الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
يقول: فبأىّ نِعَم رَبِّكَ تكذبُ أنها ليست منه، وكذلك قولهُ: {فتَمارَوْا بالنُّذُر}.{هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الأُوْلَى}.وقوله: {هَذَا نَذِيرٌ}. يَعْنى: مُحمدًا صلى اللهُ عليه.{مِّنَ النُّذُرِ الأُوْلَى} يقول القائلُ: كيفَ قال لمُحمدٍ: من النذُر الأولى، وهو آخِرهُم؟، فهذا في الكلام كما تقول: هذا واحدٌ من بَنى آدم وإن كان آخرهمُ أو أولهمُ، ويقال: هذا نَذيرٌ من النُّذرِ الأُولى في الّلوح المحفوظ.{أَزِفَتِ الآزِفَةُ}.وقوله: {أَزِفَتِ الآزِفَةُ} قَرُبَت القيامة.{لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}.وقوله: {لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}.يقول: ليس يعلمها كاشفٌ دونَ الله- أي لا يعلمُ عِلمَها غيرُ ربىِّ، وتأنيثُ (الكاشفة) كقولكَ: ما لِفلانٍ باقيةٌ. أي بَقَاءٌ والعافَية والعاقبة، وليسَ له ناهَيةٌ، كل هذا في معنى المصدر.{وَأَنتُمْ سَامِدُونَ}.وقوله: {وَأَنتُمْ سَامِدُونَ} لاهونَ. اهـ.
وتخصيص القسم بالثريا، لأنهم كانوا يستدلون بها على أمور، ونوءها أغزر، ولما أراد عمر الاستسقاء بالعباس قال: يا عم رسول الله كم بقي من نوء الثريا.وهو بعد تصغير ثروى، لأن مطرها تكون منه الثروة، أو الكثرة من الندى عند نوئها. قال الزجاج في كتاب الأنواء: وزعم بعض المؤمنين من المنجمين أن الثريا إذا هوى للغروب طلع رقيبه الإكليل من العقرب. أي: إن صاحبكم هو الذي دل عليه برج قرآن الملة، فهو النبي حقًا. وظنه آخرون من طالع مولده إذ كان الميزان، فإن الهوي للغروب ليس بنفس الغروب، وإنما هو الذهاب إليه، وحينئذ يكون الميزان طالعًا، وهذا هو الهذيان الذي لا يحل سوداء جالينوس.(ذو مرة) ذو حزم في قوة، كما قال جرير: {فاستوى} ارتفع إلى مكانه. وقيل: استوى على صورته، وذلك أنه رأى جبريل على صورته في الأفق الأعلى. وقوله: {بالأفق الأعلى} أي: استوى جبريل ومحمد عليهما السلام بالأفق الأعلى، وحسن الحذف لئلا يتكرر هو، كما قال الشاعر: أي: لا يستوي هو والخروع. وقيل: إن {وهو بالأفق} جبريل، وهذا القول أظهر.{ثم دنا فتدلى} يعني جبريل على هذا القول. أي: نزل بالوحي في الأرض. وعلى الأول محمد عليه السلام دنا من جبريل عليه السلام. والتدلي: النزول والاسترسال. قال لبيد: {فكان قاب قوسين أو أدنى} قدر قوسين. قال مجاهد: أي: بحيث الوتر من القوس مرتين. وفي معناه لأبي حية النميري: أي: ليس بين القانص وبين الآتن إلا قدر رمح. وقال الزجاج: إنما لم يقل: فكان أدنى من قوسين، لأنه لا شك في الكلام، لأن المعنى فكان على ما تقدرونه أنتم قدر قوسين أو أدنى. وقد مر نظيره.{فأوحى إلى عبده ما أوحى} [10] أي: أوحى إلى جبريل ما أوحى جبريل إلى محمد.{ما كذب الفؤاد ما رأى} [11] أي: ما كذب فؤاده ما رآه، وهو من رؤية القلب بمعنى: علمه ويقينه، لأن محل الوحي القلب، كما قال عز وجل: {فإنه نزله على قلبك}.{أفتمارونه على ما يرى} [12] أي: أتجحدونه على علمه ويقينه. وقال المبرد: أفتدفعونه عما يرى.