيْنِهِ جَازَ وَإِنْ كَانَا أَوْ أَحَدُهُمَا لاَ يَعْرِفُهُ أَوْ كَانَ لَهَا بَيْتٌ غَيْرُهُ فَلَمْ يُسَمِّيَا الْبَيْتَ وَإِنْ عَرَفَا مَا فِيهِ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَلَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا. قَالَ وَإِنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِالْحِسَابِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَتْ تَعْرِفُهُ وَيَعْرِفُهُ جَازَ وَإِنْ كَانَا يَجْهَلاَنِهِ وَقَعَ الْخُلْعُ وَلَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ عَرَفَهُ أَحَدُهُمَا وَادَّعَى الْآخَرُ جَهَالَتَهُ تَحَالَفَا وَلَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ عَرَفَاهُ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ كَانَ فِي الْبَيْتِ شَيْءٌ فَأُخْرِجَ مِنْهُ أَوْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ شَيْءٌ فَأَدْخَلَهُ تَحَالَفَا وَلَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلِهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا خَالَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا قَبَضَتْ مِنْهُ الصَّدَاقَ أَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ فَإِنْ كَانَتْ خَالَعَتْهُ عَلَى دَارٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ شَيْءٍ أَوْ دَنَانِيرَ مُسَمَّاةٍ أَوْ شَيْءٍ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخُلْعُ وَلَمْ يَذْكُرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْمَهْرَ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَلاَ يَدْخُلُ الْمَهْرُ فِي شَيْءِ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهَا الْمَهْرَ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَهُوَ لَهَا لاَ يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ إلَيْهَا فَالْمَهْرُ لَهَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَقَدْ دَفَعَ الْمَهْرَ إلَيْهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْمَهْرِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْ مِنْهُ شَيْئًا إلَيْهَا أَخَذَتْ مِنْهُ نِصْفَ الْمَهْرِ وَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ فَاسِدًا أَخَذَتْ مِنْهُ نِصْفَ مَهْرِ مِثْلِهَا قَالَ وَالْخُلْعُ وَالْمُبَارَأَةُ وَالْفِدْيَةُ سَوَاءٌ كُلُّهُ فِي هَذَا إذَا أُرِيدَ بِهِ الْفِرَاقُ وَلاَ يَخْتَلِفُ وَكَذَلِكَ الطَّلاَقُ عَلَى شَيْءٍ مَوْصُوفٍ. قَالَ وَإِنْ تَخَالَعَا وَقَدْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا وَلَمْ يَذْكُرَاهُ فَهُوَ كَمَا وَصَفْتُ، لَهَا الصَّدَاقُ إنْ دَخَلَ وَنِصْفُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ فَاسِدًا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إنْ دَخَلَ وَنِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى صَدَاقًا فَلَهَا الْمُتْعَةُ وَالْخُلْعُ جَائِزٌ. قَالَ فَإِنْ قَالَتْ أُبَارِئُك عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَأَدْفَعُهَا إلَيْك فَهُوَ كَقَوْلِهَا أُخَالِعُكَ وَإِنْ قَالَتْ أُبَارِئُك عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ عَلَى أَنْ لاَ تَبَاعَةَ لِوَاحِدٍ مِنَّا عَلَى صَاحِبِهِ فَتَصَادَقَا عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الصَّدَاقِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَتَصَادَقَا وَأَرَادَ الْبَرَاءَةَ مِنْ الصَّدَاقِ وَقَالَتْ لَمْ أُبَرِّئْك مِنْهُ تَحَالَفَا وَكَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَيْسَ هَذَا كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا الْمُبَارَأَةُ هَهُنَا مُطْلَقَةٌ عَلَى الْمُبَارَأَةِ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ وَالْمُبَارَأَةُ هَهُنَا عَلَى أَنْ لاَ تَبَاعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ تَحْتَمِلُ عَقْدَ النِّكَاحِ وَالْمَالِ فَلِذَلِكَ جَعَلْنَا هَذَا مُبَارَأَةً مَجْهُولَةً وَرَدَدْنَاهَا إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فِيهَا إذَا تَنَاكَرَا فِي الصَّدَاقِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَإِذَا اخْتَلَعَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَلَمْ تَدْفَعْهُ إلَيْهِ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا يَرْجِعُ لَوْ اشْتَرَاهُ مِنْهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ رَجَعَ عَلَيْهَا بِثَمَنِهِ الَّذِي قَبَضَتْ مِنْهُ وَيُنْتَقَضُ فِيهِ الْبَيْعُ، وَلَوْ قَبَضَهُ مِنْهَا ثُمَّ غَصَبَتْهُ إيَّاهُ أَوْ قَتَلَتْهُ كَانَ لَهُ عَلَيْهَا قِيمَتُهُ وَكَانَ كَعَبْدٍ لَهُ لَمْ تَمْلِكْهُ قَطُّ جَنَتْ عَلَيْهِ أَوْ غَصَبَتْهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ عَرَضٍ فَمَاتَ أَوْ تَلِفَ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى دَارٍ فَاحْتَرَقَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي أَنْ يَرْجِعَ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ تَكُونَ لَهُ الْعَرْصَةُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَتْ حِصَّتُهَا مِنْ الثَّمَنِ النِّصْفَ كَانَتْ لَهُ بِهِ وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا. قَالَ وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِعَبْدٍ مَعِيبٍ فَرَدَّهُ بِالْعَيْبِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا، وَلَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى ثَوْبٍ وَشَرَطَتْ أَنَّهُ هَرَوِيٌّ فَإِذَا هُوَ غَيْرُ هَرَوِيٍّ فَرَدَّهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَمَا شَرَطَتْ رَجَعَ عَلَيْهَا بِالْمَهْرِ وَالْخُلْعُ فِي كُلِّ مَا وَصَفْت كَالْبَيْعِ لاَ يَخْتَلِفُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَإِذَا كَانَتْ لِلرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَقَالَتَا لَهُ طَلِّقْنَا مَعًا بِأَلْفٍ لَك عَلَيْنَا فَطَلَّقَهُمَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لَزِمَهُ الطَّلاَقُ وَهُوَ بَائِنٌ لاَ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ وَالْقَوْلُ فِي الْأَلْفِ وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ فَمَنْ أَجَازَ أَنْ يَنْكِحَ امْرَأَتَيْنِ مَعًا بِمَهْرٍ مُسَمًّى فَيَكُونَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَهْرِ مِثْلِهِمَا أَجَازَ هَذَا وَجَعَلَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِنْ الْأَلْفِ بِقَدْرِ مَهْرِ مِثْلِهَا كَانَ مَهْرُ مِثْلِ إحْدَاهُمَا مِائَةً وَالْأُخْرَى مِائَتَيْنِ فَعَلَى الَّتِي مَهْرُ مِثْلِهَا مِائَةٌ ثُلُثُ الْأَلْفِ وَاَلَّتِي مَهْرُ مِثْلِهَا مِائَتَانِ ثُلُثَاهَا. قَالَ وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ فَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فِي وَقْتِ الْخِيَارِ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلاَقُ وَكَانَتْ عَلَيْهَا حِصَّتُهَا مِنْ الْأَلْفِ ثُمَّ إنْ طَلَّقَ الْأُخْرَى قَبْلَ مُضِيِّ وَقْتِ الْخِيَارِ لَزِمَهَا الطَّلاَقُ وَكَانَتْ عَلَيْهَا حِصَّتُهَا مِنْ الْأَلْفِ، وَإِنْ مَضَى وَقْتُ الْخِيَارِ فَطَلَّقَهَا لَزِمَهَا الطَّلاَقُ وَهُوَ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ وَلاَ شَيْءَ لَهُ مِنْ الْأَلْفِ وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا فِي وَقْتِ الْخِيَارِ وَلَمْ يُطَلِّقْ الْأُخْرَى حَتَّى يَمْضِيَ وَقْتُ الْخِيَارِ لَزِمَ الَّتِي طَلَّقَ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ حِصَّتُهَا مِنْ الْأَلْفِ وَكَانَ طَلاَقًا بَائِنًا وَلَمْ يَلْزَمْ الَّتِي طَلَّقَ بَعْدَ وَقْتِ الْخِيَارِ شَيْءٌ وَكَانَ يَمْلِكُ فِي طَلاَقِهَا الرَّجْعَةَ قَالَ وَلَهُ أَنْ لاَ يُطَلِّقَهَا فِي وَقْتِ الْخِيَارِ وَلاَ بَعْدُ، وَإِنْ أَرَادَتَا الرُّجُوعَ فِيمَا جَعَلَتَا لَهُ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ هُوَ لَهُمَا إنْ أَعْطَيْتُمَانِي أَلْفًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ فَإِذَا مَضَى فَأَعْطَيَاهُ أَلْفًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَهُمَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَبْتَدِئَ لَهُمَا طَلاَقًا. قَالَ وَإِنْ قَالَتَا طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهُمَا ثُمَّ ارْتَدَّتَا لَزِمَتْهُمَا الْأَلْفُ بِالطَّلاَقِ وَأُخِذَتْ مِنْهُمَا قَالَ وَلَوْ قَالَتَا هَذَا لَهُ ثُمَّ ارْتَدَّتَا فَطَلَّقَهُمَا بَعْدَ الرِّدَّةِ وَقَفَ الطَّلاَقُ فَإِنْ رَجَعَتَا إلَى الْإِسْلاَمِ فِي الْعِدَّةِ لَزِمَتْهُمَا وَكَانَتَا طَالِقَيْنِ بِاثْنَتَيْنِ لاَ يَمْلِكُ رَجْعَتَهُمَا وَعِدَّتُهُمَا مِنْ يَوْمِ تَكَلَّمَ بِالطَّلاَقِ لاَ مِنْ يَوْمِ ارْتَدَّتَا وَلاَ مِنْ يَوْمِ رَجَعَتَا إلَى الْإِسْلاَمِ وَإِنْ لَمْ تَرْجِعَا إلَى الْإِسْلاَمِ حَتَّى تَمْضِيَ الْعِدَّةُ أَوْ تُقْتَلاَ أَوْ تَمُوتَا لَمْ يَقَعْ الطَّلاَقُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ الْأَلْفِ شَيْءٌ. قَالَ وَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ مَحْجُورَتَانِ فَقَالَتَا طَلِّقْنَا عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَهُمَا فَالطَّلاَقُ لاَزِمٌ وَهُوَ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ جَاءَ عَلَى طَلاَقِهِمَا كُلِّهِ وَلاَ شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِمَا مِنْ الْأَلْفِ قَالَ وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَحْجُورًا عَلَيْهَا وَالْأُخْرَى غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا لَزِمَهُمَا الطَّلاَقُ وَطَلاَقُ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا جَائِزٌ بَائِنٌ وَعَلَيْهَا حِصَّتُهَا مِنْ الْأَلْفِ وَطَلاَقُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ إذَا أَبْطَلَتْ مَالَهُ بِكُلِّ حَالٍ جَعَلَتْ الطَّلاَقَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ هُوَ أَنْ لاَ يَمْلِكَ الرَّجْعَةَ أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنٌ كَانَتْ وَاحِدَةً يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ. قَالَ وَلَوْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ أَمَةً فَخَالَعَهَا كَانَتْ التَّطْلِيقَةُ بَائِنًا وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهَا مَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهَا السَّيِّدُ وَيَتْبَعْهَا بِالْخُلْعِ إذَا عَتَقَتْ وَإِنَّمَا أَبْطَلْته عَنْهَا فِي الرِّقِّ لِأَنَّهَا لاَ تَمْلِكُ شَيْئًا كَمَا أَبْطَلْته عَنْ الْمُفْلِسِ حَتَّى يُوسِرَ فَلَوْ خَلَعَ رَجُلٌ امْرَأَةً لَهُ مُفْلِسَةً كَانَ الْخُلْعُ فِي ذِمَّتِهَا إذَا أَيْسَرَتْ لِأَنِّي لَمْ أُبْطِلْهُ مِنْ جِهَةِ الْحَجْرِ فَيَبْطُلُ بِكُلِّ حَالٍ. قَالَ وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ اخْتَلِعِي عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنْ أُعْطِيَك هَذَا الْعَبْدَ فَمَنْ أَجَازَ نِكَاحًا وَبَيْعًا مَعًا أَجَازَ هَذَا الْخُلْعَ وَجَعَلَ الْعَبْدَ مَبِيعًا وَمَهْرُ مِثْلِهَا بِأَلْفٍ كَأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ أَلْفٌ وَقِيمَةَ مَهْرِ مِثْلِهَا أَلْفٌ فَالْعَبْدُ مَبِيعٌ بِخَمْسِمِائَةٍ فَإِذَا وَجَدَتْ بِهِ عَيْبًا فَمَنْ قَالَ إذَا جَمَعَتْ الصَّفْقَةُ شَيْئَيْنِ لَمْ يُرَدَّا إلَّا مَعًا فَرَدَّتْ الْعَبْدَ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَكَانَ لَهَا الْأَلْفُ يُحَاصُّهَا بِهَا. وَمَنْ قَالَ إذَا جَمَعَتْ الصَّفْقَةُ شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ رُدَّ أَحَدُهُمَا بِعَيْبِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ رَدَّهُ بِخَمْسِمِائَةٍ قَالَ وَقَدْ يَفْتَرِقُ هَذَا وَالْبَيْعُ لِأَنَّ أَصْلَ مَا عُقِدَ هَذَا عَلَيْهِ أَنَّ الطَّلاَقَ لاَ يُرَدُّ بِحَالٍ فَيَجُوزُ لِمَنْ قَالَ لاَ يُرَدُّ الْبَيْعُ إلَّا مَعًا أَنْ يُرَدَّ الْعَبْدُ بِخَمْسِمِائَةٍ مِنْ الثَّمَنِ وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ. قَالَ وَإِذَا كَانَتْ لِلرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَقَالَتْ إحْدَاهُمَا طَلِّقْنِي وَفُلاَنَةَ عَلَى أَنَّ لَك عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ فَالْأَلْفُ لِلَّتِي خَاطَبَهُ لاَزِمَةٌ يَتْبَعُهَا بِهَا وَهَكَذَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَهُ أَجْنَبِيٌّ فَإِنْ طَلَّقَ الَّتِي لَمْ تُخَاطِبْهُ وَأَمْسَكَ الَّتِي خَاطَبَتْهُ لَزِمَتْ الْمُخَاطَبَةَ حِصَّةُ الَّتِي طَلُقَتْ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ أَنْ يَقْسِمَ الصَّدَاقَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَيُلْزِمُهَا حِصَّةَ مَهْرِ مِثْلِ مُطَلَّقَةٍ قَالَ وَهَكَذَا لَوْ قَالَ هَذَا لَهُ أَجْنَبِيٌّ. قَالَ وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ فَقَالَتْ لَهُ إحْدَاهُمَا لَك عَلَيَّ إنْ طَلَّقْتَنِي أَلْفٌ وَحَبَسْت صَاحِبَتِي فَلَمْ تُطَلِّقْهَا أَبَدًا فَطَلَّقَهَا كَانَ لَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لِفَسَادِ الشَّرْطِ فِي حَبْسِ صَاحِبَتِهَا أَبَدًا وَهُوَ مُبَاحٌ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا قَالَ وَلَوْ قَالَتْ لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَ صَاحِبَتِي وَلاَ تُطَلِّقَنِي أَبَدًا فَأَخَذَهَا رَجَعَتْ بِهَا عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، وَلَوْ قَالَتْ لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَ صَاحِبَتِي وَلاَ تُطَلِّقَنِي أَبَدًا فَطَلَّقَ صَاحِبَتَهَا كَانَ لَهُ عَلَيْهَا مِثْلُ مَهْرِ صَاحِبَتِهَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ الْأَلْفُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ وَكَانَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا مَتَى شَاءَ. قَالَ وَلَوْ قَالَتْ لَهُ لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي وَصَاحِبَتِي فَطَلَّقَهُمَا لَزِمَتْهَا الْأَلْفُ وَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا كَانَ لَهُ مِنْ الْأَلْفِ بِقَدْرِ حِصَّةِ مَهْرِ مِثْلِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْهُمَا. قَالَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ رَجُلاً لَوْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَأَعْطَتَاهُ أَلْفًا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهُمَا فَطَلَّقَهُمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمَا مُهُورُ أَمْثَالِهِمَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ الْأَلْفِ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَتْهُ وَاحِدَةٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا وَيُعْطِيَهَا عَبْدًا لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْعَبْدُ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَأَصْلُ هَذَا إذَا كَانَ مَعَ طَلاَقِ وَاحِدَةٍ شَيْءٌ غَيْرُ طَلاَقِهَا أَوْ شَيْءٌ تَأْخُذُهُ مَعَ طَلاَقِهَا كَانَ الشَّرْطُ بَاطِلاً، وَالطَّلاَقُ وَاقِعٌ وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَأَصْلُ هَذَا إذَا كَانَ مَعَ شَيْءٍ تَأْخُذُهُ مَعَ طَلاَقِهَا فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا. قَالَ وَمَا أَعْطَتْهُ الْمَرْأَةُ عَنْ نَفْسِهَا أَوْ أَعْطَاهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهَا أَنْ يُطَلِّقَهَا فَسَوَاءٌ إذَا كَانَ مَا أَعْطَاهُ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ تَمَّ لَهُ وَجَازَ الطَّلاَقُ وَإِذَا كَانَ مِمَّا لاَ يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ رَجَعَ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ الْمُعْطِيَةُ عَنْ نَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا أَوْ أَعْطَتْ عَنْ غَيْرِهَا أَوْ أَعْطَى عَنْهَا أَجْنَبِيٌّ مَا لَزِمَهَا مِنْ ذَلِكَ فِي نَفْسِهَا لَزِمَهَا فِي غَيْرِهَا وَمَا لَزِمَهَا فِي نَفْسِهَا لَزِمَ الْأَجْنَبِيَّ فِيهَا إذَا أَعْطَاهُ عَنْهَا لاَ يَفْتَرِقُ ذَلِكَ كَمَا يَلْزَمُ مَا يُؤْخَذُ فِي الْبُيُوعِ. قَالَ وَإِذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلرَّجُلِ طَلِّقْنِي ثَلاَثًا وَلَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا فَلَهُ الْأَلْفُ وَإِنْ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُ ثُلُثَا الْأَلْفِ وَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَلَهُ ثُلُثُ الْأَلْفِ وَالطَّلاَقُ بَائِنٌ فِي الْوَاحِدَةِ وَالثِّنْتَيْنِ. قَالَ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلاَقِ إلَّا وَاحِدَةٌ فَقَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي ثَلاَثًا وَلَك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً كَانَتْ لَهُ الْأَلْفُ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ تَقُومُ مَقَامَ الثَّلاَثِ فِي أَنْ تُحَرِّمَهَا عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. قَالَ وَلَوْ كَانَتْ بَقِيَتْ لَهُ عَلَيْهَا اثْنَتَانِ فَقَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي ثَلاَثًا وَلَك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَطَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ الْأَلْف لِأَنَّهَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ بِالِاثْنَتَيْنِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً كَانَ لَهُ ثُلُثَا الْأَلْفِ لِأَنَّهَا تَبْقَى مَعَهُ بِوَاحِدَةٍ وَلاَ تُحَرَّمُ عَلَيْهِ حَتَّى يُطَلِّقَهَا إيَّاهَا فَلاَ تَأْخُذُ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهَا مِنْ الْأَلْفِ. قَالَ وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا كَانَتْ لَهُ الْأَلْفُ وَكَانَ مُتَطَوِّعًا بِالثِّنْتَيْنِ اللَّتَيْنِ زَادَهُمَا. قَالَ وَلَوْ قَالَتْ لَهُ إنْ طَلَّقْتنِي وَاحِدَةً فَلَكَ أَلْفٌ أَوْ أَلْفَانِ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً كَانَ لَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا لِأَنَّ الطَّلاَقَ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ لِي الْخِيَارُ أَنْ أُعْطِيَك أَلْفًا لاَ أُنْقِصَك مِنْهَا أَوْ أَلْفَيْنِ أَوْ لَك الْخِيَارُ أَوْ لِي وَلَك الْخِيَارُ. قَالَ وَلَوْ كَانَتْ بَقِيَتْ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ مِنْ الطَّلاَقِ فَقَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلاَثًا وَاحِدَةً أُحَرَّمُ بِهَا وَاثْنَتَيْنِ إنْ نَكَحْتنِي بَعْدَ الْيَوْمِ كَانَ لَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا إذَا طَلَّقَهَا كَمَا قَالَتْ. قَالَ وَلَوْ قَالَتْ لَهُ إنْ طَلَّقْتنِي فَعَلَيَّ أَنْ أُزَوِّجَك امْرَأَةً تُغْنِيك وَأُعْطِيَك صَدَاقَهَا أَوْ أَيَّ امْرَأَةٍ شِئْت وَأُعْطِيَك صَدَاقَهَا وَسَمَّتْ صَدَاقَهَا أَوْ لَمْ تُسَمِّهِ فَالطَّلاَقُ وَاقِعٌ وَلَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أُجِيزَهُ إذَا سَمَّتْ الْمَهْرَ أَنَّهَا ضَمِنَتْ لَهُ تَزْوِيجَ امْرَأَةٍ قَدْ لاَ تُزَوِّجُهُ فَفَسَدَ الشَّرْطُ فَإِذَا فَسَدَ فَإِنَّمَا لَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا. قَالَ وَهَكَذَا لَوْ قَالَتْ لَهُ إنْ طَلَّقْتنِي وَاحِدَةً فَلَكَ أَلْفٌ وَلَك إنْ خَطَبْتنِي أَنْ أَنْكِحَك بِمِائَةٍ فَطَلَّقَهَا فَلَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا وَلاَ يَكُونُ لَهُ عَلَيْهَا أَنْ تَنْكِحَهُ إنْ طَلَّقَهَا، قَالَ وَهَكَذَا لَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي وَلَك أَلْفٌ وَلَك أَنْ لاَ أَنْكِحَ بَعْدَك أَبَدًا فَطَلَّقَهَا فَلَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَهَا أَنْ تَنْكِحَ مَنْ شَاءَتْ. قَالَ وَإِذَا وَكَّلَ الزَّوْجُ فِي الْخُلْعِ فَالْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ وَالْخُلْعُ جَائِزٌ فَمَنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ وَكِيلاً بِمَالٍ أَوْ خُصُومَةٍ جَازَ أَنْ يَكُونَ وَكِيلاً بِالْخُلْعِ لِلرَّجُلِ وَلِلْمَرْأَةِ مَعًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ مَحْجُورًا أَوْ رَشِيدًا أَوْ ذِمِّيًّا كُلُّ هَؤُلاَءِ تَجُوزُ وَكَالَتُهُ. قَالَ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَ بَالِغٍ وَلاَ مَعْتُوهًا. فَإِنْ فَعَلَ فَالْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ إذَا كَانَ هَذَانِ لاَ حُكْمَ لِكِلَيْهِمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا فِيمَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِلْآدَمِيِّينَ فَلاَ يَلْزَمُهُمَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَا وَكِيلَيْنِ يَلْزَمُ غَيْرَهُمَا بِهِمَا قَوْلٌ. قَالَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُسَمِّيَ الْمُوَكِّلاَنِ مَا يَبْلُغُ الْوَكِيلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرَّجُلُ بِأَنْ يَقُولَ وَكَّلْته بِكَذَا لاَ يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنْهُ، وَالْمَرْأَةُ بِأَنْ يُعْطِيَ عَنْهَا وَكِيلُهَا كَذَا لاَ يُعْطَى أَكْثَرَ مِنْهُ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلاَ جَازَتْ وَكَالَتُهُمَا وَجَازَ لَهُمَا مَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ وَرُدَّ مِنْ فِعْلِهِمَا مَا يُرَدُّ مِنْ فِعْلِ الْوَكِيلِ فَإِنْ أَخَذَ وَكِيلُ الرَّجُلِ مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ وَكِيلِهَا أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَشَاءَ الْمُوَكِّلُ أَنْ يَقْبَلَهُ وَيُجَوِّزُ عَلَيْهِ الْخُلْعَ فَيَكُونُ الطَّلاَقُ فِيهِ بَائِنًا فَعَلَ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهُ فَعَلَ، فَإِذَا رَدَّهُ فَالطَّلاَقُ فِيهِ جَائِزٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالِ فِي حُكْمِ مَنْ اخْتَلَعَ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا لاَ أَنَّهُ قِيَاسٌ عَلَيْهِ. قَالَ وَكَذَلِكَ إنْ خَالَعَهَا بِعَرَضٍ أَوْ بِدَيْنٍ فَشَاءَ أَنْ يَكُونَ لَهُ الدَّيْنُ مَا كَانَ كَانَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ لاَ يَكُونَ لَهُ وَيَلْزَمُهُ الطَّلاَقُ ثُمَّ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ كَانَ. قَالَ وَإِنْ أَخَذَ وَكِيلُ الرَّجُلِ مِنْ الْمَرْأَةِ نَفْسِهَا أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا جَازَ الْخُلْعُ وَكَانَ قَدْ ازْدَادَ لِلَّذِي وَكَّلَهُ. قَالَ وَإِنْ أَعْطَى وَكِيلُ الْمَرْأَةِ عَنْهَا الزَّوْجَ نَفْسَهُ مَهْرَ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ نَقْدًا أَوْ دَيْنًا جَازَ عَلَيْهَا وَإِنْ أَعْطَى عَلَيْهَا دَيْنًا أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَشَاءَتْ لَزِمَهَا وَتَمَّ الْخُلْعُ وَإِنْ شَاءَتْ رُدَّ عَلَيْهَا كُلُّهُ وَلَزِمَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا. وَكَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ امْرَأَةٍ اخْتَلَعَتْ بِمَا لاَ يَجُوزُ أَوْ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَتَلِفَ فَيَلْزَمُهَا مَهْرُ مِثْلِهَا نَقْدًا يَجُوزُ فِي الْخُلْعِ مَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ وَلاَ يَلْزَمُ الزَّوْجُ أَنْ يُؤْخَذَ لَهُ عَرَضٌ وَلاَ دَيْنٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ وَلاَ الْمَرْأَةُ أَنْ يُعْطَى عَلَيْهَا عَرَضٌ وَيُعْطَى عَلَيْهَا دَيْنُ مِثْلٍ أَوْ أَقَلُّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا نَقْدًا. وَإِنَّمَا لَزِمَهَا أَنَّهَا إنْ شَاءَتْ أَدَّتْهُ نَقْدًا وَإِنْ شَاءَتْ حَسِبَتْهُ فَاسْتَفْضَلَتْ تَأْخِيرَهُ وَلَمْ تَزِدْ عَلَيْهَا فِي عَدَدِهِ فَلاَ يَكُونُ الْخُلْعُ لِوَكِيلٍ إلَّا بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ كَمَا لاَ يَكُونُ الْبَيْعُ لِوَكِيلٍ إلَّا بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ. قَالَ وَلاَ يَغْرَمُ وَكِيلُ الْمَرْأَةِ وَلاَ الرَّجُلِ شَيْئًا وَإِنْ تَعَدَّيَا إلَّا أَنْ يُعْطِيَ وَكِيلُ الْمَرْأَةِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَيَتْلَفُ مَا أَعْطَى فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَأَمَّا إذَا كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَيَنْتَزِعُ مِنْهُ لاَ يَغْرَمُ الْوَكِيلُ وَلاَ يُشْبِهُ هَذَا الْبُيُوعَ وَذَلِكَ أَنَّهُ إنْ وَكَّلَهُ بِسِلْعَةٍ فَاشْتَرَاهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا لَزِمَتْهُ السِّلْعَةُ بَيْعًا لِنَفْسِهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ الَّذِي أَعْطَاهُ إنْ لَمْ يَخْتَرْ أَخْذَ السِّلْعَةِ وَالْوَكِيلُ لاَ يَمْلِكُ الْمَرْأَةَ وَلاَ يَرُدُّ الطَّلاَقَ بِحَالٍ وَطَلاَقُهَا كَشَيْءٍ اشْتَرَاهُ لَهَا فَاسْتَهْلَكَتْهُ فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مَجْهُولاً أَوْ فَاسِدًا ضَمِنَتْ قِيمَتَهُ وَلَمْ يَضْمَنْهَا الْوَكِيلُ. قَالَ وَلَوْ وَكَّلَهُ رَجُلٌ بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْ امْرَأَتِهِ مِائَةً وَيُخَالِعَهَا فَأَخَذَ مِنْهَا خَمْسِينَ لَمْ يَجُزْ الْخُلْعُ وَكَانَتْ امْرَأَتُهُ بِحَالِهَا كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتنِي مِائَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ خَمْسِينَ لَمْ تَكُنْ طَالِقًا وَلَوْ وَكَّلَتْ هِيَ رَجُلاً عَلَى أَنْ يُعْطِيَ عَنْهَا مِائَةً عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا زَوْجُهَا فَأَعْطَى عَنْهَا مِائَتَيْنِ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا بِالْمِائَتَيْنِ فَإِنْ قَالَ الْوَكِيلُ لَك مِائَتَا دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَهَا فَطَلَّقَهَا فَالْمِائَتَانِ لاَزِمَةٌ لِلْوَكِيلِ تُؤْخَذُ مِنْهَا الْمِائَةُ الَّتِي وَكَّلَتْهُ بِهَا وَمِائَةً بِضَمَانِهِ إيَّاهَا وَإِنْ كَانَ قَالَ لَهُ لَك مِائَتَا دِينَارٍ مِنْ مَالِ فُلاَنَةَ لاَ أَضْمَنُهَا لَك أَوْ قَالَهُ وَسَكَتَ فَفَعَلَ فَطَلَّقَهَا لَزِمَهَا الْأَكْثَرُ مِنْ الْمِائَةِ الَّتِي وَكَّلَتْ بِهَا الْوَكِيلَ أَوْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَلَمْ يَلْزَمْهَا مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْمِائَتَيْنِ وَلاَ الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ لَهُ شَيْئًا وَلَوْ كَانَ الْوَكِيلُ قَالَ لَهُ طَلِّقْهَا عَلَى أَنْ أُسَلِّمَ لَك مِائَتَيْ دِينَارٍ مِنْ مَالِهَا فَالْوَكِيلُ ضَامِنٌ إنْ لَمْ تُسَلِّمْ ذَلِكَ لَهُ الْمَرْأَةُ أَخَذَ الزَّوْجُ مِنْ مَالِ الْمَرْأَةِ الْأَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ وَمَهْرِ مِثْلِهَا وَرَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْفَضْلِ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِائَتَيْ دِينَارٍ وَلَوْ أَفْلَسَتْ الْمَرْأَةُ كَانَتْ الْمِائَتَا الدِّينَارُ لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالضَّمَانِ بِتَسْلِيمِ الْمِائَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْوَكِيلِ أَبٌ أَوْ أُمٌّ أَوْ وَلِيٌّ أَوْ أَجْنَبِيٌّ لَمْ تُوَكِّلْهُ وَلاَ وَاحِدًا مِنْهُمْ فَقَالَ لِلزَّوْجِ اخْلَعْهَا عَلَى أَنْ أُسَلِّمَ لَك مِنْ مَالِهَا مِائَتَيْ دِينَارٍ فَفَعَلَ الزَّوْجُ ثُمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِائَتَا دِينَارٍ وَلَمْ يَرْجِعْ الْمُتَطَوِّعُ بِالضَّمَانِ عَنْهَا عَلَيْهَا بِشَيْءٍ لِأَنَّهَا لَمْ تُوَكِّلْهُ بِأَنْ يُخَالِعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَإِذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلرَّجُلِ إنْ طَلَّقْتنِي ثَلاَثًا فَلَكَ عَلَيَّ مِائَةٌ فَسَوَاءٌ هُوَ كَقَوْلِ الرَّجُلِ بِعْنِي ثَوْبَك هَذَا بِمِائَةٍ لَك عَلَيَّ أَوْ بِعْنِي ثَوْبَك هَذَا بِمِائَةٍ قَالَ فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا فَلَهُ عَلَيْهَا مِائَةُ دِينَارٍ. قَالَ وَلَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفٍ فَقَالَتْ أَرَدْت فُلُوسًا وَقَالَ هُوَ أَرَدْت دَرَاهِمَ أَوْ قَالَتْ أَرَدْت دَرَاهِمَ وَقَالَ هُوَ أَرَدْت دَنَانِيرَ تَحَالَفَا وَكَانَ لَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا. قَالَ وَلَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي عَلَى أَلْفٍ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ، فَقَالَتْ أَرَدْت طَلِّقْنِي عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَبِي أَوْ أَخِي أَوْ جَارِي أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَالْأَلْفُ لاَزِمَةٌ لَهَا لِأَنَّ الطَّلاَقَ لاَ يُرَدُّ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ كَقَوْلِهَا طَلِّقْنِي عَلَى أَلْفٍ عَلَيَّ. قَالَ وَلَوْ قَالَتْ إنْ طَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَطَلَّقَهَا فِي وَقْتِ الْخِيَارِ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَالطَّلاَقُ بَائِنٌ وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِ الْخِيَارِ لَزِمَهُ الطَّلاَقُ وَهُوَ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ وَلاَ شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا. قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَمْرُك بِيَدِك تُطَلِّقِينَ نَفْسَك إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ قَدْ جَعَلْتُ طَلاَقَكِ إلَيْكِ إنْ ضَمِنْتِ لِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَضَمِنَتْهَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ كَانَتْ طَالِقًا وَكَانَتْ عَلَيْهَا أَلْفٌ وَإِنْ ضَمِنَتْهَا بَعْدَ وَقْتِ الْخِيَارِ لَمْ تَكُنْ طَالِقًا وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَيْءٌ قَالَ وَجِمَاعُ هَذَا إذَا كَانَ الشَّيْءُ يَتِمُّ بِهَا وَبِهِ لَمْ يَجُزْ إلَى مُدَّةٍ وَلَمْ يَجُزْ إلَّا فِي وَقْتِ الْخِيَارِ كَمَا لاَ يَجُوزُ مَا جَعَلَ إلَيْهَا مِنْ أَمْرِهَا إلَّا فِي وَقْتِ الْخِيَارِ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ بِهَا وَبِهِ. قَالَ وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ قَدْ ضَمِنْت لَك أَلْفًا أَوْ أَعْطَتْهُ عَرَضًا بِأَلْفٍ أَوْ نَقْدًا أَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا إلَّا بِأَنْ تُعْطِيَهُ أَلْفًا فِي وَقْتِ الْخِيَارِ فَإِنْ مَضَى وَقْتُ الْخِيَارِ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ أَعْطَتْهُ أَلْفًا إلَّا بِأَنْ يُحْدِثَ لَهَا طَلاَقًا بَعْدُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إذَا دَفَعْت إلَيَّ أَلْفًا فَدَفَعَتْ إلَيْهِ شَيْئًا رَهْنًا قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ لَمْ تَطْلُقْ وَلاَ تَطْلُقُ إلَّا بِأَنْ تَدْفَعَ إلَيْهِ الْأَلْفَ. قَالَ وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ طَلَّقْتُك فَأَعْطَتْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّ الْأَلْفَ عَلَيْهَا وَهَذَا مَوْعِدٌ لاَ إيجَابُ طَلاَقٍ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ إذَا أَعْطَيْتنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ طَلَّقْتُك. وَهَكَذَا إنْ قَالَتْ لَهُ إنْ أَعْطَيْتُك أَلْفَ دِرْهَمٍ تُطَلِّقُنِي أَوْ طَلَّقْتنِي؟ قَالَ نَعَمْ، وَلاَ يَلْزَمُهُ طَلاَقٌ بِمَا أَعْطَتْهُ حَتَّى يَقُولَ إذَا أَعْطَيْتنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا أَعْطَيْتنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَتُعْطِيهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا إذَا أَعْطَيْتنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ طَبَرِيَّةً لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِأَنْ تُعْطِيَهُ وَزْنَ سَبْعَةٍ وَلَوْ أَعْطَتْهُ أَلْفًا بَغْلِيَّةٍ طَلُقَتْ لِأَنَّهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَزِيَادَةٌ وَكَانَ كَمَنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ أَلْفًا وَزِيَادَةً.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَلَوْ أَعْطَتْهُ أَلْفًا رَدِيئَةً مَرْدُودَةً فَإِنْ كَانَتْ فِضَّةً يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الدَّرَاهِمِ طَلُقَتْ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهَا أَنْ تُبَدِّلَهُ إيَّاهَا، وَإِنْ كَانَتْ لاَ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الدَّرَاهِمِ أَوْ عَلَى بَعْضِهَا اسْمُ فِضَّةٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِضَّةً لَمْ تَطْلُقْ. وَلَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ عَبْدًا أَيَّ عَبْدٍ مَا كَانَ أَعْوَرَ أَوْ مَعِيبًا فَهِيَ طَالِقٌ وَلاَ يَمْلِكُ الْعَبْدَ وَلَهُ عَلَيْهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتنِي شَاةً مَيِّتَةً أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ زِقَّ خَمْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ بَعْضَ هَذَا كَانَتْ طَالِقًا لِأَنَّ هَذَا كَقَوْلِهِ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلاَ يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْ هَذَا وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ هَذَا. وَإِنْ قَالَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتنِي شَيْئًا يَعْرِفَانِهِ جَمِيعًا بِعَيْنِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ إيَّاهُ كَانَتْ طَالِقًا فَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا كَانَ لَهُ رَدُّهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا، وَإِنْ أَعْطَتْهُ عَبْدًا فَوَجَدَهُ مُدَبَّرًا لَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهُ لِأَنَّ لَهَا بَيْعَهُ وَإِنْ وَجَدَهُ مُكَاتَبًا لَمْ يَكُنْ لَهُ، وَلَوْ عَجَزَ بَعْدَمَا يُطَلِّقُهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَيْهِ وَهُوَ لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِنْ وَجَدَهُ حُرًّا أَوْ لِغَيْرِهَا فِيهِ شِرْكٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَوْ سَلَّمَهُ صَاحِبَهُ وَكَانَ لَهُ فِي هَذَا كُلِّهِ مَهْرُ مِثْلِهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ فِي الْخُلْعِ عَلَى الطَّلاَقِ فَهُوَ كَاخْتِلاَفِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَإِنْ قَالَتْ طَلَّقْتنِي وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَ بَلْ عَلَى أَلْفَيْنِ تَحَالَفَا وَلَهُ صَدَاقُ مِثْلِهَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَيْنِ، وَهَكَذَا لَوْ قَالَتْ لَهُ خَالَعْتَنِي عَلَى أَلْفٍ إلَى سَنَةٍ وَقَالَ بَلْ خَالَعْتُكِ عَلَى أَلْفٍ نَقْدًا أَوْ قَالَتْ لَهُ خَالَعْتَنِي عَلَى إبْرَائِك مِنْ مَهْرِي فَقَالَ بَلْ خَالَعْتُكِ عَلَى أَلْفٍ آخُذُهَا مِنْك لاَ عَلَى مَهْرِك أَوْ عَلَى أَلْفٍ مَعَ مَهْرِك تَحَالَفَا وَكَانَ مَهْرُهَا بِحَالِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِصَدَاقِ مِثْلِهَا. قَالَ وَهَكَذَا لَوْ قَالَتْ لَهُ ضَمِنْت لَك أَلْفًا أَوْ أَعْطَيْتُك أَلْفًا عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي وَفُلاَنَةَ أَوْ تُطَلِّقَنِي وَتُعْتِقَ عَبْدَك فَطَلَّقْتنِي وَلَمْ تُطَلِّقْهَا أَوْ طَلَّقْتنِي وَلَمْ تُعْتِقْ عَبْدَك وَقَالَ بَلْ طَلَّقْتُك بِأَلْفٍ وَحْدَك تَحَالَفَا وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ لَهُ أَعْطَيْتُك أَلْفًا عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي ثَلاَثًا فَلَمْ تُطَلِّقْنِي إلَّا وَاحِدَةً وَقَالَ بَلْ أَخَذْت مِنْك الْأَلْفَ عَلَى الْخُلْعِ وَبَيْنُونَةِ طَلاَقٍ فَإِنَّمَا هِيَ وَاحِدَةٌ أَوْ عَلَى ثِنْتَيْنِ فَطَلَّقْتُكِهُمَا تَحَالَفَا وَرَجَعَ بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَلَمْ يَلْزَمْهُ مِنْ الطَّلاَقِ إلَّا مَا أَقَرَّ بِهِ وَهَكَذَا لَوْ قَالَتْ لَهُ أَعْطَيْتُك أَلْفًا عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي ثَلاَثًا وَتُطَلِّقَنِي كُلَّمَا نَكَحْتنِي ثَلاَثًا فَقَالَ مَا أَخَذْت الْأَلْفَ إلَّا عَلَى الطَّلاَقِ الْأَوَّلِ تَحَالَفَا وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ لَهَا بِمَا قَالَتْ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا لِأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ الْجُعْلَ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ مَالاً عَلَى أَنَّهَا طَالِقٌ مَتَى نَكَحَهَا كَانَ الْمَالُ مَرْدُودًا لِأَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ مِنْ طَلاَقِهَا شَيْئًا وَقَدْ لاَ يَنْكِحُهَا أَبَدًا. قَالَ وَلَوْ قَالَتْ لَهُ سَأَلْتُك أَنْ تُطَلِّقَنِي ثَلاَثًا بِمِائَةٍ وَقَالَ بَلْ سَأَلْتنِي أَنْ أُطَلِّقَك وَاحِدَةً بِأَلْفٍ تَحَالَفَا وَلَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا. فَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهَا وَأَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ ذَلِكَ بِوَقْتٍ وَاحِدٍ وَأَقَرَّ بِهِ الزَّوْجَانِ تَحَالَفَا وَلَهُ صَدَاقُ مِثْلِهَا وَسَقَطَتْ الْبَيِّنَةُ كَمَا تَسْقُطُ فِي الْبُيُوعِ إذَا اخْتَلَفَا وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا وَيَرُدُّ الْبَيْعَ وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلِكًا فَقِيمَةُ الْمَبِيعِ قَالَ وَالطَّلاَقُ لاَ يُرَدُّ وَقِيمَةُ مِثْلِ الْبُضْعِ مَهْرُ مِثْلِهَا قَالَ وَهَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَلَمْ تُوَقِّتْ بَيِّنَتُهُمَا وَقْتًا يَدُلُّ عَلَى الْخُلْعِ الْأَوَّلِ فَإِنْ وَقَّتَتْ بَيِّنَتُهُمَا وَقْتًا يَدُلُّ عَلَى الْخُلْعِ الْأَوَّلِ فَالْخُلْعُ الْأَوَّلُ هُوَ الْخُلْعُ الْجَائِزُ، وَالثَّانِي بَاطِلٌ إذَا تَصَادَقَا إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ نِكَاحٌ ثُمَّ خُلْعٌ فَيَكُونَانِ خلعين. أَلاَ تَرَى أَنَّ رَجُلاً لَوْ خَالَعَ امْرَأَتَهُ بِمِائَةٍ ثُمَّ خَالَعَهَا بَعْدُ وَلَمْ يُحْدِثْ نِكَاحًا بِأَلْفٍ كَانَتْ الْأَلْفُ بَاطِلاً وَلَمْ يَقَعْ بِهَا طَلاَقٌ لِأَنَّهُ طَلَّقَ مَا لاَ يَمْلِكُ وَالْأَوَّلُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ طَلَّقَ مَا يَمْلِكُ. قَالَ وَلَوْ قَالَتْ طَلَّقْتنِي ثَلاَثًا بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ طَلَّقْتُك وَاحِدَةً بِأَلْفَيْنِ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا قَالَ وَتَصَادَقَا أَنْ لَمْ يَكُنْ طَلاَقٌ إلَّا وَاحِدَةً تَحَالَفَا وَكَانَ لَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا. قَالَ وَلَوْ قَالَتْ لَهُ طَلَّقْتنِي عَلَى أَلْفٍ وَأَقَامَتْ شَاهِدًا حَلَفَ وَكَانَتْ امْرَأَتُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَقَالَ طَلَّقْتُك عَلَى أَلْفَيْنِ فَلَمْ تَقْبَلِي وَجَحَدَتْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فِي الْمَالِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلاَقُ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِالطَّلاَقِ إذْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ. قَالَ وَلَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ خَالَعَهَا وَجَحَدَ فَأَقَامَتْ شَاهِدًا بِأَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى مِائَةٍ وَشَاهِدًا أَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى أَلْفٍ أَوْ عَرَضٍ فَالشَّهَادَةُ لِاخْتِلاَفِهِمَا بَاطِلَةٌ كُلُّهَا وَيَحْلِفُ قَالَ وَهَكَذَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى أَلْفٍ وَأَقَامَ بِهَا شَاهِدًا وَشَاهِدًا آخَرَ بِأَلْفَيْنِ أَوْ بِعَرَضٍ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ وَهِيَ تَجْحَدُ لَزِمَهَا الطَّلاَقُ بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يَلْزَمْهَا الْمَالُ وَحَلَفَتْ عَلَيْهِ وَلاَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ لِأَنَّهُ يُقِرُّ أَنَّ طَلاَقَهُ طَلاَقُ خُلْعٍ لاَ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ. قَالَ وَلَوْ قَالَتْ لَهُ سَأَلْتُك أَنْ تُطَلِّقَنِي ثَلاَثًا بِأَلْفٍ فَلَمْ تُطَلِّقْنِي إلَّا وَاحِدَةً وَقَالَ بَلْ طَلَّقْتُك ثَلاَثًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلاَثًا وَلَهُ الْأَلْفُ. وَإِنْ كَانَ اخْتِلاَفُهُمَا وَقَدْ مَضَى وَقْتُ الْخِيَارِ تَحَالَفَا. وَكَانَ لَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ فَقَالَ الزَّوْجُ طَلَّقْتُك عَلَى أَلْفٍ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ طَلَّقْتنِي عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَعَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ وَالطَّلاَقُ وَاقِعٌ وَلاَ يَمْلِكُ فِيهِ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ أَنْ لاَ رَجْعَةَ لَهُ عَلَى الْمَرْأَةِ فِيهِ وَأَنَّ عَلَيْهَا لَهُ مَالاً فَلاَ يَصْدُقُ فِيمَا يَدَّعِي عَلَيْهَا وَيَصْدُقُ عَلَى نَفْسِهِ. قَالَ وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ سَأَلْتُك أَنْ تُطَلِّقَنِي بِأَلْفٍ فَمَضَى وَقْتُ الْخِيَارِ وَلَمْ تُطَلِّقْنِي ثُمَّ طَلَّقْتَنِي بَعْدُ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ وَقَالَ هُوَ بَلْ طَلَّقْتُك قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ وَقْتُ الْخِيَارِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَرْأَةِ فِي الْأَلْفِ وَعَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ وَالطَّلاَقُ لاَزِمٌ لَهُ وَلاَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ. قَالَ وَلَوْ قَالَتْ طَلَّقْتنِي أَمْسِ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ فَقَالَ بَلْ طَلَّقْتُك الْيَوْمَ بِأَلْفٍ فَهِيَ طَالِقٌ الْيَوْمَ بِإِقْرَارِهِ وَلاَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَلاَ شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا مِنْ الْمَالِ لِأَنَّهَا لَمْ تُقِرَّ بِهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا فَلَمْ تُعْطِهِ أَلْفًا فَلَيْسَتْ طَالِقًا. وَهُوَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ. وَهَكَذَا إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا فَإِنْ أَقَرَّتْ بِأَلْفٍ كَانَتْ طَالِقًا وَإِنْ لَمْ تَضْمَنْهَا لَمْ تَكُنْ طَالِقًا قَالَ وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا. قَالَ وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْك أَلْفٌ كَانَتْ طَالِقًا وَاحِدَةً يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَلْفٌ وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْك حَجٌّ وَأَنْتِ طَالِقٌ وَحَسَنَةٌ وَطَالِقٌ وَقَبِيحَةٌ قَالَ وَإِنْ ضَمِنَتْ لَهُ الْأَلْفَ عَلَى الطَّلاَقِ لَمْ يَلْزَمْهَا وَهُوَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ الْآنَ طَلاَقَهَا فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً. ثُمَّ قَالَتْ لَهُ اجْعَلْ الْوَاحِدَةَ الَّتِي طَلَّقْتنِي بَائِنًا بِأَلْفٍ لَمْ تَكُنْ بَائِنًا. وَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا عَلَيْهَا أَلْفًا فَعَلَيْهِ رَدُّهَا عَلَيْهَا. قَالَ وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهَا سَأَلَتْهُ الطَّلاَقَ بِأَلْفٍ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْك أَلْفٌ كَانَتْ عَلَيْهَا وَكَانَ الطَّلاَقُ بَائِنًا. قَالَ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَعْطَيْتنِي عَبْدَك فَأَعْطَتْهُ إيَّاهُ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ طَلُقَتْ وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا. وَلَوْ قَالَتْ لَهُ اخْلَعْنِي عَلَى مَا فِي هَذِهِ الْجَرَّةِ مِنْ الْخَلِّ وَهِيَ مَمْلُوءَةٌ فَخَالَعَهَا فَوَجَدَهُ خَمْرًا وَقَعَ الطَّلاَقُ وَكَانَ عَلَيْهَا لَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَإِذَا اخْتَلَعَتْ الْمَرْأَةُ الذِّمِّيَّةُ مِنْ زَوْجِهَا بِخَمْرٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِصِفَةٍ فَدَفَعَتْهَا إلَيْهِ ثُمَّ جَاءُوا بَعْدُ إلَيْنَا أَجَزْنَا الْخُلْعَ وَلَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَلَوْ لَمْ تَدْفَعْهَا إلَيْهِ ثُمَّ تَرَافَعُوا إلَيْنَا أَجَزْنَا الْخُلْعَ وَأَبْطَلْنَا الْخَمْرَ وَجَعَلْنَا لَهُ عَلَيْهَا مَهْرَ مِثْلِهَا قَالَ وَهَكَذَا أَهْلُ الْحَرْبِ إنْ رَضُوا بِحُكْمِنَا لاَ يُخَالِفُونَ الذِّمِّيِّينَ فِي شَيْءٍ إلَّا أَنَّا لاَ نَحْكُمُ عَلَى الْحَرْبِيِّينَ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى الرِّضَا وَنَحْكُمُ عَلَى الذِّمِّيِّينَ إذَا جَاءَ أَحَدُهُمَا قَالَ وَلَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَقَدْ تَقَابَضَا فَهَكَذَا وَإِنْ لَمْ يَتَقَابَضَا بَطَلَ الْخَمْرُ بَيْنَهُمَا وَكَانَ لَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لاَ يَجُوزُ إنْ كَانَ هُوَ الْمُسْلِمُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَأْخُذَ خَمْرًا وَلاَ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةُ أَنْ تُعْطِيَ خَمْرًا وَلَوْ قَبَضَهَا مِنْهَا بَعْدَ مَا يُسْلِمُ عُزِّرَ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إنْ طَلَبَهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةُ فَدَفَعَتْهَا إلَيْهِ عُزِّرَتْ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إنْ طَلَبَهُ وَهَكَذَا كُلُّ مَا حُرِّمَ وَإِنَّ اسْتَحَلُّوهُ مَالاً مِثْلُ الْخِنْزِيرِ وَغَيْرِهِ فَهُمَا فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ كَالْمُسْلِمِينَ لاَ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ إلَّا فِيمَا وَصَفْت مِمَّا مَضَى فِي الشِّرْكِ وَلاَ يُرَدُّ فِي الْإِسْلاَمِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَإِذَا اخْتَلَعَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا بِشَيْءٍ مُسَمًّى إلَى أَجَلٍ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَمَا سَمَّيَا مِنْ الْمَالِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ كَمَا تَكُونُ الْبُيُوعُ وَيَجُوزُ فِيهِ مَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ إلَى الْآجَالِ، وَإِذَا اخْتَلَعَتْ بِثِيَابٍ مَوْصُوفَةٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَالثِّيَابُ لَهَا لاَزِمَةٌ، وَكَذَلِكَ رَقِيقٌ وَمَاشِيَةٌ وَطَعَامٌ يَجُوزُ فِيهِ مَا يَجُوزُ فِي السَّلَفِ وَيَرِدُ فِيهِ مَا يَرِدُ فِي السَّلَفِ قَالَ وَلَوْ تَرَكَتْ أَنْ تُسَمِّيَ حَيْثُ يُقْبَضُ مِنْهُ الطَّعَامُ أَوْ تَرَكَتْ أَنْ تُسَمِّيَ بَعْضَ صِفَةِ الطَّعَامِ جَازَ الطَّلاَقُ وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا. قَالَ وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ سَأَلْتُك أَنْ تُطَلِّقَنِي بِأَلْفٍ فَمَضَى وَقْتُ الْخِيَارِ وَلَمْ تُطَلِّقْنِي ثُمَّ طَلَّقْتنِي بَعْدُ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ وَقَالَ هُوَ بَلْ طَلَّقْتُك قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ وَقْتُ الْخِيَارِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَرْأَةِ فِي الْأَلْفِ وَعَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ وَالطَّلاَقُ لاَزِمٌ لَهُ وَلاَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ.
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} قَالَ وَالْأَقْرَاءُ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ الْأَطْهَارُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهَا الْأَطْهَارُ وَقَدْ قَالَ غَيْرُكُمْ الْحَيْضَ قِيلَ لَهُ دَلاَلَتَانِ أَوَّلُهُمَا الْكِتَابُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ وَالْآخَرُ اللِّسَانُ فَإِنْ قَالَ وَمَا الْكِتَابُ قِيلَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ «عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ». قَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ «عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَذْكُرُ طَلاَقَ امْرَأَتِهِ حَائِضًا وَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْ أَوْ لِيُمْسِكْ وَتَلاَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِقِبَلِ عِدَّتِهِنَّ أَوْ فِي قَبْلِ عِدَّتِهِنَّ». قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَنَا شَكَكْت قَالَ الشَّافِعِيُّ فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ الْعِدَّةَ الطُّهْرُ دُونَ الْحَيْضِ وَقَرَأَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِقِبَلِ عِدَّتِهِنَّ أَنْ تَطْلُقَ طَاهِرًا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَسْتَقْبِلُ عِدَّتَهَا وَلَوْ طَلُقَتْ حَائِضًا لَمْ تَكُنْ مُسْتَقْبِلَةً عِدَّتَهَا إلَّا بَعْدَ الْحَيْضِ فَإِنْ قَالَ فَمَا اللِّسَانُ قِيلَ الْقُرْءُ اسْمٌ وُضِعَ لِمَعْنًى فَلَمَّا كَانَ الْحَيْضُ دَمًا يُرْخِيهِ الرَّحِمُ فَيَخْرُجُ وَالطُّهْرُ دَمٌ يُحْتَبَسُ فَلاَ يَخْرُجُ كَانَ مَعْرُوفًا مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ أَنَّ الْقُرْءَ الْحَبْسُ لِقَوْلِ الْعَرَبِ هُوَ يَقْرِي الْمَاءَ فِي حَوْضِهِ وَفِي سِقَائِهِ، وَتَقُولُ الْعَرَبُ هُوَ يَقْرِي الطَّعَامَ فِي شَدْقِهِ يَعْنِي يَحْبِسُ الطَّعَامَ فِي شَدْقِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا انْتَقَلَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حِين دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَذَكَر ذَلِكَ لِعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَتْ صَدَقَ عُرْوَةُ وَقَدْ جَادَلَهَا فِي ذَلِكَ نَاسٌ فَقَالُوا إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ يَقُولُ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها صَدَقْتُمْ وَهَلْ تَدْرُونَ مَا الْأَقْرَاءُ الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْت أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ مَا أَدْرَكْت أَحَدًا مِنْ فُقَهَائِنَا إلَّا وَهُوَ يَقُولُ هَذَا يُرِيدُ الَّذِي قَالَتْ عَائِشَةُ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إذَا طَعَنَتْ الْمُطَلَّقَةُ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ الْأَحْوَصَ بْنَ حَكِيمٍ هَلَكَ بِالشَّامِ حِينَ دَخَلَتْ امْرَأَتُهُ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ فَكَتَبَ إلَيْهِ زَيْدٌ إنَّهَا إذَا دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا وَلاَ تَرِثُهُ وَلاَ يَرِثُهَا أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ إذَا طَعَنَتْ الْمُطَلَّقَةُ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا وَلاَ تَرِثُهُ وَلاَ يَرِثُهَا أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا وَلاَ تَرِثُهُ وَلاَ يَرِثُهَا أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْمَرْأَةِ إذَا طَلُقَتْ فَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَالاَ قَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَحَلَّتْ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانِ بْنِ يَسَارٍ وَابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ إذَا دَخَلَتْ الْمُطَلَّقَةُ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَلاَ مِيرَاثَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَاهِرًا قَبْلَ جِمَاعٍ أَوْ بَعْدَهُ اعْتَدَّتْ بِالطُّهْرِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا فِيهِ الطَّلاَقُ وَلَوْ كَانَ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَتَعْتَدُّ بِطُهْرَيْنِ تَامَّيْنِ بَيْنَ حَيْضَتَيْنِ فَإِذَا دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ حَلَّتْ وَلاَ يُؤْخَذُ أَبَدًا فِي الْقُرْءِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يُوقِعَ الطَّلاَقَ وَبَيْنَ أَوَّلِ حَيْضٍ وَلَوْ طَلَّقَهَا حَائِضًا لَمْ تَعْتَدَّ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ فَإِذَا طَهُرَتْ اسْتَقْبَلَتْ الْقُرْءَ. قَالَ وَلَوْ طَلَّقَهَا فَلَمَّا أَوْقَعَ الطَّلاَقَ حَاضَتْ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهَا كَانَتْ طَاهِرًا حِينَ تَمَّ الطَّلاَقُ ثُمَّ حَاضَتْ بَعْدَ تَمَامِهِ بِطَرْفَةِ عَيْنٍ فَذَلِكَ قُرْءٌ وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّ الْحَيْضَ وَتَمَامَ الطَّلاَقِ كَانَا مَعًا اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ فِي طُهْرِهَا مِنْ الْحَيْضِ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ وَقَعَ الطَّلاَقُ وَأَنْتِ حَائِضٌ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ بَلْ وَقَعَ وَأَنَا طَاهِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ اُؤْتُمِنَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى فَرْجِهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَرَ الدَّمَ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَإِذَا رَأَتْ الدَّمَ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ حَلَّتْ مِنْهُ وَهُوَ خَاطِبٌ مِنْ الْخُطَّابِ لاَ يَكُونُ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ وَلاَ يَنْكِحُهَا إلَّا كَمَا يَنْكِحُهَا مُبْتَدِئًا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ وَرِضَاهَا وَإِذَا رَأَتْ الدَّمَ فِي وَقْتِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ يَوْمًا ثُمَّ انْقَطَعَ ثُمَّ عَاوَدَهَا بَعْدُ أَوْ لَمْ يُعَاوِدْهَا أَيَّامًا كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ فَذَلِكَ حَيْضٌ تَحِلُّ بِهِ. قَالَ وَتُصَدَّقُ عَلَى ثَلاَثِ حِيَضٍ فِي أَقَلَّ مَا حَاضَتْ لَهُ امْرَأَةُ قَطُّ، وَأَقَلُّ مَا عَلِمْنَا مِنْ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَإِنْ عَلِمْنَا أَنَّ طُهْرَ امْرَأَةٍ أَقَلُّ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ صَدَّقْنَا الْمُطَلَّقَةَ عَلَى أَقَلَّ مَا عَلِمْنَا مِنْ طُهْرِ امْرَأَةٍ وَجَعَلْنَا الْقَوْلَ قَوْلَهَا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ يَعْلَمُ مِنْهَا أَنَّهَا تَذْكُرُ حَيْضَهَا وَطُهْرَهَا وَهِيَ غَيْرُ مُطَلَّقَةٍ عَلَى شَيْءٍ فَادَّعَتْ مِثْلَهُ قَبِلْنَا قَوْلَهَا مَعَ يَمِينِهَا، وَإِنْ ادَّعَتْ مَا لَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ مِنْهَا قَبْلَ الطَّلاَقِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي امْرَأَةٍ لَمْ تُصَدَّقْ إنَّمَا يُصَدَّقُ مَنْ ادَّعَى مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَكُونُ مِثْلُهُ، فَأَمَّا مَنْ ادَّعَى مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ يَكُونُ مِثْلُهُ فَلاَ يُصَدَّقُ، وَإِذَا لَمْ أُصَدِّقْهَا فَجَاءَتْ مُدَّةٌ تُصَدَّقُ فِي مِثْلِهَا وَأَقَامَتْ عَلَى قَوْلِهَا قَدْ حِضْت ثَلاَثًا أَحَلَفْتهَا وَخَلَّيْت بَيْنَهَا وَبَيْنَ النِّكَاحِ حِينَ أَنْ يُمْكِنَ أَنْ تَكُونَ صَدَقَتْ، وَمَتَى شَاءَ زَوْجُهَا أَنْ أُحَلِّفَهَا مَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَعَلْت؟ وَلَوْ رَأَتْ الدَّمَ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ سَاعَةً أَوْ دَفْعَةً ثُمَّ ارْتَفَعَ عَنْهَا يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ السَّاعَةُ الَّتِي رَأَتْ فِيهَا الدَّمَ أَوْ الدَّفْعَةُ الَّتِي رَأَتْ فِيهَا الدَّمَ فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا نَظَرْنَا فَإِنْ رَأَتْ صُفْرَةً أَوْ كَدِرَةً وَلَمْ تَرَ طُهْرًا حَتَّى تُكْمِلَ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَهِيَ حَيْضٌ تَخْلُو عِدَّتُهَا بِهَا مِنْ الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ فَكَذَلِكَ إذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ رُؤْيَتِهَا الدَّمَ وَالْحَيْضَ قَبْلَهُ قَدْرُ طُهْرٍ فَإِنْ كَانَ أُتِيَ عَلَيْهَا مِنْ الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي هَذَا الدَّمَ أَقَلَّ مَا يَكُونُ بَيْنَ حَيْضَتَيْنِ مِنْ الطُّهْرِ كَانَ حَيْضًا تَنْقَضِي فِيهِ عِدَّتُهَا وَتَنْقَطِعُ بِهِ نَفَقَتُهَا إنْ كَانَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَتَرَكَتْ الصَّلاَةَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَصَلَّتْ إذَا طَهُرَتْ وَتَرَكَتْ الصَّلاَةَ إذَا عَاوَدَهَا الدَّمُ. وَإِنْ كَانَتْ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ الطُّهْرِ الْأَوَّلِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ طُهْرًا لَمْ تَحِلَّ بِهِ مِنْ زَوْجِهَا وَلَمْ تَنْقَطِعْ نَفَقَتُهَا وَنَظَرْنَا أَوَّلَ حَيْضٍ تَحِيضُهُ فَجَعَلْنَا عِدَّتَهَا تَنْقَضِي بِهِ وَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ. ثُمَّ رَأَتْ الطُّهْرَ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا، وَأَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ. وَالْكَدِرَةُ وَالصُّفْرَةُ فِي الْحَيْضِ حَيْضٌ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَطَهُرَتْ مِنْ حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ رَأَتْ دَمًا فَطَبَّقَ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَ دَمُهَا يَنْفَصِلُ فَيَكُونُ فِي أَيَّامٍ أَحْمَرَ قَانِئًا مُحْتَدِمًا، وَفِي الْأَيَّامِ الَّتِي بَعْدَهُ رَقِيقًا قَلِيلاً فَحَيْضُهَا أَيَّامُ الدَّمِ الْمُحْتَدِمِ الْكَثِيرِ وَطُهْرُهَا أَيَّامُ الدَّمِ الرَّقِيقِ الْقَلِيلِ. وَإِنْ كَانَ دَمُهَا مُشْتَبَهًا كُلَّهُ كَانَ حَيْضُهَا بِقَدْرِ عَدَدِ أَيَّامِ حَيْضِهَا فِيمَا مَضَى قَبْلَ الِاسْتِحَاضَةِ وَإِذَا رَأَتْ الدَّمَ فِي أَوَّلِ الْأَيَّامِ الَّتِي أَجْعَلُهَا أَيَّامَ حَيْضِهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ حَلَّتْ مِنْ زَوْجِهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: جَعَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عِدَّةَ مَنْ تَحِيضُ مِنْ النِّسَاءِ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ وَعِدَّةَ مَنْ لَمْ تَحِضْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْتَحَاضَةَ أَنْ تَتْرُكَ الصَّلاَةَ فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا إذَا كَانَ دَمُهَا يَنْفَصِلُ وَفِي قَدْرِ عَدَدِ أَيَّامِ حَيْضِهَا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا مَا أَصَابَهَا. وَذَلِكَ فِيمَا نَرَى إذَا كَانَ دَمُهَا لاَ يَنْفَصِلُ نَجْعَلُهَا حَائِضًا تَارِكًا لِلصَّلاَةِ فِي بَعْضِ دَمِهَا وَطَاهِرًا تُصَلِّي فِي بَعْضِ دَمِهَا فَكَانَ الْكِتَابُ ثُمَّ السُّنَّةُ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ لِلْمُسْتَحَاضَةِ طُهْرًا وَحَيْضًا فَلَمْ يَجُزْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ تَعْتَدَّ الْمُسْتَحَاضَةُ إلَّا بِثَلاَثَةِ قُرُوءٍ قَالَ فَإِذَا أَرَادَ زَوْجُ الْمُسْتَحَاضَةِ طَلاَقَهَا لِلسُّنَّةِ طَلَّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي نَأْمُرُهَا فِيهَا بِالْغُسْلِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ وَالصَّلاَةِ. فَإِذَا طَلُقَتْ الْمُسْتَحَاضَةُ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ بَعْدَمَا طَلُقَتْ فَإِنْ كَانَ دَمُهَا مُنْفَصِلاً فَيَكُونُ مِنْهُ شَيْءٌ أَحْمَرُ قَانِي وَشَيْءٌ رَقِيقٌ إلَى الصُّفْرَةِ فَأَيَّامُ حَيْضِهَا أَيَّامُ الْأَحْمَرِ الْقَانِي وَأَيَّامُ طُهْرِهَا هِيَ أَيَّامُ الصَّفْرِيُّ فَعِدَّتُهَا ثَلاَثُ حِيَضٍ إذَا رَأَتْ الدَّمَ الْأَحْمَرَ الْقَانِئَ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَالَ وَإِنْ كَانَ دَمُهَا مُشْتَبَهًا غَيْرَ مُنْفَصِلٍ كَمَا وَصَفْنَا فَإِنْ كَانَ لَهَا أَيَّامُ حَيْضٍ مَعْرُوفَةٌ فَأَيَّامُ حَيْضِهَا فِي الِاسْتِحَاضَةِ عَدَدُ أَيَّامِ حَيْضِهَا الْمَعْرُوفِ وَوَقْتُهَا وَقْتُهَا إنْ كَانَ حَيْضُهَا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ فَتِلْكَ أَيَّامُ حَيْضِهَا، فَإِذَا كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا. وَإِنْ كَانَ حَيْضُهَا يَخْتَلِفُ فَيَكُونُ مَرَّةً ثَلاَثًا وَمَرَّةً خَمْسًا وَمَرَّةً سَبْعًا ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ أَمَرْتهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلاَةَ أَقَلَّ أَيَّامِ حَيْضِهَا ثَلاَثًا وَتَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ وَتَصُومَ لِأَنَّهَا أَنْ تُصَلِّيَ وَتَصُومَ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهَا إذَا لَمْ تَسْتَيْقِنْ أَنَّهَا حَائِضٌ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَ الصَّلاَةَ وَهِيَ عَلَيْهَا وَاجِبٌ وَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ أَعَادَتْ صَوْمَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلاَزِمٍ لَهَا، وَتَخْلُو مِنْ زَوْجِهَا بِدُخُولِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا الثَّالِثَةِ وَلَيْسَ فِي عَدَدِ الْحَيْضَتَيْنِ الْأَوَّلِيَّيْنِ شَيْءٌ يَحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا أَتَتْ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعٍ وَأَيَّامِ طُهْرٍ فَلاَ حَاجَةَ بِنَا إلَى عِلْمِهَا. قَالَ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةٌ لَيْسَ لَهَا أَيَّامُ حَيْضٍ اُبْتُدِئَتْ مُسْتَحَاضَةً أَوْ كَانَتْ فَنَسِيَتْهَا تَرَكَتْ الصَّلاَةَ أَقَلَّ مَا حَاضَتْ امْرَأَةٌ قَطُّ وَذَلِكَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَهُوَ أَقَلُّ مَا عَلِمْنَا امْرَأَةً حَاضَتْ فَإِنْ كَانَتْ قَدْ عَرَفَتْ وَقْتَ حَيْضَتِهَا فَبَدَأَ تَرْكُهَا الصَّلاَةِ فِي مُبْتَدَأِ حَيْضَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَعْرِفْهُ اسْتَقْبَلْنَا بِهَا الْحَيْضَ مِنْ أَوَّلِ هِلاَلٍ يَأْتِي عَلَيْهَا بَعْدَ وُقُوعِ الطَّلاَقِ فَإِذَا اسْتَهَلَّ الْهِلاَلُ الثَّالِثُ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ. وَلَوْ طَلُقَتْ امْرَأَةٌ فَاسْتُحِيضَتْ أَوْ مُسْتَحَاضَةً فَكَانَتْ تَحِيضُ يَوْمًا وَتَطْهُرُ يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ وَتَطْهُرُ يَوْمَيْنِ أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا جُعِلَتْ عِدَّتُهَا تَنْقَضِي بِثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، وَذَلِكَ الْمَعْرُوفُ مِنْ أَمْرِ النِّسَاءِ أَنَّهُنَّ يَحِضْنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةً فَانْظُرْ أَيَّ وَقْتٍ طَلَّقَهَا فِيهِ فَاحْسِبْهَا شَهْرًا. ثُمَّ هَكَذَا حَتَّى إذَا دَخَلَتْ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ حَلَّتْ مِنْ زَوْجِهَا وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ مُخَالِفَةٌ لِلْمُسْتَحَاضَةِ الَّتِي لَهَا أَيَّامُ حَيْضٍ كَحَيْضِ النِّسَاءِ فَلاَ أَجِدُ مَعْنًى أَوْلَى بِتَوْقِيتِ حَيْضَتِهَا مِنْ الشُّهُورِ لِأَنَّ حَيْضَهَا لَيْسَ بِبَيِّنٍ، وَلَوْ كَانَتْ تَحِيضُ خَمْسَةَ عَشْرَ مُتَتَابِعَةً أَوْ بَيْنَهَا فَصْلٌ وَتَطْهُرُ خَمْسَةَ عَشْرَ مُتَتَابِعَةً لاَ فَصْلَ بَيْنَهَا جَعَلْتُ عِدَّتَهَا بِالطُّهْرِ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ. قَالَ وَعِدَّةُ الَّتِي تَحِيضُ الْحَيْضُ وَإِنْ تَبَاعَدَ كَأَنَّهَا كَانَتْ تَحِيضُ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ فَعِدَّتُهَا الْحَيْضُ وَهَكَذَا إنْ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً فَكَانَتْ لَهَا أَيَّامٌ تَحِيضُهَا كَمَا تَكُونُ تَطْهُرُ فِي أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ فَتَخْلُو بِدُخُولِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَكَذَلِكَ لاَ تَخْلُو إلَّا بِدُخُولِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَرْضَعَتْ فَكَانَ حَيْضُهَا يَرْتَفِعُ لِلرَّضَاعِ اعْتَدَّتْ بِالْحَيْضِ. قَالَ وَإِذَا كَانَتْ تَحِيضُ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ فَطَلُقَتْ فَرَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا سَنَةً أَوْ حَاضَتْ حَيْضَةً ثُمَّ رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا سَنَةً أَنَّهَا لاَ تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ إلَّا بِدُخُولِهَا فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَإِنْ تَبَاعَدَ ذَلِكَ وَطَالَ وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْحَيْضِ حَتَّى تَبْلُغَ أَنْ تَيْأَسَ مِنْ الْمَحِيضِ وَهِيَ لاَ تَيْأَسُ مِنْ الْمَحِيضِ حَتَّى تَبْلُغَ السِّنَّ الَّتِي مَنْ بَلَغَتْهَا مِنْ نِسَائِهَا لَمْ تَحِضْ بَعْدَهَا فَإِذَا بَلَغَتْ ذَلِكَ خَرَجَتْ مِنْ أَهْلِ الْحَيْضِ وَكَانَتْ مِنْ الْمُؤَيَّسَاتِ مِنْ الْمَحِيضِ اللَّاتِي جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِدَدَهُنَّ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ وَاسْتَقْبَلَتْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ بَلَغَتْ سِنَّ الْمُؤَيَّسَاتِ مِنْ الْمَحِيضِ لاَ تَخْلُو إلَّا بِكَمَالِ الثَّلاَثَةِ الْأَشْهُرِ وَهَذَا يُشْبِهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ عَلَى الْحَيْضِ الْأَقْرَاءَ وَعَلَى الْمُؤَيَّسَاتِ وَغَيْرِ البوالغ الشُّهُورَ فَقَالَ «وَاَللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ» فَإِذَا كَانَتْ تَحِيضُ فَإِنَّهَا تَصْبِرُ إلَى الْإِيَاسِ مِنْ الْمَحِيضِ بِالسِّنِّ الَّتِي مَنْ بَلَغَتْهَا مِنْ نِسَائِهَا أَوْ أَكْثَرِهِنَّ لَمْ تَحِضْ فَيَنْقَطِعُ عَنْهَا الْحَيْضُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَقَدْ قِيلَ إنَّ مُدَّتَهَا أَكْثَرُ الْحَمْلِ وَهُوَ أَرْبَعُ سِنِينَ وَلَمْ تَحِضْ كَانَتْ مُؤَيَّسَةً مِنْ الْمَحِيضِ فَاعْتَدَّتْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ وَقِيلَ تَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. ثُمَّ تَعْتَدُّ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ. قَالَ وَالْحَيْضُ يَتَبَاعَدُ فَعِدَّةُ الْمَرْأَةِ تَنْقَضِي بِأَقَلَّ مِنْ شَهْرَيْنِ إذَا حَاضَتْ ثَلاَثَ حِيَضٍ وَلاَ تَنْقَضِي إلَّا بِثَلاَثِ سِنِينَ وَأَكْثَرَ إنْ كَانَ حَيْضُهَا يَتَبَاعَدُ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَ فَيَعْتَدِدْنَ بِهِ وَإِنْ تَبَاعَدَ وَإِنْ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْحَمْلِ تُعْرَفُ بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَكَمَ بِالْحَيْضِ فَلاَ أُحِيلَهُ إلَى غَيْرِهِ. فَلِهَذَا قُلْنَا عِدَّتُهَا الْحَيْضُ حَتَّى تُؤَيَّسَ مِنْ الْمَحِيضِ بِمَا وَصَفْت مِنْ أَنْ تَصِيرَ إلَى السِّنِّ الَّتِي مَنْ بَلَغَهَا مِنْ أَكْثَرِ نِسَائِهَا لَمْ تَحِضْ. وَقَدْ يُرْوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ. أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ جَدِّهِ هَاشِمِيَّةٌ وَأَنْصَارِيَّةٌ فَطَلَّقَ الْأَنْصَارِيَّةَ وَهِيَ تُرْضِعُ فَمَرَّتْ بِهَا سَنَةٌ ثُمَّ هَلَكَ وَلَمْ تَحِضْ فَقَالَتْ أَنَا أَرِثُهُ لَمْ أَحِضْ فَاخْتَصَمُوا إلَى عُثْمَانَ فَقَضَى لِلْأَنْصَارِيَّةِ بِالْمِيرَاثِ فَلاَمَتْ الْهَاشِمِيَّةُ عُثْمَانَ فَقَالَ هَذَا عَمَلُ ابْنِ عَمِّك هُوَ أَشَارَ عَلَيْنَا بِهَذَا يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله تعالى عنه. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَبِي بَكْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلاً مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ حِبَّانُ بْنُ مُنْقِذٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ وَهِيَ تُرْضِعُ ابْنَتَهُ فَمَكَثَتْ سَبْعَةَ عَشْرَ شَهْرًا لاَ تَحِيضُ يَمْنَعُهَا الرَّضَاعُ أَنْ تَحِيضَ ثُمَّ مَرِضَ حِبَّانَ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا بِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ ثَمَانِيَةٍ فَقُلْت لَهُ إنَّ امْرَأَتَك تُرِيدُ أَنْ تَرِثَ فَقَالَ لِأَهْلِهِ احْمِلُونِي إلَى عُثْمَانَ فَحَمَلُوهُ إلَيْهِ فَذَكَرَ لَهُ شَأْنَ امْرَأَتِهِ وَعِنْدَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ لَهُمَا عُثْمَانُ مَا تَرَيَانِ؟ فَقَالاَ نَرَى أَنَّهَا تَرِثُهُ إنْ مَاتَ، يَرِثُهَا إنْ مَاتَتْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقَوَاعِدِ الَّتِي قَدْ يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ وَلَيْسَتْ مِنْ الْأَبْكَارِ اللَّاتِي لَمْ يَبْلُغْنَ الْمَحِيضَ. ثُمَّ هِيَ عَلَى عِدَّةِ حَيْضِهَا مَا كَانَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَرَجَعَ حِبَّانُ إلَى أَهْلِهِ فَأَخَذَ ابْنَتَهُ فَلَمَّا فَقَدَتْ الرَّضَاعَ حَاضَتْ حَيْضَةً ثُمَّ حَاضَتْ حَيْضَةً أُخْرَى ثُمَّ تُوُفِّيَ حِبَّانُ مِنْ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ الثَّالِثَةَ فَاعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَوَرِثَتْهُ. أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي امْرَأَةِ حِبَّانَ مِثْلُ خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ. أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ الْمَرْأَةُ تَطْلُقُ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنْ يَكُونَ الْمَحِيضُ قَدْ أَدْبَرَ عَنْهَا وَلَمْ يَبِنْ لَهُمْ ذَلِكَ كَيْفَ تَفْعَلُ؟ قَالَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إذَا يَئِسَتْ اعْتَدَّتْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ قُلْت مَا يَنْتَظِرُ بَيْنَ ذَلِكَ؟ قَالَ إذَا يَئِسَتْ اعْتَدَّتْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ: أَتَعْتَدُّ أَقْرَاءَهَا مَا كَانَتْ إنْ تَقَارَبَتْ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ؟ قَالَ: نَعَمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ الْمُثَنَّى عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فِي امْرَأَةٍ طَلُقَتْ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا فَقَالَ أَمَّا أَبُو الشَّعْثَاءِ فَكَانَ يَقُولُ أَقْرَاؤُهَا حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهَا قَدْ يَئِسَتْ مِنْ الْمَحِيضِ. أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ الْأَقْرَاءُ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ طَلُقَتْ فَارْتَفَعَ مَحِيضُهَا أَوْ حَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ لَمْ تَحِلَّ إلَّا بِحَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ وَإِنْ بَعُدَ ذَلِكَ، فَإِذَا بَلَغَتْ تِلْكَ السِّنَّ اسْتَأْنَفَتْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ تَبْلُغُهَا. أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَيُّمَا امْرَأَةٍ طَلُقَتْ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ بَانَ بِهَا حَمْلٌ فَذَلِكَ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بَعْدَ التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ حَلَّتْ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُ عُمَرَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَرْأَةِ قَدْ بَلَغَتْ السِّنَّ الَّتِي مَنْ بَلَغَهَا مِنْ نِسَائِهَا يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ فَلاَ يَكُونُ مُخَالِفًا لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَذَلِكَ وَجْهُهُ عِنْدَنَا. وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً يَئِسَتْ مِنْ الْمَحِيضِ طَلُقَتْ فَاعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ ثُمَّ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تُكْمِلَ بِالشُّهُورِ فَسَقَطَتْ عِدَّةُ الشُّهُورِ وَاسْتَقْبَلَتْ الْحَيْضَ فَإِنْ حَاضَتْ ثَلاَثَ حِيَضٍ فَقَدْ قَضَتْ عِدَّتَهَا وَإِنْ لَمْ تَحُضْهَا حَتَّى مَرَّتْ عَلَيْهَا بَعْدَ الْحَيْضَةِ الْأُولَى تِسْعَةُ أَشْهُرٍ اسْتَقْبَلَتْ الْعِدَّةَ بِالشُّهُورِ، وَإِنْ جَاءَتْ عَلَيْهَا ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ فَقَدْ أَكْمَلَتْ عِدَّتَهَا لِأَنَّهَا مِنْ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ، فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تُكْمِلَ الثَّلاَثَةَ الْأَشْهُرَ فَقَدْ حَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ فَتَسْتَقْبِلُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا فِي الثَّلاَثَةِ الْأَشْهُرِ فَقَدْ أَكْمَلَتْ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ فِيهَا اعْتَدَّتْ، فَإِذَا مَرَّتْ بِهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ ثُمَّ ثَلاَثَةٌ بَعْدَهَا حَلَّتْ، وَلَوْ حَاضَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَعْتَدَّ بَعْدُ بِالشُّهُورِ قَالَ وَاَلَّذِي يُرْوَى عَنْ عُمَرَ عِنْدِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا قَالَهُ فِي الْمَرْأَةِ قَدْ بَلَغَتْ السِّنَّ الَّتِي يُؤَيَّسُ مِثْلُهَا مِنْ الْمَحِيضِ فَأَقُولُ بِقَوْلِ عُمَرَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى مَعْنَاهُ فِي اللَّائِي لَمْ يُؤَيَّسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ وَلاَ يَكُونَانِ مُخْتَلِفَيْنِ عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الآيَةِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا الْمُطَلَّقَاتِ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} الآيَةَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكَانَ بَيِّنًا فِي الآيَةِ بِالتَّنْزِيلِ أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ لِلْمُطَلَّقَةِ أَنْ تَكْتُمَ مَا فِي رَحِمِهَا مِنْ الْمَحِيضِ وَذَلِكَ أَنْ يَحْدُثَ لِلزَّوْجِ عِنْدَ خَوْفِهِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا رَأْيٌ فِي ارْتِجَاعِهَا أَوْ يَكُونَ طَلاَقُهُ إيَّاهَا أَدَبًا لَهَا لاَ إرَادَةَ أَنْ تَبِينَ مِنْهُ فَلْتُعْلِمْهُ ذَلِكَ لِئَلَّا تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَلاَ يَكُونُ لَهُ سَبِيلٌ إلَى رَجْعَتِهَا وَكَانَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ الْحَمْلَ مَعَ الْحَيْضِ لِأَنَّ الْحَمْلَ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَرْحَامِهِنَّ، وَإِذَا سَأَلَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ الْمُطَلَّقَةَ أَحَامِلٌ هِيَ أَوْ هَلْ حَاضَتْ؟ فَبَيِّنٌ عِنْدِي أَنْ لاَ يَحِلَّ لَهَا أَنْ تَكْتُمَهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلاَ أَحَدًا رَأَتْ أَنَّهُ يُعْلِمُهُ إيَّاهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهَا وَلاَ أَحَدٌ يُعْلِمُهُ إيَّاهُ فَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ أَخْبَرَتْهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ اسْمُ الْكِتْمَانِ عَلَى مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يُخْبِرُ الزَّوْجَ لِمَا لَهُ فِي إخْبَارِهِ مِنْ رَجْعَةٍ أَوْ تَرْكٍ كَمَا يَقَعُ الْكِتْمَانُ عَلَى مَنْ كَتَمَ شَهَادَةً لِرَجُلٍ عِنْدَهُ، وَلَوْ كَتَمَتْهُ بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ الْحَمْلَ وَالْأَقْرَاءَ حَتَّى خَلَتْ عِدَّتُهَا كَانَتْ عِنْدِي آثِمَةً بِالْكِتْمَانِ إذْ سُئِلَتْ وَكَتَمَتْ وَخِفْت عَلَيْهَا الْإِثْمَ إذَا كَتَمَتْهُ وَإِنْ لَمْ تُسْأَلْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا جَعَلَهَا لَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلاَ رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ مَا قَوْلُهُ: {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} قَالَ الْوَلَدُ لاَ تَكْتُمُهُ لِيَرْغَبَ فِيهَا وَمَا أَدْرِي لَعَلَّ الْحَيْضَةَ مَعَهُ. أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَطَاءً أَيَحِقُّ عَلَيْهَا أَنْ تُخْبِرَهُ بِحَمْلِهَا وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْ إلَيْهَا يَسْأَلُهَا عَنْهُ لِيَرْغَبَ فِيهَا قَالَ تُظْهِرُهُ وَتُخْبِرُ بِهِ أَهْلَهَا فَسَوْفَ يَبْلُغُهُ. أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ مُجَاهِدًا قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} الْمَرْأَةُ الْمُطَلَّقَةُ لاَ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَقُولَ أَنَا حُبْلَى وَلَيْسَتْ بِحُبْلَى وَلاَ لَسْت بِحُبْلَى وَهِيَ حُبْلَى وَلاَ أَنَا حَائِضٌ وَلَيْسَتْ بِحَائِضٍ وَلاَ لَسْت بِحَائِضٍ وَهِيَ حَائِضٌ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَهَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ لَمَعَانٍ مِنْهَا أَنْ لاَ يَحِلَّ الْكَذِبُ وَالْآخَرُ أَنْ لاَ تَكْتُمَهُ الْحَبَلَ وَالْحَيْضَ لَعَلَّهُ يَرْغَبُ فَيُرَاجِعُ وَلاَ تَدَّعِيهِمَا لَعَلَّهُ يُرَاجِعُ وَلَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِالرَّجْعَةِ لَوْلاَ مَا ذَكَرَتْ مِنْ الْحَمْلِ وَالْحَيْضِ فَتَغُرُّهُ وَالْغُرُورُ لاَ يَجُوزُ. أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ أَرَأَيْت إنْ أَرْسَلَ إلَيْهَا فَأَرَادَ ارْتِجَاعَهَا فَقَالَتْ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي وَهِيَ كَاذِبَةٌ فَلَمْ تَزَلْ تَقُولُهُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا؟ قَالَ: لاَ وَقَدْ خَرَجَتْ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا كَمَا قَالَ عَطَاءٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهِيَ آثِمَةٌ إلَّا أَنْ يَرْتَجِعَهَا فَإِنْ ارْتَجَعَهَا وَقَدْ قَالَتْ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي ثُمَّ أَكَذَبَتْ نَفْسَهَا فَرَجَعَتْهُ عَلَيْهَا ثَابِتَةً أَلاَ تَرَى أَنَّهُ إنْ ارْتَجَعَهَا فَقَالَتْ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فَأُحْلِفَتْ فَنَكَلَتْ فَحَلَفَ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ وَلَوْ أَقَرَّتْ أَنْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا كَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ جَحَدَتْهُ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: سَمِعْت مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: إنَّ أَوَّلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الْعِدَدِ «وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ» فَلَمْ يَعْلَمُوا مَا عِدَّةُ الْمَرْأَةِ الَّتِي لاَ أَقْرَاءَ لَهَا وَهِيَ الَّتِي لاَ تَحِيضُ وَلاَ الْحَامِلُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرَهُ «وَاَللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ» فَجَعَلَ عِدَّةَ الْمُؤَيَّسَةِ وَاَلَّتِي لَمْ تَحِضْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ وَقَوْلُهُ «إنْ ارْتَبْتُمْ» فَلَمْ تَدْرُوا مَا تَعْتَدُّ غَيْرُ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ. وَقَالَ: «وَأُولاَتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» قَالَ وَهَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ يُشْبِهُ مَا قَالُوا. وَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُطَلِّقَ الَّتِي لاَ تَحِيضُ لِلسُّنَّةِ فَطَلَّقَهَا أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ لَيْسَ فِي وَجْهِ طَلاَقِهَا سُنَّةٌ إنَّمَا السُّنَّةُ فِي الَّتِي تَحِيضُ وَكَذَلِكَ لَيْسَ فِي وَقْتِ طَلاَقِ الْحَامِلِ سُنَّةٌ وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ كَمَنْ لاَ تَحِيضُ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ فَأَوْقَعَ الطَّلاَقَ عَلَيْهَا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ آخِرِهِ اعْتَدَّتْ شَهْرَيْنِ بِالْأَهِلَّةِ وَإِنْ كَانَ الْهِلاَلاَنِ مَعًا تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَشَهْرًا ثَلاَثِينَ لَيْلَةً فِي أَيِّ الشَّهْرِ طَلَّقَهَا وَذَلِكَ أَنَّا نَجْعَلُ عِدَّتَهَا مِنْ سَاعَةِ وَقَعَ الطَّلاَقُ عَلَيْهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْهِلاَلِ بِيَوْمٍ عَدَدْنَا لَهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ فَإِذَا أَهَلَّ الْهِلاَلُ عَدَدْنَا لَهَا هِلاَلَيْنِ بِالْأَهِلَّةِ ثُمَّ عَدَدْنَا لَهَا تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً حَتَّى تُكْمِلَ ثَلاَثِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً بِالْيَوْمِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْهِلاَلَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ قَبْلَ الْهِلاَلِ بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَعَشْرٍ أَكْمَلْنَا ثَلاَثِينَ بَعْدَ هِلاَلَيْنِ وَحَلَّتْ وَأَيُّ سَاعَةٍ طَلَّقَهَا مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِأَنْ تَأْتِيَ عَلَيْهَا تِلْكَ السَّاعَةُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي يُكْمِلُ ثَلاَثِينَ يَوْمًا بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ بِذَلِكَ الْيَوْمِ فَتَكُونُ قَدْ أَكْمَلَتْ ثَلاَثِينَ يَوْمًا عَدَدًا وَشَهْرَيْنِ بِالْأَهِلَّةِ وَلَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ فِي الطَّلاَقِ الَّذِي لَيْسَ بِبَائِنٍ حَتَّى تَمْضِيَ جَمِيعُ عِدَّتِهَا. وَلَوْ طَلَّقَهَا وَلَمْ تَحِضْ فَاعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ حَتَّى أَكْمَلَتْهَا ثُمَّ حَاضَتْ مَكَانَهَا كَانَتْ عِدَّتُهَا قَدْ انْقَضَتْ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ إكْمَالِهَا طُرْفَةُ عَيْنٍ فَأَكْثَرُ خَرَجَتْ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ لِأَنَّهَا لَمْ تُكْمِلْ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْعِدَّةِ بِالشُّهُورِ حَتَّى صَارَتْ مِمَّنْ لَهُ الْأَقْرَاءُ وَاسْتَقْبَلَتْ الْأَقْرَاءَ وَكَانَتْ مِنْ أَهْلِهَا فَلاَ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا إلَّا بِثَلاَثَةِ قُرُوءٍ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ الْمَرْأَةُ تَطْلُقُ وَلَمْ تَحِضْ فَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ فَتَحِيضُ بِعِدِّ مَا يَمْضِي شَهْرَانِ مِنْ الثَّلاَثَةِ الْأَشْهُرِ قَالَ لِتَعْتَدَّ حِينَئِذٍ بِالْحَيْضِ وَلاَ يُعْتَدُّ بِالشَّهْرِ الَّذِي قَدْ مَضَى.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ ارْتَفَعَ عَنْهَا الْحَيْضُ بَعْدَ أَنْ حَاضَتْ كَانَتْ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لاَ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا حَتَّى تَبْلُغَ أَنْ تُؤَيَّسَ مِنْ الْمَحِيضِ إلَّا أَنْ تَكُونَ بَلَغَتْ السِّنَّ الَّتِي يُؤَيَّسُ مِثْلُهَا فِيهَا مِنْ الْمَحِيضِ فَتَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ التِّسْعَةِ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ. قَالَ وَأَعْجَلُ مَنْ سَمِعْت بِهِ مِنْ النِّسَاءِ حِضْنَ نِسَاءُ تِهَامَةَ يَحِضْنَ لِتِسْعِ سِنِينَ، فَلَوْ رَأَتْ امْرَأَةٌ الْحَيْضَ قَبْلَ تِسْعِ سِنِينَ فَاسْتَقَامَ حَيْضُهَا اعْتَدَّتْ بِهِ وَأَكْمَلَتْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ فِي ثَلاَثِ حِيَضٍ فَإِنْ ارْتَفَعَ عَنْهَا الْحَيْضُ وَقَدْ رَأَتْهُ فِي هَذِهِ السِّنِينَ فَإِنْ رَأَتْهُ كَمَا تَرَى الْحَيْضَةَ وَدَمُ الْحَيْضَةِ بِلاَ عِلَّةٍ إلَّا كَعِلَلِ الْحَيْضَةِ وَدَمِ الْحَيْضَةِ ثُمَّ ارْتَفَعَ لَمْ تَعْتَدَّ إلَّا بِالْحَيْضِ حَتَّى تُؤَيَّسَ مِنْ الْمَحِيضِ فَإِنْ رَأَتْ دَمًا يُشْبِهُ دَمَ الْحَيْضَةِ لِعِلَّةٍ فِي هَذِهِ السِّنِّ اكْتَفَتْ بِثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ إذَا لَمْ يَتَتَابَعْ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ السِّنِّ وَلَمْ تَعْرِفْ أَنَّهُ حَيْضٌ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا إلَّا أَنْ تَرْتَابَ فَتَسْتَبْرِئَ نَفْسَهَا مِنْ الرِّيبَةِ، وَمَتَى رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ التِّسْعِ سِنِينَ فَهُوَ حَيْضٌ إلَّا أَنْ تَرَاهُ مِنْ شَيْءٍ أَصَابَهَا فِي فَرْجِهَا مِنْ جُرْحٍ أَوْ قُرْحَةٍ أَوْ دَاءٍ فَلاَ يَكُونُ حَيْضًا وَتَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً بَالِغًا بِنْتَ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ لَمْ تَحِضْ قَطُّ فَاعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ فَأَكْمَلَتْهَا ثُمَّ حَاضَتْ كَانَتْ مُنْقَضِيَةَ الْعِدَّةِ بِالشُّهُورِ كَاَلَّتِي لَمْ تَبْلُغْ تَعْتَدُّ بِثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ تَحِيضُ فَلاَ يَكُونُ عَلَيْهَا عِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ وَقَدْ أَكْمَلَتْهَا بِالشُّهُورِ وَلَوْ لَمْ تُكْمِلْهَا حَتَّى حَاضَتْ اسْتَقْبَلَتْ الْحَيْضَ وَسَقَطَتْ الشُّهُورُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: فَكَانَ بَيِّنًا فِي حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لاَ عِدَّةَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ أَنْ تُمَسَّ وَأَنَّ الْمَسِيسَ هُوَ الْإِصَابَةُ وَلَمْ أَعْلَمْ فِي هَذَا خِلاَفًا ثُمَّ اخْتَلَفَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ فِي الْمَرْأَةِ يَخْلُو بِهَا زَوْجُهَا فَيُغْلِقُ بَابًا وَيُرْخِي سِتْرًا وَهِيَ غَيْرُ مُحْرِمَةٍ وَلاَ صَائِمَةٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَشُرَيْحٌ وَغَيْرُهُمَا لاَ عِدَّةَ عَلَيْهَا إلَّا بِالْإِصَابَةِ نَفْسِهَا لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ هَكَذَا قَالَ. أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيَخْلُو بِهَا وَلاَ يَمَسُّهَا ثُمَّ يُطَلِّقُهَا لَيْسَ لَهَا إلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَبِهَذَا أَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرُ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي قَالَ زَوْجُهَا لَمْ أَدْخُلْ بِهَا إلَى أَرْبَعِ سِنِينَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ عَقَدَ عُقْدَةَ إنْكَاحِهَا لَزِمَ الزَّوْجَ الْوَلَدُ إلَّا بِأَنْ يَلْتَعِنَ فَإِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ حَتَّى مَاتَ أَوْ عُرِضَ عَلَيْهِ اللِّعَانُ وَقَدْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ نَفَاهُ أَوْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ وَلَمْ يَنْفِهِ لَحِقَ نَسَبُهُ بِأَبِيهِ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ تَامًّا إذَا أَلْزَمْنَاهُ الْوَلَدَ حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُصِيبٌ لَهَا قَالَ الرَّبِيعُ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَلْتَعِنْ أَلْحَقْنَا بِهِ الْوَلَدَ وَلَمْ نُغَرِّمْهُ إلَّا نِصْفَ الصَّدَاقِ لِأَنَّهَا قَدْ تُسْتَدْخَلُ نُطْفَةً فَتَحْبَلُ فَيَكُونُ وَلَدُهُ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا أَصَابَهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ الْتَعَنَ نَفَيْنَا عَنْهُ الْوَلَدَ وأحلفناه مَا أَصَابَهَا وَكَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِالْخَلْوَةِ بِهَا فَقَالَ لَمْ أُصِبْهَا وَقَالَتْ أَصَابَنِي وَلاَ وَلَدَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إذَا جَعَلَتْهُ إذَا طَلَّقَ لاَ يَلْزَمُهُ إلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ إلَّا أَنْ يُصِيبَ وَهِيَ مُدَّعِيَةٌ بِالْإِصَابَةِ عَلَيْهِ نِصْفَ الصَّدَاقِ لاَ يَجِبُ إلَّا بِالْإِصَابَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا يُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ فَإِنْ جَاءَتْ بِبَيِّنَةٍ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِإِصَابَتِهَا أَخَذَتْهُ بِالصَّدَاقِ كُلِّهِ، وَكَذَلِكَ إنْ جَاءَتْ بِشَاهِدٍ أَحَلَفْتهَا مَعَ شَاهِدِهَا وَأَعْطَيْتهَا الصَّدَاقَ فَإِنْ جَاءَتْ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ قَضَيْت لَهَا بِلاَ يَمِينٍ وَإِنْ جَاءَتْ بِامْرَأَتَيْنِ لَمْ أُحَلِّفْهَا أَوْ بِأَرْبَعٍ لَمْ أُعْطِهَا بِهِنَّ لاَ أُجِيزَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ إلَّا عَلَى مَا لاَ يَرَاهُ الرِّجَالُ مِنْ عُيُوبِ النِّسَاءِ خَاصَّةً وَوِلاَدِهِنَّ أَوْ مَعَ رَجُلٍ وَقَدْ قَالَ غَيْرُنَا إذَا خَلاَ بِهَا فَأَغْلَقَ بَابًا وَأَرْخَى سِتْرًا وَلَيْسَ بِمُحْرِمٍ وَلاَ هِيَ صَائِمَةٌ جَعَلْت لَهَا الْمَهْرَ تَامًّا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ تَامَّةً وَلَوْ صَدَّقَتْهُ أَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا لِأَنَّ الْعَجْزَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ لاَ يَكُونُ لَهَا الْمَهْرُ تَامًّا إلَّا بِالْإِصَابَةِ أَوْ بِأَنْ يَسْتَمْتِعَ مِنْهَا حَتَّى يُخْلِقَ ثِيَابَهَا وَنَحْوَ هَذَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَالْحُرَّةُ وَالْكِتَابِيَّةُ يُطَلِّقُهَا الْمُسْلِمُ أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا مِثْلُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فِي الْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى لاَ يَخْتَلِفَانِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى، وَجَمِيعُ مَا لَزِمَ الْمُسْلِمَةَ لاَزِمٌ لَهَا مِنْ الْإِحْدَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ قَبْلَ أَنْ تُكْمِلَهَا لَمْ تَسْتَأْنِفْ وَبَنَتْ عَلَى عِدَّتِهَا. وَهَكَذَا إنْ طَلَّقَهَا الْكِتَابِيُّ أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَإِنْ أَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ فِي الْعِدَّةِ كَانَ لِلزَّوْجِ حَيًّا وَوَرَثَتِهِ مَيِّتًا مِنْ مَنْعِهَا الْخُرُوجَ مَا لَهُمْ مِنْ مَنْعِ الْمُسْلِمَةِ لاَ يَخْتَلِفَانِ فِي شَيْءٍ غَيْرَ أَنَّهَا لاَ تَرِثُ الْمُسْلِمَ وَلاَ يَرِثُهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} وَقَالَ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} وَقَالَ عَزَّ ذِكْرُهُ: {وَاَللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاَتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} قَالَ: فَكَانَ بَيِّنًا فِي حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ يَقَعُ الطَّلاَقُ وَتَكُونُ الْوَفَاةُ. قَالَ وَإِذَا عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ يَقِينَ وَفَاةِ الزَّوْجِ أَوْ طَلاَقِهِ بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ لَهَا عَلَى مَوْتِهِ أَوْ طَلاَقِهِ أَوْ أَيِّ عِلْمٍ صَادِقٍ ثَبَتَ عِنْدَهَا اعْتَدَّتْ مِنْ يَوْمِ يَكُونُ الطَّلاَقُ وَتَكُونُ الْوَفَاةُ وَإِنْ لَمْ تَعْتَدَّ حَتَّى تَمْضِيَ عِدَّةُ الطَّلاَقِ وَالْوَفَاةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا هِيَ مُدَّةٌ تَمُرُّ عَلَيْهَا فَإِذَا مَرَّتْ عَلَيْهَا فَلَيْسَ عَلَيْهَا مَقَامُ مِثْلِهَا. قَالَ وَإِذَا خَفِيَ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَقَدْ اسْتَيْقَنَتْ بِالطَّلاَقِ أَوْ الْوَفَاةِ اعْتَدَّتْ مِنْ يَوْمِ اسْتَيْقَنَتْ أَنَّهَا اعْتَدَّتْ مِنْهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ يَكُونُ الطَّلاَقُ أَوْ الْوَفَاةُ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ الرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا وَهُوَ بِمِصْرٍ وَهِيَ بِمِصْرٍ آخَرَ مِنْ أَيِّ يَوْمٍ تَعْتَدُّ؟ قَالَ مِنْ يَوْمِ مَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا تَعْتَدُّ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي عَاصِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ فَمِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا. أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَالَ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ طَلُقَتْ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ مَاتَ وَالْمُطَلَّقَةُ مِنْ يَوْمِ طَلُقَتْ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعِدَدَ مِنْ الطَّلاَقِ بِثَلاَثَةِ قُرُوءٍ وَثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ وَمِنْ الْوَفَاةِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَذَكَرَ اللَّهُ الطَّلاَقَ لِلرِّجَالِ بِاثْنَتَيْنِ وَثَلاَثَةٍ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى الْأَحْرَارِ وَالْحَرَائِرِ وَالْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ وَكَانَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَّقَ فِي حَدِّ الزَّانِي بَيْنَ الْمَمَالِيكِ وَالْأَحْرَارِ فَقَالَ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} وَقَالَ فِي الْإِمَاءِ: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ} وَقَالَ فِي الشَّهَادَاتِ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} فَلَمْ يَخْتَلِفْ مَنْ لَقِيت أَنَّهَا عَلَى الْأَحْرَارِ دُونَ الْعَبِيدِ وَذَكَرَ الْمَوَارِيثَ فَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ لَقِيته فِي أَنَّ الْمَوَارِيثَ لِلْأَحْرَارِ دُونَ الْعَبِيدِ، وَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّيِّبَ الْحُرَّ الزَّانِيَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَنْ لَقِيت أَنْ لاَ رَجْمَ عَلَى عَبْدٍ ثَيِّبٍ. قَالَ وَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعِدَّةَ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ أَوْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ، وَفِي الْمَوْتِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُسْتَبْرَأَ الْأَمَةُ بِحَيْضَةٍ فَفَرَّقَ بَيْنَ اسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ وَكَانَتْ الْعِدَّةُ فِي الْحَرَائِرِ اسْتِبْرَاءً وَتَعَبُّدًا، وَكَذَلِكَ الْحَيْضَةُ فِي الْأَمَةِ اسْتِبْرَاءٌ وَتَعَبُّدٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا مِمَّنْ حَفِظْت عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ نِصْفُ عِدَّةِ الْحُرَّةِ فِيمَا كَانَ لَهُ نِصْفٌ مَعْدُودٌ مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلاً فَلَمْ يَجُزْ إذْ وَجَدْنَا مَا وَصَفْت مِنْ الدَّلاَئِلِ عَلَى الْفَرْقِ فِيمَا ذَكَرْنَا وَغَيْرِهِ بَيْنَ عِدَّةِ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ عِدَّةُ الْأَمَةِ نِصْفَ عِدَّةِ الْحُرَّةِ فِيمَا لَهُ نِصْفٌ وَذَلِكَ الشُّهُورُ. فَأَمَّا الْحَيْضُ فَلاَ يُعْرَفُ لَهُ نِصْفٌ فَتَكُونُ عِدَّتُهَا فِيهِ أَقْرَبَ الْأَشْيَاءِ مِنْ النِّصْفِ إذَا لَمْ يَسْقُطْ مِنْ النِّصْفِ شَيْءٌ وَذَلِكَ حَيْضَتَانِ وَلَوْ جَعَلْنَاهَا حَيْضَةً أَسْقَطْنَا نِصْفَ حَيْضَةٍ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَسْقُطَ عَنْهَا مِنْ الْعِدَّةِ شَيْءٌ فَأَمَّا الْحَمْلُ فَلاَ نِصْفَ لَهُ. قَدْ يَكُونُ يَوْمًا مِنْ يَوْمٍ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلاَقُ وَسُنَّةً وَأَكْثَرَ كَمَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَطْعِ نِصْفٌ فَيُقْطَعُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْأَمَةُ وَالْحُرَّةُ، وَكَانَ لِلزِّنَا حَدَّانِ أَحَدُهُمَا الْجَلْدُ فَكَانَ لَهُ نِصْفٌ فَجُعِلَ عَلَيْهَا النِّصْفُ وَلَمْ يَكُنْ لِلرَّجْمِ نِصْفٌ فَلَمْ يُجْعَلْ عَلَيْهَا وَلَمْ يُبْطِلْ عَنْهَا حَدَّ الزِّنَا وَحُدَّتْ بِأَحَدِ حَدَّيْهِ عَلَى الْأَحْرَارِ. وَبِهَذَا مَضَتْ الْآثَارُ عَمَّنْ رَوَيْنَا عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْأَمَةُ الْحُرَّ أَوْ الْعَبْدَ فَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَسَوَاءٌ وَالْعِدَّةُ بِهَا، تَعْتَدُّ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ حَيْضَتَيْنِ إذَا دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ حَلَّتْ، وَتَعْتَدُّ فِي الشُّهُورِ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ لاَ تَحِيضُ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ، وَتَعْتَدُّ فِي الْوَفَاةِ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَ لَيَالٍ، وَفِي الْحَمْلِ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا مُتَوَفًّى عَنْهَا أَوْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً. قَالَ وَلِزَوْجِهَا فِي الطَّلاَقِ إذَا كَانَتْ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ عَلَيْهَا مَا عَلَى الْحُرَّةِ فِي عِدَّتِهَا وَكَذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَتِهَا فِي الْعِدَّةِ مَا عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَةِ الْحُرَّةِ. وَلاَ يَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْهُ إلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا سَيِّدُهَا فَيَمْنَعَهَا الْعِدَّةَ فِي مَنْزِلِهِ فَتَسْقُطَ النَّفَقَةُ عَنْهُ كَمَا تَسْقُطُ لَوْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ فَأَخْرَجَهَا عَنْهُ إلَى بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهِ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلاَقًا لاَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ كَانَتْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا حَامِلاً مَا لَمْ يُخْرِجْهَا سَيِّدُهَا مِنْ مَنْزِلِهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي الْمُطَلَّقَاتِ: {وَإِنْ كُنَّ أُولاَتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وَلَمْ نَجِدْ أَثَرًا لاَزِمًا وَلاَ إجْمَاعًا بِأَنْ لاَ يُنْفَقَ عَلَى الْأَمَةِ الْحَامِلِ وَلَوْ ذَهَبْنَا إلَى أَنْ نَزْعُمَ أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْحَامِلِ إنَّمَا هِيَ لِلْحَمْلِ كَانَتْ نَفَقَةُ الْحَمْلِ لاَ تَبْلُغُ بَعْضَ نَفَقَةِ أَمَةٍ وَكَمَا يَكُونُ لَوْ كَانَ مَوْلُودًا لَمْ تَبْلُغْ نَفَقَتُهُ بَعْضَ نَفَقَةِ أُمِّهِ وَلَكِنَّهُ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا اتِّبَاعُهُ تَعَبُّدًا، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إلَى أَنْ جَعَلَ لِلْمُطَلَّقَةِ لاَ يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا النَّفَقَةَ قِيَاسًا عَلَى الْحَامِلِ فَقَالَ الْحَامِلُ مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ، وَكَذَلِكَ الْمُعْتَدَّةُ بِغَيْرِ الْحَمْلِ مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ عَنْ الْأَزْوَاجِ، فَذَهَبْنَا إلَى أَنَّهُ غَلَطٌ وَإِنَّمَا أَنْفَقْنَا عَلَى الْحَامِلِ بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لاَ بِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ وَقَدْ تَكُونُ مَحْبُوسَةً بِسَبَبِهِ بِالْمَوْتِ وَلاَ نَفَقَةَ لَهَا، وَاسْتَدْلَلْنَا بِالسُّنَّةِ عَلَى أَنْ لاَ نَفَقَةَ لِلَّتِي لاَ يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا إذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلاً. قَالَ وَالْأَمَةُ فِي النَّفَقَةِ بَعْدَ الْفِرَاقِ وَالسُّكْنَى مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ كَالْحُرَّةِ إلَّا مَا وَصَفْت مِنْ أَنْ يُخْرِجَهَا سَيِّدُهَا، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى أَبِي طَلْحَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه أَنَّهُ قَالَ يَنْكِحُ الْعَبْدُ امْرَأَتَيْنِ وَيُطَلِّقُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ حَيْضَتَيْنِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَحِيضُ فَشَهْرَيْنِ أَوْ شَهْرًا وَنِصْفًا: قَالَ سُفْيَانُ وَكَانَ ثِقَةً، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ لَوْ اسْتَطَعْت لَجَعَلْتهَا حَيْضَةً وَنِصْفًا فَقَالَ رَجُلٌ فَاجْعَلْهَا شَهْرًا وَنِصْفًا فَسَكَتَ عُمَرُ. قَالَ وَإِذَا طَلَّقَ الْحُرُّ أَوْ الْعَبْدُ الْأَمَةَ طَلاَقًا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ فَعِدَّتُهَا عِدَّةُ أَمَةٍ وَإِذَا مَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ عَتَقَتْ لَمْ تَعُدْ لِعِدَّةٍ وَلَمْ تَزِدْ عَلَى عِدَّتِهَا الْأُولَى، وَإِنْ أُعْتِقَتْ قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ بِسَاعَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَكْمَلَتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَقَعَ وَهِيَ فِي مَعَانِي الْأَزْوَاجِ فِي عَامَّةِ أَمْرِهَا. فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الطَّلاَقِ الَّذِي يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ قَبْلَ الْعِتْقِ لَمْ تَرِثْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا. وَإِنْ مَاتَ أَوْ مَاتَتْ وَقَدْ عَتَقَتْ قَبْلَ مُضِيِّ عِدَّتِهَا عِدَّةَ الْأَمَةِ وَقَبْلَ مُضِيِّ عِدَّةِ الْحُرَّةِ تَوَارَثَا وَيَقَعُ عَلَيْهَا إيلاَؤُهُ وَطَلاَقُهُ وَظِهَارُهُ وَمَا يَقَعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. قَالَ وَإِذَا كَانَ طَلاَقُهُ وَإِيلاَؤُهُ وَظِهَارُهُ يَقَعُ عَلَيْهَا إذَا طَلُقَتْ طَلاَقًا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَعَتَقَتْ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا لَمْ يَجُزْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، إلَّا أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ حُرَّةٍ وَيَتَوَارَثَانِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا الَّتِي لَزِمَتْهَا بِالْحُرِّيَّةِ، وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ عِنْدَ عَبْدٍ فَطَلَّقَهَا طَلاَقًا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ فَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَتَّى عَتَقَتْ فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ كَانَ ذَلِكَ لَهَا وَكَانَ اخْتِيَارُهَا فِرَاقَهُ فَسْخًا بِغَيْرِ طَلاَقٍ وَتُكْمِلُ مِنْهُ عِدَّةَ حُرَّةٍ مِنْ الطَّلاَقِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا صَارَتْ حُرَّةً قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ طَلاَقٍ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ وَلاَ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحْدَثَ لَهَا رَجْعَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا وَلَمْ يُصِبْهَا بَنَتْ عَلَى الْعِدَّةِ الْأُولَى لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ لَمْ تُمَسَّ فَإِنَّمَا عَلَيْهَا مِنْ الْعِدَّةِ الْأُولَى إكْمَالُ عِدَّةِ حُرَّةٍ. وَلَوْ كَانَ طَلاَقُ الْأَمَةِ طَلاَقًا لاَ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ ثُمَّ عَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ فَفِيهَا قَوْلاَنِ أَحَدُهُمَا أَنْ تَبْنِيَ عَلَى الْعِدَّةِ الْأُولَى وَأَنْ لاَ خِيَارَ لَهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ زَوْجَةٍ وَلاَ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ وَلاَ فِي مَعَانِي الْأَزْوَاجِ لاَ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلاَقُهُ وَلاَ إيلاَؤُهُ وَلاَ ظِهَارُهُ وَلاَ يَتَوَارَثَانِ لَوْ كَانَا فِي تِلْكَ الْحَالِ حُرَّيْنِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ عَلَيْهَا أَنْ تُكْمِلَ عِدَّةَ حُرَّةٍ وَلاَ تَكُونُ حُرَّةً تُكْمِلُ عِدَّةَ أَمَةٍ وَمَنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا ذَهَبَ إلَى أَنْ يَقِيسَهُ عَلَى الْعِدَّةِ فِي الطَّلاَقِ الَّذِي يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ. وَقَالَ الْمَرْأَةُ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ ثُمَّ تَحِيضُ تَسْتَقْبِلُ الْحَيْضَ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي بَعْضِ عِدَّتِهَا مِمَّنْ تَحِيضُ وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ فَيَقُولُ وَهَكَذَا لاَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي بَعْضِ عِدَّتِهَا حُرَّةً وَهِيَ تَعْتَدُّ عِدَّةَ أَمَةٍ وَقَالَ فِي الْمُسَافِرِ يُصَلِّي رَكْعَةً ثُمَّ يَنْوِي الْمُقَامَ يُتِمُّ أَرْبَعًا وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِ صَلاَتِهِ مُقِيمًا يُصَلِّي صَلاَةَ مُسَافِرٍ وَهَذَا أَشْبَهَ الْقَوْلَيْنِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْقِيَاسِ. قَالَ وَالْأَمَةُ مِنْ الْأَزْوَاجِ فَإِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهَا عِدَّتَانِ قَضَتْهُمَا كَمَا تَقْضِيهِمَا الْحُرَّةُ وَهِيَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالْإِحْدَادِ كَالْحُرَّةِ يَثْبُتُ عَلَيْهَا مَا يَثْبُتُ عَلَى الْحُرَّةِ وَيُرَدُّ عَنْهَا مَا يُرَدُّ عَنْهَا.
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ يُتَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا قَالَ تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا فَأَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا اسْتَبْرَأَتْ بِحَيْضَةٍ وَلاَ تَحِلُّ مِنْ الْحَيْضَةِ لِلْأَزْوَاجِ حَتَّى تَرَى الطُّهْرَ فَإِذَا رَأَتْهُ حَلَّتْ وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ. وَإِنْ أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ حَائِضٌ لَمْ يُعْتَدَّ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ، وَإِنْ أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ لاَ تَعْلَمُ فَاسْتَيْقَنَتْ أَنَّهَا قَدْ حَاضَتْ بَعْدَ الْعِتْقِ حَلَّتْ وَإِنْ لَمْ تَسْتَيْقِنْ اسْتَبْرَأَتْ نَفْسَهَا بِحَيْضَةٍ مِنْ سَاعَةِ يَقِينِهَا ثُمَّ حَلَّتْ. قَالَ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلاً فَأَجَلُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا. وَإِنْ اسْتَرَابَتْ لَمْ تُنْكَحْ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ وَهِيَ كَالْحُرَّةِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْعِدَّةِ سَوَاءٌ. وَإِذَا وَلَدَتْ جَارِيَةُ الرَّجُلِ مِنْهُ أَحْبَبْت لَهُ أَنْ لاَ يُزَوِّجَهَا وَإِنْ اسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ عَلَيْهَا رَضِيَتْ أَوْ لَمْ تَرْضَ. فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهَا وَلَمْ يُطَلِّقْهَا زَوْجُهَا وَلَمْ يَمُتْ فَلاَ اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلاَقًا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ أَوْ طَلاَقًا بَائِنًا فَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَتَّى مَاتَ سَيِّدُهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا اسْتِبْرَاءٌ مِنْ سَيِّدِهَا لِأَنَّ فَرْجَهَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ بِشَيْءٍ أَبَاحَهُ لِغَيْرِهِ بِنِكَاحٍ وَعِدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ. وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا مِنْهُ حَتَّى يَمُوتَ سَيِّدُهَا لَمْ تَسْتَبْرِئْ مِنْ سَيِّدِهَا لِأَنَّ فَرْجَهَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ بِعِدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ. وَلَوْ مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهَا اسْتَبْرَأَتْ مِنْ سَيِّدِهَا بِحَيْضَةٍ. قَالَ وَلَوْ مَاتَ زَوْجُهَا وَسَيِّدُهَا وَيُعْلَمُ أَنَّ أَحَدَهُمَا مَاتَ قَبْلَ الْآخَرِ بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلاَ يُعْلَمُ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ. اعْتَدَّتْ مِنْ حِينِ مَاتَ الْآخَرُ مِنْهُمَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا تَأْتِي فِيهَا بِحَيْضَةٍ وَإِنَّمَا قُلْنَا تَدْخُلُ إحْدَى الْعِدَّتَيْنِ فِي الْأُخْرَى أَنَّهُمَا لاَ يَلْزَمَانِهَا مَعًا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهَا إحْدَاهُمَا فَإِذَا جَاءَتْ بِهِمَا مَعًا عَلَى الْكَمَالِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَذَلِكَ أَكْثَرُ مَا يَلْزَمُهَا إنْ كَانَ سَيِّدُهَا مَاتَ قَبْلَ زَوْجِهَا فَلاَ اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَعَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ. وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا مَاتَ قَبْلَ سَيِّدِهَا وَلَمْ تَسْتَكْمِلْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَ لَيَالٍ فَلاَ اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا مِنْ سَيِّدِهَا. وَإِنْ كَانَ سَيِّدُهَا مَاتَ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ فَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَبْرِئَ مِنْ سَيِّدِهَا بِحَيْضَةٍ وَلاَ تَرِثُ زَوْجَهَا حَتَّى تَسْتَيْقِنَ أَنَّ سَيِّدَهَا مَاتَ قَبْلَ زَوْجِهَا، وَلَوْ كَانَ زَوْجُ هَذِهِ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهَا ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَكَانَ الزَّوْجُ حُرًّا اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ مِنْ يَوْمِ مَاتَ زَوْجُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَوَرِثَتْ زَوْجَهَا وَلَمْ تُبَالِ أَنْ لاَ تَأْتِيَ بِحَيْضَةٍ لِأَنَّهُ لاَ اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا مِنْ سَيِّدِهَا إذَا كَانَتْ فِي عِدَّةٍ مِنْ زَوْجِهَا. وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهَا وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ الطَّلاَقِ أَوْ أَعْتَقَهَا فَلَمْ تَخْتَرْ فِرَاقَ الزَّوْجِ حَتَّى مَاتَ الزَّوْجُ حُرًّا. كَانَ لَهَا مِنْهُ الْمِيرَاثُ وَتَسْتَقْبِلُ مِنْهُ عِدَّةَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا مِنْ يَوْمِ مَاتَ الزَّوْجُ وَلاَ اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا مِنْ سَيِّدِهَا، وَلَوْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ حِينَ عَتَقَتْ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ كَانَ الْفِرَاقُ فَسْخًا بِغَيْرِ طَلاَقٍ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا عِدَّةُ وَفَاةٍ وَلَمْ تَرِثْهُ وَأَكْمَلَتْ عِدَّةَ الطَّلاَقِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ بَعْدَ اخْتِيَارِهَا فِرَاقَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلاَ اسْتِبْرَاءَ لِسَيِّدِهَا. قَالَ وَإِذَا جَاءَتْ أُمُّ وَلَدِ رَجُلٍ بَعْدَ مَوْتِهِ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ مِنْ آخِرِ سَاعَاتِ حَيَاتِهِ فَالْوَلَدُ لاَحِقٌ بِهِ، وَهَكَذَا فِي الْحَيَاةِ لَوْ أَعْتَقَهَا إذَا لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا وَلَوْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِمَّا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ مِنْ يَوْمِ مَاتَ أَوْ أَعْتَقَ لَمْ يَلْزَمْهُ. قَالَ وَعِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا كَانَتْ حَامِلاً أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلاً فَحَيْضَةٌ. قَالَ وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ مُدَبَّرَةٍ لَهُ كَانَ يَطَؤُهَا أَوْ أَمَةٍ كَانَ يَطَؤُهَا اسْتَبْرَأَتْ بِحَيْضَةٍ فَإِنْ نَكَحَتْ هِيَ أَوْ أُمُّ الْوَلَدِ قَبْلَهَا فُسِخَ النِّكَاحُ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةٌ لاَ يَطَؤُهَا فَلاَ اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا وَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ لَمْ تَنْكِحْ حَتَّى تَسْتَبْرِئَ نَفْسَهَا. وَإِذَا كَانَتْ لِلْعَبْدِ امْرَأَةٌ ثُمَّ كَاتَبَ فَاشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ كَمَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ لِغَيْرِهَا وَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ إذَا جَعَلْته يَمْلِكُهَا لَمْ أَجْعَلْ لَهُ نِكَاحَهَا وَتَعْتَدُّ مِنْ النِّكَاحِ بِحَيْضَتَيْنِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَحِيضُ فَشَهْرٌ وَنِصْفٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ مِلْكًا تَامًّا، وَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ مُضِيِّ عِدَّتِهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَهِيَ تَعْتَدُّ مِنْ مِائَةٍ إنَّمَا تَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ وَلاَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلاَ أَكْرَهُ لَهُ وَطْأَهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ إنَّمَا أَكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ الْفَاسِدِ وَلاَ أُحَرِّمُهُ عَلَيْهِ وَلاَ أُفْسِدُ النِّكَاحَ وَلَوْ وَقَعَ وَهِيَ تَعْتَدُّ مِنْ الْمَاءِ الْفَاسِدِ، وَلَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ أَكْمَلَتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ انْفِسَاخِ نِكَاحِهِ وَكَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلسَّيِّدِ تَرَكَ وَفَاءً أَوْ لَمْ يَتْرُكْهُ أَوْ وَلَدًا كَانُوا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَوْ أَحْرَارًا وَلَمْ يَدَّعِهِمْ، وَلَوْ رَضِيَ السَّيِّدُ أَنْ يُزَوِّجَهُ إيَّاهَا فَزَوَّجَهُ إيَّاهَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمُكَاتَبِ كَمَا يَمْلِكُ مَالَهُ وَلَوْ رَضِيَ أَنْ يَتَسَرَّاهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ وَلَوْ تَسَرَّاهَا الْمُكَاتَبُ فَوَلَدَتْ أَلْحَقْت بِهِ الْوَلَدَ وَمَنَعْته الْوَطْءَ وَفِيهَا قَوْلاَنِ: أَحَدُهُمَا لاَ يَبِيعُهَا بِحَالٍ خَافَ الْعَجْزَ أَوْ لَمْ يَخَفْهُ لِأَنِّي قَدْ حَكَمْت لِوَلَدِهَا بِحُكْمِ الْحُرِّيَّةِ إنْ عَتَقَ أَبُوهُ وَالثَّانِي: أَنَّ لَهُ بَيْعَهَا إنْ خَافَ الْعَجْزَ وَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا إنْ لَمْ يَخَفْهُ، وَإِنْ مَاتَ اسْتَبْرَأَتْ بِحَيْضَةٍ كَمَا تَسْتَبْرِئُ الْأَمَةُ وَكَذَلِكَ إذَا مَنَعْته وَطْأَهَا أَوْ أَرَادَ بَيْعَهَا اسْتَبْرَأَتْ بِحَيْضَةٍ لاَ تَزِيدُ عَلَيْهَا. وَإِذَا تَزَوَّجَ الْمُكَاتَبُ امْرَأَةً حُرَّةً ثُمَّ وَرِثَتْهُ فَسَدَ النِّكَاحُ وَاعْتَدَّتْ مِنْهُ عِدَّةَ مُطَلَّقَةٍ وَإِنْ مَاتَ حِينَ تَمْكُثُهُ حُرًّا أَوْ مَمْلُوكًا فَسَوَاءٌ النِّكَاحُ يَنْفَسِخُ وَعِدَّتُهَا عِدَّةُ مُطَلَّقَةٍ لاَ عِدَّةُ مُتَوَفًّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَلاَ تَرِثُ مِنْهُ إنْ كَانَ حُرًّا لِأَنَّ النِّكَاحَ انْفَسَخَ سَاعَةَ وَقَعَ عَقْدُ الْمِلْكِ وَهَذَا لَوْ كَانَتْ بِنْتَ سَيِّدِهِ زَوَّجَهُ إيَّاهَا بِإِذْنِهَا فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَمَتَى وَرِثَتْ مِنْهُ شَيْئًا كَانَ كَمَا وَصَفْت. وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ أَلْزَمْت الْمَيِّتَ الْوَلَدَ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَوْ لَمْ تُقِرَّ بِهَا مَا لَمْ تَنْكِحْ زَوْجًا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ، وَلَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ أَنْ تَكُونَ وَلَدَتْهُ فَجَاءَتْ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ يَشْهَدْنَ عَلَى أَنَّهَا وَلَدَتْهُ لَزِمَ الْمَيِّتَ، وَهَكَذَا كُلُّ زَوْجٍ جَحَدَ وِلاَدَ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يَقْذِفْهَا فَقَالَ لَمْ تَلِدِي هَذَا الْوَلَدَ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا بِأَنْ يُقِرَّ بِهِ أَوْ بِالْحَمْلِ بِهِ أَوْ تَأْتِيَ الْمَرْأَةُ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ يَشْهَدْنَ عَلَى وِلاَدِهَا فَيَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ. وَإِذَا نَكَحَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُقِرَّ بِالدُّخُولِ بِهَا وَلاَ وَرَثَتُهُ وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ نَكَحَهَا أَوْ أَكْثَرَ لَزِمَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهَا لَزِمَهُ لِأَكْثَرَ مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ. وَإِذَا مَاتَ الصَّبِيُّ الَّذِي لاَ يُجَامِعُ مِثْلُهُ عَنْ امْرَأَتِهِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ فَعِدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْهُ وَلاَ يَلْحَقُ بِهِ إذَا أَحَاطَ الْعِلْمُ أَنَّ مِثْلَهُ لاَ يُنْزِلُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلاَ فِي حَيَاتِهِ، وَإِنْ وَضَعَتْ الْحَمْلَ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ أَكْمَلَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَإِنْ مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ حَلَّتْ مِنْهُ وَتَحِدُّ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ وَلاَ تَحِدُّ بَعْدَهَا. وَإِذَا نَكَحَ الْخَصِيُّ غَيْرُ الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيُّ الْمَجْبُوبُ وَعَلِمَتْ زَوْجَتَاهُمَا قَبْلَ النِّكَاحِ فَرَضِيَتَا أَوْ بَعْدَ النِّكَاحِ فَاخْتَارَتَا الْمُقَامَ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ، وَإِذَا أَصَابَ الْخَصِيُّ غَيْرُ الْمَجْبُوبِ فَهُوَ كَالرَّجُلِ غَيْرِ الْخَصِيِّ يَجِبُ الْمَهْرُ بِإِصَابَتِهِ، وَإِذَا كَانَ أُبْقِيَ لِلْخَصِيِّ شَيْءٌ يَغِيبُ فِي الْفَرْجِ فَهُوَ كَالْخَصِيِّ غَيْرِ الْمَجْبُوبِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ وَكَانَ وَالْخَصِيُّ يُنْزِلاَنِ لَحِقَهُمَا الْوَلَدُ كَمَا يَلْحَقُ الْفَحْلَ وَاعْتَدَّتْ زَوْجَتَاهُمَا مِنْهُمَا كَمَا تَعْتَدُّ زَوْجَةُ الْفَحْلِ مِنْ الطَّلاَقِ وَالْوَفَاةِ وَطَلاَقُهُمَا بِكُلِّ حَالٍ إذَا كَانَا بَالِغَيْنِ كَطَلاَقِ الْفَحْلِ الْبَالِغِ. وَلاَ يَجُوزُ طَلاَقُ الصَّبِيِّ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ خَمْسَ عَشْرَةَ أَوْ يَحْتَلِمَ قَبْلَهَا، وَلاَ طَلاَقُ الْمَعْتُوهِ، وَلاَ طَلاَقُ الْمَجْنُونِ الَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ إذَا طَلَّقَ فِي حَالِ جُنُونِهِ وَإِنْ طَلَّقَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ جَازَ. قَالَ وَيَجُوزُ طَلاَقُ السَّكْرَانِ. وَمَنْ لَمْ يُجِزْ طَلاَقُهُ فَالْمَرْأَةُ امْرَأَتُهُ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَصِيرَ إلَى أَنْ يَجُوزَ طَلاَقُهُ وَكُلُّ بَالِغٍ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ كَمَا يَلْزَمُ الصَّحِيحَ وَلاَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَنْفِيَ الْوَلَدَ بِلِعَانٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يَعْقِلُ لِعَانًا وَلاَ تَبِينُ مِنْهُ امْرَأَتُهُ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمُطَلَّقَاتِ: {وَأُولاَتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: فَأَيُّ مُطَلَّقَةٍ طَلُقَتْ حَامِلاً فَأَجَلُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا. قَالَ وَلَوْ كَانَتْ تَحِيضُ عَلَى الْحَمْلِ تَرَكَتْ الصَّلاَةَ وَاجْتَنَبَهَا زَوْجُهَا وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهِ إنَّمَا أَجَلُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا. قَالَ فَإِنْ كَانَتْ تَرَى أَنَّهَا حَامِلٌ وَهِيَ تَحِيضُ فَارْتَابَتْ أَحْصَتْ الْحَيْضَ وَنَظَرَتْ فِي الْحَمْلِ فَإِنْ مَرَّتْ لَهَا ثَلاَثُ حِيَضٍ فَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَقَدْ بَانَ لَهَا أَنْ لَيْسَ بِهَا حَمْلٌ فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّلاَثِ الْحِيَضِ فَإِنْ ارْتَجَعَهَا زَوْجُهَا فِي حَالِ ارْتِيَابِهَا بَعْدَ ثَلاَثِ حِيَضٍ وَقَفْنَا الرَّجْعَةَ فَإِنْ بَانَ حَمْلٌ فَالرَّجْعَةُ ثَابِتَةٌ، وَإِنْ بَانَ أَنْ لَيْسَ بِهَا حَمْلٌ فَالرَّجْعَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ عَجِلَ فَأَصَابَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا أَصَابَ مِنْهَا وَتَسْتَقْبِلُ عِدَّةً أُخْرَى وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ خَاطِبٌ، وَهَكَذَا الْمَرْأَةُ الْمُطَلَّقَةُ الَّتِي لَمْ تَحِضْ تَرْتَابُ مِنْ الْحَمْلِ فَتَمُرُّ بِهَا ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ لاَ تُخَالِفُ حَالَ الَّتِي ارْتَابَتْ مِنْ الْحَمْلِ وَهِيَ تَحِيضُ فَحَاضَتْ ثَلاَثَ حِيَضٍ إنْ بَرِئَتْ مِنْ الْحَمْلِ بَرِئَتْ مِنْ الْعِدَّةِ فِي الثَّلاَثَةِ الْأَشْهُرِ الَّتِي مَرَّتْ بِهَا بَعْدَ الطَّلاَقِ فِي حَالِ رِيبَةٍ مَرَّتْ بِهَا أَوْ غَيْرِ رِيبَةٍ، وَإِنْ لَمْ تَبْرَأْ مِنْ الْحَمْلِ وَبَانَ بِهَا الْحَمْلُ فَأَجَلُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا وَإِنْ رَاجَعَهَا زَوْجُهَا فِي الثَّلاَثَةِ الْأَشْهُرِ ثَبَتَتْ الرَّجْعَةُ كَانَتْ حَامِلاً أَوْ لَمْ تَكُنْ، فَإِذَا رَاجَعَهَا بَعْدَ الثَّلاَثَةِ الْأَشْهُرِ وَقَفَتْ الرَّجْعَةُ فَإِنْ بَرِئَتْ مِنْ الْحَمْلِ فَالرَّجْعَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ الطَّلاَقُ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا فِي الْحَيْضِ أَوْ الشُّهُورِ، وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَهُوَ يَرَاهُ حَمْلاً بَطَلَتْ النَّفَقَةُ مِنْ يَوْمِ أَكْمَلَتْ الْحَيْضَ وَالشُّهُورَ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَ بَعْدَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ بِالشُّهُورِ وَالْحَيْضِ وَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ حِينَ كَانَ يَرَاهَا حَامِلاً فَإِنْ كَانَتْ حَامِلاً فَالرَّجْعَةُ ثَابِتَةٌ وَلَهَا النَّفَقَةُ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَأَبْطَلَتْ الرَّجْعَةَ جَعَلْت لَهَا الصَّدَاقَ بِالْمَسِيسِ وَاسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ أَصَابَهَا وَكَانَ خَاطِبًا فَإِنْ رَاجَعَهَا وَهِيَ تَرَى أَنَّهَا حَامِلٌ بَعْدَ الثَّلاَثَةِ الْأَشْهُرِ ثُمَّ انْفَشَّ مَا فِي بَطْنِهَا فَعَلِمَ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ فَالرَّجْعَةُ بَاطِلَةٌ. قَالَ الرَّبِيعُ انْفَشَّ ذَهَبَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَلاَ تُنْكَحُ الْمُرْتَابَةُ مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ وَلاَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مِنْ الْحَمْلِ وَإِنْ أَوْفَيْنَ عِدَدَهُنَّ لِأَنَّهُنَّ لاَ يَدْرِينَ مَا عِدَدُهُنَّ؟ الْحَمْلُ أَوْ مَا اعْتَدْنَ بِهِ؟ وَإِنْ نَكَحْنَ لَمْ نَفْسَخْ النِّكَاحَ وَوَقَفْنَاهُ فَإِنْ بَرِئْنَ مِنْ الْحَمْلِ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَقَدْ أَسَأْنَ حِينَ نَكَحْنَ وَهُنَّ مُرْتَابَاتٌ، وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ مَنَعْنَاهُنَّ الدُّخُولَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنْ لَيْسَ حَمْلٌ فَإِنْ وَضَعْنَ أَبْطَلْنَا النِّكَاحَ وَإِنْ بَانَ أَنْ لاَ حَمْلَ خَلَّيْنَا بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الدُّخُولِ. قَالَ وَمَتَى وَضَعَتْ الْمُعْتَدَّةُ مَا فِي بَطْنِهَا كُلِّهِ فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مُطَلَّقَةً كَانَتْ أَوْ مُتَوَفًّى عَنْهَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الطَّلاَقِ أَوْ الْمَوْتِ بِطَرْفَةِ عَيْنٍ. وَإِنْ كَانَتْ حَامِلاً بِاثْنَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ فَوَضَعَتْ الْأَوَّلَ فَلِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ حَتَّى تَضَعَ الثَّانِيَ. فَإِنْ رَاجَعَهَا بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ وَهِيَ تَجِدُ حَرَكَةَ وَلَدٍ أَوْقَفْنَا الرَّجْعَةَ فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ أَوْ أَسْقَطَتْ سِقْطًا تَبَيَّنَ لَهُ مِنْ خَلْقِ الْآدَمِيِّينَ شَيْءٌ فَرَجْعَتُهُ ثَابِتَةٌ وَإِنْ لَمْ تَضَعْ شَيْئًا إلَّا مَا يَخْرُجُ مِنْ النِّسَاءِ مِمَّا يَتْبَعُ الْوَلَدَ أَوْ مَا لاَ يَتَبَيَّنُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ الْآدَمِيِّينَ فَالرَّجْعَةُ بَاطِلَةٌ وَكَذَلِكَ هَذَا لَوْ وَضَعَتْ الْأَوَّلَيْنِ وَبَقِيَ ثَالِثٌ أَوْ شَيْءٌ تَجِدُهُ تَرَاهُ ثَالِثًا. أَوْ ثَلاَثَةً وَبَقِيَ رَابِعٌ لاَ تَخْلُوَا أَبَدًا مِنْ زَوْجِهَا إلَّا بِوَضْعِ آخِرِ حَمْلِهَا وَلَيْسَ مَا يَتْبَعُ الْحَمْلَ مِنْ الْمَشِيمَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لاَ يَبِينُ لَهُ خَلْقُ آدَمِيٍّ حَمْلاً. قَالَ وَلَوْ ارْتَجَعَهَا وَقَدْ خَرَجَ بَعْضُ وَلَدِهَا وَبَقِيَ بَعْضُهُ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ وَلاَ تَخْلُو مِنْهُ حَتَّى يُفَارِقَهَا كُلُّهُ خَارِجًا مِنْهَا فَإِذَا فَارَقَهَا كُلُّهُ فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا. وَإِنْ لَمْ يَقَعْ فِي طَسْتٍ وَلاَ غَيْرِهِ. قَالَ وَأَقَلُّ مَا تَخْلُو بِهِ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ الطَّلاَقِ وَالْوَفَاةِ مِنْ وَضْعِ الْحَمْلِ أَنْ تَضَعَ سِقْطًا قَدْ بَانَ لَهُ مِنْ خَلْقِ بَنِي آدَمَ شَيْءٌ عَيْنٌ أَوْ ظُفْرٌ أَوْ أُصْبُعٌ أَوْ رَأْسٌ أَوْ يَدٌ أَوْ رَجُلٌ أَوْ بَدَنٌ أَوْ مَا إذَا رُئِيَ عَلِمَ مَنْ رَآهُ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ إلَّا خَلْقَ آدَمِيٍّ لاَ يَكُونُ دَمًا فِي بَطْنٍ وَلاَ حَشْوَةً وَلاَ شَيْئًا لاَ يَبِينُ خَلْقُهُ. فَإِذَا وَضَعَتْ مَا هُوَ هَكَذَا حَلَّتْ بِهِ مِنْ عِدَّةِ الطَّلاَقِ وَالْوَفَاةِ. قَالَ وَإِذَا أَلْقَتْ شَيْئًا مُجْتَمِعًا شَكَّ فِيهِ أَهْلُ الْعَدْلِ مِنْ النِّسَاءِ أَخُلِقَ هُوَ أَمْ لاَ لَمْ تَحِلَّ بِهِ وَلاَ تَخْلُو إلَّا بِمَا لاَ يَشْكُكْنَ فِيهِ. وَإِنْ اخْتَلَفَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا فَقَالَتْ قَدْ وَضَعْت وَلَدًا أَوْ سِقْطًا قَدْ بَانَ خَلْقُهُ، وَقَالَ زَوْجُهَا لَمْ تَضَعِي. فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا، وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى زَوْجِهَا. فَإِنْ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ مَا وَضَعَتْ كَانَتْ لَهُ الرَّجْعَةُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّجْعَةُ قَالَ وَلَوْ قَالَتْ وَضَعْت شَيْئًا أَشُكُّ فِيهِ أَوْ شَيْئًا لاَ أَعْقِلُهُ وَقَدْ حَضَرَهُ نِسَاءٌ فَاسْتَشْهَدَتْ بِهِنَّ وَأَقَلُّ مَنْ يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ حَرَائِرُ عُدُولٌ مُسْلِمَاتٌ لاَ يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنْهُنَّ وَلاَ يُقْبَلُ فِيهِنَّ وَالِدَةٌ وَلاَ وَلَدٌ وَتُقْبَلُ أَخَوَاتُهَا وَغَيْرُهُنَّ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهَا وَالْأَجْنَبِيَّات وَمَنْ أَرْضَعَهَا مِنْ النِّسَاءِ.
وَلَوْ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ وَوَلَدَتْ فَلَمْ تَدْرِ هِيَ أَوَقَعَ الطَّلاَقُ عَلَيْهَا قَبْلَ وِلاَدِهَا أَوْ بَعْدَهُ؟ وَقَالَ هُوَ وَقَعَ بَعْدَ مَا وَلَدْت فَلِي عَلَيْك الرَّجْعَةُ وَكَذَّبَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا لِأَنَّ الرَّجْعَةَ حَقٌّ لَهُ. وَالْخُلُوُّ مِنْ الْعِدَّةِ حَقٌّ لَهَا فَإِذَا لَمْ تَدَعْ حَقَّهَا فَتَكُونُ أَمْلَكَ بِنَفْسِهَا لِأَنَّهُ فِيهَا دُونَهُ لَمْ يَزُلْ حَقُّهُ إنَّمَا يَزُولُ بِأَنْ تَزْعُمَ هِيَ أَنَّهُ زَالَ. قَالَ وَلَوْ لَمْ يَدْرِ هُوَ وَلاَ هِيَ أَوَقَعَ الطَّلاَقُ قَبْلَ الْوِلاَدِ أَوْ بَعْدَهُ بِأَنْ كَانَ عَنْهَا غَائِبًا حِينَ طَلَّقَهَا بِنَاحِيَةٍ مِنْ مِصْرِهَا أَوْ خَارِجَ مِنْهُ كَانَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِأَنَّ الْعِدَّةَ تَجِبُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ فَلاَ تُزِيلُهَا عَنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ أَنْ تَأْتِيَ بِهَا وَكَانَ الْوَرَعُ أَنْ لاَ يَرْتَجِعَهَا لِأَنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلَّهَا قَدْ حَلَّتْ مِنْهُ وَلَوْ ارْتَجَعَهَا لَمْ أَمْنَعْهُ لِأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِي مَنْعُهُ رَجْعَتَهَا إلَّا بِيَقِينِ أَنْ قَدْ حَلَّتْ مِنْهُ. قَالَ وَالْحُرَّةُ الْكِتَابِيَّةُ تَكُونُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ أَوْ الْكِتَابِيِّ فِي عِدَدِ الطَّلاَقِ أَوْ الْوَفَاةِ وَمَا يَلْزَمُ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ تَرْكِ الْخُرُوجِ وَالْإِحْدَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَيَلْزَمُ لَهَا بِكُلِّ وَجْهٍ سَوَاءٌ لاَ يَخْتَلِفَانِ فِي ذَلِكَ وَالْحُرَّةُ الْمُسْلِمَةُ الصَّغِيرَةُ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ إلَّا أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ فِي غَيْرِ الْحَمْلِ نِصْفُ عِدَّةِ الْحُرَّةِ وَأَنَّ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ أَنْ يُخْرِجَهَا وَإِذَا أَخْرَجَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ عَلَى مُطَلِّقٍ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَلاَ حَمْلَ. قَالَ وَتَجْتَمِعُ الْعِدَّةُ مِنْ النِّكَاحِ الثَّابِتِ وَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ فِي شَيْءٍ وَتَفْتَرِقُ فِي غَيْرِهِ. وَإِذَا اعْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الطَّلاَقِ وَالْمَنْكُوحَةُ نِكَاحًا فَاسِدًا بِالْفُرْقَةِ فَعِدَّتُهُمَا سَوَاءٌ لاَ يَخْتَلِفَانِ فِي مَوْضِعِ الْحَمْلِ وَالْأَقْرَاءِ وَالشُّهُورِ غَيْرَ أَنْ لاَ نَفَقَةَ لِمَنْكُوحَةٍ نِكَاحًا فَاسِدًا فِي الْحَمْلِ وَلاَ سُكْنَى إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ الْمُصِيبُ لَهَا بِالسُّكْنَى لِيُحْصِنَهَا فَيَكُونَ ذَلِكَ لَهَا بِتَطَوُّعِهِ وَلَهُ بِتَحْصِينِهَا. وَإِذَا نَكَحَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ نِكَاحًا فَاسِدًا فَمَاتَ عَنْهَا ثُمَّ عَلِمَ فَسَادَ النِّكَاحِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا حَتَّى مَاتَ فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ هَذِهِ عِدَّةَ مُطَلَّقَةٍ وَلاَ تَعْتَدُّ عِدَّةَ مُتَوَفًّى عَنْهَا وَلاَ تَحِدُّ فِي شَيْءٍ مِنْ عِدَّتِهِ وَلاَ مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً وَإِنَّمَا تُسْتَبْرَأُ بِعِدَّةِ مُطَلَّقَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مَا تَعْتَدُّ بِهِ حُرَّةٌ فَتَعْتَدُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلاً فَتَضَعَ حَمْلَهَا فَتَحِلَّ لِلْأَزْوَاجِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ. وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلاَقًا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ أَوْ لاَ يَمْلِكُهَا فَلَمْ يُحْدِثْ لَهَا الزَّوْجُ رَجْعَةً وَلاَ نِكَاحًا حَتَّى وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ الْوَلَدَ وَلَمْ يُقِرَّ بِالْحَمْلِ فَالْوَلَدُ مَنْفِيٌّ عَنْهُ بِلاَ لِعَانٍ لِأَنَّهَا وَلَدَتْ بَعْدَ الطَّلاَقِ لِمَا لاَ تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ. وَإِنْ كَانَ الطَّلاَقُ لاَ يَمْلِكُ فِي الرَّجْعَةَ رَدَّتْ نَفَقَةَ الْحَمْلِ إنْ كَانَتْ أَخَذَتْهَا. وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَلَمْ تُقِرَّ بِثَلاَثِ حِيَضٍ مَضَتْ أَوْ تَكُونُ مِمَّنْ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ فَتُقِرُّ بِمُضِيِّ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ فَلَهَا النَّفَقَةُ فِي أَقَلَّ مَا كَانَتْ تَحِيضُ لَهُ ثَلاَثَ حِيَضٍ وَذَلِكَ أَنِّي أَجْعَلُهَا طَاهِرًا حِينَ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَحِيضُ مِنْ يَوْمِهَا ثُمَّ أَحْسِبُ لَهَا أَقَلَّ مَا كَانَتْ تَحِيضُ فِيهِ ثَلاَثَ حِيَضٍ فَأَجْعَلُ لَهَا فِيهِ النَّفَقَةَ إلَى أَنْ تَدْخُلَ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَبْتَدِئُ ذَلِكَ بِمَا وَصَفْت مِنْ أَنْ أَجْعَلَ طُهْرَهَا قَبْلَ حَيْضِهَا مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا وَأَقَلُّ مَا تَحِيضُ وَتَطْهُرُ وَإِنْ كَانَ حَيْضُهَا يَخْتَلِفُ فَيَطُولُ وَيَقْصُرُ لَمْ أَجْعَلْ لَهَا إلَّا أَقَلَّ مَا كَانَتْ تَحِيضُ لِأَنَّ ذَلِكَ الْيَقِينُ وَأَطْرَحُ عَنْهُ الشَّكَّ وَأَجْعَلُ الْعِدَّةَ مُنْقَضِيَةً بِالْحَمْلِ لِأَنَّهَا مُفْسِدَةٌ لِلْحَيْضَةِ وَوَاضِعَةٌ لِلْحَمْلِ فَلَوْ كَانَتْ عِدَّتُهَا الشُّهُورَ جَعَلْت لَهَا نَفَقَةَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا وَبَرِئَتْ مِنْ الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ. وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَلَدُ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ. قَالَ وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ كَانَ ابْنَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْتَجِعُ وَيَنْكِحُ نِكَاحًا جَدِيدًا وَيُصِيبُ بِشُبْهَةٍ فِي الْعِدَّةِ لِيَكُونَ وَلَدَهُ. وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ الزَّوْجُ وَلَكِنَّ الْمَرْأَةَ ادَّعَتْ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ نَكَحَهَا إذَا كَانَ الطَّلاَقُ بَائِنًا وَأَصَابَهَا وَهِيَ تَرَى أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةَ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ مَاتَ وَلَمْ يُقِرَّ لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَلَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ عَلَى دَعْوَاهَا إنْ كَانَ حَيًّا وَعَلَى وَرَثَتِهِ عَلَى عِلْمِهِمْ إنْ كَانَ مَيِّتًا وَسَأَلْت أَيْمَانَهُمْ. وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلاَقًا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ أَوْ لاَ يَمْلِكُهَا فَأَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَوْ لَمْ تُقِرَّ بِهَا حَتَّى وَلَدَتْ وَلَدًا لَمْ يُجَاوِزْ أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ السَّاعَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الطَّلاَقُ أَوْ أَقَلَّ فَالْوَلَدُ أَبَدًا لاَحِقٌ بِالْأَبِ لِأَكْثَرَ مَا يَكُونُ لَهُ حَمْلُ النِّسَاءِ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا كَانَ الْأَبُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا لاَ يُنْفَى الْوَلَدُ عَنْ الْأَبِ إلَّا بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَكْثَرَ مِمَّا تَحْمِلُ النِّسَاءُ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا أَوْ يَلْتَعِنَ فَيَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ أَوْ تَزَوَّجَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ فَتَكُونُ فِرَاشًا وَإِذَا تَزَوَّجَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ وَقَدْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَقَرَّ بِالدُّخُولِ بِهَا أَوْ لَمْ يُقِرَّ حَتَّى جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ وَقَعَتْ عُقْدَةُ النِّكَاحِ فَالْوَلَدُ لَهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ كَذَبْت فِي قَوْلِي انْقَضَتْ الْعِدَّةُ لَمْ تَصْدُقْ عَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَلَوْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ وَقَعَتْ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الْآخَرِ وَتَمَامِ أَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ يَوْمِ فَارَقَهَا الْأَوَّلُ كَانَ لِلْأَوَّلِ. وَلَوْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ فَارَقَهَا الْأَوَّلُ كَانَ لِلْأَوَّلِ. وَلَوْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ نَكَحَهَا الْآخَرُ وَأَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ لَمْ يَكُنْ ابْنَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ مِنْ طَلاَقِ الْأَوَّلِ لِمَا لاَ تَحْمِلُ لَهُ النِّسَاءُ وَمِنْ نِكَاحِ الْآخَرِ لِمَا لاَ تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ. وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ وَقَعَ الطَّلاَقُ بِالْوَلَدِ الْأَوَّلِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْوَلَدِ الْآخَرِ وَلَمْ يَقَعْ بِهِ طَلاَقٌ لِأَنَّ الطَّلاَقَ وَقَعَ وَلاَ عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَوْ وَلَدَتْ ثَلاَثَةً فِي بَطْنٍ وَقَعَتْ تَطْلِيقَتَانِ بِالْوَلَدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لِأَنَّ الطَّلاَقَ وَقَعَ وَهُوَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّالِثِ وَلاَ يَقَعُ بِهِ طَلاَقٌ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَوَلَدَتْ أَرْبَعَةً فِي بَطْنٍ وَقَعَ الثَّلاَثُ بِالثَّلاَثِ الْأَوَائِلِ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالْوَلَدِ الرَّابِعِ. وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ بَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَنَةٌ وَقَعَ الطَّلاَقُ بِالْأَوَّلِ وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ بِالْآخَرِ وَإِنْ كَانَ الطَّلاَقُ لاَ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ فَلاَ نَفَقَةَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَلَهَا النَّفَقَةُ كَمَا وَصَفْت فِي أَقَلَّ مَا كَانَتْ تَحِيضُ فِيهِ ثَلاَثَ حِيَضٍ حَتَّى تَدْخُلَ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ. قَالَ وَإِنَّمَا فَرَّقْت بَيْنَ هَذَا وَالْمَسَائِلِ قَبْلَهُ لِأَنَّ الزَّوْجَ ابْتَدَأَ الطَّلاَقَ كَمَا يَقَعُ عَلَى الْحَانِثِ بِكَلاَمٍ تَقَدَّمَ قَبْلَ وَضْعِ حَمْلِهَا وَقَعَ بِوَضْعِ حَمْلِهَا مِنْهُ ثُمَّ لَمْ يُحْدِثْ نِكَاحًا وَلاَ رَجْعَةً فَيَلْزَمُهُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ فَيَلْزَمْهُ إقْرَارُهُ وَكَانَ الْوَلَدُ مَنْفِيًّا عَنْهُ بِلاَ لِعَانٍ وَغَيْرُ مُمْكِنٍ أَنْ يَكُونَ أَبَدًا فِي الظَّاهِرِ مِنْهُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ لَمْ يُنْفَ الْوَلَدُ إذَا أَقَرَّتْ أُمُّهُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ثُمَّ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ إقْرَارِهَا؟ قِيلَ: لَمَّا أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ تَحِيضُ وَهِيَ حَامِلٌ فَتُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْحَمْلُ قَائِمٌ لَمْ نَقْطَعْ حَقَّ الْوَلَدِ بِإِقْرَارِهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَلْزَمْنَاهُ الْأَبَ مَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ حَمْلاً مِنْهُ وَذَلِكَ أَكْثَرُ مَا تَحْمِلُ لَهُ النِّسَاءُ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا وَكَانَ الَّذِي يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَاَلَّذِي لاَ يَمْلِكُهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءً. وَلَمَّا كَانَ هَذَا هَكَذَا كَانَتْ إذَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ مِنْ يَوْمِ وَقَعَ الطَّلاَقُ لَمْ أَجْعَلْ الْوَلَدَ وَلَدَهُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا. فَإِنْ قَالَ: فَإِنَّ الَّتِي يَمْلِكُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةَ فِي مَعَانِي الْأَزْوَاجِ مَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَفِي بَعْضِ الْأَمْرِ دُونَ بَعْضٍ. أَلاَ تَرَى أَنَّهَا تَحِلُّ بِالْعِدَّةِ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ هَكَذَا وَقِيلَ لَهُ أَيَحِلُّ إصَابَتُهَا بَعْدَ الطَّلاَقِ بِغَيْرِ رَجْعَةٍ؟ فَإِنْ قَالَ لاَ وَلَكِنَّهُ لَوْ أَصَابَهَا جَعَلْتهَا رَجْعَةً؟ قِيلَ: فَكَيْفَ يَكُونُ عَاصِيًا بِالْإِصَابَةِ مُرَاجِعًا بِالْمَعْصِيَةِ؟ وَيُقَالُ لَهُ أَرَأَيْت لَوْ أَصَابَهَا فِي عِدَّةٍ مِنْ طَلاَقٍ بَائِنٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَى الشُّبْهَةَ؟ فَإِنْ قَالَ يَلْزَمُهُ قِيلَ فَقَدْ أَلْزَمْته الْوَلَدَ بِالْإِصَابَةِ فِي الْعِدَّةِ مِنْ طَلاَقٍ بَائِنٍ إلزامكه الْوَلَدَ فِي الْعِدَّةِ مِنْ طَلاَقٍ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ فَكَيْفَ نَفَيْته عَنْهُ فِي أَحَدِهِمَا وَأَثْبَتَّهُ عَلَيْهِ فِي الْآخَرِ وَحُكْمُهُمَا فِي إلْحَاقِ الْوَلَدِ عِنْدَك سَوَاءٌ؟
|