الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
وَأَمَّا الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ: فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَمَالِكًا نَهَيَا عَنْهُمَا وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: مَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ [ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ؛ فَإِنْ صَلاَّهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ فَلَهُ أَنْ يُثْبِتَهُمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلاَ يَدَعُهُمَا أَبَدًا وقال أحمد بْنُ حَنْبَلٍ: لاَ أُصَلِّيهِمَا، وَلاَ أُنْكِرُ عَلَى مَنْ صَلاَّهُمَا، وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: هُمَا مُسْتَحْسَنَتَانِ قَالَ عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا قُتَيْبَةُ عَنْ إسْمَاعِيلِ بْنِ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ، هُوَ ابْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ أَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الْعَصْرِ، ثُمَّ إنَّهُ شُغِلَ عَنْهُمَا أَوْ نَسِيَهُمَا فَصَلاَّهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ ثُمَّ أَثْبَتَهُمَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا صَلَّى صَلاَةً أَثْبَتَهَا. قَالَ عَلِيٌّ: بِهَذَا تَعَلَّقَ الشَّافِعِيُّ، وَلاَ حُجَّةَ لَهُ فِيهِ؛ لاَِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ: إنَّهُمَا لاَ تَجُوزَانِ إلاَّ لِمَنْ نَسِيَهُمَا أَوْ شُغِلَ عَنْهُمَا، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ صَلاَتُهُمَا حِينَئِذٍ جَائِزَةً حَسَنَةً مَا أَثْبَتَهُمَا فِي وَقْتٍ لاَ تَجُوزَانِ فِيهِ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ فَاحْتُجَّ لَهُمَا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، حدثنا عَمِّي هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حدثنا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ يَعْنِي رَكْعَتَيْنِ وَيَنْهَى عَنْهَا وَيُوَاصِلُ وَيَنْهَى عَنْ الْوِصَالِ وَبِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبَزَّارِ: حدثنا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حدثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ إنَّمَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ؛ لاَِنَّهُ جَاءَهُ مَالٌ فَقَسَّمَهُ شَغَلَهُ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ، بَعْدَ الظُّهْرِ، فَصَلاَّهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، وَلَمْ يَعُدْ لَهُمَا وَبِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَيْمَنَ: حدثنا قَاسِمُ بْنُ يُونُسَ، حدثنا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، حدثنا اللَّيْثُ، حدثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابِيٍّ مَوْلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا حَجَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَسَأَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ اللَّتَيْنِ صَلاَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَخْبَرَتْنِيهِ عَائِشَةُ؛ فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ إلَى عَائِشَةَ: هَلْ صَلاَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ عِنْدَك قَالَتْ: لاَ، وَلَكِنْ أَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّهُ صَلاَّهُمَا عِنْدَهَا فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ الْمِسْوَرَ إلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا فَقَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُكَ الْيَوْمَ صَلَّيْتَ صَلاَةً مَا رَأَيْتُكَ تُصَلِّيهَا فَقَالَ: شَغَلَنِي خَصْمٌ فَكَانَتْ رَكْعَتَيْنِ وَكُنْتُ أُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الْعَصْرِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُصَلِّيَهُمَا الآنَ قَالَتْ: لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَّهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَلاَ بَعْدَهُ. وَبِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ: حدثنا سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ، حدثنا أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ رَكْعَتَيْنِ إلاَّ الْعَصْرَ وَالصُّبْحَ. وَبِمَا رَوَاهُ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ بَيْتِي فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّيْتَ صَلاَةً لَمْ تُصَلِّهَا قَالَ: قَدِمَ عَلَيَّ مَالٌ فَشَغَلَنِي عَنْ رَكْعَتَيْنِ كُنْتُ أَرْكَعُهُمَا بَعْدَ الظُّهْرِ فَصَلَّيْتُهُمَا الآنَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَنَقْضِيهِمَا إذَا فَاتَتَا قَالَ: لاَ. وَبِمَا رَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَرْسَلَ إلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَتْ: لَيْسَ عِنْدِي صَلاَّهُمَا لَكِنْ أُمُّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْنِي أَنَّهُ صَلاَّهُمَا عِنْدَهَا فَأَرْسَلَ إلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ: صَلاَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدِي، لَمْ أَرَهُ صَلاَّهُمَا قَبْلُ، وَلاَ بَعْدُ قَالَ: هُمَا سَجْدَتَانِ كُنْتُ أُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ فَقَدِمَ عَلَيَّ قَلاَئِصُ مِنْ الصَّدَقَةِ فَنَسِيتُهُمَا حَتَّى صَلَّيْتُ الْعَصْرَ؛ ثُمَّ ذَكَرْتُهُمَا، فَكَرِهْتُ أَنْ أُصَلِّيَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ يَرَوْنِي فَصَلَّيْتُهُمَا عِنْدَكِ وَذَكَرُوا الأَخْبَارَ الَّتِي وَرَدَتْ فِي النَّهْيِ عَنْ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ؛ وَسَنَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبِهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ قَالَ عَلِيٌّ: وَكُلُّ هَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ: أَمَّا حَدِيثُ ذَكْوَانَ عَنْ عَائِشَةَ؛ فَلَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنْهُمَا، وَإِنَّمَا فِيهِ نَهْيٌ عَنْهَا يَعْنِي عَنْ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ جُمْلَةً، وَهَذَا صَحِيحٌ، وَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالْوَاجِبُ اسْتِعْمَالُ فِعْلِهِ وَنَهْيِهِ؛ فَنَنْهَى عَنْ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَنُصَلِّي مَا صَلَّى عليه السلام، وَنَخُصُّ الأَقَلَّ مِنْ الأَكْثَرِ، وَنَسْتَعْمِلُهُمَا جَمِيعًا، وَلاَ نَخَافُ وَاحِدًا مِنْهُمَا. وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ مَنْ تَرَكَ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ صَحَّ أَنَّهُ عليه السلام صَلاَّهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَنَهَى عَنْهُمَا مِنْ أَجْلِ نَهْيِهِ عَنْ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ: وَبَيْنَ مَنْ تَرَكَ نَهْيَهُ عليه السلام عَنْ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ أَجْلِ صَلاَتِهِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ. وَلَوْ قَالَتْ: وَكَانَ يَنْهَى عَنْهُمَا؛ لَكَانَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا لَهُ خَاصَّةً؛ وَلَكِنْ لاَ يَحِلُّ بِالْكَذِبِ، وَلاَ الزِّيَادَةِ فِي الرِّوَايَةِ؛ وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ فَسَقَطَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا الْخَبَرِ جُمْلَةً. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَمَعْلُولٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَوَّلُهَا: أَنَّ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ إلاَّ بَعْدَ اخْتِلاَطِ عَطَاءٍ، وَتَفَلُّتِ عَقْلِهِ، هَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. وَثَانِيهَا: أَنَّهُ لَوْ صَحَّ وَسَمِعْنَا نَحْنُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ ذَلِكَ: لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لاَِنَّهُ رضي الله عنه أَخْبَرَ بِمَا عَرَفَ، وَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ بِمَا كَانَ عِنْدَهَا، مِمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ: مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَدَعْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى أَنْ مَاتَ فَهَذَا الْعِلْمُ الزَّائِدُ الَّذِي لاَ يَحِلُّ تَرْكُهُ، وَمَنْ أَيْقَنَ وَقَالَ: عَلِمْت أَوْلَى مِمَّنْ قَالَ: لاَ أَعْلَمُ وَكِلاَهُمَا صَادِقٌ وَثَالِثُهَا أَنَّهُ حَتَّى لَوْ صَحَّ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَأْتِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلاَفُهُ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لاَِنَّ فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّيْءَ مَرَّةً وَاحِدَةً حُجَّةٌ بَاقِيَةٌ؛ وَحَقٌّ ثَابِتٌ أَبَدًا، مَا لَمْ يَنْهَ عَمَّا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ: لاَ يَكُونُ فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّيْءَ حَقًّا إلاَّ حَتَّى يُكَرِّرَ فِعْلَهُ فَهُوَ كَافِرٌ مُشْرِكٌ وَسَخِيفٌ [ مَعَ ذَلِكَ؛ لاَِنَّهُ يُقَالُ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا فُعِلَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا أَوْ أَلْفَ مَرَّةٍ، وَلاَ فَرْقَ؛ وَهَذَا لاَ يَقُولُهُ مُسْلِمٌ، وَلاَ ذُو عَقْلٍ وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الصَّاحِبَ إذَا رَوَى خَبَرًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ خَالَفَهُ فَذَلِكَ دَلِيلٌ عِنْدَهُمْ عَلَى وَهْنِ الْخَبَرِ؛ وَقَدْ صَحَّ عن ابْنِ عَبَّاسٍ الصَّلاَةُ بَعْدَ الْعَصْرِ كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا فَهَلاَّ عَلَّلُوا هَذَا الْخَبَرَ بِمُخَالَفَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِمَا رَوَى فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُمْ لاَ مَئُونَةَ عَلَيْهِمْ مِنْ التَّنَاقُضِ فَسَقَطَ هَذَا الْخَبَرُ جُمْلَةً، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ وَأَمَّا خَبَرُ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِوُجُوهٍ: أَوَّلُهَا ضَعْفُ سَنَدِهِ؛ لاَِنَّهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَفِيهِ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلاَلٍ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ سَمَاعًا مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَلاَ مِنْ عَائِشَةَ رضي الله عنهم. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ صَلاَتِهِمَا وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً لَنَا؛ لاَِنَّ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَلَوْ كَانَتَا لاَ تَجُوزَانِ، أَوْ مَكْرُوهَتَيْنِ مَا فَعَلَهُمَا عليه الصلاة والسلام، وَفِعْلُهُ عليه السلام حَقٌّ وَهُدًى، سَوَاءٌ فَعَلَهُ مَرَّةً أَوْ أَلْفَ مَرَّةٍ؛ وَمَنْ قَالَ: إنَّ فِعْلَهُ ضَلاَلٌ؛ فَهُوَ كَافِرٌ. وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ قَدْ صَحَّ خِلاَفُ هَذَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها، كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالْخَامِسُ: أَنَّهُ مَوْضُوعٌ بِلاَ شَكٍّ؛ لاَِنَّ فِيهِ إنْكَارَ عَائِشَةَ أَنَّهُ عليه السلام صَلاَّهُمَا عِنْدَهَا، وَنَقْلُ التَّوَاتُرِ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ الأَئِمَّةِ: أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عليه السلام يُصَلِّيهِمَا عِنْدَهَا؛ مِثْلُ: عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَمَسْرُوقٍ، وَالأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، وطَاوُوس، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَأَيْمَنِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهَذَا الْقَوْلُ سَوَاءٌ سَوَاءٌ أَيْضًا فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا مَجْهُولٌ وَلَمْ يَذْكُرْ أَيْضًا: أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَهُوَ خَبَرٌ مَوْضُوعٌ لاَ شَكَّ فِيهِ؛ لاَِنَّ فِيهِ كَذِبًا ظَاهِرًا لاَ شَكَّ فِيهِ وَهُوَ مَا نُسِبَ إلَى عَائِشَةَ مِنْ قَوْلِهَا " لَيْسَ عِنْدِي صَلاَّهُمَا " وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ رَوَى تَكْذِيبَ هَذَا آنِفًا. وَلاَِنَّ فِيهِ أَيْضًا لَفْظًا لاَ يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يَقُولَهُ عليه السلام؛ وَهُوَ فَكَرِهْت أَنْ أُصَلِّيَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيَّ فَصَلَّيْتُهُمَا عِنْدَكِ. إذْ لاَ يَخْلُو فِعْلُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا أَوْ حَرَامًا؛ أَوْ مُبَاحًا حَسَنًا فَإِنْ كَانَ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا؛ فَمَنْ نَسَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّسَتُّرَ لِمُحَرَّمَاتٍ فَهُوَ كَافِرٌ؛ لِتَفْسِيقِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أُمِرَ عليه السلام أَنْ يَقْرَأَ عَلَى النَّاسِ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ. وَمِنْ الْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَتَعَنَّى عليه السلام بِتَكَلُّفِ صَلاَةٍ مَكْرُوهَةٍ لاَ أَجْرَ فِيهَا فَهَذَا هُوَ التَّكَلُّفُ الَّذِي أَمَرَهُ تَعَالَى أَنْ يَقُولَ فِيهِ: وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ وَحَاشَا لِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يَفْعَلَ عليه السلام قَاصِدًا إلَى فِعْلِهِ إلاَّ مَا يُقَرِّبُهُ مِنْ رَبِّهِ تَعَالَى وَيُنْسِيهِ تَعَالَى الشَّيْءَ [ لَيْسَ لَنَا فِيهِ مَا يُقَرِّبُنَا مِنْ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ، وَلاَ مَزِيدَ. وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَلاَ حُجَّةَ فِيهِ أَصْلاً؛ لاَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلاَّ إخْبَارُهُ رضي الله عنه بِمَا عَلِمَ؛ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَّهُمَا، وَهُوَ الصَّادِقُ فِي قَوْلِهِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا نَهْيٌ عَنْهُمَا، وَلاَ كَرَاهَةٌ لَهُمَا؛ [ وَمَا صَامَ عليه السلام قَطُّ شَهْرًا كَامِلاً غَيْرَ رَمَضَانَ؛ وَلَيْسَ هَذَا بِمُوجِبٍ كَرَاهِيَةَ صَوْمِ [ شَهْرٍ كَامِلٍ تَطَوُّعًا. ثُمَّ قَدْ رَوَى غَيْرُ عَلِيٍّ: أَنَّهُ عليه السلام صَلاَّهُمَا فَكُلٌّ أَخْبَرَ بِعِلْمِهِ، وَكُلُّهُمْ صَادِقٌ ثُمَّ قَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ خِلاَفُ ذَلِكَ؛ كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الصَّاحِبَ إذَا رَوَى حَدِيثًا وَخَالَفَهُ فَهَذَا دَلِيلٌ عِنْدَهُمْ عَلَى سُقُوطِ ذَلِكَ الْخَبَرِ؛ فَهَلاَّ قَالُوا هَذَا هَهُنَا، وَأَمَّا حَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَحَدِيثٌ مُنْكَرٍ؛ لاَِنَّهُ لَيْسَ هُوَ فِي كُتُبِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مُنْقَطِعٌ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ ذَكْوَانُ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ بُرْهَانُ ذَلِكَ: أَنَّ أَبَا الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي بَيْتِهَا رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقُلْت: مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ، وَجَاءَنِي مَالٌ فَشَغَلَنِي فَصَلَّيْتُهُمَا الآنَ. فَهَذِهِ هِيَ الرِّوَايَةُ الْمُتَّصِلَةُ: وَلَيْسَ فِيهَا أَفَنَقْضِيهِمَا نَحْنُ قَالَ: لاَ فَصَحَّ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَمْ يَسْمَعْهَا ذَكْوَانُ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَلاَ نَدْرِي عَمَّنْ أَخَذَهَا فَسَقَطَتْ. ثُمَّ لَوْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهَا حُجَّةٌ أَصْلاً؛ لاَِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا نَهْيٌ عَنْ صَلاَتِهِمَا [ أَصْلاً، وَإِنَّمَا فِيهَا: النَّهْيُ عَنْ قَضَائِهِمَا فَقَطْ، فَلاَ يَحِلُّ تَوْثِيبُ كَلاَمِهِ عليه السلام إلَى مَا لَمْ يَقُلْهُ تَلْبِيسًا مِنْ فَاعِلِ ذَلِكَ فِي الدِّينِ فَسَقَطَ كُلُّ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَأَمَّا أَحَادِيثُ النَّهْيِ عَنْ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ؛ فَسَنَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهَ تَعَالَى إثْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْكَلاَمُ عَلَيْهَا؛ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ وَأَمَّا تَعَلُّقُ الشَّافِعِيِّ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ إذَا صَلَّى صَلاَةً أَثْبَتَهَا فَلاَ حُجَّةَ لَهُ فِيهِ؛ لاَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا مَنْ لَمْ يَنْسَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ؛ وَلَيْسَ فِيهِ إلاَّ [ الإِبَاحَةُ؛ لِلصَّلاَةِ حِينَئِذٍ؛ إذْ لَوْ لَمْ تَكُنْ جَائِزَةً لَمَا صَلاَّهَا عليه السلام، قَاضِيًا، وَلاَ مُثْبِتًا، وَفِي إثْبَاتِهِ عليه السلام إيَّاهَا أَصَحُّ بَيَانٍ بِأَنَّهَا حِينَئِذٍ جَائِزَةٌ حَسَنَةٌ؛ وَلَمْ يَقُلْ عليه السلام: إنَّهُ لاَ يُصَلِّيهِمَا إلاَّ مَنْ نَسِيَهُمَا فَسَقَطَ تَعَلُّقُهُ بِهِ قَالَ عَلِيٌّ: فَإِذْ سَقَطَ كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ فَلْنَذْكُرْ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الآثَارَ الْوَارِدَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ؛ قَالَ زُهَيْرٌ: حدثنا جَرِيرٌ، وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: حدثنا أَبِي، ثُمَّ اتَّفَقَا جَمِيعًا: عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدِي قَطُّ. وبه إلى مُسْلِمٍ: حدثنا عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ أَنَا عَلِيُّ بْنُ مِسْهَرٍ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ صَلاَتَانِ مَا تَرَكَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي قَطُّ سِرًّا، وَلاَ عَلاَنِيَةً: رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ. وبه إلى مُسْلِمٍ، حدثنا حَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعَ مَعْمَرٍ عن ابْنِ طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمْ يَدَعْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيُّ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا أَبُو نُعَيْمٍ هُوَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: وَاَلَّذِي ذَهَبَ بِهِ تَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ مَا تَرَكَهُمَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى تَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَتْ: وَمَا لَقِيَ اللَّهَ حَتَّى ثَقُلَ عَنْ الصَّلاَةِ فَهَذَا غَايَةُ التَّأْكِيدِ فِيهِمَا. وَقَدْ رَوَتْهُمَا أَيْضًا أُمُّ سَلَمَةَ وَمَيْمُونَةُ أَمَّا الْمُؤْمِنِينَ وَتَمِيمٌ الدَّارِيِّ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَزَيْدُ بْنُ خَالِدِ الْجُهَنِيُّ، وَغَيْرُهُمْ فَصَارَ نَقْلَ تَوَاتُرٍ يُوجِبُ الْعِلْمَ. حدثنا حمام، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا ابْنُ أَيْمَنَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ الْقَاضِي، حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدِ التَّنُّورِيُّ، حدثنا حَنْظَلَةُ، هُوَ ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْجُمَحِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ: قَالَ: صَلَّى بِنَا مُعَاوِيَةُ الْعَصْرَ فَرَأَى نَاسًا يُصَلُّونَ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الصَّلاَةُ فَقَالُوا: هَذِهِ فُتْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مَعَ النَّاسِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: مَا هَذِهِ الْفُتْيَا الَّتِي تُفْتِي: أَنْ يُصَلُّوا بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: حَدَّثَتْنِي زَوْجُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عليه السلام صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ. فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ: هَذَا حَدِيثُ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ فَأَرْسَلَ إلَى مَيْمُونَةَ رَسُولَيْنِ فَقَالَتْ: إنَّمَا حَدَّثْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُجَهِّزُ جَيْشًا فَحَبَسُوهُ حَتَّى أَرْهَقَ الْعَصْرُ، فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى مَا كَانَ يُصَلِّي قَبْلَهَا قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا صَلَّى صَلاَةً أَوْ فَعَلَ شَيْئًا: يُحِبُّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهِ. فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَلَيْسَ قَدْ صَلَّى وَاَللَّهِ لاَُصَلِّيَنَّهُ قَالَ عَلِيٌّ: ظَهَرَتْ حُجَّةُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ الاِعْتِرَاضُ قَالَ عَلِيٌّ: وَقَالُوا: قَدْ كَانَ عُمَرُ يَضْرِبُ النَّاسَ عَلَيْهَا، وَابْنُ عَبَّاسٍ مَعَهُ قلنا: لاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ فِي عُمَرَ، وَلاَ فِي غَيْرِهِ؛ بَلْ هُوَ عليه السلام الْحُجَّةُ عَلَى عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَقَدْ خَالَفَ عُمَرُ فِي ذَلِكَ طَوَائِفَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إبَاحَةُ الرُّكُوعِ وَالتَّطَوُّعِ؛ وَالْوَجْهُ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ ضَرَبَ عُمَرُ عَلَيْهَا فَقَدْ خَالَفُوا عُمَرَ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُفَرِّجٍ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ، حدثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلاَّفِ، حدثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ يَتِيمِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِي تَمِيمٌ الدَّارِيِّ، أَوْ أُخْبِرْتُ أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَأَتَاهُ عُمَرُ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ، فَأَشَارَ إلَيْهِ تَمِيمٌ: أَنْ اجْلِسْ فَجَلَسَ عُمَرُ حَتَّى فَرَغَ تَمِيمٌ، فَقَالَ لِعُمَرَ: لِمَ ضَرَبْتَنِي فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لاَِنَّكَ رَكَعْتَ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ وَقَدْ نَهَيْتُ عَنْهُمَا قَالَ لَهُ تَمِيمٌ إنِّي صَلَّيْتُهُمَا مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ: رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إنِّي لَيْسَ بِي إيَّاكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَكُمْ قَوْمٌ يُصَلُّونَ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إلَى الْمَغْرِبِ، حَتَّى يَمُرُّونَ بِالسَّاعَةِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلَّى فِيهَا كَمَا صَلَّوْا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؛ ثُمَّ يَقُولُونَ: قَدْ رَأَيْنَا فُلاَنًا وَفُلاَنًا يُصَلُّونَ بَعْدَ الْعَصْرِ. حدثنا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حدثنا ابْنُ جُرَيْجٍ سَمِعْت أَبَا سَعِيدٍ الأَعْمَى يُحَدِّثُ عَنْ السَّائِبِ مَوْلَى الْفَارِسِيِّينَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ عُمَرَ رَآهُ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَعُمَرُ خَلِيفَةٌ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَهُوَ يُصَلِّي كَمَا هُوَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُ زَيْدٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاَللَّهِ لاَ أَدَعُهُمَا أَبَدًا بَعْدَ إذْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا؛ فَجَلَسَ إلَيْهِ عُمَرُ، وَقَالَ: يَا زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ، لَوْلاَ أَنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّخِذَهُمَا النَّاسُ سُلَّمًا إلَى الصَّلاَةِ حَتَّى اللَّيْلِ لَمْ أَضْرِبْ فِيهِمَا " فَهَذَا نَصٌّ جَلِيٌّ ثَابِتٌ عَنْ عُمَرَ بِإِجَازَتِهِ التَّطَوُّعَ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَتُقَارِبَ الْغُرُوبَ وَرُوِّينَا بِالإِسْنَادِ الثَّابِتِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ نَصْرِ بْنِ عِمْرَانَ الضُّبَعِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَقَدْ رَأَيْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَضْرِبُ النَّاسَ عَلَى الصَّلاَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَلِّ إنْ شِئْت مَا بَيْنَك وَبَيْنَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ. قَالَ عَلِيٌّ: هُمْ يَقُولُونَ فِي الصَّاحِبِ يَرْوِي الْحَدِيثَ ثُمَّ يُخَالِفُهُ: لَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِنَسْخِهِ مَا خَالَفَهُ فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقُولُوا هَهُنَا: لَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ عِلْمٌ أَثْبَتَ مِنْ فِعْلِ عُمَرَ مَا خَالَفَ مَا كَانَ عَلَيْهِ [ مَعَ عُمَرُ. وَبِمِثْلِهِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ عَنْ طَاوُوس: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ: فَرَخَّصَ فِيهِمَا قَالَ عَلِيٌّ: هَلاَّ قَالُوا: إنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ؛ لِيُخَالِفَ أَبَاهُ، لَوْلاَ فَضْلُ عِلْمٍ كَانَ عِنْدَهُ بِأَثْبَتِ مِنْ فِعْلِ أَبِيهِ وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عن ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ: أَنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ أُمَّيْ الْمُؤْمِنِينَ كَانَتَا تَرْكَعَانِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ. وَرُوِّينَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ حَمَّادٌ: عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَهِيَ قَائِمَةٌ: وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ تُصَلِّي أَرْبَعًا وَهِيَ قَاعِدَةٌ، فَسُئِلَتْ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ عَنْ عَائِشَةَ: إنَّهَا شَابَّةٌ وَأَنَا عَجُوزٌ فَأُصَلِّي أَرْبَعًا بَدَلَ رَكْعَتَيْهَا. قال علي: هذا يُبْطِلُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَقْضِيهَا نَحْنُ قَالَ: لاَ. وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ: كَانَ الزُّبَيْرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يُصَلِّيَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ الْعَصْرَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَكَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَكُنَّا نُصَلِّيهِمَا مَعَهُ، نَقُومُ صَفًّا خَلْفَهُ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: سَبَّحَ الْمُنْكَدِرُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَضَرَبَهُ عُمَرُ قَالَ عَلِيٌّ: الْمُنْكَدِرُ وَالسَّائِبُ صَاحِبَانِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عن ابْنِ طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ خِلاَفَةِ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ؛ فَلَمَّا اُسْتُخْلِفَ عُمَرُ تَرَكَهُمَا: فَلَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ رَكَعَهُمَا؛ فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذَا فَقَالَ: إنَّ عُمَرَ كَانَ يَضْرِبُ النَّاسَ عَلَيْهِمَا قَالَ عَلِيٌّ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما كَانَا يُجِيزَانِ الرُّكُوعَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، حدثنا شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ جَمِيعًا قَالاَ: حدثنا أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ فِي سَفَرٍ فَصَلَّى الْعَصْرَ؛ ثُمَّ دَخَلَ فُسْطَاطَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ قَالَ: سَأَلْت أَبَا جُحَيْفَةَ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ: إنْ لَمْ يَنْفَعَاك لَمْ يَضُرَّاك وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ الْقَطَّانِ عَنْ شُعْبَةَ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ يَنْهَاهُ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ؛ فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَمَّا أَنَا فَلاَ أَتْرُكُهُمَا؛ فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَنْحَضِجَ فَلْيَنْحَضِجْ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، حدثنا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: خَرَجْت مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ إلَى أَرْضِهِ بِبَذَّ سِيرِينَ، وَهِيَ خَمْسَةُ فَرَاسِخَ فَحَضَرْت صَلاَةَ الْعَصْرِ، فَأَمَّنَا قَاعِدًا عَلَى بِسَاطٍ فِي السَّفِينَةِ، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي مُعَاوِيَةَ الذُّهَنِيِّ عَنْ أَبِي شُعْبَةَ التَّمِيمِيِّ قَالَ: رَأَيْت الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَطُوفُ بَعْدَ الْعَصْرِ وَيُصَلِّي وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ بِلاَلٍ مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَمْ يَنْهَ عَنْ الصَّلاَةِ إلاَّ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عن ابْنِ مَسْعُودٍ فِي حَدِيثٍ: سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ كَثِيرٌ خُطَبَاؤُهُ، قَلِيلٌ عُلَمَاؤُهُ، يُطِيلُونَ الْخُطْبَةَ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ حَتَّى يُقَالَ: هَذَا شَرَقُ الْمَوْتَى قُلْت: وَمَا شَرَقُ الْمَوْتَى قَالَ: إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ جِدًّا فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيُصَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ احْتَبَسَ فَلْيُصَلِّ مَعَهُمْ، وَلْيَجْعَلْ صَلاَتَهُ وَحْدَهُ الْفَرِيضَةَ، وَصَلاَتَهُ مَعَهُمْ تَطَوُّعًا. قَالَ عَلِيٌّ: فَهَؤُلاَءِ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم،: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَائِشَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَمَيْمُونَةُ: أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَمَنْ بِحَضْرَتِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَتَمِيمٌ الدَّارِيِّ، وَالْمُنْكَدِرُ، وَزَيْدُ بْنُ خَالِدِ الْجُهَنِيُّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو جُحَيْفَةَ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، [ وَأَنَسٌ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَبِلاَلٌ، وَطَارِقُ بْنُ شِهَابٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِمْ، فَمَنْ بَقِيَ وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ مُتَعَلِّقًا بِأَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، إلاَّ رِوَايَةً عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، جَعَلَهَا خَاصَّةً؛ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَإِذَا قَالَ صَاحِبٌ: هِيَ خَاصَّةٌ، وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: هِيَ عَامَّةٌ، فَالسَّيْرُ عَلَى الْعُمُومِ حَتَّى يَأْتِيَ نَصٌّ صَحِيحٌ بِأَنَّهَا خُصُوصٌ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى وُجُودِهِ، وَأُخْرَى عَنْ مُعَاوِيَةَ، لَيْسَ فِيهَا نَهْيٌ عَنْهُمَا، بَلْ فِيهَا: إنَّ النَّاسَ كَانُوا يُصَلُّونَهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَأُخْرَى مُرْسَلَةٌ لاَ تَصِحُّ عن ابْنِ مَسْعُودٍ؛ لَيْسَ فِيهَا أَيْضًا إلاَّ: وَأَنَا أَكْرَهُ مَا كَرِهَ عُمَرُ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: إبَاحَةُ ذَلِكَ. وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ: الْمَنْعُ مِنْ الصَّلاَةِ جُمْلَةً مِنْ حِينِ صُفْرَةِ الشَّمْسِ. وَالْحَنَفِيُّونَ وَالْمَالِكِيُّونَ مُخَالِفُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ، كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَأَمَّا التَّابِعُونَ فَكَثِيرٌ، مِنْهُمْ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ؛ وَأَنَسُ بْنُ سِيرِينَ؛ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ طَلَقٍ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْبَيْلَمَانِيِّ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عن ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ أَنَّ طَاوُوسًا صَلَّى بِحَضْرَتِهِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَتُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ قُلْت: نَعَمْ، قَالَ: أُكْرِمْت وَاَللَّهِ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ الْقَطَّانِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ هُوَ أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ: سَافَرْت مَعَ أَبِي، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، وَالأَسْوَدِ، وَمَسْرُوقٍ، وَأَبِي وَائِلٍ فَكَانُوا يُصَلُّونَ بَعْدَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ غُنْدَرٍ: حدثنا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ قَالَ: رَأَيْت شُرَيْحًا الْقَاضِي يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذِ الْعَنْبَرِيِّ، حدثنا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى: حدثنا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: رَأَيْت الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ يَطُوفُ بَعْدَ الْعَصْرِ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا عَنْ الْحَسَنِ فَهَؤُلاَءِ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَأَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، وطَاوُوس، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَأَبُو الشَّعْثَاءِ، وَأَشْعَثُ ابْنُهُ، وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، وَمَسْرُوقٌ، وَالأَسْوَدُ، وَأَبُو وَائِلٍ، وَشُرَيْحٌ الْقَاضِي، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ؛ وَغَيْرُهُمْ: كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، وَأَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، وَالأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ وَبِهِمَا يَقُولُ أَبُو خَيْثَمَةَ وَأَبُو أَيُّوبَ الْهَاشِمِيُّ، وَبِهِ نَأْخُذُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَلاَ يَجُوزُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ مَا نَسِيَ أَوْ نَامَ عَنْهُ مِنْ الْفَرْضِ. وَلاَ تَعَمُّدَ التَّطَوُّعِ عِنْدَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ حَتَّى يَتِمَّ غُرُوبُهَا؛ وَعِنْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ، حَتَّى تَأْخُذَ فِي الزَّوَالِ. وَلاَ بَعْدَ السَّلاَمِ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَصْفُوَ الشَّمْسُ وَتَبْيَضَّ. وَيَقْضِي فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ كُلَّ مَا لَمْ يَذْكُرْ إلاَّ فِيهَا؛ مِنْ صَلاَةٍ مَنْسِيَّةٍ أَوْ نِيمَ عَنْهَا؛ [ مِنْ فَرْضٍ أَوْ تَطَوُّعٍ، وَصَلاَةِ الْجِنَازَةِ؛ وَالاِسْتِسْقَاءِ؛ وَالْكُسُوفِ، وَالرَّكْعَتَانِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ. وَمَنْ تَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ فِي أَحَدِ هَذِهِ الأَوْقَاتِ فَلَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ حِينَئِذٍ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْمَرْءُ تَرْكَ كُلِّ ذَلِكَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهُ حَتَّى تَدْخُلَ الأَوْقَاتُ الْمَذْكُورَةُ فَمَنْ فَعَلَ هَذَا فَلاَ تُجْزِئُهُ صَلاَتُهُ تِلْكَ أَصْلاً وَهَذَا نَصُّ نَهْيِهِ صلى الله تعالى عليه وسلم عَنْ تَحَرِّي الصَّلاَةِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ. وَأَمَّا بَعْدَ الْفَجْرِ مَا لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ فَالتَّطَوُّعُ حِينَئِذٍ جَائِزٌ حَسَنٌ مَا أَحَبَّ الْمَرْءُ، وَكَذَلِكَ إثْرَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ، وَبِنَحْوِ هَذَا يَقُولُ دَاوُد فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا؛ حَاشَا التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَإِنَّهُ عِنْدَهُ جَائِزٌ إلَى بَعْدِ غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ وَرَأَى النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ مَنْسُوخًا وقال أبو حنيفة: ثَلاَثَةُ أَوْقَاتٍ لاَ يُصَلَّى فِيهَا فَرْضٌ فَائِتٌ أَوْ غَيْرُ فَائِتٍ، وَلاَ نَفْلٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ؛ وَهِيَ: عِنْدَ أَوَّلِ طُلُوعِ قُرْصِ الشَّمْسِ، إلاَّ أَنْ تَبْيَضَّ وَتَصْفُوَ. أَوْ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ حَتَّى تَأْخُذَ فِي الزَّوَالِ، حَاشَا يَوْمِ الْجُمُعَةِ خَاصَّةً؛ فَإِنَّهَا يُصَلِّي فِيهَا مَنْ جَاءَ إلَى الْجَامِعِ وَقْتَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ. وَعِنْدَ أَخْذِ أَوَّلِ الشَّمْسِ فِي الْغُرُوبِ حَتَّى يَتِمَّ غُرُوبُهَا؛ حَاشَا عَصْرِ يَوْمِهِ خَاصَّةً؛ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عِنْدَ الْغُرُوبِ وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ. وَتُكْرَهُ الصَّلاَةُ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ؛ فَإِنْ صَلَّى عَلَيْهَا فِيهِنَّ أَجْزَأَ ذَلِكَ وَثَلاَثَةُ أَوْقَاتٍ يُصَلِّي فِيهِنَّ الْفُرُوضَ كُلَّهَا؛ وَعَلَى الْجِنَازَةِ؛ وَيَسْجُدُ سُجُودَ التِّلاَوَةِ، وَلاَ يُصَلِّي فِيهَا التَّطَوُّعَ، وَلاَ الرَّكْعَتَانِ إثْرَ الطَّوَافِ، وَلاَ الصَّلاَةَ الْمَنْذُورَةَ؛ وَهِيَ: إثْرَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ؛ إلاَّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَقَطْ. وَبَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَأْخُذَ الشَّمْسُ فِي الْغُرُوبِ، [ إلاَّ أَنَّهُ كَرِهَ الصَّلاَةَ عَلَى الْجِنَازَةِ إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ. وَكَذَلِكَ سُجُودُ التِّلاَوَةِ؛ وَبَعْدَ تَمَامِ غُرُوبِهَا حَتَّى يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ. وَمَنْ جَاءَ عِنْدَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ: وَقْتٌ رَابِعٌ لِهَذِهِ الثَّلاَثَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا آخِرًا. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: فَمَنْ دَخَلَ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ فَطَلَعَتْ لَهُ الشَّمْسُ وَقَدْ صَلَّى أَقَلَّهَا أَوْ أَكْثَرَهَا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ تِلْكَ. وَلَوْ أَنَّهُ قَعَدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ طَلَعَ أَوَّلُ قُرْصِ الشَّمْسِ إثْرَ [ ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَقَدْ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. وَلَوْ قَهْقَهَ حِينَئِذٍ لاَ يُنْقَضُ وُضُوءُهُ. وَلَوْ أَنَّهُ أَحْدَثَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ تَكَلَّمَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا بَعْدَ أَنْ قَعَدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ: فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ كَامِلَةٌ وَلَوْ قَهْقَهَ حِينَئِذٍ لَمْ يُنْقَضْ وُضُوءُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: إذَا قَعَدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ طُلُوعِ أَوَّلِ الشَّمْسِ فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ، فَلَوْ دَخَلَ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ فَصَلَّى أَوَّلَهَا وَلَوْ تَكْبِيرَةً أَوْ أَكْثَرَهَا فَغَرَبَتْ لَهُ الشَّمْسُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فَلْيَتَمَادَ فِي صَلاَتِهِ، وَلاَ يَضُرُّهَا ذَلِكَ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ. قَالُوا: فَإِنْ صَلَّى فِي مَنْزِلِهِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ثُمَّ جَاءَ إلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَجْلِسْ، وَلاَ يَرْكَعْ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: فَإِنْ جَاءَ إلَى الْمَسْجِدِ بَعْدَ تَمَامِ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَلْيَقِفْ حَتَّى تُقَامَ الصَّلاَةُ، وَلاَ يَجْلِسْ، وَلاَ يَرْكَعْ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَجْلِسُ، وَلاَ يَرْكَعُ. وقال مالك: يُصَلِّي الْفُرُوضَ كُلَّهَا الْمَنْسِيَّةَ وَغَيْرَهَا فِي جَمِيعِ هَذِهِ الأَوْقَاتِ، وَلاَ يَتَطَوَّعُ [ بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَبْيَضَّ الشَّمْسُ وَتَصْفُوَ، وَلاَ بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلاَ بَعْدَ غُرُوبِهَا حَتَّى تُصَلَّى الْمَغْرِبُ. وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ [ حِينَئِذٍ قَعَدَ، وَلاَ يَرْكَعُ، وَلاَ يَتَطَوَّعُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلاَّ بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، حَاشَا مَنْ غَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَنَامَ عَنْ حِزْبِهِ؛ فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُصَلِّيَهُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ. وَمَنْ رَكَعَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَإِنْ شَاءَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ جَلَسَ، وَلَمْ يَرْكَعْ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ: [ إنْ كَانَ مُصْبِحًا فَلْيَجْلِسْ، وَلاَ يَرْكَعْ. وَالتَّطَوُّعُ عِنْدَهُ جَائِزٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ، وَلَمْ يَكْرَهْ ذَلِكَ وَأَجَازَ الصَّلاَةَ عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ مَا لَمْ يُسْفِرْ جِدًّا، وَبَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ. وَعَنْهُ فِي سُجُودِ التِّلاَوَةِ قَوْلاَنِ: أَحَدُهُمَا: لاَ يَسْجُدُ لَهَا بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَصْفُوَ الشَّمْسُ، وَلاَ بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ. وَالآخَرُ: أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالسُّجُودِ لَهَا مَا لَمْ يُسْفِرْ، وَمَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، وَقَالَ: مَنْ قَرَأَهَا فِي الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ فِيهِ عَنْ السُّجُودِ فَلْيُسْقِطْ الآيَةَ الَّتِي فِيهَا السَّجْدَةُ وَيَصِلْ الَّتِي قَبْلَهَا بِاَلَّتِي بَعْدَهَا، وقال الشافعي: يَقْضِي الْفَائِتَاتِ مِنْ الْفُرُوضِ وَيُصَلِّي كُلَّ تَطَوُّعٍ مَأْمُورٍ بِهِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ، وَإِنَّمَا الْمَمْنُوعُ: هُوَ ابْتِدَاءُ التَّطَوُّعِ فِيهَا فَقَطْ، إلاَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَبِمَكَّةَ، فَإِنَّهُ يَتَطَوَّعُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الأَوْقَاتِ وَغَيْرِهَا. قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا تَقَاسِيمُ أَبِي حَنِيفَةَ فَدَعَاوٍ فَاسِدَةٌ مُتَنَاقِضَةٌ، لاَ دَلِيلَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا، لاَ مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَلاَ سَقِيمَةٍ، وَلاَ مِنْ إجْمَاعٍ، وَلاَ مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلاَ مِنْ قِيَاسٍ، وَلاَ رَأْيٍ سَدِيدٍ، وَأَقْوَالُ مَالِكٍ: لاَ دَلِيلَ عَلَى تَقْسِيمِهَا؛ لاَ سِيَّمَا قَوْلُهُ بِإِسْقَاطِ الآيَةِ فِي التِّلاَوَةِ بَيْنَ الآيَتَيْنِ، فَهُوَ إفْسَادُ نَظْمِ الْقُرْآنِ، وَقَوْلٌ مَا سَبَقَهُ إلَيْهِ أَحَدٌ. وَكَذَاك إسْقَاطُهُ وَقْتَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ مِنْ جُمْلَةِ الأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلاَةِ فِيهَا، فَهُوَ خِلاَفُ الثَّابِتِ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلاَ مُعَارِضٍ لَهُ وَأَمَّا تَفْرِيقُ الشَّافِعِيِّ بَيْنَ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا، وَبَيْنَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهِ: فَلاَِثَرَيْنِ سَاقِطَيْنِ رُوِّينَاهُمَا: فِي أَحَدِهِمَا النَّهْيُ عَنْ الصَّلاَةِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ إلاَّ بِمَكَّةَ. وَفِي الآخَرِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ صَلاَةٌ كُلُّهُ، وَلَيْسَا مِمَّا يُشْتَغَلُ بِهِ، وَلاَ أَوْرَدَهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ؛ فَوَجَبَ الإِضْرَابُ عَنْ هَذِهِ الأَقْوَالِ جُمْلَةً، وَالإِقْبَالُ عَلَى السُّنَنِ الْوَارِدَةِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَالنَّظَرِ فِي اسْتِعْمَالِهَا كُلِّهَا [ وَفِي تَغْلِيبِ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ عَلَى الآخَرِ، عَلَى مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم،، وَعَنْ التَّابِعِينَ رحمهم الله. قَالَ عَلِيٌّ: حدثنا حمام، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حدثنا أَبِي، حدثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حدثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حدثنا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَالِيَةِ عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ، وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ صَلاَةَ بَعْدَ صَلاَتَيْنِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ. وَرُوِّينَاهُ هَكَذَا مِنْ طُرُقٍ، اكْتَفَيْنَا بِهَذَا لِصِحَّتِهِ وَكُلُّهَا صِحَاحٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ يَقُولُ: ثَلاَثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفَ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ. وَرُوِّينَا أَيْضًا فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ عَنْ الصُّنَابِحِيِّ وَغَيْرِهِ: حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْخَوْلاَنِيِّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد السِّجِسْتَانِيُّ، حدثنا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ هُوَ أَبُو تَوْبَةَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي سَلاَّمٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَنْبَسَةَ السُّلَمِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ قَالَ: جَوْفُ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَصَلِّ مَا شِئْتَ، فَإِنَّ الصَّلاَةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ، حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ، ثُمَّ أَقْصِرْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَتَرْتَفِعَ قِيسَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ، فَإِنَّهَا بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَيُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ مَا شِئْتَ، فَإِنَّ الصَّلاَةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ حَتَّى يَعْدِلَ الرُّمْحُ ظِلَّهُ، وَأَقْصِرْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ تُسْجَرُ وَتُفْتَحُ أَبْوَابُهَا فَإِذَا زَاغَتْ فَصَلِّ مَا شِئْتَ، فَإِنَّ الصَّلاَةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ، حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ ثُمَّ أَقْصِرْ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَيُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَرُوِّينَا مِنْ طُرُقٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الشَّمْسُ تَطْلُعُ وَمَعَهَا قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا. فَإِذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا، فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا، فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا، وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلاَةِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ. قَالَ عَلِيٌّ: وَالْعَجَبُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْمَالِكِيِّينَ لِهَذَا الْخَبَرِ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ شَيْخِهِمْ. قَالَ عَلِيٌّ: فَذَهَبَ إلَى هَذِهِ الآثَارِ قَوْمٌ، فَلَمْ يَرَوْا الصَّلاَةَ أَصْلاً فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ. كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرَةَ فِي بُسْتَانٍ لَهُ فَنَامَ عَنْ الْعَصْرِ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ، فَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى غَرُبَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ كِلاَهُمَا عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ أَتَاهُمْ فِي بُسْتَانٍ لَهُمْ فَنَامَ عَنْ الْعَصْرِ فَقَامَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ. وبه إلى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: أَنَّهُ نَامَ عَنْ الْفَجْرِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ، قَالَ: فَقُمْت أُصَلِّي فَدَعَانِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَأَجْلَسَنِي حَتَّى ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ وَابْيَضَّتْ، ثُمَّ قَالَ: قُمْ فَصَلِّ. وَرُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ كِلاَهُمَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَضْرِبُ عَلَى الصَّلاَةِ بِنِصْفِ النَّهَارِ. أَبُو الْبَخْتَرِيِّ هَذَا هُوَ صَاحِبُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلِيٍّ. وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَاتِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ، وَإِلَى التَّمَادِي فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ، وَهُوَ فِيهَا، أَوْ إذَا غَرُبَتْ لَهُ وَهُوَ فِيهَا، وَإِلَى تَأْدِيَةِ كُلِّ صَلاَةِ تَطَوُّعٍ جَاءَ بِهَا أَمْرٌ، وَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَة عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ حَدَّثَنِي حَجَّاجُ الأَحْوَلُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُلِ يَرْقُدُ عَنْ الصَّلاَةِ أَوْ يَغْفُلُ عَنْهَا فَقَالَ: كَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا. وبه إلى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ: أَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلاَةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا، وَهَذَا عُمُومٌ لِكُلِّ صَلاَةٍ فَرْضٍ أَوْ نَافِلَةٍ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَلاَةِ الْكُسُوفِ، وَبِالرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَبِالصَّلاَةِ عَلَى الْجَنَائِزِ، وَسَائِرَ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ التَّطَوُّعِ عليه السلام، وَأَخَذَ بِهَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ. كَمَا رُوِّينَا عَنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ دَخَلَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَحَدَّثَهُ، فَنَامَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَانْسَلَّ الْمِسْوَرُ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى أَصْبَحَ، فَقَالَ لِغُلاَمِهِ: أَتَرَانِي أَسْتَطِيعُ أَنْ أُصَلِّيَ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ الشَّمْسُ أَرْبَعًا يَعْنِي الْعِشَاءَ وَثَلاَثًا يَعْنِي الْوِتْرَ وَرَكْعَتَيْنِ يَعْنِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَوَاحِدَةً يَعْنِي رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَالَ: نَعَمْ فَصَلاَّهُنَّ. وبه إلى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عن ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يُحَنَّسَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إنْ خَشِيتَ مِنْ الصُّبْحِ فَوَاتًا فَبَادَرْت بِالرَّكْعَةِ الآُولَى الشَّمْسَ، فَإِنْ سَبَقْت بِهَا الشَّمْسَ فَلاَ تُعَجِّلْ بِالآخِرَةِ أَنْ تُكْمِلَهَا. وبه إلى عَبْدِ الرَّزَّاقِ: أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: صَلَّيْت خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ الْفَجْرَ فَاسْتَفْتَحَ الْبَقَرَةَ فَقَرَأَهَا فِي رَكْعَتَيْنِ: فَقَالَ عُمَرُ حِينَ فَرَغَ قَالَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَك لَقَدْ كَادَتْ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ قَبْلَ أَنْ تُسَلِّمَ قَالَ: لَوْ طَلَعَتْ لاََلْفَتْنَا غَيْرَ غَافِلِينَ. وبه إلى مَعْمَرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: صَلَّى بِنَا عُمَرُ صَلاَةَ الْغَدَاةِ فَمَا انْصَرَفَ حَتَّى عَرَفَ كُلُّ ذِي بَالٍ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ طَلَعَتْ؛ فَقِيلَ لَهُ: مَا فَرَغَتْ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ فَقَالَ: لَوْ طَلَعَتْ لاََلْفَتْنَا غَيْرَ غَافِلِينَ. قَالَ عَلِيٌّ: فَهَذَا نَصٌّ جَلِيٌّ بِأَصَحِّ إسْنَادٍ يَكُونُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما وَكُلَّ مَنْ مَعَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، لاَ يَرَوْنَ طُلُوعَ الشَّمْسِ يَقْطَعُ صَلاَةَ مَنْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ، وَهُوَ يُصَلِّي الصُّبْحَ. وَالْعَجَبُ مِنْ الْحَنَفِيِّينَ الَّذِينَ يَرَوْنَ إنْكَارَ عُمَرَ عَلَى عُثْمَانَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ تَرَكَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ حُجَّةً فِي سُقُوطِ وُجُوبِ الْغُسْلِ لَهَا وَهَذَا ضِدُّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إنْكَارُ عُمَرَ: ثُمَّ لاَ يَرَوْنَ تَجْوِيزَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ صَلاَةَ الصُّبْحِ وَإِنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ: حُجَّةً فِي ذَلِكَ. بَلْ خَالَفُوا جَمِيعَ مَا جَاءَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ مِنْ مُبِيحٍ وَمَانِعٍ وَخَالَفُوا أَبَا بَكْرَةَ فِي تَأْخِيرِ صَلاَةِ الْعَصْرِ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ قَالَ مِنْ الصَّحَابَةِ بِالتَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَمَنْ أَمَرَ بِالإِعَادَةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَإِلَى صُفْرَةِ الشَّمْسِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ هَذِهِ فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ. وَرُوِّينَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي الصَّلاَةِ الَّتِي تُنْسَى، قَالَ: يُصَلِّيهَا حِينَ يَذْكُرُهَا، وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ تُكْرَهُ فِيهِ الصَّلاَةُ وَمِثْلُهُ أَيْضًا عَنْ عَطَاءٍ وطَاوُوس وَغَيْرِهِمْ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيق يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ: حدثنا شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: سَمِعْت سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: إنَّ أَبَاهُ كَانَ يَطُوفُ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَبَعْدَ الْغَدَاةِ ثُمَّ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. قَالَ مُوسَى: وَكَانَ نَافِعٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ، فَحَدَّثْته عَنْ سَالِمٍ فَقَالَ لِي نَافِعٌ: سَالِمٌ أَقْدَمُ مِنِّي وَأَعْلَمُ. قال علي: هذا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِ نَافِعٍ إلَى الْقَوْلِ بِهَذَا؛ وَعَلَى أَنَّهُ قَوْلُ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ: قَالَ عَلِيٌّ: فَغَلَّبَ هَؤُلاَءِ أَحَادِيثَ الأَوَامِرِ عَلَى أَحَادِيثِ النَّهْيِ، وَقَالُوا: إنَّ مَعْنَى النَّهْيِ عَنْ الصَّلاَةِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ، أَيْ إلاَّ أَنْ تَكُونَ صَلاَةً أُمِرْتُمْ بِهَا، فَصَلَّوْهَا فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا. وَقَالَ الآخَرُونَ: مَعْنَى الأَمْرِ بِهَذِهِ الصَّلَوَاتِ، أَيْ إلاَّ أَنْ تَكُونَ وَقْتًا نَهَى فِيهِ عَنْ الصَّلاَةِ فَلاَ تُصَلُّوهَا فِيهِ. قَالَ عَلِيٌّ: فَلَمَّا كَانَ كِلاَ الْعَمَلَيْنِ مُمْكِنًا، لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْلَى مِنْ الآخَرِ إلاَّ بِبُرْهَانٍ، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ: فَوَجَدْنَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: قَرَأْت عَلَى مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ حَدَّثُوهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ. فَكَانَ هَذَا مُبَيِّنًا غَايَةَ الْبَيَانِ أَنَّ قَضَاءَ الصَّلَوَاتِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ فَرْضٌ، وَأَنَّ الأَمْرَ مُسْتَثْنًى مِنْ النَّهْيِ بِلاَ شَكٍّ. فإن قيل: فَلِمَ قُلْتُمْ: إنَّ مَنْ أَدْرَكَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ مِنْ الْعَصْرِ وَمِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّيهِمَا. قلنا: لِمَا نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ مِنْ قَوْلِهِ عليه السلام وَقْتُ صَلاَةِ الصُّبْحِ مَا لَمْ يَطْلُعْ قَرْنُ الشَّمْسِ، وَوَقْتُ صَلاَةِ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ. فَكَانَ هَذَا اللَّفْظُ مِنْهُ عليه السلام مُمْكِنًا أَنْ يُرِيدَ بِهِ وَقْتَ الْخُرُوجِ مِنْ هَاتَيْنِ الصَّلاَتَيْنِ، وَمُمْكِنًا أَنْ يُرِيدَ بِهِ وَقْتَ الدُّخُولِ فِيهَا. فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ؛ فَكَانَ هَذَا الْخَبَرُ مُبَيِّنًا أَنَّ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَبَعْدَ غُرُوبِهَا وَقْتٌ لِبَعْضِ صَلاَةِ الصُّبْحِ، وَلِبَعْضِ صَلاَةِ الْعَصْرِ بِيَقِينٍ؛ فَصَحَّ أَنَّهُ عليه السلام إنَّمَا أَرَادَ وَقْتَ الدُّخُولِ فِيهِمَا، وَكَانَ هَذَا الْخَبَرُ هُوَ الزَّائِدَ عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً وَالزِّيَادَةُ وَاجِبٌ قَبُولُهَا فَوَضَحَ أَنَّ الأَمْرَ مُغَلَّبٌ عَلَى النَّهْيِ. فَوَجَدْنَا الآخَرِينَ قَدْ احْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِي حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، حدثنا خَالِدُ بْنُ شُمَيْرٍ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِبَاحٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَكَانَتْ الأَنْصَارُ تُفَقِّهُهُ، فَحَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشَ الآُمَرَاءِ فَلَمْ يُوقِظْنَا إلاَّ الشَّمْسُ طَالِعَةً فَقُمْنَا وَهِلِينَ لِصَلاَتِنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُوَيْدًا رُوَيْدًا، حَتَّى تَعَالَتْ الشَّمْسُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَلْيَرْكَعْهُمَا فَقَامَ مَنْ كَانَ يَرْكَعُهُمَا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ يَرْكَعُهُمَا، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنَادَى بِالصَّلاَةِ فَيُؤَذَّنَ بِهَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِنَا؛ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إنَّا بِحَمْدِ اللَّهِ لَمْ نَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا شَغَلَنَا عَنْ صَلاَتِنَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور، حدثنا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ، حدثنا ابْنُ وَضَّاحٍ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: أَسْرَيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ عَرَّسَ بِنَا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَاسْتَيْقَظْنَا وَقَدْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ، فَجَعَلَ الرَّجُلَ مِنَّا يَثُورُ إلَى طَهُورِهِ دَهِشًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارْتَحِلُوا قَالَ: فَارْتَحَلْنَا، حَتَّى إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ نَزَلْنَا، فَقَضَيْنَا مِنْ حَوَائِجِنَا، ثُمَّ تَوَضَّأْنَا؛ ثُمَّ أَمَرَ بِلاَلاً فَأَذَّنَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقَامَ بِلاَلٌ فَصَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. حدثنا حمام، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا ابْنُ وَضَّاحٍ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَبِيهِ قَالَ: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي سَفَرٍ ذَاتَ لَيْلَة، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا قَالَ: إنِّي أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنْ الصَّلاَةِ، فَمَنْ يُوقِظُنَا بِالصَّلاَةِ قَالَ بِلاَلٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَعَرَّسَ الْقَوْمُ، وَاسْتَنَدَ بِلاَلٌ إلَى رَاحِلَتِهِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، وَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَالَ: يَا بِلاَلُ، أَيْنَ مَا قُلْتَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ؛ ثُمَّ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَشَرُوا لِحَاجَاتِهِمْ وَتَوَضَّئُوا، وَارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ، فَصَلَّى بِهِمْ الْفَجْرَ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ أَنَا إسْمَاعِيلُ، هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا الْعَلاَءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي دَارِهِ بِالْبَصْرَةِ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ الظُّهْرِ، قَالَ: وَدَارُهُ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ؛ فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ قَالَ: صَلَّيْتُمْ الْعَصْرَ قلنا: لاَ، إنَّمَا انْصَرَفْنَا السَّاعَةَ مِنْ الظُّهْرِ؛ قَالَ: فَصَلُّوا الْعَصْرَ، فَقُمْنَا فَصَلَّيْنَا، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: تِلْكَ صَلاَةُ الْمُنَافِقِينَ جَلَسَ يَرْقُبُ الْعَصْرَ حَتَّى إذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا، لاَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إلاَّ قَلِيلاً. وَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عن الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: تِلْكَ صَلاَةُ الْمُنَافِقِينَ يَجْلِسُ أَحَدُهُمْ حَتَّى إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ فَكَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ أَوْ عَلَى قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا، لاَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إلاَّ قَلِيلاً. وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: يُطِيلُونَ الْخُطْبَةَ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ حَتَّى يُقَالَ: هَذَا شَرَقُ الْمَوْتَى، فَقِيلَ لاِبْنِ مَسْعُودٍ: وَمَا شَرَقُ الْمَوْتَى قَالَ: إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ جِدًّا، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيُصَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ احْتَبَسَ فَلْيُصَلِّ مَعَهُمْ، وَلْيَجْعَلْ صَلاَتَهُ وَحْدَهُ: الْفَرِيضَةَ، وَصَلاَتَهُ مَعَهُمْ: تَطَوُّعًا. وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ أَنْتَ إذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا، أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا قُلْت: فَمَا تَأْمُرُنِي قَالَ: صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ، فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ. وَقَالُوا: صَحَّ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلاَةِ جُمْلَةً فِي الأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَنَهْيُهُ عليه السلام عَنْ الصِّيَامِ جُمْلَةً فِي يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الأَضْحَى وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَصَحَّ أَمْرُهُ بِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ مَنْ نَامَ عَنْهَا أَوْ نَسِيَهَا، وَبِالنَّذْرِ، وَبِمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ النَّوَافِلِ، وَبِقَضَاءِ الصَّوْمِ لِلْحَائِضِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَاتِ: فَلَمْ تَخْتَلِفُوا مَعَنَا فِي أَنْ لاَ يُصَامَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الأَيَّامِ الْمَنْهِيِّ عَنْ صِيَامِهَا، وَغَلَّبْتُمْ: النَّهْيَ عَلَى الأَمْرِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فِي نَهْيِهِ عَنْ الصَّلاَةِ فِي الأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ، مَعَ أَمْرِهِ عليه السلام بِمَا أَمَرَ بِهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَقَضَائِهَا، وَإِلاَّ فَلِمَ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ النَّهْيَيْنِ وَالأَمْرَيْنِ فَغَلَّبْتُمْ فِي الصَّوْمِ: النَّهْيَ عَلَى الأَمْرِ، وَغَلَّبْتُمْ فِي الصَّلاَةِ: الأَمْرَ عَلَى النَّهْيِ وَهَذَا تَحَكُّمٌ لاَ يَجُوزُ. وَقَالُوا: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ عليه السلام فِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ وَمِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ طُلُوعِ [ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ: قَبْلَ النَّهْيِ عَنْ الصَّلاَةِ فِي الأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ. قال علي: هذا كُلُّ مَا اعْتَرَضُوا بِهِ، مَا لَهُمْ اعْتِرَاضٌ غَيْرُهُ أَصْلاً، وَلَسْنَا نَعْنِي أَصْحَابَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُمْ لاَ مُتَعَلِّقَ لَهُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا، إذْ لَيْسَ مِنْهَا خَبَرٌ إلاَّ وَقَدْ خَالَفُوهُ، وَتَحَكَّمُوا فِيهِ بِالآرَاءِ الْفَاسِدَةِ، وَإِنَّمَا نَعْنِي مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي تَغْلِيبِ النَّهْيِ جُمْلَةً فَقَطْ. قَالَ عَلِيٌّ: وَكَذَلِكَ أَيْضًا لاَ مُتَعَلِّقَ لِلْمَالِكِينَ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ الآثَارِ؛ لاَِنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ إلاَّ وَقَدْ خَالَفُوهُ، وَتَحَكَّمُوا فِيهِ، وَحَمَلُوا بَعْضَهُ عَلَى الْفَرْضِ، وَبَعْضَهُ عَلَى التَّطَوُّعِ بِلاَ بُرْهَانٍ، وَإِنَّمَا نَعْنِي مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي تَغْلِيبِ الأَمْرِ جُمْلَةً وَالْكَلاَمُ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ فَقَطْ. قَالَ عَلِيٌّ: كُلُّ هَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ. أَمَّا حَدِيثَا أَبِي قَتَادَةَ وَعِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ فَإِنَّهُمَا قَدْ جَاءَا بِبَيَانٍ زَائِدٍ، كَمَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: مَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِلْتُ مَعَهُ، فَقَالَ اُنْظُرْ فَقُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ، هَذَانِ رَاكِبَانِ، هَؤُلاَءِ ثَلاَثَةٌ حَتَّى صِرْنَا سَبْعَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلاَتَنَا يَعْنِي صَلاَةَ الْفَجْرِ، فَضُرِبَ عَلَى آذَانِهِمْ، فَمَا أَيْقَظَهُمْ إلاَّ حَرُّ الشَّمْسِ؛ فَقَامُوا فَسَارُوا هُنَيْهَةً ثُمَّ نَزَلُوا فَتَوَضَّئُوا وَأَذَّنَ بِلاَلٌ فَصَلَّوْا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، ثُمَّ صَلَّوْا الْفَجْرَ وَرَكِبُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي صَلاَتِنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّهُ لاَ تَفْرِيطَ فِي النَّوْمِ، إنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ، فَمَنْ نَامَ عَنْ صَلاَةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا، وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ عَنْ خَالِدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَنَامُوا عَنْ صَلاَةِ الْفَجْرِ، فَاسْتَيْقَظُوا بِحَرِّ الشَّمْسِ، فَارْتَفَعُوا قَلِيلاً حَتَّى اسْتَقَلَّتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَ مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَقَامَ ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ. فَهَذَا يُونُسُ عَنْ الْحَسَنِ وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ وَهُمَا أَحْفَظُ مِنْ خَالِدِ بْنِ شُمَيْرٍ، مِنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ يَذْكُرَانِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَيْقِظْ إلاَّ بِحَرِّ الشَّمْسِ وَبِضَرُورَةِ الْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ يَدْرِي كُلُّ أَحَدٍ أَنَّ حَرَّ الشَّمْسِ لاَ يُوقِظُ النَّائِمَ إلاَّ بَعْدَ صَفْوِهَا وَابْيِضَاضِهَا وَارْتِفَاعِهَا؛ وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلاَ. وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ عليه السلام أَمَرَهُمْ بِالاِنْتِظَارِ أَصْلاً، وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالاِنْتِشَارِ لِلْحَاجَةِ، ثُمَّ الْوُضُوءُ، ثُمَّ الصَّلاَةُ فَقَطْ. وَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ مَا الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاَةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَحَتَّى لَوْ لَمْ يَذْكُرْ حَرَّ الشَّمْسِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ لَمَا كَانَ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عليه السلام إنَّمَا أَخَّرَ الصَّلاَةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَكُنْ صَفَتْ، وَلاَ ابْيَضَّتْ؛ لاَِنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الأَخْبَارِ أَصْلاً: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إنَّمَا أَخَّرْتُ الصَّلاَةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَبْيَضَّ، وَلاَ ارْتَفَعَتْ، وَلاَ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ: أَمْهِلُوا حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَتَبْيَضَّ؛ وَإِنَّمَا ذَلِكَ ظَنٌّ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ؛ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَالَ عَلِيٌّ: فَارْتَفَعَ الإِشْكَالُ جُمْلَةً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ؛ وَصَحَّ يَقِينًا أَنَّهُ عليه السلام إنَّمَا أَخَّرَ الصَّلاَةَ؛ لِيَزُولُوا عَنْ الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَتْهُمْ فِيهِ الْغَفْلَةُ، وَحَضَرَهُمْ فِيهِ الشَّيْطَانُ فَقَطْ، لاَ لاَِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَكُنْ ارْتَفَعَتْ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا حِينَئِذٍ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ؛ فَالْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ قال علي: وهذا تَخْدِيشٌ فِي الرُّخَامِ وَلَمْ يَقُلْ عليه السلام: إنَّ تَأْخِيرَ الصَّلاَةِ مِنْ أَجْلِ كَوْنِ الشَّمْسِ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ؛ وَإِنَّمَا قَالَ: مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ وَحُضُورُ الشَّيْطَانِ فِي مَنْزِلِ قَوْمٍ هُوَ بِلاَ شَكٍّ مِنْ كُلِّ ذِي فَهْمٍ غَيْرُ كَوْنِ الشَّمْسِ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ فَظَهَرَ كَذِبُ هَذَا الْقَائِلِ يَقِينًا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَوَجْهٌ رَابِعٌ هُوَ: أَنَّهُ حَتَّى لَوْ صَحَّ لَهُمْ أَنَّ تَرَدُّدَهُ عليه السلام كَانَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَكُنْ ابْيَضَّتْ بَعْدُ، وَهَذَا لاَ يَصِحُّ أَبَدًا لَكَانَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ نَفْسِهِ بَعْدَ صَلاَتِهِ بِهِمْ مَنْ نَامَ عَنْ صَلاَةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا. وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الرُّوَاةِ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَذْكُرُهَا نَاسِخًا لِفِعْلِهِ فِي تَأْخِيرِ الصَّلاَةِ؛ لاَِنَّهُ بَعْدَهُ. فإن قيل: فَهَلاَّ جَعَلْتُمُوهُ نَاسِخًا لِتَحَوُّلِهِمْ عَنْ الْمَكَانِ. قلنا: لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لاَِنَّ قَوْلَهُ عليه السلام إذَا ذَكَرَهَا وَ حِينَ يَذْكُرُهَا قَصْدٌ مِنْهُ إلَى زَمَانِ تَأْدِيَتِهَا؛ وَلَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ لِمَكَانِ تَأْدِيَتِهَا؛ فَلاَ يَكُونُ لِمَا لَيْسَ فِيهِ خِلاَفٌ بِحُكْمِهِ أَصْلاً، وَهَذَا غَايَةُ الْحَقِيقَةِ وَالْبَيَانِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ تِلْكَ صَلاَةُ الْمُنَافِقِينَ فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلاً؛ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذُمَّ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ تَأْخِيرَ الصَّلاَةِ فَقَطْ وَحْدَهُ؛ وَإِنَّمَا ذَمَّ التَّأْخِيرَ مَعَ كَوْنِهِ يَنْقُرُهَا أَرْبَعًا لاَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إلاَّ قَلِيلاً؛ وَهَذَا بِلاَ شَكٍّ مَذْمُومٌ أَخَّرَ الصَّلاَةَ أَوْ لَمْ يُؤَخِّرْهَا وَهَذَا مِثْلُ قوله تعالى: وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً وَمِنْ الْعَصْرِ رَكْعَةً قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَتَيْنِ؛ فَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُدْرِكُ لِلصَّلاَةِ عَاصِيًا بِهَا وَمُصَلِّيًا صَلاَةَ الْمُنَافِقِينَ. وَلاَ يَخْتَلِفُ اثْنَانِ فِي أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ فِي وَقْتِهَا فَقَدْ أَدَّى مَا أُمِرَ، وَلَيْسَ عَاصِيًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ الأَفْضَلَ. وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حدثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيّ أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، حدثنا قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ سَمِعْت جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَمَا إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لاَ تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا يَعْنِي الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ. وبه إلى مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَمِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا يَعْنِي: الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ هَكَذَا فِي الْحَدِيثِ نَصًّا. قَالَ عَلِيٌّ: فَإِذَا هَذَا كَذَلِكَ فَظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّهُ عليه السلام عَنَى مَنْ أَخَّرَ صَلاَةً لاَ يَحِلُّ تَأْخِيرُهَا إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعَصْرِ بِلاَ شَكٍّ [ لَكِنْ فِي الظُّهْرِ الْمُتَعَيِّنُ تَحْرِيمُ تَأْخِيرِهَا إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا أَخْبَرَ عليه السلام أَنَّ التَّفْرِيطَ فِي الْيَقَظَةِ: أَنْ تُؤَخَّرَ صَلاَةٌ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ أُخْرَى. فَإِنْ قَالُوا فِي خَبَرِ أَنَسٍ جَلَسَ يَرْقُبُ وَقْتَ الْعَصْرِ، قلنا: نَعَمْ، وَإِذَا أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ رَاقِبًا لِلْعَصْرِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى؛ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا أَيْضًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَحُجَّةٌ لَنَا عَلَيْهِمْ ظَاهِرَةٌ؛ لاَِنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِيَقِينٍ إلاَّ صَلاَةَ الْجُمُعَةِ تُؤَخَّرُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ بِقَوْلِهِ: يُطِيلُونَ الْخُطْبَةَ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ رضي الله عنه أَجَازَ التَّطَوُّعَ مَعَهُمْ إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ نَفْسِهِ؛ فَصَحَّ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ مُوَافِقٌ لَنَا فِي هَذَا. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ فَكَذَلِكَ أَيْضًا، وَهُوَ خَبَرٌ مُوَافِقٌ لَنَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. لاَِنَّهُ نَصُّهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ فَهُوَ وَقْتٌ لِلدُّخُولِ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ، وَمَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ فَهُوَ وَقْتٌ لِلدُّخُولِ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِجَمِيعِ الآثَارِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: لَعَلَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ عَنْ الصَّلاَةِ فِي الأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ: فَخَطَأٌ؛ لاَِنَّ " لَعَلَّ " لاَ حُكْمَ لَهَا، وَإِنَّمَا هِيَ ظَنٌّ. وَأَيْضًا فَالْبُرْهَانُ قَدْ صَحَّ أَنَّ قَوْلَهُ عليه السلام: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مُتَأَخِّرٌ عَنْ أَخْبَارِ النَّهْيِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ هُوَ رَوَى مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الصُّحْبَةِ وَرَوَى أَخْبَارَ النَّهْيِ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبَسَةَ وَإِسْلاَمُهُمَا قَدِيمٌ. وَبِالْجُمْلَةِ فَلاَ يَقْدَحُ فِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ تَأَخُّرُهُ، وَلاَ تَقَدُّمُهُ، إذَا أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهُمَا وَضَمُّ أَحَدِهِمَا إلَى الآخَرِ؛ فَالْوَاجِبُ الأَخْذُ بِجَمِيعِهَا كَمَا قَدَّمْنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّنَا قَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى تَغْلِيبِ خَبَرِ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْ الْفِطْرِ، وَالنَّحْرِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، عَلَى أَحَادِيثِ الأَمْرِ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ، وَالنَّذْرِ، وَالْكَفَّارَاتِ؛ فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ نُغَلِّبَ أَخْبَارَ النَّهْيِ عَنْ الصَّلاَةِ فِي الأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى أَحَادِيثِ الأَمْرِ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ الْمَنْسِيَّةِ وَالْمَنُومِ عَنْهَا وَالنَّذْرِ وَسَائِرِ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ التَّطَوُّعِ: فَهَذَا قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ. وَلَعَلَّ هَذَا يَلْزَمُ مَنْ قَالَ بِالْقِيَاسِ مِنْ الْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ، إلاَّ أَنَّهُمْ أَيْضًا يُعَارِضُونَ الْحَنَفِيِّينَ فِي هَذَا الْقِيَاسِ، بِأَنْ يَقُولُوا لَهُمْ: أَنْتُمْ أَوَّلُ مَنْ نَقَضَ هَذَا الْقِيَاسَ، وَلَمْ يَطْرُدْهُ؛ فَأَجَزْتُمْ صَلاَةَ عَصْرِ الْيَوْمِ فِي الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلاَةِ فِيهِ. وَلَمْ تَقِيسُوا عَلَيْهِ الصُّبْحَ، وَلاَ قِسْتُمُوهَا عَلَى الصُّبْحِ، ثُمَّ زِدْتُمْ إبْطَالاً لِهَذَا الْقِيَاسِ: فَجَعَلْتُمْ بَعْضَ الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلاَةِ فِيهِ جُمْلَةً يُقْضَى فِيهِ الْفَرْضُ وَيُسْجَدُ فِيهِ لِلتِّلاَوَةِ وَيُصَلَّى فِيهِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَلاَ يُصَلَّى فِيهِ صَلاَةً مَنْذُورَةً، وَجَعَلْتُمْ بَعْضَهُ لاَ يُصَلَّى فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَلَمْ تَقِيسُوا صَلاَةً فِي بَعْضِ الْوَقْتِ عَلَى صَلاَةٍ فِي سَائِرِهِ وَكَانَ هَذَا أَصَحَّ فِي الْقِيَاسِ وَأَوْلَى مِنْ قِيَاسِ حُكْمِ صَلاَةٍ عَلَى صَوْمٍ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لَنَا: لِمَ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ الأَمْرَيْنِ وَالنَّهْيَيْنِ. [ فَجَوَابُنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: أَنَّنَا فَعَلْنَا ذَلِكَ؛ لاَِنَّ النُّصُوصَ جَاءَتْ مُثْبِتَةً لِتَغْلِيبِ أَحَادِيثِ الأَمْرِ بِالصَّلَوَاتِ جُمْلَةً عَلَى أَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنْ الصَّلاَةِ فِي تِلْكَ الأَوْقَاتِ، وَبَعْضُهَا مُتَأَخِّرٌ نَاسِخٌ لِلْمُتَقَدِّمِ، وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ أَصْلاً بِتَغْلِيبِ الأَمْرِ بِالصَّوْمِ عَلَى أَحَادِيثِ النَّهْيِ؛ بَلْ صَحَّ الإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ عَلَى وُجُوبِ تَغْلِيبِ النَّهْيِ [ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَالنَّحْرِ عَلَى أَحَادِيثِ إيجَابِ الْقَضَاءِ، وَالنُّذُورِ، وَالْكَفَّارَاتِ، وَكَقَوْلِهِ عليه السلام فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ: إنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ مُوجِبًا لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِيهَا؛ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تُصَامَ بِغَيْرِ نَصٍّ جَلِيٍّ فِيهَا بِخِلاَفِ مَا جَاءَ فِي الصَّلاَةِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ فَسَقَطَ كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَأَمَّا جَوَازُ ابْتِدَاءِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، وَجَوَازُ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْفَجْرِ مَا لَمْ تُصَلَّ صَلاَةُ الْفَجْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. فَلِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حدثنا شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ كِلاَهُمَا عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ الأَجْدَعِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ تُصَلُّوا بَعْدَ الْعَصْرِ إلاَّ أَنْ تُصَلُّوا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ. وَهْبُ بْنُ الأَجْدَعِ تَابِعٌ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ وَسَائِرُ الرُّوَاةِ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهُمْ؛ وَهَذِهِ زِيَادَةُ عَدْلٍ لاَ يَجُوزُ تَرْكُهَا. وَأَمَّا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى صَلاَةِ الصُّبْحِ فَلِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّذِي فِيهِ فَصَلِّ مَا شِئْتَ فَإِنَّ الصَّلاَةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ، ثُمَّ أَقْصِرْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. وَبِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ عن ابْنِ شِهَابٍ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَخْبَرَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِي قَالَ: سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنْ اللَّيْلِ. قَالَ عَلِيٌّ: وَالرِّوَايَةُ فِي أَنْ لاَ صَلاَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلاَّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ سَاقِطَةٌ مَطْرُوحَةٌ مَكْذُوبَةٌ كُلُّهَا، لَمْ يَرْوِهَا أَحَدٌ إلاَّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ وَهُوَ مَالِكٌ، أَوْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ مَجْهُولٌ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ، وَلَيْسَ، هُوَ ابْنُ حَزْمٍ، أَوْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، وَهُوَ سَاقِطٌ، أَوْ مِنْ طَرِيقِ يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَمُدَلِّسٌ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ مِمَّنْ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ. وَقَدْ قَالَ بِهَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: كُنَّا نَأْتِي عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَ صَلاَةِ الْفَجْرِ فَأَتَيْنَاهَا يَوْمًا فَإِذَا هِيَ تُصَلِّي؛ . فَقُلْنَا: مَا هَذِهِ الصَّلاَةُ فَقَالَتْ: إنِّي نِمْت عَنْ حِزْبِي فَلَمْ أَكُنْ لاَِدَعَهُ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ كِلاَهُمَا عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: مَرَّ ابْنُ مَسْعُودٍ بِرَجُلَيْنِ يَتَكَلَّمَانِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَقَالَ: يَا هَذَانِ إمَّا أَنْ تُصَلِّيَا وَأَمَّا أَنْ تَسْكُتَا وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عن ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ: أَنَّ طَاوُوسًا قَالَ لِمُجَاهِدٍ: أَتَعْقِلُ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَصَلِّ مَا شِئْت. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: صَلِّ بَعْدَ الْفَجْرِ مَا شِئْت. وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ [ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بَأْسًا بِأَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الْفَجْرِ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، وَرُوِّينَا ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَغَيْرِهِ. قَالَ عَلِيٌّ: وَالْعَجَبُ كُلُّهُ مِنْ تَعَلُّقِ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ بِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، وَفِيهِ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَنْ نَقْبُرَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ وَهِيَ: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ، وَلَمْ يَأْتِ قَطُّ خَبَرٌ يُعَارِضُ هَذَا النَّهْيَ أَصْلاً ثُمَّ لاَ يُبَالُونَ بِإِطْرَاحِهِ، فَيُجِيزُونَ أَنْ تُقْبَرَ الْمَوْتَى فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ دُونَ أَنْ يَكْرَهُوا ذَلِكَ، ثُمَّ يُحَرِّمُونَ قَضَاءَ التَّطَوُّعِ، وَبَعْضُهُمْ قَضَاءَ الْفَرْضِ، وَقَدْ جَاءَتْ النُّصُوصُ مُعَارِضَةً لِهَذَا النَّهْيِ. قَالَ عَلِيٌّ: وَلاَ يَحِلُّ دَفْنُ الْمَوْتَى فِي هَذِهِ السَّاعَاتِ أَلْبَتَّةَ، وَأَمَّا الصَّلاَةُ عَلَيْهِمْ فَجَائِزَةٌ بِهَا، لِلأَمْرِ بِذَلِكَ عُمُومًا. وَلِمَا حَدَّثَنَا حمام بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، حدثنا سُفْيَانُ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْت عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَمْ مَرَّةً يَقُولُ: سَمِعْت نَافِعًا يَقُولُ: سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: لَسْت أَنْهَى أَحَدًا صَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ؛ وَلَكِنِّي أَفْعَلُ كَمَا رَأَيْت أَصْحَابِي يَفْعَلُونَ؛ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ تَحَرَّوْا بِصَلاَتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ، وَلاَ غُرُوبَهَا. قَالَ عَلِيٌّ: فَإِنَّمَا نَهَى عليه السلام عَنْ تَحَرِّي الصَّلاَةَ وَالْقَصْدَ إلَيْهَا فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ، وَفِي وَقْتِ الاِسْتِوَاءِ فَقَطْ، وَصَحَّ بِهَذَا أَنَّ التَّطَوُّعَ الْمَأْمُورَ بِهِ وَالْمَنْدُوبَ إلَيْهِ يُصَلَّى فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ: هُوَ عَمَلُ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم،؛ لاَِنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَ [ أَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُ كَمَا رَأَى أَصْحَابُهُ يَفْعَلُونَ: وَهُوَ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْهُ آنِفًا يُصَلِّي إثْرَ الطَّوَافِ بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ، وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، [ وَبَعْدَ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. وَأَمَّا مَنْ رَأَى مِنْ أَصْحَابِنَا النَّهْيَ عَنْ الصَّلاَةِ بَعْدَ [ صَلاَةِ الْعَصْرِ مَنْسُوخًا بِصَلاَتِهِ عليه السلام الرَّكْعَتَيْنِ: فَكَانَ يَصِحُّ هَذَا لَوْلاَ حَدِيثُ وَهْبِ بْنِ الأَجْدَعِ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ إبَاحَتِهِ عليه السلام: الصَّلاَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا دَامَتْ الشَّمْسُ مُرْتَفِعَةً؛ فَبَطَلَ النَّسْخُ فِي ذَلِكَ. وَصَحَّ أَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ إلاَّ عَنْ الْقَصْدِ بِالصَّلاَةِ إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ وَضَافَتْ لِلْغُرُوبِ فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَحدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْت مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَابَاهُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لاَ تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ. قَالَ عَلِيٌّ: وَإِسْلاَمُ جُبَيْرٍ مُتَأَخِّرٌ جِدًّا، إنَّمَا أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ: وَهَذَا بِلاَ شَكٍّ بَعْدَ نَهْيِهِ عليه السلام عَنْ الصَّلاَةِ فِي الأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَوَجَبَ اسْتِثْنَاءُ كُلِّ ذَلِكَ مِنْ النَّهْيِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَلاَ يَجُوزُ أَنْ تُخَصَّ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ بِصَلاَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى سَائِرِ اللَّيَالِيِ. لِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثنا أَبُو كُرَيْبٍ ثنا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ هِشَامٍ عن ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِيِ، وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ.
وَخَيْرُ الأَعْمَالِ مَا ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمِلَهُ وَمَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ، وَذَلِكَ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ بُرْهَانُ ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:
وَصَلاَةُ التَّطَوُّعِ فِي الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْهَا مُنْفَرِدًا؛ وَكُلُّ تَطَوُّعٍ فَهُوَ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْمَسَاجِدِ إلاَّ مَا صَلَّى مِنْهُ جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ فَهُوَ أَفْضَلُ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ وَسُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ، وَهَذَا عُمُومٌ لِكُلِّ صَلاَةٍ فَرْضٍ أَوْ تَطَوُّعٍ. وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ فَأَكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: قُومُوا فَلآُصَلِّي لَكُمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ وَانْصَرَفَ. وَقَدْ صَلَّى عليه السلام بِالنَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ تَطَوُّعًا إذْ أَمَّهُمْ عَلَى الْمِنْبَرِ وَفِي بَيْتِ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ. قَدْ صَلَّى ابْنُ الزُّبَيْرِ بِالنَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ جَمَاعَةً وَكَذَلِكَ أَنَسٌ أَيْضًا. وبه إلى أَبِي دَاوُد: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حدثنا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: صَلاَةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهِ فِي مَسْجِدٍ إلاَّ الْمَكْتُوبَةَ، وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ: حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ مَنْصُورٌ: عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ لِي أَبُو مَعْمَرٍ: إذَا صَلَّيْت الْمَكْتُوبَةَ فَارْجِعْ إلَى بَيْتِك. وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ قَيْسٍ مَا رَأَيْت عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيَّ مُتَطَوِّعًا فِي مَسْجِدِ الْحَيِّ قَطُّ. وَرُوِّينَا عن ابْنِ الْمُثَنَّى: حدثنا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مُخْلِدٍ، حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تَطَوُّعُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ يَزِيدُ عَلَى تَطَوُّعِهِ عِنْدَ النَّاسِ كَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلاَةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ. وبه إلى ابْنِ الْمُثَنَّى: حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حدثنا إسْرَائِيلُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كَانَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ لاَ يَتَطَوَّعُ فِي الْمَسْجِدِ. وَرُوِّينَا عَنْ وَكِيعٍ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ قَالَ نُسَيْرُ بْنُ ذُعْلُوقٍ مَا رَأَيْت الرَّبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ مُتَطَوِّعَا فِي مَسْجِدِ الْحَيِّ قَطُّ. وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ سُئِلَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ عَنْ التَّطَوُّعِ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ فَقَالَ: إنِّي لاََكْرَهُهُ؛ بَيْنَمَا هُمْ جَمِيعًا إذَا اخْتَلَفُوا. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أَدْرَكْت النَّاسَ زَمَانَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُمْ يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بُيُوتِهِمْ. وَالتَّطَوُّعُ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ سَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَا، وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْمَسْجِدِ أَيْضًا، وقال أبو حنيفة وَأَصْحَابُهُ: كُلُّ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ وقال مالك: كُلُّ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ إلاَّ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ كَرِهَ التَّطَوُّعَ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِهِ بِأَنَّ هَذَا خَوْفُ الذَّرِيعَةِ فِي أَنْ يَقْضِيَهَا أَهْلُ الْبِدَعِ الَّذِينَ لاَ يَعْتَدُّونَ بِالصَّلاَةِ مَعَ الأَئِمَّةِ. قال علي: وهذا غَايَةٌ فِي الْفَسَادِ مِنْ الْقَوْلِ؛ لاَِنَّ الْمُبْتَدِعَ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ بِسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَلاَ فَرْقَ. وَأَيْضًا: فَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ يَنْصَرِفُوا إلَى بُيُوتِهِمْ فَيَقْضُونَهَا هُنَالِكَ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد: حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ، حدثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عن ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَيَنْمَازُ عَنْ مُصَلاَّهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةَ قَلِيلاً غَيْرَ كَثِيرٍ، فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَمْشِي أَنْفَسَ مِنْ ذَلِكَ فَيُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ رَأَيْته يَصْنَعُ ذَلِكَ مِرَارًا. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى: حدثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ سَمِعْت عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُعَلِّمُنَا أَنْ نُصَلِّيَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا فَكُنَّا نُصَلِّي بَعْدَهَا أَرْبَعًا؛ حَتَّى جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَأَمَرَنَا أَنْ نُصَلِّيَ بَعْدَهَا سِتًّا، فَنَحْنُ نُصَلِّي بَعْدَهَا سِتًّا. وَقَدْ حدثنا حمام، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، حدثنا الْحُمَيْدِيُّ، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حدثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَبْلَ أَنْ نَلْقَى الزُّهْرِيَّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ.