{ما زاغ البصر} [17] ما أقصر عما أبصر.{وما طغى} [17] ما طلب لما حجب.{أفرءيتم اللات} [19] صنم لثقيف.{والعزى} [19] سمرة لغطفان.{ومناة} [20] صخرة لهذيل وخزاعة. وإنما أنثوا أسماء هذه الأصنام تشبيهًا لها بالملائكة، على زعمهم أنهم بنات الله، فرد الله عليهم بقوله: {ألكم الذكر} [21].{قسمة ضيزى} [22] جائرة، وبالهمز: ظالمة. أنشدت في الأول: وفي الثاني: ووزن {ضيزى} فعلى، لأنه ليس في النعوت فعلى، إلا أنه كسر الضاد للياء. ومثله: حيكى مشية فيها تفكك وتبختر. والكيسى والضيقى في الكوسى والضوقى، تأنيث الأكيس والأضيق، ولهذا قالوا: بيض، وعين، وكان ينبغي: بوض مثل: أحمر وحمر.{أم للإنسان ما تمنى} [24] أي: من الذكور.{إلا اللمم} [32] أي: الصغائر.وقيل: هو الإلمام بالذنب من غير معاودة. وقيل: إنها ما دون الوطء من المضاجعة والمغازلة. وأنشد لوضاح اليمن: {أفرءيت الذي تولى} [33] أي: العاص بن وائل.{وأعطى قليلًا} [34] من الخير بلسانه.{وأكدى} [34] منع ما أعطى وقطع.{إبراهيم الذي وفى} [37] هذا على تسمية السبب باسم مسببه، فإن معناه: إذا قال فــقد فعل، أو وقع ما يقوله، وهذا كقول بعض المولدين: وأصله لامرئ القيس: {ثم يجزاه الجزاء الأوفى} [41] جزيته الجزاء، أفصح من جزيته بالجزاء، وقد جمعهما الشاعر في قوله: {أضحك وأبكى} [43] ساء وسر. وقيل: خلق الإنسان ضاحكًا باكيًا. وقيل: أضحك الأرض بالنبات، وأبكى السماء بالمطر. واقتبسه بعض من جمع أنواعًا من الاقتباسات، في بيتين فقال: {من نطفة إذا تمنى} [46] تسال وتصب.وقيل: تخلق وتقدر. كما قال الهذلي: {أغنى وأقنى} [48] أعطى الغنية والقنية، وهي أصل المال.{وأنه هو رب الشعرى} [49].خصت بالذكر لتفردها بالعظم والنور، فليس في الكواكب الثابتة ما يدانيها، ولذلك ابتدع أبو كبشة عبادتها، وشبه رسول الله به، ونسبت وأضافت العرب شدة الحر إليها. وكذلك لأوباش المنجمين وسوسة فيها، حتى قال بعض المذكورين منهم: إذا بلغ أوج الشمس إلى درجتها، استولت هي بقوتها وتأثيرها على الدنيا، فيرتفع الجزر والفساد، وينعدم التعب والكد، ويتغير طباع التحسين.وهذا القائل ينظر في التنجيم من وراء حجاب، ويؤذي أصحاب تلك الصناعة، فإن أوج الشمس عندهم ثابت ألبتة. وقد نظم ذلك بعض كتاب هذه الدولة في الأمير الماضي-رحمه الله- فقال: وكذلك ما يدرى كيف اختار هذا القائل الشعرى على قلب الأسد الملكي، الذي هو على ممر الأوج، أن لو كان يتحرك، وما دام هذا العالم موسومًا بالموت والحياة، والسباع بالأنياب والبراثن، والأعمال بالمحاولة والمزاولة، كان ما قاله هذا القائل محالًا.وفي الاختلاف بين الناس ائتلاف مصالحهم، فإنهم إذا تساووا في السعة والدعة هلكوا.{والمؤتفكة} [53] أي: المنقلبة، مدائن قوم لوط.{أهوى} [53] رفعها جبريل إلى السماء ثم أهوى بها.{أزفت الأزفة} [57] اقتربت القيامة.{ليس لها من دون الله كاشفة} [58] أي: من يكشف عن علمها ويجليها. وقيل: من يكشفها ويدفع شدائدها وأهوالها. والهاء: من أجل أن {كاشفة} مصدر مثل: عاقبة وعافية.{سامدون} [61] حائرون. وأنشد: تمت سورة النجم. اهـ.
|