الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
هَلْ يُقَالُ ذَوُو الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتُهُمْ وَكَيْفَ يَتَجَاوَزُ عَنْ مُسِيءِ الأَنْصَارِ ، رضي الله عنهم ، قال أبو محمد رحمه الله : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْخَوْلاَنِيِّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ الْبَصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد السِّجِسْتَانِيُّ , وَجَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ التِّنِّيسِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَيْدٍ مِنْ وَلَدِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلاَّ الْحُدُودَ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ مَوْلَى الْعُمَرِيِّينَ قَالَ : سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ , قَالَتْ عَمْرَةُ : قَالَتْ عَائِشَةُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ. حدثنا أحمد بن قاسم ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا جَدِّي ، حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ جَرَحَ مَوْلًى لَهُ فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ ابْنُ حَزْمٍ وَهُوَ وَالِي الْمَدِينَةِ فَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ : سَمِعْت جَدَّتِي عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ أَوْ زَلَّاتِهِمْ وَأَنْتَ ذُو هَيْئَةٍ , وَقَدْ أَقَلْتُك. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ زَيْدٍ الْمَدِينِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ ، حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ ، هُوَ ابْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : تُجَاوِزُوا عَنْ زَلَّةِ ذِي الْهَيْئَةِ قال أبو محمد رحمه الله : حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ كَانَ يَكُونُ جَيِّدًا لَوْلاَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ مُقَدَّرٌ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَمْرَةَ , لأََنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إنَّمَا هُوَ عَنْ أَبِيهِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ وَأَمَّا أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ فَهُوَ ضَعِيفٌ لَيْسَ هُوَ بِشَيْءٍ وَلَيْسَ هُوَ أَبَا بَكْرِ بْنَ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ , ذَلِكَ عَالٍ ثِقَةٌ , وَهَذَا مُتَأَخِّرٌ وَأَحْسَنُهَا كُلُّهَا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ فَهُوَ جَيِّدٌ وَالْحُجَّةُ بِهِ قَائِمَةٌ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْت قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الأَنْصَارُ كَرِشِي وَعَيْبَتِي , وَالنَّاسُ سَيَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ , فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَبُو عَلِيٍّ الصَّائِغُ ، حَدَّثَنَا شَاذَانُ أَخُو عَبْدَانَ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ : سَمِعْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ مَرَّ أَبُو بَكْرٍ , وَالْعَبَّاسُ , بِمَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الأَنْصَارِ وَهُمْ يَبْكُونَ , فَقَالَ : مَا يَبْكِيكُمْ فَقَالُوا : ذَكَرْنَا مَجْلِسَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَّا , فَدَخَلَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ , قَالَ : فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ بِحَاشِيَةِ بُرْدٍ , فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَلَمْ يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : أُوصِيكُمْ بِالأَنْصَارِ فَإِنَّهُمْ كَرِشِي وَعَيْبَتِي , وَقَدْ قَضَوْا الَّذِي عَلَيْهِمْ , وَبَقِيَ الَّذِي لَهُمْ , فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ. وَبِهِ إلَى الْبُخَارِيِّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُغَلِّسِ قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَةَ يَقُولُ : سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُتَعَصِّبًا بِهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ , حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ , فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ : أَيُّهَا النَّاسُ , فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَتَقِلُّ الأَنْصَارُ , حَتَّى يَكُونُوا كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ. فإن قال قائل : فَكَيْفَ تُجْمَعُ هَذِهِ الآثَارُ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلِيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ إنْ اسْتَطَاعَ وَمَعَ مَا حَدَّثَكُمُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدَانُ ، هُوَ ابْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ , قَالَتْ : مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يُؤْتَى إلَيْهِ , حَتَّى يُنْتَهَكَ مِنْ حُرُمَاتِ اللَّهِ , فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قال أبو محمد رحمه الله : فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : إنَّ جَمِيعَهَا كُلَّهَا حَقٌّ مُمْكِنٌ ظَاهِرٌ , وَذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ إسَاءَةٍ لاَ تَبْلُغُ مُنْكَرًا وَجَبَ أَنْ يَتَجَاوَزَ فِيهَا عَنْ الأَنْصَارِيِّ فِي التَّعْزِيرِ , وَلَمْ يُخَفِّفْ عَنْ غَيْرِهِمْ , وَمَا كَانَ مِنْ حَدٍّ خَفِيفٍ أَيْضًا مِنْ الأَنْصَارِ مَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْ غَيْرِهِمْ , مِثْلُ أَنْ يُجْلَدَ الأَنْصَارِيُّ فِي الْخَمْرِ بِطَرَفِ الثَّوْبِ , وَغَيْرِهِ بِالْيَدِ , أَوْ بِالْجَرِيدِ , وَالنِّعَالِ , وَيُقَالُ ذُو الْهَيْئَةِ وَهُوَ الَّذِي لَهُ هَيْئَةُ عِلْمٍ وَشَرَفٍ عَثْرَةٌ فِي جَفَا , وَنَحْوِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ حَدًّا أَوْ مُنْكَرًا , فَلاَ بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ , وَالتَّعْزِيرِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. هَلْ يُقْتَلُ الْقُرَشِيُّ فِيمَا يُوجِبُ الْقَتْلَ مِنْ رَجْمِ الْمُحْصَنِ إذَا زَنَى , وَالْقَوَدِ , وَالْحِرَابَةِ , وَالرِّدَّةِ , وَإِذَا شَرِبَ الْخَمْرَ , بَعْدَ أَنْ حُدَّ فِيهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَمْ لاَ قال أبو محمد رحمه الله : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الدِّينَوَرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ ني عَمِّي يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ني شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ مُطِيعٍ أَخِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَكَانَ اسْمُهُ الْعَاصِ , فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مُطِيعًا قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ يَقُولُ لاَ تُغْزَى مَكَّةُ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ أَبَدًا ، وَلاَ يُقْتَلُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ صَبْرًا. حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ بَهْرَامُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ ثَنْي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَكَرِيَّا ، هُوَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ : قَالَ الْحَارِثُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْبَرْصَاءِ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ تُغْزَى مَكَّةُ بَعْدَ الْيَوْمِ أَبَدًا. حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ ثَنِيّ نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ زَكَرِيَّا ، هُوَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَرْصَاءَ قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهُوَ يَقُولُ لاَ تُغْزَى بَعْدَهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قال أبو محمد رحمه الله : الْحَارِثُ هَذَا هُوَ الْحَارِثُ بْنُ مَالِكِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَوْدِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بْنِ كِنَانَةِ بْن سَجْعٍ بْنِ عَامِرٍ بْنِ لَيْثٍ بْنِ بَكْرٍ بْنِ عَبْدِ مُنَافٍ بْنِ كِنَانَةٍ لاَ يُعْرَفُ لِلشَّعْبِيِّ سَمَاعٌ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ هَذَا قُتِلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْحِصَارِ الأَوَّلِ , وَلاَ يُعْرَفُ لَهُ أَيْضًا سَمَاعٌ مِنْ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْبَرْصَاءِ فَحَصَلَ الْخَبَرَانِ مُنْقَطِعَيْنِ , وَلاَ حُجَّةَ فِي مُنْقَطِعٍ. ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ عليه السلام لاَ يَغْزُوهَا أَبَدًا , وَلاَ يَقْتُلُ هُوَ قُرَشِيًّا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ صَبْرًا , فَهَذَا مِنْ أَعْلاَمِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وبرهان صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ : هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِم ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ , وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ , وَإِسْحَاقُ ، هُوَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةِ , قَالَ إِسْحَاقُ : أَخْبَرْنَا , وَقَالَ الآخَرَانِ : حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ الْقِبْطِيَّةِ , قَالَ : دَخَلَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ , وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ , وَأَنَا مَعَهُمَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَعُوذُ عَائِذٌ بِالْبَيْتِ فَيَبْعَثُ إلَيْهِ بَعْثٌ فَإِذَا كَانَ بِبَيْدَاءَ مِنْ الأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ بِمَنْ كَانَ كَارِهًا قَالَ : يُخْسَفُ بِهِ مَعَهُمْ , وَلَكِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نِيَّتِهِ قال أبو محمد رحمه الله : أَسْقَطْنَا مِنْ هَذَا الْخَبَرِ كَلاَمًا لِبَعْضِ رُوَاتِهِ لَيْسَ مِنْ الْحَدِيثِ فِي شَيْءٍ , وَهُوَ غَلَطٌ , وَهُوَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَيَّامَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ خَطَأٌ , لأََنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، رضي الله عنها ، مَاتَتْ أَيَّامَ مُعَاوِيَةَ , فَإِنَّمَا الْغَرَضُ مِنْ الْحَدِيثِ كَلاَمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ كَلاَمَ مَنْ دُونِهِ فَلاَ حُجَّةَ فِيهِ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانَ يَقُولُ : أَخْبَرَتْنِي حَفْصَةُ أَنَّهَا سَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيُؤَمَّنَّ هَذَا الْبَيْتَ جَيْشٌ يَغْزُونَهُ حَتَّى إذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنْ الأَرْضِ يُخْسَفُ بِهِمْ بِأَوْسَطِهِمْ , وَيُنَادِي أَوَّلُهُمْ آخِرَهُمْ , ثُمَّ يُخْسَفُ بِهِمْ فَلاَ يَبْقَى إِلاَّ الشَّرِيدُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْهُمْ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الْعَامِرِيِّ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : سَيَعُودُ بِهَذَا الْبَيْتِ قَوْمٌ لَيْسَ لَهُمْ مَنَعَةٌ ، وَلاَ عَدَدٌ ، وَلاَ عُدَّةٌ يُبْعَثُ إلَيْهِمْ جَيْشٌ حَتَّى إذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنْ الأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ. قَالَ يُوسُفُ : وَأَهْلُ الشَّامِ يَوْمئِذٍ يَسِيرُونَ إلَى مَكَّةَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ : أَمَا وَاَللَّهِ مَا هُوَ بِهَذَا الْجَيْشِ وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : إنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ عَبَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِهِ , . فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ صَنَعْتُ شَيْئًا فِي مَنَامِكَ لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ , قَالَ : الْعَجَبُ , إنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَؤُمُّونَ هَذَا الْبَيْتَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ لَجَأَ بِالْبَيْتِ , حَتَّى إذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ . فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَإِنَّ الطَّرِيقَ قَدْ تَجْمَعُ النَّاسُ , قَالَ : نَعَمْ , فِيهِ الْمُسْتَبْصِرُ , وَالْمُجْبَرُ , وَابْنُ السَّبِيلِ , يَهْلِكُونَ مَهْلَكًا وَاحِدًا , وَيُصْدَرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى حَتَّى يَبْعَثَهُمْ اللَّهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ. قال أبو محمد رحمه الله : فَهَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ عَنْ ثَلاَثَةٍ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنهن وَعَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ صَاحِبُ قَدْ أَنْذَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ مَكَّةَ تُغْزَى بَعْدَهُ. وَأَمَّا قَتْلُ الْقُرَشِيِّ صَبْرًا : فَلِ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ : بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِ الْمَدِينَةِ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَفِيهِ ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ : افْتَحْ وَبَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تَكُونُ , قَالَ : فَذَهَبْت فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ قَالَ : فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ , فَقُلْتُ الَّذِي قَالَ , فَقَالَ : اللَّهُمَّ صَبْرًا وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْخَوْلاَنِيِّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد السِّجِسْتَانِيُّ ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ , وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، وَاللَّفْظُ لَهُ قَالاَ جَمِيعًا : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ أُحُدًا فَتَبِعَهُ أَبُو بَكْرٍ , وَعُمَرُ , وَعُثْمَانُ , فَرَجَفَ بِهِمْ , فَضَرَبَهُ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِجْلِهِ : اُثْبُتْ أُحُدُ , فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ , وَصِدِّيقٌ , وَشَهِيدَانِ قال أبو محمد رحمه الله : وَأَنْذَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ الْكَعْبَةَ يَهْدِمُهَا ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ وَهَذَا لاَ يَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ غَزْوِهَا بِلاَ شَكٍّ وَقَدْ صَرَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهَا تُغْزَى بَعْدَهُ , وَصَرَّحَ بِأَنَّ عُثْمَانَ تُصِيبُهُ بَلْوَى كَمَا تَرَى فَهَذَا أَنْذَرَ بِأَنَّهُ سَيُقْتَلُ , وَهُوَ قُرَشِيٌّ. وَصَحَّ يَقِينًا : أَنَّ حَدِيثَ الشَّعْبِيِّ ، عَنِ ابْنِ مُطِيعٍ , وَعَنْ الْحَارِثِ بْنِ بَرْصَاءَ , لَوْ صَحَّ وَهُوَ لاَ يَصِحُّ لَكَانَ مَعْنَاهُ : أَنَّهُ عليه السلام لاَ يَغْزُوهَا بَعْدَ يَوْمِهِ ذَلِكَ أَبَدًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ , وَأَنَّهُ عليه السلام لاَ يُقْتَلُ قُرَشِيًّا صَبْرًا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ , وَهَكَذَا كَانَ , فَإِذْ هَذَا مَعْنَى ذَلِكَ الْحَدِيثِ لَوْ صَحَّ بِلاَ شَكٍّ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْقُرَشِيَّ كَغَيْرِ الْقُرَشِيِّ فِي أَنْ يُقْتَلَ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ صَبْرًا , كَمَا يُقْتَلُ غَيْرُهُ , وَأَنَّ الْحُدُودَ تُقَامُ عَلَيْهِ , كَمَا تُقَامُ عَلَى غَيْرِ قُرَشِيٍّ , وَلاَ فَرْقَ , مَعَ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بِيَقِينٍ لاَ شَكَّ فِيهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. مَنْ سَبَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ اللَّهَ تَعَالَى , أَوْ نَبِيًّا مِنْ الأَنْبِيَاءِ , أَوْ مَلَكًا مِنْ الْمَلاَئِكَةِ , أَوْ إنْسَانًا مِنْ الصَّالِحِينَ , هَلْ يَكُونُ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا إنْ كَانَ مُسْلِمًا أَمْ لاَ وَهَلْ يَكُونُ بِذَلِكَ نَاقِضًا لِلْعَهْدِ إنْ كَانَ ذِمِّيًّا أَمْ لاَ قال أبو محمد : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ نَبِيًّا مِنْ الأَنْبِيَاءِ , مِمَّنْ يَقُولُ : إنَّهُ مُسْلِمٌ : فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَيْسَ ذَلِكَ كُفْرًا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : هُوَ كُفْرٌ , وَتَوَقَّفَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ : فأما التَّوَقُّفُ فَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا. وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهُ لَيْسَ كُفْرًا فَإِنَّنَا رُوِّينَا بِإِسْنَادٍ غَابَ عَنَّا مَكَانُهُ مِنْ رِوَايَتِنَا , إِلاَّ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : لاَ أُوتَى بِرَجُلٍ قَذَفَ دَاوُد عليه السلام بِالزِّنَا إِلاَّ جَلَدْته حَدَّيْنِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهُ كُفْرٌ فَأَبَاحَ دَمَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ : تَغَيَّظَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رَجُلٍ , فَقُلْت : مَنْ هُوَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ : لِمَ قُلْت لَهُ : لأََضْرِبَ عُنُقَهُ , إنْ أَمَرَتْنِي بِذَلِكَ قَالَ : أَوَ كُنْت فَاعِلاً , قَالَ : قُلْت : نَعَمْ , قَالَ : فَذَكَرْت كَلِمَةً مَعْنَاهَا لاََذْهَبَ عِظَمُ كَلِمَتِي الَّتِي قُلْت غَضَبَهُ , ثُمَّ قَالَ : مَا كَانَتْ لأََحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ , قَالَ : مَرَرْت عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَهُوَ مُتَغَيِّظٌ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ , فَقُلْت : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ مَنْ هَذَا الَّذِي تَغِيظُ عَلَيْهِ قَالَ : وَلِمَ تَسْأَلْ عَنْهُ قُلْت لأََضْرِبَ عُنُقَهُ قَالَ : فَوَاَللَّهِ لاََذْهَبَ غَضَبَهُ مَا قُلْت , ثُمَّ قَالَ : مَا كَانَ لأََحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى عَنْ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ : سَمِعْت أَبَا نَصْرٍ هُوَ حُمَيْدُ بْنُ هِلاَلٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ , قَالَ : أَتَيْت عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَقَدْ أَغْلَظَ لِرَجُلٍ فَرَدَّ عَلَيْهِ , فَقُلْت : أَلاَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ : إنَّهَا لَيْسَتْ لأََحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا أَبُو دَاوُد ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ فَغَضِبَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ , فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ جِدًّا , فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِكَ قُلْت : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ أَضْرِبُ عُنُقَهُ فَلَمَّا ذَكَرْت الْقَتْلَ أَضْرَبَ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ أَجْمَعَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النَّحْوِ , قَالَ : فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا أَرْسَلَ إلَيَّ فَقَالَ : يَا أَبَا بَرْزَةَ مَا قُلْت قَالَ : وَنَسِيت الَّذِي قُلْت فَقُلْت لَهُ : ذَكِّرْنِيهِ فَقَالَ : أَمَّا تَذْكُرُ مَا قُلْت