فصل: مسألة يقول لامرأته أنت علي كأمي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.مسألة الأمة يولي منها زوجها فتتركه ويريد سيدها أن يوقفه حتى يفيء أو يطلق:

ومن كتاب اغتسل:
وسئل مالك عن الأمة يولي منها زوجها فتتركه، ويريد سيدها أن يوقفه حتى يفيء أو يطلق.
قال: ذلك إلى سيدها إن أراد.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن للسيد حقا في الوطء، من أجل أنه يقول: إنما أنكحتها لما رغبت من ولدها، ولهذا قال مالك في موطاه: إنه من كانت تحته أمة قوم، فلا يعزل عنها إلا بإذنهم، ولو كانت حاملا أو في سن من لا تحيض من صغر أو كبر، لم يكن للسيد في ذلك حجة، وبالله التوفيق.

.مسألة العبد يعترض عن امرأته:

ومن كتاب الشريكين:
قال مالك في العبد يعترض عن امرأته، قال مالك: يضرب له نصف أجل الحر، وأرى عليه العدة بعد الطلاق، ولها نصف الصداق.
قال محمد بن رشد: إنما قال: يضرب له نصف أجل الحر؛ لأنه يجر إلى الطلاق، والطلاق حد من الحدود، يكون العبد فيه على النصف من الحر؛ لقول الله عز وجل: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25]، وهذا يرد قول من قال: إنه إنما يضرب للمعترض أجل سنة لتمر عليه الفصول الأربعة؛ إذ لو كانت العلة في ذلك هذا، لاستوى فيه الحر والعبد، فإنما السنة في ذلك سنة متبعة غير معللة.
وقوله: وأرى عليه العدة بعد الطلاق، يريد للأزواج من أجل الخلوة، ولا رجعة للزوج عليها فيها؛ لأنها طلقة باينة إذ لم يمس.
وقوله: لها نصف الصداق صحيح؛ لقول الله عز وجل: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237]، وأما الحرة إذا اعترض عنها زوجها، فيفرق بينهما بعد السنة، فلها صداقها كاملا، قال ذلك في المدونة من أجل أن السنة طول إقامة، ولم يرها في سماع أشهب من طلاق السنة طول إقامة، قال: إن لها نصف الصداق إلا أن تطول إقامتها معه قبل ضرب الأجل، وقد مضى القول على ذلك هناك، وبالله التوفيق.

.مسألة الرجل يولي من امرأته فيوقف بعد انقضاء الأربعة الأشهر ليفيء أو يطلق فيقول أنا أفيء:

من سماع أشهب وابن نافع عن مالك بن أنس قال أشهب: وسئل مالك عن الرجل يولي من امرأته، فيوقف بعد انقضاء الأربعة الأشهر ليفيء أو يطلق، فيقول: أنا أفيء، فيخلى بينه وبينهما، ولا يطلق عليه، ويقال له: اذهب ففئ، فيقيم معها ما شاء الله، ثم تأتي فتقول: لم يفئ، ويقول: أجل، ولكن سأفعل، أترى ذلك حدا ينتهي إليه، أم إذا حانث الثانية فرق السلطان بينهما، أو كلفه أن يفرق هو بنفسه؛ لأنه قد ترك الفيئة وهو يقدر عليها.
قال: أرى أنه إن لم يفئ حتى تنقضي عدتها يوم وقف على أن يفيء أو يطلق عليه.
قيل له: إنه لم يكن حين وقف طلق، أنه لما انقضت الأربعة أشهر دعي إلى الفيئة أو الطلاق، فقال: أنا أفيء، فخلي بينه وبينها ليفيء، ولم يطلق عليه حتى رجعت بعد أيام، فقالت: لم يفئ، وقال: أجل، ولكن سأفعل، قال: نعم، قال: فأرى له إن لم يوف ما بينها وبين أن تنقضي عدتها من يوم وقف ليفيء، أو يطلق أن يطلق عليه، ولا يوقف، وأرى للإمام وقفه بعد انقضاء الأربعة أشهر، فقال له: فئ أو طلق، فقال: أنا أفيء أن يقول له دونكها، فإن لم يفئ حتى تنقضي عدتها من ذلك اليوم طلقت عليه طلقة باينة، فهذا الذي أرى إذا انقضت عدتها من أول يوم وقف ليفيء أو يطلق، فقال: أنا أفيء ولم يفئ، أن يكون ذلك طلاقا.
قال محمد بن رشد: رواية أشهب هذه خلاف للمعلوم من مذهب مالك رَحِمَهُ اللَّهُ في المدونة وغيرها، أن المولي إذا وقف فقال: أنا أفيء، ولم يفئ، يختبر المرتين والثلاث، ونحو ذلك من غير أن يعتبر في ذلك بالعدة، انقضت في أيام التلوم، أو لم تنقض؛ إذ ليست في عدة، فإن فاء، وإلا طلق عليه طلاقا يكون له فيه الرجعة، وقد نص في رواية ابن وهب عنه، من كتاب ابن المواز عنه على أنه إن أقام في الاختيار ثلاث حيض، فإنه يوقف أيضا إن قال: أنا أفيء، ويخلى بينه وبينها ما لم يكثر ذلك، فيطلق عليه، وهذا هو الذي يأتي على أصل مذهبه في أن المولي لا يقع عليه طلاق بحلول الأجل حتى يوقف، فأما أن يفيء وأما أن يطلق.
فقوله في هذه الرواية: إن لم يف حتى تنقضي عدتها من يوم وقف عليه طلقت عليه طلقة باينة راجع إلى القول بأن المولي مطالب بالفيئة في الأجل، وأنه لا يزاد عليه، ويلزمه الطلاق بانقضائه، وقد روى ذلك ابن الماجشون، عن مالك في كتابه، وهو قول سعيد بن المسيب، وأبي بكر بن عبد الرحمن، وابن شهاب، ومذهب أبي حنيفة؛ لأنه لم يزد في أجل الإيلاء شيئا؛ إذ لم ير أن يتلوم له إلا في طول المدة من أجل أن له فيها الرجعة، وهو قول فيه نظر؛ لأنه قال فيه: إنه إن فاء في العدة بقي على العصمة، وإن لم يف فيها كانت مطلقة عليه بانقضاء الأجل، فبانت منه بتمامها، فحصل أمره هي وقوع الطلاق عليه بانقضاء الأجل مترقبا بما يفعله بعد ذلك في العدة من الفيء أو تركه، ولم يوجب عليها أيضا عدة للأزواج بخلوته معها طول العدة على ما قاله في المسألة التي بعدها، وقد مضى القول على ذلك في أول مسألة من سماع ابن القاسم، وقد استحسن ابن عبد الحكم هذه الرواية على ما فيها من الاعتراض، وبالله التوفيق.
وروى المدنيون عن مالك أنه إذا وقف بعد انقضاء الأجل لا يؤخر، ولا يتلوم له مرة بعد مرة، وإنما يقال له: إما أن تفيء، وإما أن تطلق، والحمد لله.

.مسألة يوقف بعد انقضاء الأربعة أشهر على أن يفيء أو يطلق فيطلق:

قيل له: أرأيت الذي يوقف بعد انقضاء الأربعة أشهر على أن يفيء، أو يطلق فيطلق، ثم يرتجع فيخلى بينه وبينها ليصيبها فتنقضي عدتها من يوم طلق عليه بالإيلاء، ولم يفئ، ثم يأتيان جميعا فتقول: لم يمسني، ويقول: لم أمسها، فتبين منه، ثم تريد نكاح غيره، أترى عليها عدة فيما بينها وبين الأزواج؛ لأنه قد كان معها في بيت ولا يدري لعله قد أصابها.
فقال: لعله أن يكون ذلك عليها بخلوته بها وكينونته معها، وهذا أمر قد أعفي منه المسلمون إلى يوم الناس، هذا لم يكن، وما في السؤال عن مثل هذا خير فيه، وهين في الدين، وإدخال للشك.
قال محمد بن رشد: قد مضى الكلام على معنى هذه المسألة في أول مسألة، من سماع ابن القاسم، فلا معنى لإعادته.

