الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي للمباركفوري ***
قال الشيخ عبد الحق في اللمعات: اعلم أنه قد جاء أهل البيت بمعنى من حرم الصدقة عليهم وهم بنو هاشم فيشمل آل العباس وآل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث فإن كل هؤلاء يحرم عليهم الصدقة، وقد جاء بمعنى أهله صلى الله عليه وسلم شاملاً لأزواجه المطهرات، وإخراج نسائه صلى الله عليه وسلم من أهل البيت في قوله: (ويطهركم تطهيراً) مع أن الخطاب معهن سباقاً وسياقاً فإخراجهن مما وقع في البين يخرج الكلام عن الاتساق والانتظام. قال الإمام الرازي إنها شاملة لنسائه صلى الله عليه وسلم لأن سياق الاَية ينادي على ذلك فإخراجهن عن ذلك وتخصيصه بغيرهن غير صحيح والوجه في تذكير الخطاب في قوله: (ليذهب عنكم ويطهركم) باعتبار لفظ الأهل أو لتغليب الرجال على النساء ولو أنث الخطاب لكان مخصوصاً بهن ولا بد من القول بالتغليب على أي تقدير كان وإلا لخرجت فاطمة رضي الله عنها وهي داخلة في أهل البيت بالاتفاق انتهى 3944- حَدّثَنَا نَصْرُ بنُ عبْدِ الرّحْمَنِ الكُوفيّ، حدثنا زَيْدُ بنُ الْحَسَنِ هو الأغاطيّ، عَن جَعْفَرِ بنِ مُحمّدٍ، عَن أَبيهِ، عَن جابِرِ بنِ عَبْدِ اللّهِ قال: "رَأيْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم في حَجّتِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ القَصوَاءِ يَخْطُبُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَا أَيّهَا النّاسُ إِنّي قد تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إنْ أخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلّوا كِتَابَ اللّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي". قال وفي البابِ عَن أَبي ذَرّ وَ أبي سَعِيدٍ وَ زَيْدِ بنِ أرْقَم وَ حُذَيْفَةَ بنِ أُسَيْدٍ. قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ. قال وَزَيْدُ بنُ الْحَسَنِ قَدْ رَوَى عَنْهُ سَعِيدُ بنُ سُلَيْمَانَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أهْلِ العِلْمِ. 3945- حَدّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حدثنا مُحّمدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ الأَصْبَهَانيّ، عَن يَحْيـى بنِ عُبَيْدٍ، عَن عَطَاءِ بن أبي رباح، عَن عُمَرَ بنِ أَبي سَلَمَة رَبِيبِ النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الاَيَةُ عَلَى النّبيّ صلى الله عليه وسلم {إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً} في بَيْتِ أُمّ سَلَمَة، فَدَعَا النبيّ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ وَحَسَنَاً وَحُسَيْناً فَجلّلَهُمْ بِكِسَاءٍ وَعَلِيّ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَجَلّلَهُ بِكِسَاءٍ ثُمّ قالَ: اللّهُمّ هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأذْهِبْ عَنْهُمُ الرّجْسَ وَطَهّرْهُمْ تَطْهِيراً. قَالَتْ أُمّ سَلَمَة وأَنَا مَعَهُمْ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قالَ: أَنْتِ عَلَى مَكانِكِ وَأَنْتِ إليّ خَيْرٌ". قال وفي البابِ عَن أُمّ سَلَمَةَ وَ مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ و أبي الحَمْرَاءِ و أَنَسِ بنِ مَالِكٍ. قال أبو عيسى: هَذَا حَدِيث غَرِيب مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. 3946- حَدّثَنَا عَلِيّ بنُ المُنْذِرِ الكُوفيّ، حدثنا مُحمّدُ بنُ فُضَيْلٍ قال حدثنا الأَعَمْشُ، عَن عَطِيةَ، عَن أبي سَعِيدٍ والأَعْمَشِ عَن حَبِيبِ بنِ أَبي ثَابِتٍ عَن زَيْدِ بنِ أَرقمَ رضي الله عنهما قالَ قال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمسّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلّوا بَعْدِي أحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنَ الاَخَرِ كِتَابُ اللّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السّمَاء إلى الأَرْضِ وعِتْرَتِي أَهْل بَيْتِي وَلَنْ يَتَفَرّقَا حتّى يَرِدَا عَلَيّ الْحَوْضَ فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفونِي فِيهمَا". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. 3947- حَدّثَنَا ابنُ أَبِي عُمَرَ حدثنا سُفْيَانُ عَن كَثِيرٍ البّوّاءِ عَن أبي إِدْرِيسَ عَن المُسَيّبِ بنِ نَجَيّةَ قَالَ قَالَ عَلِيّ بن أبي طَالِبٍ: قَالَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "إِنّ كلّ نَبِيّ أُعْطِيَ سَبْعَةَ نُجَبَاءَ رُفَقَاءَ أَوْ قَالَ رُقَبَاءَ نقباء وَأُعْطِيتُ أَنَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ، قُلْنا مَنْ هُمْ؟ قَالَ أَنَا وابْنَايَ وَجَعْفَرُ وَحَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ وبِلاَلٌ وَسَلْمَانُ وَعَمّارٌ والمِقْدَادُ وَحُذَيْفَةُ وأبو ذرَ وَعَبْدُ اللّهِ بنُ مَسْعُودٍ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْه. وقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ عَن عَلِيّ مَوْقُوفاً. 3948- حَدّثَنَا أبُو دَاوُدَ سُليْمَانُ بنُ الأَشْعَثِ قال: حدثنا يَحْيـى بنُ مَعِينٍ قال: حدثنا هِشَامُ بنُ يُوسُفَ، عَن عَبْدِ اللّهِ بنِ سُلَيْمَانَ النّوْفَلِيّ عَن محَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ عَبْدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَحِبّوا اللّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبّونِي بِحُبّ اللّهِ، وَأحِبّوا أَهْلَ بَيْتِي لحُبّي"". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ إنّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. - قوله: (أخبرنا زيد بن الحسن) القرشي الكوفي صاحب الأنماط ضعيف من الثامنة روى له الترمذي حديثاً واحداً في الحج قال الحافظ (عن جعفر بن محمد) المعروف بالصادق (عن أبيه) أي محمد بن علي بن حسين المعروف بالباقر. قوله: (في حجته) أي في حجته الوداع (على ناقته القصراء) بفتح القاف ممدود اللقب ناقته صلى الله عليه وسلم وما كانت مجدوعة الأذن (إني تركت فيكم من إن أخذتم به) أي اقتديتم به واتبعتموه. وفي بعض النسخ: تركت فيكم ما إن أخذتم به أي إن تمسكتم به علماً وعملاً (كتاب الله وعترتي أهل بيتي) قال التوربشتي عترة الرجل أهل بيته ورهطه الأدنون ولاستعمالهم العترة على أنحاء كثيرة بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله "أهل بيتي" ليعلم أنه أراد بذلك نسله وعصابته الأدنين وأزواجه انتهى. قال القاري والمراد بالأخذ بهم التمسك بمحبتهم ومحافظة حرمتهم والعمل بروايتهم والاعتماد على مقالتهم وهو لا ينافي أخذ السنة من غيرهم لقوله صلى الله عليه وسلم: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" ولقوله تعالى {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} وقال ابن الملك: التمسك بالكتاب العمل بما فيه وهو الائتمار بأوامر الله والانتهاء عن نواهيه، ومعنى التمسك بالعترة محبتهم والاهتداء بهديهم وسيرتهم، زاد السيد جمال الدين إذا لم يكن مخالفاً للدين. قوله: (وفي الباب عن أبي ذر وأبي سعيد وزيد بن أرقم وحذيفة بن أسيد) أما حديث أبي ذر فلينظر من أخرجه، وأما حديث أبي سعيد وزيد بن أرقم فأخرجه الترمذي فيما بعد، وأما حديث حذيفة بن أسيد فأخرجه الطبراني وفيه زيد بن الحسن الأنماطي، قال أبو حاتم منكر الحديث ووثقه ابن حبان وبقية رجال أحد الإسنادين ثقات قاله الهيثمي. قوله: (وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان) سعيد بن سليمان هذا هو الواسطي. - قوله: (عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم قال نزلت هذه الاَية الخ) تقدم هذا الحديث مع شرحه في تفسير سورة الأحزاب. - وقوله: (عن عطية) هو العوفي. قوله: (أحدهما) وهو كتاب الله (أعظم من الاَخر) وهو العترة (كتاب الله) بالنصب وبالرفع (حبل ممدود) أي هو حبل ممدود ومن السماء إلى الأرض يوصل العبد إلى ربه ويتوسل به إلى قربه (وعترتي) أي والثاني عترتي (أهل بيتي) بيان لعترتي، قال الطيبي في قوله: "إني تارك فيكم إشارة" إلى