وَأَفْضَلُ الْوِتْرِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، وَتُجْزِئُ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْوِتْرُ وَتَهَجُّدُ اللَّيْلِ يَنْقَسِمُ عَلَى ثَلاَثَةَ عَشَرَ وَجْهًا، أَيُّهَا فَعَلَ أَجْزَأَهُ، وَأَحَبُّهَا إلَيْنَا، وَأَفْضَلُهَا: أَنْ نُصَلِّيَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، نُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ نُصَلِّي رَكْعَةً وَاحِدَةً وَنُسَلِّمُ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا الْقَعْنَبِيُّ، حدثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ يُصَلِّي إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُصَلِّيَ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا، ثُمَّ يُصَلِّي خَمْسَ رَكَعَاتٍ مُتَّصِلاَتٍ لاَ يَجْلِسُ إلاَّ فِي آخِرِهِنَّ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، حدثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حدثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِنْهُنَّ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ، لاَ يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْخَمْسِ إلاَّ فِي آخِرِهِنَّ، ثُمَّ يَجْلِسُ وَيُسَلِّمُ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يُصَلِّيَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ، يُسَلِّمُ مِنْ آخِرِ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حدثنا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عن ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلاَةِ الْعِشَاءِ وَهِيَ الَّتِي يَدْعُو النَّاسُ الْعَتَمَةَ إلَى الْفَجْرِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ. وَالرَّابِعُ: أَنْ يُصَلِّيَ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ: لِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حدثنا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ فَقَالَ: مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِرَكْعَةٍ. وَالْخَامِسُ: أَنْ يُصَلِّيَ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، لاَ يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ إلاَّ فِي آخِرِهَا؛ فَإِذَا جَلَسَ فِي آخِرِهِنَّ وَتَشَهَّدَ: قَامَ دُونَ أَنْ يُسَلِّمَ؛ فَأَتَى بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ: لِ مَا رُوِّينَا عَنْ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلاَ أَدُلُّك عَلَى أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ بِوِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ قَالَ: عَائِشَةُ. فَذَكَرَ سَعْدٌ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَسَأَلَهَا عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهَا قَالَتْ لَهُ: إنَّهُ كَانَ يُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ، لاَ يَجْلِسُ فِيهَا إلاَّ فِي الثَّامِنَةِ، ثُمَّ يَنْهَضُ، وَلاَ يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي التَّاسِعَةَ، ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ، وَهُوَ قَاعِدٌ، فَلَمَّا أَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَهُ اللَّحْمُ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ؛ وَصَنَعَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَنِيعِهِ الأَوَّلِ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا حَمَّادٌ عَنْ أَبِي حُرَّةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ، يَقْعُدُ فِي الثَّامِنَةِ؛ ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ رَكْعَةً. وَالسَّادِسُ: أَنْ يُصَلِّيَ سِتَّ رَكَعَاتٍ، يُسَلِّمُ فِي آخِرِ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا، وَيُوتِرُ بِسَابِعَةٍ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ. وَالسَّابِعُ: أَنْ يُصَلِّيَ سَبْعَ رَكَعَاتٍ، لاَ يَجْلِسُ، وَلاَ يَتَشَهَّدُ إلاَّ فِي آخِرِ السَّادِسَةِ مِنْهُنَّ، ثُمَّ يَقُومُ دُونَ تَسْلِيمٍ فَيَأْتِي بِالسَّابِعَةِ، ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، حدثنا إِسْحَاقُ أَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيُّ، حدثنا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَبِرَ وَضَعُفَ أَوْتَرَ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ، لاَ يَقْعُدُ إلاَّ فِي السَّادِسَةِ، ثُمَّ يَنْهَضُ، وَلاَ يُسَلِّمُ فَيُصَلِّي السَّابِعَةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَالثَّامِنُ: أَنْ يُصَلِّيَ سَبْعَ رَكَعَاتٍ، لاَ يَجْلِسُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ إلاَّ فِي آخِرِهِنَّ فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِهِنَّ جَلَسَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ لِمَا رُوِّينَا بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ: أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ أَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، حدثنا قَتَادَةُ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ لَمَّا أَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَهُ اللَّحْمُ صَلَّى سَبْعَ رَكَعَاتٍ لاَ يَقْعُدُ إلاَّ فِي آخِرِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَ. وَالتَّاسِعُ: أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام: صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ. وَالْعَاشِرُ: أَنْ يُصَلِّيَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ مُتَّصِلاَتٍ؛ لاَ يَجْلِسُ، وَلاَ يَتَشَهَّدُ إلاَّ فِي آخِرِهِنَّ: لِمَا رُوِّينَا بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ :، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِخَمْسٍ لاَ يَجْلِسُ إلاَّ فِي آخِرِهِنَّ. قَالَ عَلِيٌّ: وَقَدْ قَالَ بِهَذَا بَعْضُ السَّلَفِ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عن ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّهُ رَأَى عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ مَا جَلَسَ لِمَثْنَى: وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: كَذَلِكَ يُوتِرُ أَهْلُ الْبَيْتِ بِخَمْسٍ، لاَ يَجْلِسُ إلاَّ فِي آخِرِهِنَّ: وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: الْوِتْرُ كَصَلاَةِ الْمَغْرِبِ، إلاَّ أَنَّهُ لاَ يَقْعُدُ إلاَّ فِي الثَّالِثَةِ: قَالَ عَلِيٌّ: قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا لَمْ يَرْوِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلاَ نَقُولُ بِهِ إذْ لاَ حُجَّةَ إلاَّ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ أَوْ عَمَلُهُ أَوْ إقْرَارُهُ فَقَطْ. وَالْوَجْهُ الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنْ يُصَلِّيَ ثَلاَثَ رَكَعَاتٍ، يَجْلِسُ فِي آخِرِ الثَّانِيَةِ مِنْهُنَّ، وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، يَتَشَهَّدُ فِي آخِرِهَا وَيُسَلِّمُ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام: صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ: وَقَدْ رَوَى بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا أَثَرًا مِنْ طَرِيقِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ الْوِتْرِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَةِ بِتَسْلِيمٍ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ الْبُتَيْرَاءُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: أَتُرِيدُ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالثَّانِيَ عَشَرَ: أَنْ يُصَلِّيَ ثَلاَثَ رَكَعَاتٍ، يَجْلِسُ فِي الثَّانِيَةِ، ثُمَّ يَقُومُ دُونَ تَسْلِيمٍ وَيَأْتِي بِالثَّالِثَةِ، ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، كَصَلاَةِ الْمَغْرِبِ. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي حَنِيفَةَ: لِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ، حدثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ: أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ حَدَّثَتْهُ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لاَ يُسَلِّمُ فِي رَكْعَتَيْ الْوِتْرِ. وَالثَّالِثَ عَشَرَ: أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَةً وَاحِدَةً فَقَطْ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ وَغَيْرِهِمَا: لِمَا حَدَّثَنَاهُ حَمَّامُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ، حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا يَحْيَى، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حدثنا شُعْبَةُ، حدثنا قَتَادَةُ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: سَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ عَنْ الْوِتْرِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ. وَرُوِّينَا عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَغَيْرِهِمْ: الْوِتْرُ بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ لاَ يُزَادُ عَلَيْهَا شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَحُذَيْفَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ قال علي: هذا كُلُّ مَا صَحَّ عِنْدَنَا؛ وَلَوْ صَحَّ عِنْدَنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زِيَادَةٌ عَلَى هَذَا لَقُلْنَا بِهِ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْيٌ عَنْ الْبُتَيْرَاءِ، وَلاَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى سُقُوطِهِ بَيَانُ مَا هِيَ الْبُتَيْرَاءُ، وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ: الثَّلاَثُ بُتَيْرَاءُ يَعْنِي فِي الْوِتْرِ؛ فَعَادَتْ الْبُتَيْرَاءُ عَلَى الْمُحْتَجِّ بِالْخَبَرِ الْكَاذِبِ فِيهَا. فإن قيل: قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: صَلاَةُ الْمَغْرِبِ وِتْرُ النَّهَارِ، فَأَوْتِرُوا صَلاَةَ اللَّيْلِ. قِيلَ لَهُمْ: لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنْ يَكُونَ وِتْرُ اللَّيْلِ ثَلاَثًا كَوِتْرِ النَّهَارِ، وَهَذَا كَذِبٌ مِمَّنْ يَنْسُبُهُ إلَى إرَادَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ قَطَعْتُمْ بِذَلِكَ كَذَبْتُمْ وَكُنْتُمْ أَيْضًا خَالَفْتُمْ مَا قُلْتُمْ؛ لاَِنَّهُ يَلْزَمُكُمْ أَنْ تَجْهَرُوا فِي الآُولَيَيْنِ وَتُسِرُّوا فِي الثَّالِثَةِ كَالْمَغْرِبِ؛ وَأَنْ تَقْنُتُوا فِي الْمَغْرِبِ كَمَا تَقْنُتُونَ فِي الْوِتْرِ؛ أَوْ أَنْ لاَ تَقْنُتُوا فِي الْوِتْرِ كَمَا لاَ تَقْنُتُوا فِي الْمَغْرِبِ؛ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَالْوِتْرُ آخِرُ اللَّيْلِ أَفْضَلُ. وَمَنْ أَوْتَرَ أَوَّلَهُ فَحَسَنٌ، وَالصَّلاَةُ بَعْدَ الْوِتْرِ جَائِزَةٌ، وَلاَ يُعِيدُ وِتْرًا آخَرَ، وَلاَ يَشْفَعُ بِرَكْعَةٍ: حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا ابْنُ أَبِي خَلَفٍ، حدثنا أَبُو زَكَرِيَّاءَ السَّيْلَحِينِيُّ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لاَِبِي بَكْرٍ: مَتَى تُوتِرُ قَالَ: أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَقَالَ لِعُمَرَ: مَتَى تُوتِرُ قَالَ: آخِرَ اللَّيْلِ فَقَالَ عليه السلام لاَِبِي بَكْرٍ: أَخَذَ هَذَا بِالْحَذَرِ، وَقَالَ لِعُمَرَ: أَخَذَ هَذَا بِالْقُوَّةِ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، حدثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ يَحْيَى، هُوَ ابْنُ حَمْزَةَ قَاضِي دِمَشْقَ عَنْ يَحْيَى، هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا وَهُوَ جَالِسٌ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَرَكَعَ، ثُمَّ رَكَعَ بَعْدَ ذَلِكَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ. قَالَ عَلِيٌّ: وَأَمَّا قَوْلُهُ عليه السلام: اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا وَ بَادِرُوا الصُّبْحَ بِالْوِتْرِ فَنَدْبٌ؛ لِمَا قَدْ بَيَّنَّا: مِنْ أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ فَرْضًا؛ وَمِنْ فِعْلِهِ عليه السلام إذْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ غَيْرَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ؛ وَلِقَوْلِهِ عليه السلام لاَِبِي هُرَيْرَةَ: أَنْ لاَ يَنَامَ إلاَّ عَلَى وِتْرٍ. فَلاَ يَجُوزُ تَرْكُ بَعْضِ كَلاَمِهِ لِبَعْضٍ، وَلَيْسَ هَذَا مَكَانَ نَسْخٍ لَكِنَّهُ إبَاحَةٌ كُلُّهُ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا مُلاَزِمُ بْنُ عَمْرٍو، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ قَالَ: زَارَنَا طَلْقُ بْنُ عَلِيٍّ فِي رَمَضَانَ، وَأَمْسَى عِنْدَنَا فَأَفْطَرَ ثُمَّ قَامَ بِنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَوْتَرَ بِنَا ثُمَّ انْحَدَرَ إلَى مَسْجِدِهِ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ، حَتَّى إذَا بَقِيَ الْوِتْرُ قَدَّمَ رَجُلاً، فَقَالَ: أَوْتِرْ بِأَصْحَابِكَ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لاَ وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَغَيْرِهِ شَفْعُ الْوِتْرِ بِرَكْعَةٍ، إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَمَا يُوتِرُ، وَلاَ حُجَّةَ إلاَّ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَيُقْرَأُ فِي الْوِتْرِ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ مَعَ " أُمِّ الْقُرْآنِ: "، وَإِنْ قَرَأَ فِي الثَّلاَثِ رَكَعَاتٍ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَحَسَنٌ. وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ فَحَسَنٌ، وَإِنْ قَرَأَ فِي رَكْعَةِ الْوِتْرِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ بِمِائَةِ آيَةٍ مِنْ النِّسَاءِ " فَحَسَنٌ، قَالَ تَعَالَى: حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حدثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ؛ فَصَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَةً أَوْتَرَهَا، وَقَرَأَ فِيهَا بِمِائَةِ آيَةٍ مِنْ النِّسَاءِ وَقَالَ: مَا أَلَوْتُ أَنْ وَضَعْت قَدَمِي حَيْثُ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ أَقْرَأَ مَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَبُو أُسَامَةَ، حدثنا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ بِثَلاَثٍ يَقْرَأُ فِيهِنَّ فِي الآُولَى بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، وَفِي الثَّانِيَةِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّالِثَةِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.
|