قُلْت : لاَ , وَاَللَّهِ , قَالَ : رَأَيْت حِينَ رَأَيْتنِي غَضِبْت عَلَى الرَّجُلِ , فَقُلْت : أَضْرِبُ عُنُقَهُ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ , أَمَا تَذْكُرُ ذَلِكَ , أَوَ كُنْت فَاعِلاً ذَلِكَ قُلْت : نَعَمْ , وَاَللَّهِ وَلَئِنْ أَمَرْتنِي فَعَلْت , قَالَ : وَاَللَّهِ مَا هِيَ لأََحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أبو محمد : فإن قيل هَذَا خَبَرٌ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ مَرَّةً عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ , وَمَرَّةً عَنْ أَبِي الْبُحْتُرِيِّ , وَكِلاَهُمَا عَنْ أَبِي بَرْزَةَ قلنا : فَكَانَ مَاذَا كُلُّهُمْ ثِقَةٌ , سَمِعَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ فَحَدَّثَ بِهِ كَذَلِكَ , وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ مِنْ الْجَلاَلَةِ وَالثِّقَةِ بِحَيْثُ لاَ يَغْمِزُهُ بِمِثْلِ هَذَا إِلاَّ جَاهِلٌ. فإن قيل : إنَّ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ هَذَا إنَّمَا هُوَ مَا كَانَ لأََحَدٍ أَنْ يُطَاعَ فِي سَفْكِ دَمٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلنا نَعَمْ , وَأَرَادَ أَيْضًا مَعْنًى آخَرَ , كَمَا رُوِّينَا مُبَيَّنًا بِلاَ إشْكَالٍ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ أَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ثَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ قَالَ : سَمِعْت أَبَا السَّوَّارِ الْقَاضِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قُدَامَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ : أَغْلَظَ رَجُلٌ لأََبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ , قُلْت : أَلاَ أَقْتُلُهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَيْسَ هَذَا إِلاَّ لِمَنْ شَتَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيَّنَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه أَنَّهُ لاَ يُقْتَلُ مَنْ شَتَمَهُ , لَكِنْ يُقْتَلُ مَنْ شَتَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ دَمَ الْمُسْلِمِينَ حَرَامٌ إِلاَّ بِمَا أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ , وَلَمْ يُبِحْهُ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ , إِلاَّ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ الْإِيمَانِ , أَوْ زِنَا الْمُحْصَنِ , أَوْ قَوَدٍ بِنَفْسٍ مُؤْمِنَةٍ , أَوْ فِي الْمُحَارَبَةِ , وَقَطْعِ الطَّرِيقِ , أَوْ فِي الْمُدَافَعَةِ عَنْ الظُّلْمَةِ , أَوْ فِي الْمُمَانَعَةِ مِنْ حَقٍّ , أَوْ فِيمَنْ حُدَّ فِي الْخَمْرِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ , ثُمَّ شَرِبَهَا الرَّابِعَةَ فَقَطْ. وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ , وَلاَ شَرِبَ خَمْرًا , وَلاَ قَصَدَ ظُلْمَ مُسْلِمٍ , وَلاَ قَطَعَ طَرِيقًا فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَنَّهُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ كَافِرٌ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْكُوفَةِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , فَكَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ : إنِّي وَجَدْت رَجُلاً بِالْكُوفَةِ يَسُبُّك , وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ , فَهَمَمْت بِقَتْلِهِ , أَوْ قَطْعِ يَدَيْهِ , أَوْ قَطْعِ لِسَانِهِ , أَوْ جَلْدِهِ ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أُرَاجِعَك فِيهِ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : سَلاَمٌ عَلَيْك , أَمَّا بَعْدُ : وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ قَتَلْته لَقَتَلْتُك بِهِ , وَلَوْ قَطَعْته لَقَطَعْتُك بِهِ , وَلَوْ جَلَدْته لاََقَدْته مِنْك , فَإِذَا جَاءَك كِتَابِي هَذَا , فَاخْرُجْ بِهِ إلَى الْكُنَاسَةِ فَسُبَّهُ كَاَلَّذِي سَبَّنِي , أَوْ اُعْفُ عَنْهُ , فَإِنَّ ذَلِكَ أَحَبُّ إلَيَّ , فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ قَتْلُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَسُبُّ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ إِلاَّ رَجُلاً سَبَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَمَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ , وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ , وَسَائِرُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ , وَأَصْحَابُهُمْ , إلَى أَنَّهُ بِذَلِكَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ قال أبو محمد : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا احْتَجَّتْ بِهِ كُلُّ طَائِفَةٍ لِقَوْلِهَا لِنَعْلَمَ الْحَقَّ مِنْ ذَلِكَ فَنَتَّبِعَهُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَأْيِيدِهِ. فَوَجَدْنَا مَنْ قَالَ : لاَ يَكُونُ بِذَلِكَ كَافِرًا يَحْتَجُّونَ بِ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ آثَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسًا فِي الْقِسْمَةِ فَقَالَ رَجُلٌ : وَاَللَّهِ إنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ , فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ كَالصِّرْفِ , ثُمَّ قَالَ : مَنْ يَعْدِلُ إذَا لَمْ يَعْدِلْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ. وَبِ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ الأَعْمَشِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنْ الأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ , وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ : رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ. قال أبو محمد : وَكُلُّ هَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ : أَمَّا الْقَائِلُ فِي قِسْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ قِسْمَةٌ مَا عَدْلٌ فِيهَا , وَلاَ أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى , فَقَدْ قلنا : إنَّ هَذَا كَانَ يَوْمَ خَيْبَرَ , وَإِنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَتْلِ الْمُرْتَدِّينَ , وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ قَائِلَ هَذَا الْقَوْلِ لَيْسَ كَافِرًا بِقَوْلِ ذَلِكَ , فَإِذْ لَيْسَ ذَلِكَ فِي الْخَبَرِ فَلاَ مُتَعَلِّقَ لَهُمْ بِهِ. وَأَمَّا حَدِيثُ النَّبِيِّ الَّذِي بِهِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمُوهُ , فَكَذَلِكَ أَيْضًا , وَمَعْنَى دُعَاءِ ذَلِكَ النَّبِيِّ عليه السلام لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ : إنَّمَا هُوَ بِأَنْ يُؤْمِنُوا فَيَغْفِرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ , وَيُبَيِّنَ أَنَّهُمْ كَانُوا كُفَّارًا بِهِ قَوْلُهُ {فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} فَصَحَّ أَنَّهُمْ كَانُوا لاَ يَعْلَمُونَ بِنُبُوَّتِهِ. فَصَحَّ أَنَّ كِلاَ الْخَبَرَيْنِ لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ. وَأَمَّا سَبُّ اللَّهِ تَعَالَى فَمَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مُسْلِمٌ يُخَالِفُ فِي أَنَّهُ كُفْرٌ مُجَرَّدٌ , إِلاَّ أَنَّ الْجَهْمِيَّةَ , وَالأَشْعَرِيَّةَ وَهُمَا طَائِفَتَانِ لاَ يُعْتَدُّ بِهِمَا يُصَرِّحُونَ بِأَنَّ سَبَّ اللَّهِ تَعَالَى , وَإِعْلاَنَ الْكُفْرِ , لَيْسَ كُفْرًا , قَالَ بَعْضُهُمْ : وَلَكِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَعْتَقِدُ الْكُفْرَ , لاَ أَنَّهُ كَافِرٌ بِيَقِينٍ بِسَبِّهِ اللَّهَ تَعَالَى وَأَصْلُهُمْ فِي هَذَا أَصْلُ سُوءٍ خَارِجٌ عَنْ إجْمَاعِ أَهْلِ الإِسْلاَمِ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : الْإِيمَانُ هُوَ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ فَقَطْ وَإِنْ أَعْلَنَ بِالْكُفْرِ وَعِبَادَةُ الأَوْثَانِ بِغَيْرِ تَقِيَّةٍ ، وَلاَ حِكَايَةٍ , لَكِنْ مُخْتَارًا فِي ذَلِكَ الإِسْلاَمَ. قال أبو محمد رحمه الله : وَهَذَا كُفْرٌ مُجَرَّدٌ ; لأََنَّهُ خِلاَفٌ لأَِجْمَاعِ الْأُمَّةِ , وَلِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَمِيعِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ ; لأََنَّهُ لاَ يَخْتَلِفُ أَحَدٌ لاَ كَافِرٌ ، وَلاَ مُؤْمِنٌ فِي أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ أَنَّهُ وَحْيٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى , وَإِنْ كَانَ قَوْمٌ مِنْ الرَّوَافِضِ ادَّعُوا أَنَّهُ نُقِصَ مِنْهُ , وَحُرِّفَ , فَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ جُمْلَتَهُ كَمَا ذَكَرْنَا. وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ فِيهِ التَّسْمِيَةَ بِالْكُفْرِ , وَالْحُكْمُ بِالْكُفْرِ قَطْعًا عَلَى مَنْ نَطَقَ بِأَقْوَالٍ مَعْرُوفَةٍ , كَقَوْلِهِ تَعَالَى فَصَحَّ أَنَّ الْكُفْرَ يَكُونُ كَلاَمًا. وَقَدْ حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْكُفْرِ عَلَى إبْلِيسَ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ مِنْ نَارٍ وَخَلَقَ آدَمَ مِنْ طِينٍ وَأَمَرَهُ بِالسُّجُودِ لأَدَمَ وَكَرَّمَهُ عَلَيْهِ وَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى النَّظِرَةَ إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ : إذْ لَيْسَ شَتْمُ اللَّهِ تَعَالَى كُفْرًا عِنْدَكُمْ , فَمِنْ أَيْنَ قُلْتُمْ : إنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الْكُفْرِ فَإِنْ قَالُوا : لأََنَّهُ مَحْكُومٌ عَلَى قَائِلِهِ بِحُكْمِ الْكُفْرِ قِيلَ لَهُمْ : نَعَمْ , مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِنَفْسِ قَوْلِهِ , لاَ بِمَغِيبِ ضَمِيرِهِ الَّذِي لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّمَا حُكِمَ لَهُ بِالْكُفْرِ بِقَوْلِهِ فَقَطْ , فَقَوْلُهُ هُوَ الْكُفْرُ , وَمَنْ قَطَعَ عَلَى أَنَّهُ فِي ضَمِيرِهِ , وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ قَوْمٍ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ فَكَانُوا بِذَلِكَ كُفَّارًا , كَالْيَهُودِ الَّذِينَ عَرَفُوا صِحَّةَ نُبُوَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ كُفَّارٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى قَطْعًا بِيَقِينٍ , إذْ أَعْلَنُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ. قال أبو محمد رحمه الله : فَإِذْ قَدْ سَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ فَالْوَاجِبُ أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا احْتَجَّتْ بِهِ الطَّائِفَةُ الْقَائِلَةُ إنَّ مَنْ سَبَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ نَبِيًّا مِنْ الأَنْبِيَاءِ , أَوْ مَلَكًا مِنْ الْمَلاَئِكَةِ عليهم السلام فَهُوَ بِذَلِكَ الْقَوْلِ كَافِرٌ سَوَاءٌ اعْتَقَدَهُ بِقَلْبِهِ أَوْ اعْتَقَدَ الْإِيمَانَ بِقَلْبِهِ : فَوَجَدْنَاهُمْ يَذْكُرُونَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْله تَعَالَى وَكَذَلِكَ عَلِمْنَا بِضَرُورَةِ الْمُشَاهَدَةِ : أَنَّ كُلَّ سَابٍّ وَشَاتِمٍ فَمُسْتَخِفٌّ بِالْمَشْتُومِ مُسْتَهْزِئٌ بِهِ , فَالأَسْتِخْفَافُ وَالأَسْتِهْزَاءُ شَيْءٌ وَاحِدٌ قال أبو محمد رحمه الله : وَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ إبْلِيسَ بِاسْتِخْفَافِهِ بِآدَمَ عليه السلام كَافِرًا ; لأََنَّهُ إذْ قَالَ : أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ فَحِينَئِذٍ أَمَرَهُ تَعَالَى بِالْخُرُوجِ مِنْ الْجَنَّةِ وَدَحْرِهِ , وَسَمَّاهُ كَافِرًا بِقَوْلِهِ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ. وَ حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ حَبِيبٌ الْبُخَارِيُّ هُوَ صَاحِبُ أَبِي ثَوْرٍ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ : " دَخَلْت عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ لِي : أَتَعْرِفُ حَدِيثًا مُسْنَدًا فِيمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُقْتَلُ قُلْت : نَعَمْ , فَذَكَرْت لَهُ حَدِيثَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ " رَجُلٍ " مِنْ بُلْقِينَ قَالَ : كَانَ رَجُلٌ يَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ يَكْفِينِي عَدُوًّا لِي فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ : أَنَا فَبَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيْهِ فَقَتَلَهُ , فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ : لَيْسَ هَذَا مُسْنَدًا , هُوَ عَنْ رَجُلٍ فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذَا يُعْرَفُ هَذَا الرَّجُلُ وَهُوَ اسْمُهُ , قَدْ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعَهُ , وَهُوَ مَشْهُورٌ مَعْرُوفٌ قَالَ : فَأَمَرَ لِي بِأَلْفِ دِينَارٍ قال أبو محمد رحمه الله : هَذَا حَدِيثٌ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ , وَقَدْ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ كَمَا ذَكَرَهُ , وَهَذَا رَجُلٌ مِنْ الصَّحَابَةِ مَعْرُوفٌ اسْمُهُ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ " رَجُلٌ " مِنْ بُلْقِينَ. فَصَحَّ بِهَذَا كُفْرُ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَعَالَى , وَهُوَ عليه السلام لاَ يُعَادِي مُسْلِمًا قَالَ تَعَالَى قال أبو محمد رحمه الله : وَيُبَيِّنُ هَذَا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يُتَّهَمُ بِأُمِّ وَلَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ : اذْهَبْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ , فَأَتَاهُ عَلِيٌّ فَإِذَا هُوَ فِي رَكِيٍّ يَتَبَرَّدُ فِيهَا , فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : اُخْرُجْ , فَنَاوَلَهُ يَدَهُ , فَأَخْرَجَهُ , فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ لَيْسَ لَهُ ذَكَرٌ فَكَفَّ عَلِيٌّ عَنْهُ , ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ لَمَجْبُوبٌ , مَالَهُ ذَكَرٌ قال أبو محمد رحمه الله : هَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ , وَفِيهِ مَنْ آذَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَ قَتْلُهُ , وَإِنْ كَانَ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَجِبْ بِذَلِكَ قَتْلُهُ فإن قال قائل : كَيْفَ يَأْمُرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ دُونَ أَنْ يَتَحَقَّقَ عِنْدَهُ ذَلِكَ الأَمْرُ , لاَ بِوَحْيٍ , وَلاَ بِعِلْمٍ صَحِيحٍ , وَلاَ بِبَيِّنَةٍ , وَلاَ بِإِقْرَارٍ وَكَيْفَ يَأْمُرُ عليه السلام بِقَتْلِهِ فِي قِصَّةٍ بِظَنٍّ قَدْ ظَهَرَ كَذِبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَبُطْلاَنُهُ وَكَيْفَ يَأْمُرُ عليه السلام بِقَتْلِ امْرِئٍ قَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ تَعَالَى بَرَاءَتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَقِينٍ لاَ شَكَّ فِيهِ وَكَيْفَ يَأْمُرُ عليه السلام بِقَتْلِهِ ، وَلاَ يَأْمُرُ بِقَتْلِهَا , وَالأَمْرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مُشْتَرَكٌ قال أبو محمد رحمه الله : وَهَذِهِ سُؤَالاَتٌ لاَ يَسْأَلُهَا إِلاَّ كَافِرٌ أَوْ إنْسَانٌ جَاهِلٌ يُرِيدُ مَعْرِفَةَ الْمَخْرَجِ مِنْ كُلِّ هَذِهِ الأَعْتِرَاضَاتِ الْمَذْكُورَةِ قال أبو محمد رحمه الله : الْوَجْهُ فِي هَذِهِ السُّؤَالاَتِ بَيِّنٌ وَاضِحٌ لاَ خَفَاءَ بِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَأْمُرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ أَحَدٍ بِظَنٍّ بِغَيْرِ إقْرَارٍ , أَوْ بَيِّنَةٍ , أَوْ عِلْمٍ أَوْ مُشَاهَدَةٍ , أَوْ وَحْيٍ , أَوْ أَنْ يَأْمُرَ بِقَتْلِهِ دُونَهَا , لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُ بَرِيءٌ , وَأَنَّ الْقَوْلَ كَذِبٌ فَأَرَادَ عليه السلام أَنْ يُوقَفَ عَلَى ذَلِكَ مُشَاهَدَةً فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الَّذِي قِيلَ عَنْهُ , فَكَانَ هَذَا حُكْمًا صَحِيحًا فِيمَنْ آذَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ عَلِمَ عليه السلام أَنَّ الْقَتْلَ لاَ يَنْفُذُ عَلَيْهِ لِمَا يُظْهِرُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بَرَاءَتِهِ , وَكَانَ عليه السلام فِي ذَلِكَ , كَمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ عليه السلام , وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ هُوَ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ ، هُوَ ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ قَالَ : إنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : إنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ فَذَكَرَ كَلاَمًا وَفِيهِ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ : وَكَانَتْ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إحْدَاهُمَا , فَقَالَتْ صَاحِبَتُهَا , إنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ , وَقَالَتْ الْأُخْرَى : إنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ , فَتَحَاكَمَا إلَى دَاوُد عليه السلام , فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى , فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ عليه السلام فَأَخْبَرَتَاهُ , فَقَالَ : ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا , فَقَالَتْ الصُّغْرَى : لاَ تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ , ، هُوَ ابْنُهَا , فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : وَاَللَّهِ إنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ وَمَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةَ قال أبو محمد رحمه الله : فَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّ سُلَيْمَانَ عليه السلام لَمْ يُرِدْ قَطُّ شَقَّ الصَّبِيِّ بَيْنَهُمَا , وَإِنَّمَا أَرَادَ امْتِحَانَهُمَا بِذَلِكَ , وَبِالْوَحْيِ فَعَلَ هَذَا بِلاَ شَكٍّ وَكَانَ حُكْمُ دَاوُد عليه السلام لِلْكُبْرَى عَلَى ظَاهِرِ الأَمْرِ ; لأََنَّهُ كَانَ فِي يَدِهَا , وَكَذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَرَادَ قَطُّ إنْفَاذَ قَتْلِ ذَلِكَ " الْمَجْبُوبِ " لَكِنْ أَرَادَ امْتِحَانَ عَلِيٍّ فِي إنْفَاذِ أَمْرِهِ , وَأَرَادَ إظْهَارَ بَرَاءَةِ الْمُتَّهَمِ , وَكَذِبِ التُّهْمَةِ عِيَانًا وَهَكَذَا لَمْ يُرِدْ اللَّهُ تَعَالَى إنْفَاذَ ذَبْحِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليهما وسلم إذَا أَمَرَ أَبَاهُ بِذَبْحِهِ , لَكِنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى إظْهَارَ تَنْفِيذِهِ لأََمْرِهِ فَهَذَا وَجْهُ الأَخْبَارِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. فَصَحَّ بِهَذَا أَنَّ كُلَّ مَنْ آذَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ يُقْتَلُ , وَلاَ بُدَّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ قال أبو محمد رحمه الله : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ دُلَيْمٍ الْحَضْرَمِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلَّاصِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ ثَنْي مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاغَنْدِيُّ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ : سَمِعْت مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ : مَنْ سَبَّ أَبَا بَكْرٍ , وَعُمَرَ جُلِدَ , وَمَنْ سَبَّ عَائِشَةَ قُتِلَ , قِيلَ لَهُ : لِمَ يُقْتَلُ فِي عَائِشَةَ قَالَ : لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي عَائِشَةَ ، رضي الله عنها ، يَعِظُكُمْ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. قَالَ مَالِكٌ : فَمَنْ رَمَاهَا فَقَدْ خَالَفَ الْقُرْآنَ , وَمَنْ خَالَفَ الْقُرْآنَ قُتِلَ قال أبو محمد رحمه الله : قَوْلُ مَالِكٍ هَاهُنَا صَحِيحٌ , وَهِيَ رِدَّةٌ تَامَّةٌ , وَتَكْذِيبٌ لِلَّهِ تَعَالَى فِي قَطْعِهِ بِبَرَاءَتِهَا. وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ سَائِرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ , وَلاَ فَرْقَ. لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} فَكُلُّهُنَّ مُبَرَّآتٌ مِنْ قَوْلٍ إفْكٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. قال أبو محمد رحمه الله : وَأَمَّا الذِّمِّيُّ يَسُبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ أَصْحَابَنَا , وَمَالِكًا , وَأَصْحَابَهُ , قَالُوا : يُقْتَلُ ، وَلاَ بُدَّ. وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. وقال الشافعي : يَجِبُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِمْ : أَنْ لاَ يَذْكُرَ أَحَدٌ مِنْهُمْ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا لاَ يَنْبَغِي , أَوْ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ أَوْ تَزَوَّجَهَا , فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ , أَوْ قَطَعَ الطَّرِيقَ عَلَى مُسْلِمٍ , أَوْ أَعَانَ أَهْلَ الْحَرْبِ بِدَلاَلَةٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ , أَوْ آوَى عَيْنًا لَهُمْ , فَقَدْ نَقَضَ عَهْدَهُ , وَحَلَّ دَمُهُ , وَبَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى , وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ فَتَأَوَّلَ عَلَيْهِ قَوْمٌ : أَنَّهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ هَذَا عَلَيْهِمْ لَمْ يَسْتَحِلَّ دَمَهُمْ بِذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ رحمه الله : وَهَذَا خَطَأٌ مِمَّنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ; لأََنَّهُ لاَ يَخْتَلِفُ عَنْهُ , وَلاَ عَنْ غَيْرِهِ فِي الذِّمِّيِّ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ قَدْ حَلَّ بِذَلِكَ دَمُهُ تَقَدَّمَ إلَيْهِمْ بِذَلِكَ وَشَرَطَ لَهُمْ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ لَهُمْ. وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيِّينَ : أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْرِ مَا بِهِ كُفْرٌ يُقْتَلُ , فَاسْتَدَلَّ بَعْضُ النَّاسِ : أَنَّهُ لاَ يُقْتَلُ إذَا سَبَّهُ بِتَكْذِيبٍ. وَقَالَ سُفْيَانُ , وَأَبُو حَنِيفَةَ , وَأَصْحَابُهُ : إنْ سَبَّ الذِّمِّيُّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَيِّ شَيْءٍ سَبَّهُ , فَإِنَّهُ لاَ يُقْتَلُ , لَكِنْ يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ وقال بعضهم : يُعَزَّرُ. وَقَدْ رُوِيَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ يُقْتَلُ ، وَلاَ بُدَّ. وَاحْتَجَّ الْحَنَفِيُّونَ لِضَلاَلِهِمْ وَإِفْكِهِمْ بِمَا ناه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ : سَمِعْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : مَرَّ يَهُودِيٌّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : السَّامُ عَلَيْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْكَ , فَقَالَ عليه السلام : أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ قَالَ : السَّامُ عَلَيْكَ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَلاَ نَقْتُلُهُ قَالَ : لاَ , إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ , فَقُولُوا : وَعَلَيْكُمْ. وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ ، حَدَّثَنَا أَبُو بُغَيْمٍ ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : السَّامُ عَلَيْكَ , فَقُلْتُ : بَلَى , وَعَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ , فَقَالَ : يَا عَائِشَةُ إنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ , قُلْتُ : أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ : قُلْتُ : وَعَلَيْكُمْ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَدِيٍّ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا فَجِيءَ بِهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَتْ : أَرَدْتُ لأََقْتُلكَ , قَالَ : مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطكِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ قَالَ عَلَيَّ فَقَالُوا : أَلاَ تَقْتُلُهَا فَقَالَ : لاَ. قال أبو محمد : فَقَالُوا : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ الْيَهُودِ لَهُ السَّامُ عَلَيْك وَهَذَا قَوْلٌ لَوْ قَالَهُ مُسْلِمٌ لَكَانَ كَافِرًا بِذَلِكَ , وَقَدْ سَمَّتْ الْيَهُودِيَّةُ طَعَامًا لِتَقْتُلَهُ وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا يَفْعَلُ ذَلِكَ لَكَانَ بِذَلِكَ كَافِرًا , فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ، وَلاَ قَتَلَهَا , وَحَدِيثُ لَبِيدِ بْنِ الأَعْصَمِ إذْ سَحَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقْتُلْهُ قال أبو محمد : مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذَا أَصْلاً , وَكُلُّ هَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَمَّا الأَحَادِيثُ الَّتِي فِيهَا قَوْلُ الْيَهُودِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : السَّامُ عَلَيْكَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ ; لأََنَّ السَّامَ إنَّمَا هُوَ الْمَوْتُ : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ , وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ " أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ : شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلاَّ السَّامَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَالسَّامُ الْمَوْتُ , فَمَعْنَى السَّامُ عَلَيْك : الْمَوْتُ عَلَيْك , وَهَذَا كَلاَمٌ حَقٌّ , وَإِنْ كَانَ فِيهِ جَفَاءٌ ; لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ وَقَالَ تَعَالَى فَنَظَرْنَا فِي الْمَعْنَى الَّذِي وَجَبَ بِهِ الْقَتْلُ عَلَى الذِّمِّيِّ إذَا سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ اسْتَخَفَّ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِ الإِسْلاَمِ فَوَجَدْنَاهُ إنَّمَا هُوَ نَقْضُهُ الذِّمَّةَ ; لأََنَّهُ إنَّمَا تَذَمَّمَ , وَحَقَنَ دَمَهُ بِالْجِزْيَةِ عَلَى الصِّغَارِ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ تَعَالَى قلنا مِنْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يُقَاتَلُونَ وَيُقْتَلُونَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ , وَعَلَى أَنَّهُمْ إذَا عُوهِدُوا وَتَمَّ عَهْدُهُمْ , وَطَعَنُوا فِي