أنهما بمنزلة التوأمين الخلفين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه يوصي الأمة بحسن المخالقة معهما وإيثار حقهما على أنفسهم كما يوصي الأب المشفق الناس في حق أولاده، ويعضده ما في حديث زيد بن أرقم عند مسلم: "أذكركم الله في أهل بيتي" كما يقول الأب المشفق الله الله في حق أولادي (ولن يتفرقا) أي كتاب الله وعترتي في مواقف القيامة (حتى يردا علي) بتشديد الياء (الحوض) أي الكوثر يعني فيشكرانكم صنيعكم عندي (فانظروا كيف تخلفوني) بتشديد النون وتخفف أي كيف تكونون بعدي خلفاء أي عاملين متمسكين بهما. قال الطيبي: لعل السر في هذه التوصية واقتران العترة بالقرآن أن إيجاب محبتهم لائح من معنى قوله تعالى {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} فإنه تعالى جعل شكر إنعامه وإحسانه بالقرآن منوطاً بمحبتهم على سبيل الحصر فكأنه صلى الله عليه وسلم يوصي الأمة بقيام الشكر. وقيل تلك النعمة به ويحذرهم عن الكفران فمن أقام بالوصية وشكر تلك الصنيعة بحسن الخلافة فيهما لن يفترقا فلا يفارقانه في مواطن القيامة ومشاهدها حتى يرد الحوض فشكرا صنيعه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فحينئذ هو بنفسه يكافئه والله تعالى يجازيه بالجزاء الأوفى ومن أضاع الوصية وكفر النعمة فحكمه على العكس، وعلى هذا التأويل حسن موقع قوله "فانظروا كيف تخلفوني فيهما"، والنظر بمعنى التأمل والتفكر أي تأملوا واستعملوا الروية في استخلافي إياكم هل تكونون خلف صدق أو خلف سوء. قوله: (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه مسلم من وجه آخر ولفظه: "ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما- كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به" فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال "أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي" الحديث. - قوله: (أخبرنا سفيان) هو ابن عيينة (عن كثير النواء) بفتح النون بتشديد الواو ممدوداً هو كثير بن إسماعيل ضعيف (عن أبي إدريس) المرهبي (عن المسيب بن نجبة) بفتح النون والجيم والموحدة الكوفي مخضرم من الثانية. قوله: (إن كل نبي أعطي سبعة نجباء) بإضافة سبعة إلى نجباء وهو جمع نجيب قال في النهاية: النجيب الفاضل من كل حيوان وقد نجب ينجب نجابة إذا كان فاضلاً نفيساً في نوعه (رفقاء) جمع رفيق وهو المرافق (أو قال رقباء) أي حفظه يكونون معه وهو جمع رقيب وأو للشك من الراوي (وأعطيت أنا أربعة عشر) أي نجيباً رقيباً بطريق الضعف تفضلاً (من هم) أي الأربعة عشر (قال أنا) قال الطيبي فاعل قال ضمير النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ضمير علي رضي الله عنه يعني هو عبارة عنه نقله بالمعنى أي مقوله أنا كذا في المرقاة، وأرجع صاحب أشعة اللمعات ضمير قال إلا علي حيث قال كفت علي آن جهارده من وهر دويسر من (وابناي) أي الحسنان (وجعفر) أي أخو علي (وحمزة) بن عبد المطلب (وأبو بكر وعمر الخ) الواو لمطلق الجمع. - قوله: (حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث) السجستاني صاحب السنن (عن عبد الله بن سليمان النوفلي) مقبول من السابعة (عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس) الهاشمي ثقة من السادسة لم يثبت سماعه من جده. قوله: (لما يغذوكم) أي يرزقكم به (من نعمه) بكسر النون وفتح العين جمع نعمة وهو بيان لما (يحب الله) وفي المشكاة لحب الله أي لأن محبوب المحبوب محبوب (وأحبوا أهل بيتي بحبي) أي إياهم أو لحبكم إياي. قوله: (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه الحاكم.