.مسألة تقول امرأته بعد انقضاء أربعة أشهر أنا أتركه ولا حاجة لي بوقفه:

وسئل عن الذي تقول امرأته بعد انقضاء أربعة أشهر: أنا أتركه، ولا حاجة لي بوقفه.
قال: ذلك لها؛ لأنه حق لها تركته، فإن جاءت بعد أيام وقفته من ساعته إن شاءت، ولم يضرب له أجل أربعة أشهر أخرى.
قال محمد بن رشد: وذلك أن تحلف على ما كان تركها على الأبد، ولا برضاها، بإسقاط ذلك، والمقام معه إلا على أن ينظر ويعاد، ثم يوقف مكانها بغير أجل، فيفيء أو يطلق، قاله أصبغ في كتاب ابن المواز، ولو قالت: أنا أوخره أو أتركه إلى أجل كذا؛ لكان لها أن توقفه عند انقضاء الأجل الذي أنظرته إليه دون يمين، على ما مضى القول فيه، في النكاح الثاني من هذا المجموع، في سماع أبي زيد، من كتاب طلاق السنة.

.مسألة تركت المرأة المولي زوجها حتى تنقضي الأربعة أشهر ثم رفعت أمرها:

قال مالك: إذا تركت المرأة المولي زوجها، حتى تنقضي الأربعة أشهر، ثم رفعت أمرها، وقف من ساعته، ولم ينظر أربعة أشهر أخرى.
قال محمد بن رشد: هذا في الحالف على ترك الوطء، بأي يمين كانت يكون موليا من يوم حلف كما قال.
وأما الحالف بالطلاق أن يفعل فعلا، فلا يكون موليا حتى يضرب له الأجل من يوم ترفعه امرأته إلى السلطان.
واختلف في الإيلاء الذي دخل على الظهار، فقيل: هو مولٍ من يوم ظاهر، وقيل: إنه لا يوقف حتى يضرب له الأجل من يوم ترفعه امرأته إلى السلطان، وبالله التوفيق.

.مسألة المولي يوقف ألذلك أجل معلوم تتركه إليه إذا وقف ينظر:

وسئل عن المولي يوقف، ألذلك أجل معلوم تتركه إليه إذا وقف ينظر، قال: ليس.
قال محمد بن رشد هذا مثل قوله في سماع أشهب من سماع الشفعة في الشفيع: إنه لا يؤجل ليرى رأيه وينظر، وفي مختصر ابن عبد الحكم أنه يؤجل في ذلك ثلاثة أيام ليرى رأيه، ومن هذا المعنى المملكة يوقفها السلطان، هل لها أن تؤخر لتستشير وتنظر وتختار لنفسها، وقد مضى القول في ذلك في رسم سلف، من كتاب التخيير والتمليك، فانظر في ذلك، وبالله التوفيق.

.مسألة يقول لامرأته أنت علي كأمي:

ومن كتاب الطلاق:
وسئل عن الذي يقول لامرأته: أنت علي كأمي، أترى أن تسأله أي شيء يريد؟
قال: نعم.
قال محمد بن رشد: فإن لم تكن له نية، فهو ظاهر، وقد مضى تحصيل القول في هذا في رسم سن رسول إليه من كتاب الظهار، وبالله التوفيق.

.مسألة قال والله لا أمسك أبدا أيسأل كما يسأل في الظهار:

قيل له: أرأيت إن قال: والله لا أمسك أبدا أيسأل كما يسأل في الظهار؟
قال: لا، هذا إيلاء.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ إذ لا اختلاف بين أهل العلم جميعا في أن من حلف ألا يطأ امرأته أبدا أو أطلق يمينه، فحلف ألا يطأها، ولم يقل أبدا أو حلف ألا يطأها أكثر من أربعة أشهر أنه مولٍ، إلا ما يروى عن ابن عباس أنه لا يكون موليا من عقد يمينه على مدة مخصوصة.
كما لا اختلاف بينهم أنه إذا حلف ألا يطأها أقل من أربعة أشهر أنه ليس بمول؛ إلا ما روي عن ابن أبي ليلى، وطائفة من أهل الكوفة أن من حلف ألا يجامع امرأته أقل من أربعة أشهر، فتركها أربعة أشهر من غير جماع، أنه مولٍ، وإنما اختلفا فيمن حلف ألا يطأ امرأته أربعة أشهر، فرآه أبو حنيفة وجماعة من السلف موليا، وقالوا: إن الطلاق يقع عليه بمضي الأجل، ولم يره مالك في المشهور عنه موليا، إذا زاد على الأربعة أشهر الشيء القريب، وهو قول عبد الوهاب؛ لأنه قال: إذا زاد في يمينه على الأربعة أشهر كان موليا، يريد أنه إذا زاد على الأربعة أشهر شيئا يسيرا، فله أن يقول: اتركوني حتى ينقضي الأجل، فأصبت ولا حنث، والصواب كما في كتاب ابن المواز أنه يوقف، وإن لم يبق من مدة يمينه إلا الشيء اليسير؛ لأن ذلك حق قد وجب في التوقيف؛ إذ لعله إذا أوقف سيقول: لا أفيء فيعجل عليه الطلاق، وقد تأول بعض الساخرين على المذهب أنه لا يكون موليا حتى يزيد على الأربعة أشهر أكثر مما يتلوم به عليه، إذا قال: أنا أفي، وهو بعيد إذ قد يبلغ ما تلوم به عليه المدة بعد المدة الثلاثين يوما، ونحو ذلك على ما روى ابن وهب، عن مالك في كتاب ابن المواز، وقد ذكرنا ذلك في أول السماع، وبالله التوفيق.

.مسألة يحلف ألا يطأ امرأته أتراه في حل من ترك مسيسها وهي لا ترافعه إلى السلطان:

وسئل عن الذي يحلف ألا يطأ امرأته، أتراه في حل من ترك مسيسها، وهي لا ترافعه إلى السلطان؟ قال: لا.
قيل له: أتراه في حل إذا لم ترفعه إلى السلطان، وأذنت له في ذلك؟
قال: أرجو أن يكون في ذلك سعة إذا كان هذا هكذا.
قال محمد بن رشد: وهذا بين على ما قاله؛ لأنه ظالم لها في حلفه لها ألا يطأها، وممتنع مما يلزمه لها من الحق في ذلك، ولا يحل لمن عليه حق لغيره أن يمتنع منه حتى يرافع فيه إلى السلطان، فإن أذنت له في ذلك سقط عنه الحرج فيه؛ لأنه حق لها تركته، وبالله التوفيق.

.مسألة يقول علي عتق رقبة إن مسست امرأتي:

وسألته عن الذي يقول: علي عتق رقبة إن مسست امرأتي؟
فقال: هو مولٍ، فإن كان سمى عبدا له بعينه، فمات ذلك العبد أو أعتقه، فإن الإيلاء قد سقط عنه، وكذلك لو كان حلف في مسيسها بطلاق امرأة له أخرى فطلقها، فأرى الإيلاء قد سقط بطلاق التي حلف بطلاقها.
فإن كان إنما قال: علي عتق رقبة إن مسستك، فلا يخرجه من الإيلاء أن يبتاع رقبة فيعتقها، وكذلك الذي يحلف بالله ألا يصيب امرأته، ثم يبتاع عبدا فيعتقه عن يمينه ثم يصيبها، فلا أرى ذلك يجزئه إذا حلف بالله، أو قال: علي عتق رقبة حتى يصيب قبل ويحنث، ثم يكفر بعد ويترك، فلا أرى أن يجزئ عنه أن يكفر قبل الحنث حتى يحنث، ثم يكفر بعد، إلا أن يحلف بعتق عبد بعينه فيعتقه، فأرى الإيلاء قد سقط عنه إذا أعتقه أو مات.
قال محمد بن رشد: أما من حلف ألا يطأ امرأته بعتق عبد له بعينه، أو بطلاق امرأة له أخرى، فلا اختلاف في أنه إذا أعتق العبد أو طلق المرأة التي حلف بطلاقها، فقد انحلت عنه اليمين، وارتفع عنه الإيلاء، وأما من حلف على ذلك بصيام أو مشي أو صدقة بشيء بعينه، فلا اختلاف في أنه لا ينحل عنه اليمين، ولا يرتفع عنه الإيلاء بالصيام ولا بالصدقة ولا بالمشي، إن فعل ذلك قبل الحنث، وإن نوى بذلك حل اليمين عنه، وأن عليه أن يفعل ذلك مرة أخرى إن حنث، وكذلك القياس إذا حلف على ذلك بعتق عبد نفر عنه.
وقول هاهنا من يعلم أنه أعتقها من أجل ذلك، يدل على أنه لو علم لأجزأه، وانحل به عنه الإيلاء، وأن اليمين تنحل عنه بذلك فيما بينه وبين الله إذا أعتقه عن يمينه قبل أن يحنث بها، وهو نص ما في كتاب الظهار من المدونة، إلا أنه بعيد في القياس والنظر، ووجهه أنه لما كان العتق مما يكفر به اليمين بالله، حمله محمل كفارة اليمين في أنها تجزي قبل الحنث، وليس ذلك ببين، وأما من حلف على ذلك بالله، فالكفارة قبل الحنث تحل عنه اليمين عند ابن القاسم فيما بينه وبين الله.
واختلف قوله: هل يرفع عنه حكم الإيلاء على قولين قائمين من المدونة؛ أحدهما: أن ذلك لا يرفع عنه حكم الإيلاء؛ لأن حق المرأة قد وجب في التوقيف فلا يرتفع؛ إذ لا يدرى هل نوى بذلك الكفارة عن يمين الإيلاء أو لم ينو بها ذلك. والثاني: أن ذلك يرفع عنه حكم الإيلاء؛ لأن الكفارة عن اليمين بالله قبل الحنث جائزة، لم يختلف قول مالك في ذلك، فقوله هاهنا: وكذلك الذي يحلف بالله ألا يصيب امرأته، ثم يبتاع عبدا فيعتقه عن يمينه ثم يصيبها، فلا أراه يجزئه إذا حلف بالله كلام وقع على غير تحصيل؛ لأنه إذا حلف بالله ألا يطأ امرأته فكفر ثم وطئ، فقد فاء بالوطء، وارتفع عنه الإيلاء، وأجزأته الكفارة؛ لأنه مصدق أنه نوى بها كفارة يمينه التي قد حنث فيها؛ لأنه أمر فيما بينه وبين الله، لا ينازعه فيه أحد؛ إذ قد سقط حق المرأة في التوقيف بالوطء، وإنما يقول: إن الكفارة بالله لا تجري قبل الحنث ابن الماجشون، وقد مضى ذلك في رسم لم يدرك، من سماع عيسى، من كتاب الظهار، مستوفى والحمد لله.

.مسألة يولي من امرأته فيرفع أمرها بعد أربعة أشهر فيريد الإمام أن يوقفه:

ومن سماع عيسى بن دينار من ابن القاسم من كتاب العرية قال عيسى: قلت لابن القاسم: أرأيت الرجل الذي يولي من امرأته، فيرفع أمرها بعد أربعة أشهر، فيريد الإمام أن يوقفه، فتقول: أما إن أراد الطلاق، فأنا أقيم ولا ألتمس المسيس، أيكون لها ذلك بعد أن ترفع امرأته أمرها؟
قال: نعم، ذلك لها، وإن رفعت أمرها ما لم يطلق السلطان عليه، قلت: وكذلك الذي يحلف على الشيء أن يفعله، فترفع امرأته أمرها، فيضرب له أجل أربعة أشهر، فتذهب فتريد أن تضرب عن ذلك، وتصبر بغير مسيس، أيكون ذلك لها، وقد أجل لها السلطان؟
قال: نعم، ذلك لها، وهو رأيي.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأنه حق لها في المسألتين جميعا، لا يتعلق لله به حق، فلها أن تتركه بعد الرفع إلى السلطان كما لها أن تتركه قبل أن ترفعه إليه، ولو أرادت بعد أن تركته عند السلطان أن ترجع في حقها؛ لكان ذلك لها بعد يمينها أنها لم ترد إسقاط حقها جملة، وأنها إنما أرادت تأخيره والصبر عليه، على ما مضى في الرسم الأول، من سماع أشهب، وبالله التوفيق.