دِينِنَا فَقَدْ نَقَضُوا عَهْدَهُمْ , وَنَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ , وَعَادَ حُكْمُ قِتَالِهِمْ كَمَا كَانَ. وَبِضَرُورَةِ الْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ نَدْرِي أَنَّهُمْ إنْ أَعْلَنُوا سَبَّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ سَبَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ شَيْءٍ مِنْ دِينِ الإِسْلاَمِ , أَوْ مُسْلِمٍ مِنْ عَرَضِ النَّاسِ , فَقَدْ فَارَقُوا الصَّغَارَ , بَلْ قَدْ أَصْغَرُونَا , وَأَذَلُّونَا , وَطَعَنُوا فِي دِينِنَا , فَنَكَثُوا بِذَلِكَ عَهْدَهُمْ , وَنَقَضُوا ذِمَّتَهُمْ وَإِذَا نَقَضُوا ذِمَّتَهُمْ فَقَدْ حَلَّتْ دِمَاؤُهُمْ , وَسَبْيُهُمْ , وَأَمْوَالُهُمْ بِلاَ شَكٍّ قال أبو محمد رحمه الله : وَسَمُّ الْيَهُودِيَّةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمَ خَيْبَرَ بِلاَ شَكٍّ وَهُوَ قَبْلَ نُزُولِ " بَرَاءَةٌ " بِثَلاَثَةِ أَعْوَامٍ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي قَوْلِ أُولَئِكَ الْيَهُودِ : السَّامُ عَلَيْك لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَفِي سِحْرِ لَبِيدِ بْنِ الأَعْصَمِ إيَّاهُ ، وَأَنَّ هَذَا كُلَّهُ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ بِأَنْ لاَ يُثَبِّتَ عَهْدَ الذِّمِّيِّ إِلاَّ عَلَى الصِّغَارِ , وَأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ إذْ كَانَتْ الْمُهَادَنَةُ جَائِزَةً لَهُمْ ; لأََنَّ الْمَعْنَى فِي حَدِيثِ " السَّامِ , وَالسِّحْرِ " هُوَ مَعْنَى حَدِيثِ سَمِّ الشَّاةِ سَوَاءً سَوَاءً , وَحَدِيثُ سَمِّ الشَّاةِ مَنْسُوخٌ بِلاَ شَكٍّ بِمَا فِي " سُورَةِ بَرَاءَةَ " مِنْ أَنْ لاَ يُقَرُّوا إِلاَّ عَلَى الصِّغَارِ فَحَدِيثُ " السَّامِ , وَالسِّحْرِ " بِلاَ شَكٍّ مَنْسُوخَانِ , بَلْ الْيَقِينُ قَدْ صَحَّ بِذَلِكَ ; لأََنَّ مَعْنَاهُمَا مَنْسُوخٌ ، وَلاَ يَحِلُّ الْعَمَلُ بِالْمَنْسُوخِ , وَلاَ يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يَكُونَا بَعْدَ نُزُولِ " بَرَاءَةٌ " ; لأََنَّهُ مِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَنْسَخَ اللَّهُ تَعَالَى شَيْئًا بِيَقِينٍ , ثُمَّ يَنْسَخَ النَّاسِخَ وَيُعِيدَ حُكْمَ الْمَنْسُوخِ ، وَلاَ يَصْحَبَهُ مِنْ الْبَيَانِ مَا يَرْفَعُ الشَّكَّ , وَيَرْفَعُ الظَّنَّ , وَيُبْطِلُ الْإِشْكَالَ هَذَا أَمْرٌ قَدْ أَمِنَّاهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. فإن قال قائل : كَيْفَ تَقُولُونَ هَذَا وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ : إنَّ مَنْ سَمَّ الْيَوْمَ طَعَامًا لأََحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَلاَ قَتْلَ عَلَيْهِ وَإِنَّ مَنْ سَحَرَ مُسْلِمًا فَلاَ قَتْلَ عَلَيْهِ , وَإِنَّ الْيَهُودَ يَقُولُونَ لَنَا الْيَوْمَ : السَّامُ عَلَيْكُمْ , وَلاَ قَتْلَ عَلَيْهِمْ فَمَا نَرَاكُمْ تَحْكُمُونَ إِلاَّ بِمَا ذَكَرْتُمْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ فَجَوَابُنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ أَنَّنَا لَمْ نَقُلْ إنَّ هَذِهِ الأَحَادِيثَ نُسِخَ مِنْهَا إِلاَّ مَا يُوجِبُهُ حُكْمُ خِطَابِهِمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً , وَحُكْمُ سَمِّ طَعَامِهِ خَاصَّةً , وَحُكْمُ قَصْدِهِ بِالسِّحْرِ خَاصَّةً , فَهَذَا هُوَ الَّذِي نُسِخَ وَحْدَهُ فَقَطْ ، وَلاَ مَزِيدَ ; لأََنَّ الْغَرَضَ تَعْظِيمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوْقِيرُهُ , وَأَنْ لاَ يُجْعَلَ دُعَاؤُهُ عليه السلام كَدُعَاءِ بَعْضِنَا بَعْضًا بَاقٍ أَبَدًا عَلَى الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ. فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ قَوْلَهُ الَّذِي قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اعْدِلْ يَا مُحَمَّدُ " كَانَ رِدَّةً صَحِيحَةً ; لأََنَّهُ لَمْ يُوَقِّرْهُ ، وَلاَ عَظَّمَهُ كَمَا أُمِرَ , وَرَفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْهِ فَحَبَطَ عَمَلُهُ. وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا يَقُولُ لأََبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه فَمَنْ دُونَهُ : اعْدِلْ يَا أَبَا بَكْرٍ لِمَا كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ النَّكِرَةِ , وَلاَ مِنْ الْكَرَاهَةِ , وَالْيَهُودُ إنْ قَالُوا لَنَا : السَّامُ عَلَيْكُمْ , أَوْ قَالُوا : الْمَوْتُ عَلَيْكُمْ , لَقُلْنَا لَهُمْ : صَدَقْتُمْ ، وَلاَ خَفَاءَ فِي هَذَا. وَكَذَلِكَ لَوْ خَاصَمُونَا فِي حَقٍّ يَدَّعُونَهُ فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ عَلَيْنَا , مَا كَانَ فِي ذَلِكَ نَكِرَةٌ , وَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ وَغَيْرِهِمْ كُفْرٌ , وَنَقْضٌ لِلذِّمَّةِ. وَكَذَلِكَ إذَا سَحَرَنَا سَاحِرٌ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ , فَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ كَادَنَا كَيْدًا لاَ يُفْلِحُ مَعَهُ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ سَمُّ الطَّعَامِ لَنَا لَيْسَ فِيهِ إِلاَّ إفْسَادُ مَالٍ مِنْ أَمْوَالِنَا إنْ كَانَ لَنَا , أَوْ كَيْدٌ مِنْ فَاعِلِهِ إنْ كَانَ الطَّعَامُ لَهُ , وَلَيْسَ بِإِفْسَادِ الْمَالِ وَالْكَيْدِ تَنْتَقِضُ الذِّمَّةُ ، وَلاَ يَكْفُرُ بِذَلِكَ أَحَدٌ إِلاَّ مَنْ عَامَلَ بِذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً , فَهُوَ كُفْرٌ وَنَقْضٌ لِلذِّمَّةِ ; لأََنَّهُ خِلاَفُ التَّعْظِيمِ الْمُفْتَرَضِ لَهُ عَلَيْنَا وَعَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الأَرْضِ جِنِّهَا وَإِنْسِهَا. وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا لَمْ يُسَلِّمْ لِحُكْمٍ حَكَمَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَمَنْ دُونَهُ فَاجْتِهَادُهُ فِيمَا لاَ نَصَّ فِيهِ ، وَلاَ إجْمَاعَ , وَلاَ رِضًى بِذَلِكَ الْقَوْلِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ حَرَجٌ ، وَلاَ إثْمٌ , وَلَوْ أَنَّهُمَا لَمْ يُسَلِّمَا لِحُكْمٍ حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَانَ ذَلِكَ كُفْرًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ , بِنَصِّ الْقُرْآنِ , وَإِخْرَاجًا لَهُمْ عَنْ الْإِيمَانِ , وَلَكَانَ ذَلِكَ نَقْضًا لِلذِّمَّةِ مِنْ الذِّمِّيِّ ; لأََنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ الصَّغَارِ , وَطَعْنٌ فِي الدِّينِ , وَهَذَا بَيِّنٌ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ كَثِيرًا.
|