أما معاذ بن جبل فهو ابن عمر بن أوس من بني أسد الخزرجي يكنى أبا عبد الرحمن شهد بدراً والعقبة وكان أميراً للنبي صلى الله عليه وسلم على اليمن ورجع بعده إلى المدينة ثم خرج إلى الشام مجاهداً فمات في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة، وأما زيد بن ثابت فهو ابن الضحاك بن زيد بن لوذان من بني مالك ابن النجار الأنصاري النجاري المدني، قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهو ابن إحدى عشرة سنة وكان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من فضلاء الصحابة ومن أصحاب الفتوى توفي سنة خمس وأربعين بالمدينة، وأما أبي بن كعب فهو ابن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية الأنصاري الخزرجي النجاري يكنى أبا المنذر وأبا الطفيل كان من السابقين من الأنصار شهد العقبة وبدراً وما بعدهما مات سنة ثلاثين وقيل غير ذلك، وأما أبو عبيدة بن الجراح فقد تقدم ترجمته في مناقبه 3949- حَدّثَنَا سُفْيَانُ بنُ وَكِيعٍ أَخبرنا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ عَن دَاودَ العَطّارِ عَن مَعْمَرٍ عَن قَتَادَةَ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَرْحَمُ أُمّتِي بأُمّتِي أبُو بَكْرٍ، وأشَدّهُمْ في أَمْرِ اللّهِ عُمَرُ وأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ بنُ عَفّانَ وأَعْلَمُهُم بالْحَلاَلِ والْحَرامِ مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بنُ ثابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُم أُبَيّ بنُ كَعْبٍ، ولِكُلّ أُمّةٍ أمِينٌ. وأَمِينُ هَذِهِ الأُمّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرّاحِ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ إِلاّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ وَقَدْ رَواهُ أبُو قلاَبَةَ عَن أَنَس عَن النّبيّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ والمشهور حديث أبي قلابة. 3950- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ حدثنا عبْدُ الوَهّابِ بنُ عَبْدِ المَجِيدِ الثّقَفِيّ حدثنا خَالِدٌ الحَذّاءُ عَن أبي قِلاَبَةَ عَن أنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أرحمُ أُمتي بأُمتي أبو بكر وأشدهم في أمر الله عُمَرُ وأصدقهم حياءً عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أُبيّ بن كعب وأفرضهم زيد بن ثابت وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ألا وإن لكل أمةٍ أميناً وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح". 3951- حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ بَشّارٍ. حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ. قَالَ: "سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدّثُ عَن أَنَس بْنِ مَالكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم لاِبِيّ بْنِ كَعْبٍ: إِنّ اللّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ {لَمْ يَكُنِ الّذِينَ كَفَرُوا} قَالَ: وَسَمّانِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَبَكَى". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وَقَدْ رُويَ عَنْ أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ. قَالَ لِي النّبيّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ نَحْوَهُ. 3952- حَدّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ. حَدّثَنَا أَبُو دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: "سَمِعْتُ زِرّ بْنَ حُبَيشٍ يُحَدّثُ عَنْ أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ أنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: إِنّ اللّهَ أَمَرَنِي أنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ فَقَرأَ عَلَيْهِ {لَمْ يَكُنِ الّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} فَقَرَأَ فِيهَا: إِنّ ذَاتَ الدين عِنْدَ اللّهِ الْحَنِيفيّةُ الْمُسْلِمَة لاَ الْيَهُودِيّةُ وَلا النّصْرَانِيّةُ، مَنْ يَعْمَلْ خَيْراً فَلَنْ يَكْفُرَهُ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ: وَلَوْ أَنّ لاِبْنِ آدَمَ وَادِياً مِنْ مَالٍ لاَبْتَغَى إِلَيْهِ ثَانياً، وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَانِياً لاَبْتَغَى إلَيْهِ ثَالِثاً، وَلا يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلاّ التّرَابُ، وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَنْ تَابَ. قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ. رَوَاهُ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أبْزَى عَن أَبِيهِ عَنْ أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ أَنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنّ اللّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ. وقد روى قتادة عن أنس أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لأبيّ إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن. 3953- حَدّثَنَا مُحَمّدُ بنُ بَشّارٍ أخبرنا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ أخبرنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ عَن أنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: "جَمَعَ القُرآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةٌ كُلّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ أُبَيّ بنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ وَأَبُو زَيْدٍ، قُلْتُ لأِنَسٍ مَنْ أَبُو زَيْدٍ؟ قَالَ أَحَدُ عُمُومَتِي". قال أبو عيسى: هذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. 3954- حَدّثَنَا قُتَيْبَةُ حدثنا عَبْدُ العَزِيزِ بن مُحَمّدٍ عَن سُهَيْلِ بنِ أَبي صَالِحٍ عَن أَبِيهِ عَن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "نِعْمَ الرّجُلُ أَبُو بَكْرٍ. نِعْمَ الرّجُلُ عُمَرُ. نِعْمَ الرّجُلُ أبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرّاحِ. نِعْمَ الرّجُلُ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ. نِعْمَ الرّجُلُ ثَابِتُ بنُ قَيْسِ بنِ شَمّاسٍ، نِعْمَ الرّجُلُ مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ. نِعْم الرّجُلُ مُعَاذُ بنُ عَمْرِو بنِ الْجمُوحِ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ إِنّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ سُهَيْلٍ. 3955- حَدّثَنَا محمُودُ بنُ غَيْلاَنَ حدثنا وَكِيعٌ حدثنا سُفْيَانُ عَن أبي إسْحَاقَ عَن صِلَةَ بنِ زُفَرَ عَن حُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ قَالَ "جَاءَ العَاقِبُ والسّيّدُ إلى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقالاَ ابْعَثْ مَعَنَا أميناً فَقَالَ: فَإِنّي سَأَبْعَثُ مَعَكُمْ أَمِيناً حَقّ أمِينٍ فَأشْرَفَ لَهَا النّاسُ فَبَعَثَ أبَا عُبَيْدَةَ بن الجراح رضي الله عنه. قَالَ وَكانَ أبُو إِسْحَاقَ إِذَا حَدّثَ بِهَذَا الحَدِيثِ عَن صِلَةَ قَالَ سَمِعْتُهُ مُنْذُ سِتّينَ سَنَةٍ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وقَدْ رُوِيَ عَن ابن عُمَرَ وَأَنَس رضي الله عنهما عَن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أَنّهُ قَالَ "لِكُلّ أُمّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرّاحِ". - قوله: (أخبرنا حميد بن عبد الرحمن) هو الرؤاسي الكوفي (عن داود العطار) هو داود بن عبد الرحمن العطار. قوله: (أرحم أمتي) أي أكثرهم رحمة (وأشدهم في أمر الله) أي أقواهم في دين الله (وأفرضهم) أي أكثرهم علماً بالفرائض (وأقرؤهم) أي أعلمهم بقراءة القرآن. قوله: (هذا حديث غريب). قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث رجاله ثقات انتهى، وأخرجه أيضاً أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه وأخرجه أبو يعلى عن عبد الله بن عمر (وقد رواه أبو قلابة عن أنس الخ) أخرج هذه الرواية ابن ماجه. - قوله: (قال وسماني؟) أي هل نص علي باسمي؟ أو قال: أَقْرَأَ عليّ واحد من أصحابك فاخترتني أنت؟ فلما قال له نعم بكى إما فرحاً وسروراً بذلك وإما خشوعاً وخوفاً من التقصير في شكر تلك النعم. قال أبو عبيد المراض بالعراض على أبي ليتعلم أبي منه القراءة ويتثبت فيها وليكون عرض القرآن سنة وللتنبيه على فضيلة أبي بن كعب وتقدمه في حفظ القرآن وليس المراد أن يستذكر منه النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً بذلك العرض. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان. والنسائي (وقد روى هذا الحديث عن أبي كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم) أخرجه الحاكم والطبراني. - قوله: (أخبرنا يحيى بن سعيد) هو القطان. قوله: (جمع القرآن) أي استظهره حفظاً (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي في زمانه (أربعة) أراد أنس بالأربعة أربعة من رهطه وهم الخزرجيون إذ روى أن جمعاً من المهاجرين أيضاً جمعوا القرآن (وأبو زيد) اختلف في اسمه فقيل أوس وقيل ثابت بن زيد وقيل قيس بن السكن بن قيس بن زعور بن حرام الأنصاري النجاري ويرجحه قول أنس أحد عمومتي، فإنه من قبيلة بني حرام (أحد عمومتي) بضم العين والميم أي أحد أعمامي قال النووي في شرح مسلم: قال المازري: هذا الحديث مما تعلق به بعض الملاحدة في تواتر القرآن وجوابه من وجهين: أحدهما- أنه ليس فيه تصريح بأن غير الأربعة لم يجمعه فقد يكون مراده الذين علمهم من الأنصار أربعة وأما غيرهم من المهاجرين والأنصار الذين لا يعلمهم فلم ينفهم. ولو نفاهم كان المراد نفي علمه ومع هذا فقد روى غير مسلم حفظ جماعات من الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. والجواب الثاني- أنه لو ثبت أنه لم يجمعه إلا الأربعة لم يقدح في تواتره فإن أجزاءه حفظ كل جزء منها خلائق لا يحصون يحصل التواتر ببعضهم وليس من شرط التواتر أن ينقل جميعهم جميعه بل إذا نقل كل جزء عدد التواتر صارت الجملة متواترة بلا شك. ولم يخالف في هذا مسلم ولا ملحد انتهى مختصراً. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان والنسائي. - قوله: (نعم الرجل أسيد بن حضير) بضم أولهما مصغرين ابن سماك بن عتيك الأنصاري صحابي جليل شهد بدراً وما بعدها من المشاهد مات بالمدينة سنة عشرين ودفن بالبقيع (نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس) بمعجمة وميم مشددة وآخره مهملة أنصاري خزرجي خطيب الأنصار من كبار الصحابة بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة واستشهد باليمامة (نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح) بفتح الجيم وضم الميم أنصاري خزرجي شهد العقبة وبدراً وهو وأبوه عمرو وهو الذي قتل مع معاذ بن عفراء أبا جهل. قوله: (هذا حديث حسن) وأخرجه النسائي. - قوله: (عن حذيفة بن اليمان قال جاء العاقب والسيد الخ) تقدم هذا الحديث مع شرحه في مناقب أبي عبيدة بن الجراح.
قصته طويلة ملخصها أنه هرب من أبيه لطلب الحق وكان مجوسياً فلحق براهب ثم براهب ثم بآخر وكان يصحبهم إلى وفاتهم حتى دله الأخير إلى الحجاز وأخبره بظهور رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقصده مع بعض الأعراب فغدروا به وباعوه في وادي القرى ليهودي ثم اشتراه منه يهودي آخر من بني قريظة فقدم به المدينة فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى علامات النبوة أسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كاتب عن نفسك". عاش مائتين وخمسين سنة وقيل مائتين وخمس وسبعين سنة، ومات سنة ست وثلاثين بالمدائن وأول مشاهده الخندق 3956- حَدّثَنَا سُفْيَانُ بنُ وَكِيعٍ حدثنا أبي عَن الحَسَنِ بنِ صَالحٍ عَن أَبي رَبِيعَةَ الإِيَادِيّ عَن الحَسَنِ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قالَ قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنّ الْجَنّةَ لِتَشْتَاقُ إلى ثَلاَثَةٍ: عَلِيّ وَعَمّارٍ وَسَلْمانَ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لا نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ حَدِيثِ الحَسَنِ بن صَالحٍ. - قوله: (عن الحسن بن صالح) بن حي الهمداني (عن الحسن) هو البصري قوله: (إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة) المقصود أنهم من أهل الجنة فبالغ فيه قيل المراد اشتياق أهل الجنة من الحوار والغلمان والملائكة كذا في اللمعات، وقال الطيبي سبيل اشتياق الجنة إلى هؤلاء الثلاثة سبيل اهتزاز العرش لموت سعد بن معاذ.