.مسألة يقول إن لم يقدم أبي إلي رأس الهلال فامرأته طالق:

ومن كتاب يوصي لمكاتبه:
قال ابن القاسم: إن ضرب الرجل لقدوم أبيه أجلا، مثل أن يقول: إن لم يقدم أبي إلي رأس الهلال فامرأته طالق، فإنه لا يمس امرأته حتى الأجل، وإن ضرب أجلا أكثر من أربعة أشهر، فرفعت امرأته أمرها، فإنه يضرب له أجل المولي من حين ترفع أمرها، وإنما الذي يمس فيه حتى يقدم أبوه، أو لا يقدم أبوه إذا لم يضرب أجلا، إذا قال: امرأتي طالق إذا قدم أبي، وقد قال ابن القاسم: يطأ امرأته إذا ضرب أجلا، وإن لم يضرب أجلا ضرب له أجل المولي.
قال محمد بن رشد: الحالف على نفسه بالطلاق ألا يفعل فعلا، مثل أن يقول: امرأتي طالق إن ضربت عبدي، كالحالف على غيره بالطلاق ألا يفعل فعلا سواء، وهو على بر في الوجهين جميعا، لا يمنع من وطء امرأته، ولا يحنث إلا بالفعل، وله إن كانت يمينه على ذلك بعتق عبد يبيع العبد إن شاء، ولا خلاف في هذا الوجه، وكذلك الحالف بطلاق على نفسه أن يفعل فعلا إلى أجل، مثل أن يقول: امرأتي طالق إن لم أضرب عبدي إلى شهر، كالحالف على غيره بالطلاق أن يفعل فعلا إلى أجل سواء، وفيها جميعها لابن القاسم قولان؛ أحدهما: أنه ليس له أن يطأ امرأته إلى ذلك الأجل، وهو قوله هاهنا في الذي يقول: إن لم يقدم أبي في رأس الهلال فامرأته طالق، أنه لا يمس امرأته حتى الأجل، وهو قول غير ابن القاسم في العتق الأول من المدونة، ويدخل عليه الإيلاء إن كان الأجل أكثر من أربعة أشهر.
والثاني: أن له أن يطأ إلى ذلك الأجل، وهو قوله في آخر المسألة، وقد قال ابن القاسم: يطأ امرأته إذا ضرب أجلا، وقول ابن القاسم في المدونة أيضا، وهذا القول أصح على مذهبه ومذهب مالك؛ إذ لم يختلف قولهما في أنه على بر، وفي المدنية لابن أبي حازم أنه على حنث، سئل عن رجل قال: إن لم أضرب عبدي قبل الهلال، فامرأتي طالق، فمات العبد قبل الهلال، وقبل أن يضربه، قال: أمره أبين من كل شيء عندي، هي طالق.
قال ابن القاسم: هذا باطل، وقول مالك: لا طلاق عليه.
أما الحالف بالطلاق على نفسه أن يفعل فعلا من غير أن يضرب لذلك أجلا، مثل أن يقول: امرأتي طالق إن لم أضرب عبدي وما أشبه ذلك، فإنه يفترق من الحالف بذلك على غيره، فأما إذا حلف بذلك على نفسه، فلا اختلاف في أنه على حنث، ويحال بينه وبين امرأته، فإن طلبته الوطء ضرب له أجل المولي، وأما إذا حلف بذلك على غيره، فاختلف قول ابن القاسم في ذلك على ثلاثة أقوال؛ أأحدها: أنه كالحالف على نفسه سواء، وهو قول ابن القاسم، في رسم حمل صبيا بعد هذا: إنه إن قال: إن لم يحج فلان فامرأتي طالق، فهو بمنزلة من قال: إن لم أحج فامرأتي طالق، ألا يطأ حتى يحج، أو حتى يحج فلان، فإن طلبت امرأته المسيس ضرب لها أجل المولي.
والثاني: أنه يتلوم له على قدر ما يرى أنه أراد بيمينه، واختلف قوله: هل يطأ في التلوم أو لا على قولين جاريين على الاختلاف إذا ضرب أجلا؛ لأن التلوم كضرب الأجل، فإذا بلغ التلوم على القول بأنه يمنع من الوطء أكثر من أربعة أشهر دخل عليه الإيلاء، وقال أشهب: إن كان ليمينه سبب وقت أراده مما إذا جاء ذلك الوقت حنثه إليه، فلا أمنعه الوطء، ويصير كمن حلف ليفعلن فلان إلى أجل، وتفرقة أشهب هذه قولة ثالثة في منعه الوطء. والثالث: الفرق بين أن يحلف على غائب أو حاضر، فإن حلف على النائب مثل أن يقول: امرأتي طالق إن لم يقدم فلان، أو إن لم يحج كان كالحالف على فعل نفسه، يمنع من الوطء، ويضرب له أجل المولي إن رفعته امرأته وطلبت الوطء، وإن حلف على حاضر مثل أن يقول: امرأتي طالق إن لم يهب لي دينارا، وإن لم يقضني حقي، وما أشبه ذلك تلوم له على قدر ما يرى أنه أراد بيمينه، وهو قول ابن القاسم في رسم باع شاة من كتاب الأيمان بالطلاق، فهذا تحصيل القول وتلخيصه في هذه المسألة، وبالله التوفيق.

