الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ وَتَابَ الله عَلَيْكُمْ} بأن رخص لكم أن لا تفعلوه، وفيه إشعار بأن إشفاقهم ذنب تجاوز الله عنه لما رأى منهم مما قام مقام توبتهم وإذ على بابُّها وقيل بمعنى إذا أو إن.{فَأَقِيمُواْ الصلاة وَآتَوُاْ الزكوة}. فلا تفرطوا في أدائهما.{وَأَطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ} في سائر الأوامر، فإن القيام بها كالجابر للتفريط في ذلك.{والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} ظاهرًا وباطنًا.{أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين تَوَلَّوْاْ} والوا.{قوْمًا غَضِبَ الله عَلَيْهِمْ} يعني اليهود.{مَّا هُم مّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ} لأنهم منافقون مذبذبون بين ذلك.{وَيَحْلِفُونَ عَلَى الكذب} وهو ادعاء الإسلام.{وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أن المحلوف عليه كذب كمن يحلف بالغموس، وفي هذا التقييد دليل على أن الكذب يعم ما يعلم المخبر عدم مطابقته وما لا يعلم. وروي «أنه عليه الصلاة والسلام كان في حجرة من حجراته فقال يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبار وينظر بعين شيطان، فدخل عبد الله بن نبتل المنافق وكان أزرق فقال عليه الصلاة والسلام له: علام تشتمني أنت وأصحابك، فحلف بالله ما فعل ثم جاء بأصحابه فحلفوا فنزلت».{أَعَدَّ الله لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} نوعًا من العذاب متفاقمًا.{إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} فتمرنوا على سوء العمل وأصروا عليه.{اتخذوا أيمانهم} أي التي حلفوا بها، وقرئ بالكسر أي {أيمانهم} الذي أظهروه. {جُنَّةً} وقاية دون دمائهم وأموالهم.{فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله} فصدوا الناس في خلال أمنهم عن دين الله بالتحريش والتثبيط. {فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} وعيد ثان بوصف آخر لعذابهم. وقيل الأول عذاب القبر وهذا عذاب الآخرة.{لَّن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أموالهم وَلاَ أولادهم مّنَ الله شَيْئًا أُوْلَئِكَ أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون} قد سبق مثله.{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ الله جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ} أي لله تعالى على أنهم مسلمون.{كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ} في الدنيا ويقولون إنهم لمنكم.{وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ على شَيْء} في حلفهم الكاذب لأن تمكن النفاق في نفوسهم بحيث يخيل إليهم في الآخرة أن الأيمان الكاذبة تروج الكذب على الله كما تروجه عليكم في الدنيا. {أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الكاذبون} البالغون الغاية في الكذب حيث يكذبون مع عالم الغيب والشهادة ويحلفون عليه.{استحوذ عَلَيْهِمُ الشيطان} استولى عليهم من حذت الإِبل وأحذتها إذا استوليت عليها، وهو مما جاء على الأصل.{فأنساهم ذِكْرَ الله} لا يذكرونه بقلوبهم ولا بألسنتهم.{أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشيطان} جنوده وأتباعه.{أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشيطان هُمُ الخاسرون} لأنهم فوتوا على أنفسهم النعيم المؤبد وعرضوها للعذاب المخلد.{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ الله وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ في الأذلين} في جملة من هو أذل خلق الله.{كتاب الله} في اللوح.{لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى} أي بالحجة، وقرأ نافع وابن عامر {رُسُلِى} بفتح الياء.{إِنَّ الله قَوِىٌّ} على نصر أنبيائه. {عَزِيزٌ} لا يغلب عليه شيء في مراده.{لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ} أي لا ينبغي أن تجدهم وادين أعداء الله، والمراد أنه لا ينبغي أن يوادوهم.{وَلَوْ كَانُواْ ءَابَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إخوانهم أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} ولو كان المحادون أقرب الناس إليهم. {أولئك} أي الذين لم يوادوهم.{كَتَبَ في قُلُوبِهِمُ الإيمان} أثبته فيها، وهو دليل على خروج العمل من مفهوم الإِيمان، فإن جزء الثابت في القلب يكون ثابتًا فيه، وأعمال الجوارح لا تثبت فيه.{وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مّنْهُ} أي من عند الله وهو نور القلب أو القرآن، أو بالنصر على العدو. قيل الضمير لـ: {الإيمان} فإنه سبب لحياة القلب.{وَيُدْخِلُهُمْ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار خالدين فِيهَا رَضِيَ الله عَنْهُمْ} بطاعتهم. {وَرَضُواْ عَنْهُ} بقضائه أو بما وعدهم من الثواب.{أُوْلَئِكَ حِزْبُ الله} جنده وأنصار دينه.{أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ المفلحون} الفائزون بخير الدارين.عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة المجادلة كتب من حزب الله يوم القيامة».اهـ.
|