الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة
وشرعاً: عبادة ذات أقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم. ويأتي تفصيلها في الأبواب التالية إن شاء الله. 2- فضلها: الصلاة من آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، بل هي عمود الإسلام، وقد فرضها الله على نبيه محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة المعراج فوق سبع سموات. وذلك دليل على أهميتها في حياة المسلم، وقد كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا حَزَبَه أمرٌ فزع إلى الصلاة. وقد جاء في فضلها والحث عليها أحاديث كثيرة منها: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر». وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من دَرَنه شيء؟» قالوا: لا يبقى من دَرَنه شيء. قال: «فذلك مَثَلُ الصلوات الخمَسَ، يمحو الله بهن الخطايا». والدَّرَنُ: الوسخ. 3- وجوبها: وفرضيتها معلومة بالكتاب، والسنة، والإجماع المعلوم من الدين بالضرورة، قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة: 43] في آيات كثيرة من كتاب الله، وقال تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} [إبراهيم: 31]. ومن السنة: حديث المعراج وفيه: «هي خمس وهي خمسون». وفي الصحيحين قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن سأله عن شرائع الإسلام: «خمس صلوات في اليوم والليلة» قال السائل: هل عليَّ غيرهن؟ قال: «لا، إلا أن تَطَّوَّع». وتجب الصلاة على المسلم البالغ العاقل، فلا تجب على الكافر، ولا الصغير، ولا المجنون، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصغير حتى يبلغ». ولكن يؤمر بها الأولاد لتمام سبع سنين، ويضربون على تركها لعشر. فمن جحدها أو تركها فقد كفر، وارتدَّ عن دين الإسلام لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر».
الأذان لغة: الإعلام. قال تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 3]. أي إعلام. وشرعاً: الإعلام بدخول وقت الصلاة بذكر مخصوص. والإقامة لغة هي: مصدر أقام، وحقيقته إقامة القاعد. وشرعاً: الإعلام بالقيام إلى الصلاة بذكر مخصوص ورد به الشارع. ب- حكمهما: ألاذان والإقامة مشروعان في حق الرجال للصلوات الخمس دون غيرها، وهما من فروض الكفايات إذا قام بهما من يكفي سقط الإثم عن الباقين؛ لأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة، فلا يجوز تعطيلهما.
2- العقل: فلا يصحان من المجنون والسكران وغير المميز، كسائر العبادات. 3- الذكورية: فلا يصحان من المرأة للفتنة بصوتها، ولا من الخنثى لعدم العلم بكونه ذكراً. 4- أن يكون الأذان في وقت الصلاة: فلا يصح قبل دخول وقتها، غير الأذان الأول للفجر والجمعة، فيجوز قبل الوقت، وأن تكون الإقامة عند إرادة القيام للصلاة. 5- أن يكون الأذان مرتباً متوالياً: كما وردت بذلك السنة، وكذا الإقامة، وسيأتي بيانه في الكلام على صفة الأذان والإقامة. 6- أن يكون الأذان، وكذا الإقامة، باللغة العربية وبالألفاظ التي وردت بها السنة.
2- أن يكون بالغاً عاقلا، ويصح أذان الصبيّ المميز. 3- أن يكون عالماً بالأوقات ليتحراها فيؤذن في أولها، لأنه إن لم يكن عالماً ربما غلط أو أخطأ. 4- أن يكون صَيِّتاً ليُسْمِعَ الناس. 5- أن يكون متطهراً من الحدث الأصغر والأكبر. 6- أن يؤذن قائماً مستقبل القبلة. 7- أن يجعل أصبعيه في أذنيه، وأن يدير وجهه على يمينه إذا قال: حَيَّ على الصلاة، وعلى يساره إذا قال: حَيَّ على الفلاح. 8- أن يترسل في الأذان- أي يتمهل- ويحدر الإقامة- أي يسرع فيها-.
وأما صفة الإقامة فهي: (الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله)؛ لحديث أنس رضي الله عنه قال: «أمر بلالٌ أن يشفع الأذان، وأن يوتر الإقامة إلا الإقامة». فتكون كلمات الأذان مرتين مرتين، وكلمات الإقامة مرة مرة، إلا في قوله: (قد قامت الصلاة) فتكون مرتين؛ للحديث الماضي. فهذه صفة الأذان والإقامة المستحبة؛ لأن بلالاً كان يؤذن به حضراً وسفراً مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أن مات. وإن رَجع في الأذان، أو ثنَّى الإقامة، فلا بأس؛ لأنه من الاختلاف المباح. ويستحب أن يقول في أذان الصبح بعد حَيَّ على الفلاح: الصلاة خير من النوم مرتين؛ لما روى أبو محذورة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: «إن كان في أذان الصبح قلت: الصلاة خير من النوم».
وإذا قال المؤذن في صلاة الصبح: الصلاة خير من النوم، فإن المستمع يقول مثله، ولا يُسَنُّ ذلك عند الإقامة. ثم يصلي على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم يقول: "اللهم رَبَّ هذه الدعوة التامَّةِ والصلاة القائمةِ، آتِ محمداً الوسيلةَ والفضيلةَ، وابعثْهُ مقاماً محموداً الذي وعدته".
وهذه المواقيت الأصل فيها حديث ابن عمرو رضي الله عنهما: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يَغِبِ الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس». فصلاة الظهر يبدأ وقتها بزوال الشمس، أي: ميلها عن كبد السماء إلى جهة المغرب، ويمتد وقتها إلى أن يصير ظل كل شيء مثله في الطول، ويستحب تعجيلها في أول وقتها، إلا إذا اشتد الحر، فيستحب تأخيرها إلى الإبراد؛ لقولى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم». وصلاة العصر يبدأ وقتها من نهاية وقت الظهر- أي من صيرورة ظل كل شيء مثله- وينتهي بغروب الشمس، أي عند آخر الاصفرار، ويسن تعجيلها في أول الوقت، وهي الصلاة الوسطى التي نصَّ الله عليها في قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]. وقد أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمحافظة عليها، فقال: «من فاتته صلاة العصر فكأنما وُترَ أهله وماله». وقال أيضاً: «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله». ووقت صلاة المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشَّفَقِ الأحمر؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق». ويسن تعجيلها في أول وقتها؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تزال أمتي بخير، ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم»، إلا ليلة المزدلفة للمحرم بالحج، فيسنُّ تأخيرها حتى تصلى مع العشاء جمع تأخير. أما صلاة العشاء فيبدأ وقتها من مغيب الشفق الأحمر إلى نصف الليل، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط». ويستحب تأخيرها إلى آخر الوقت المختار ما لم تكن مشقة، ويكره النوم قبلها، والحديث بعدها لغير مصلحة؛ لحديث أبي برزة رضي الله عنه «أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها». ووقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، ويستحب تعجيلها إذا تحقق طلوع الفجر. هذه هي الأوقات التي يشرع أداء الصلوات الخمس فيها، فيجب على المسلمين التقيد بذلك، والمحافظة عليها في وقتها، وترك تأخيرها؛ لأن الله توعد الذين يؤخرونها عن وقتها فقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4- 5]. وقال تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59]. والغيُّ: هو العذاب الشديد المضاعف والشر والخيبة في جهنم عياذاً بالله. وأداء الصلوات في أوقاتها من أحب الأعمال إلى الله، وأفضلها، فقد سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أيُّ العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصلاة على وقتها».
|