.مسألة قال في بلح نخل إن لم أكن من البلح رطبا فامرأته طالق:

ومن كتاب بع ولا نقصان عليك:
وعن رجل قال في بلح نخل: إن لم أكن من البلح رطبا فامرأته طالق.
قال: أرى أن يضرب له أجل المولي، ثم يطلق عليه.
قال محمد بن رشد: يدخل في هذه المسألة من الاختلاف ما دخل في الرسم الذي فوقه؛ لأن إرطاب البلح كالأجل، فعلى القول الذي لا يطأ إلى أجل، إذا قال: امرأتي طالق إن لم يقدم فلان إلى سنة، أو إن لم يضرب عبدي إلى سنة، ويدخل عليه الإيلاء إن طلبت امرأته الوطء، لا يطأ هاهنا إلى طيب البلح، ويضرب له أجل المولي إن طلبت امرأته الوطء، وعلى القول الذي يطأ إلى الأجل يطأها هنا إلى طيب البلح، ولا يدخل عليه الإيلاء حتى يطيب البلح، فإذا طاب البلح لم يكن له أن يطأ، ودخل عليه الإيلاء باتفاق، وبالله التوفيق.

.مسألة قال لامرأته لله علي ألا أمسك حتى أحج أو أغزو:

ومن كتاب إن خرجت من هذه الدار:
وسئل عن رجل قال لامرأته: لله علي ألا أمسك حتى أحج أو أغزو.
قال: يمسها ثم يحج أو يغزو، ولا شيء عليه.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إنه ليمس عليه أن يمسك عن امرأته حتى يحج أو يغزو؛ لأنه قد نذر ذلك بقوله؛ لأن معناه لله علي أن أحج أو أغزو قبل أن أمس امرأتي، فقصده إنما كان إلى تعجيل الحج أو الغزو، وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه» فلا يجب أن يوفى لله من النذر إلا بما لله فيه طاعة، وبالله التوفيق.

.مسألة قال إن عافاني الله من مرضي صمت ستة أشهر لا أقرب فيها امرأتي:

ومن كتاب سلف دينارا:
قال ابن القاسم في رجل قال: إن عافاني الله من مرضي صمت ستة أشهر لا أقرب فيها امرأتي.
قال: ليس هو مولٍ، ويصوم ويأتي، ليس في ترك وطء امرأته طاعة لله، وليس عليه إلا الصيام، ولو قال: إن شفاني الله من مرضي هذا لله علي ألا أقرب امرأتي حتى أحج أو أغزو، قال: يطأ امرأته أيضا، ويحج ويغزو، وليس في ترك وطء امرأته طاعة لله.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة بينة، المعنى فيها كالمعنى في التي فوقها، فلا وجه لإعادة القول فيها، وبالله التوفيق.

.مسألة قال إن حج فلان فامرأته طالق:

ومن كتاب حمل صبيا:
قال ابن القاسم: من قال: إن حج فلان فامرأته طالق، فإنه لا يلزمه طلاق حتى يحج، ومن قال: إن لم يحج فلان فامرأتي طالق، فإنه لا يطأ حتى يحج، فإن طلبت امرأته المسيس ضرب لها أجل المولي، قال عيسى: من قال: إن حج فلان فامرأته طالق، إنما هو بمنزلة من قال: إن حجت فامرأتي طالق، أنه لا يلزمه شيء حتى يحج، ومن قال: إن لم يحج فلان فهو بمنزلة إن لم أحج.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى الكلام عليها، وتحصيل القول فيها في رسم يوصي، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.