واسم أمه سمية بالمهملة مصغراً أسلم هو وأبوه قديماً وعذبوا لأجل الإسلام وقتل أبو جهل أمه فكانت أول شهيد في الإسلام، ومات أبوه قديماً وعاش هو إلى أن قتل بصفين مع علي رضي الله عنهم وكان قد ولي شيئاً من أمور الكوفة لعمر فلهذا نسبه أبو الدرداء إليها 3957- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، حدثنا عَبْدُ الرّحمَنِ بنُ مَهْدِيّ، حدثنا سُفْيَانُ عَن أَبي إسْحَاقَ عَن هَانِيءِ بنِ هَانِيءٍ عَن عَلِيّ قَالَ "جَاءَ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى النبيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ائْذَنُوا لَهُ مَرْحباً بالطّيّبِ المُطَيّبِ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. 3958- حَدّثَنَا القَاسِمُ بنُ دِينَارٍ الكُوفِيّ، حَدّثَنَا عُبَيْدُ اللّهِ بن مُوسَى، عَن عَبْدِ العَزِيزِ بنِ سِيَاهٍ الكوفي عَن حَبِيبِ بنِ أَبي ثَابِتٍ، عَن عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَن عَائِشَةَ قَالَتْ: قَال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا خُيّرَ عَمّارُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاّ اخْتَارَ أَسَدَهُمَا". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ العَزِيزِ بنِ سِيَاهٍ وَهُوَ شَيْخٌ كُوفِيّ. وَقَد رَوَى عَنْهُ النّاسُ وَلَهُ ابنٌ يُقالُ لَهُ يَزِيدُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ رَوَى عَنْهُ يَحْيـى بنُ آدَمَ. 3959- حَدّثَنَا مَحْمُودُ بنُ غَيْلاَنَ حدثنا وَكِيعٌ حدثنا سُفْيَانُ عَن عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ عَن مَولى لِرِبْعِيّ عَن رِبْعِيّ بنِ حِرَاشٍ عَن حُذَيْفَة قَالَ "كُنّا جُلُوساً عِنْدَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنّي لاَ أدْرِي مَا قَدْرُ بَقَائِي فِيكُمْ فَاقْتَدُوا باللّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي. وَأَشارَ إِلى أبي بكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمّارٍ. وَمَا حَدّثَكُم ابنُ مَسْعُودٍ فَصَدّقُوهُ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ. وَرَوى إِبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ هَذَا الحَدِيثَ عَن سُفْيَانَ الثّوْرِيّ عَن عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ عَن هِلاَلٍ مَوْلَى رِبْعِيّ عَن رِبْعِيّ عَن حُذَيْفَةَ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ. وَقَدْ رَوَى سَالِمٌ المُرَادِيّ الكُوفِيّ عَن عَمْرو بنِ هَرِمٍ عَن رِبْعِيّ بنِ حِرَاشٍ عَن حُذَيْفَةَ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ هَذَا. 3960- حَدّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ المَدَنيّ حدثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ مُحَمّدٍ عَن العَلاءِ بنِ عَبْدِ الرّحمَنِ عَن أبِيهِ عَن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم "أَبْشِرْ عَمّارُ تَقْتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ". قال وفي البابِ عَن أُمّ سَلَمَة وَعَبْدِ اللّهِ بنِ عَمْروٍ وَأَبي اليُسْرِ وَحُذَيْفَةَ. قال أبو عيسى: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ العَلاَءِ بنِ عَبْدِ الرّحمَنِ. - قوله: (مرحباً بالطيب المطيب) يقال مرحباً به أي أصاب رحباً وسعة وكني بذلك عن الانشراح، والمراد بالطيب المطيب الطاهر المطهر وفيه مبالغة كظل ظليل، وقال في اللمعات لعله إشارة إلى أن جوهر ذاته ظاهر طيب ثم طيبه وهذبه الشرائع والعمل بها فصار نوراً على نور. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه ابن ماجه. - قوله: (عن عبد العزيز بن سياه) بكسر المهملة بعدها تحتانية خفيفة الأسدي الكوفي صدوق يتشيع من السابعة. قوله: (ما خير عمار) بصيغة المجهول من التخيير أي ما جعل مخيراً (إلا اختار أرشدهما) أي أصلحهما وأصوبهما وأقربهما إلى الحق. وفي بعض النسخ أشدهما أي أصعبهما. قال القاري قيل هذا بالنظر إلى نفسه فلا ينافي رواية: ما اختير عمار بين أمرين إلا اختار أيسرهما فإنه بالنظر إلى غيره والأظهر في الجمع بين الروايات أنه كان يختار أصلحهما وأصوبهما فيما تبين ترجيحه وإلا فاختار أيسرهما انتهى. قيل في هذا الحديث دليل على أن الرشد مع علي رضي الله عنه في خلافته وأن معاوية أخطأ في اجتهاده ولم يكن على الرشد لأن عماراً رضي الله عنه اختار موافقة علي وكان معه يوم صفين حتى استشهد في ذلك الحرب. قوله: (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه ابن ماجه. - قوله: (عن عبد الملك بن عمير) اللخمي الكوفي (عن مولى لربعي) اسمه هلال قال في التقريب: هلال مولى ربعي مقبول من السادسة. قوله: (فاقتدوا بالذين من بعدي وأشار إلى أبي بكر وعمر) تقدم شرح هذا في مناقب أبي بكر (واهتدوا بهدي عمار) أي ابن ياسر والهدي بفتح الهاء وسكون الدال السيرة والطريقة، والمعنى أي سيروا سيرته واختاروا طريقته وكأن الاقتداء أعم من الاهتداء حيث يتعلق به القول والفعل بخلاف الاهتداء فإنه يختص بالفعل (وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه) أي صدقوا حديثه واعتقدوه صدقاً وحقاً. قوله: (هذا حديث حسن) وأخرجه أحمد. قوله: (وقد روى سالم المرادي الكوفي عن عمرو بن هرم الخ) وصله الترمذي في مناقب أبي بكر الصديق. - قوله: (أبشر) بصيغة الأمر من الإبشار أي سر واستبشر (تقتلك الفئة الباغية) المراد بالفئة أصحاب معاوية والفئة الجماعة والباغية هم الذين خالفوا الإمام وخرجوا عن طاعته بتأويل باطل، وأصل البغي مجاوزة الحد، وفي حديث أبي سعيد عند البخاري في قصة بناء المسجد النبوي: كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فجعل ينفض التراب عنه ويقول "ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار". قال الحافظ في الفتح فإن قيل كان قتله بصفين وهو مع علي والذين قتلوه مع معاوية وكان معه جماعة من الصحابة فكيف يجوز عليهم الدعاء إلى النار فالجواب أنهم كانوا ظانين أنهم يدعون إلى الجنة وهم مجتهدون لا لوم عليهم في إتباع ظنونهم فالمراد بالدعاء إلى الجنة الدعاء إلى سببها وهو طاعة الإمام، وكذلك كان عمار يدعوهم إلى طاعة علي وهو الإمام الواجب الطاعة إذ ذاك وكانوا هم يدعون إلى خلاف ذلك لكنهم معذورون للتأويل الذي ظهر لهم انتهى. قوله: (وفي الباب عن أم سلمة الخ) قال الحافظ روى حديث تقتل عمار الفئة الباغية جماعة من الصحابة منهم قتادة بن النعمان وأم سلمة عند مسلم وأبو هريرة عند الترمذي وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي وعثمان بن عفان وحذيفة وأبو أيوب وأبو رافع وخزيمة بن ثابت ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو اليسر وعمار نفسه وكلها عند الطبراني وغيره وغالب طرقها صحيحة أو حسنة وفيه عن جماعة آخرين يطول عددهم انتهى.
اسمه جندب بن جنادة وهو من أعلام الصحابة وزهادهم والمهاجرين وأسلم قديماً بمكة يقال كان خامساً في الإسلام ثم انصرف إلى قومه فأقام عندهم إلى أن قدم المدينة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الخندق ثم سكن الربذة إلى أن مات بها سنة اثنتين في خلافة عثمان وكان يتعبد قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم 3961- حَدّثَنَا مَحمودُ بنُ غَيْلاَنَ حدثنا ابنُ نُمَيْرٍ عَن الأعْمشِ عَن عُثْمَانَ بنِ عُمَيْرٍ هُوَ أَبُو اليَقْظانِ عَن أَبي حَرْبِ بنِ أَبي الأَسْوَدِ الديْلِيّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَمْروٍ وقالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا أَظَلّت الْخَضْرَاءُ ولاَ أَقَلّت الغَبْرَاء أَصْدَقَ مِنْ أَبي ذَرّ". قال وفي البابِ عَن أَبِي الدّرْدَاءِ و أبِي ذَرَ. قال أبو عيسى: وهذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. 3962- حَدّثَنَا العَبّاسُ العَنْبَرِيّ حدثنا النّضْرُ بنُ مُحمّدٍ أَخبرنا عِكْرِمَةُ بنُ عَمّارٍ حدثني أَبُو زُمَيْلٍ هو سِمَاك بن الوليد الحنفي عَن مَالِكِ بنِ مَرْثدٍ عَن أبِيهِ عَن أَبي ذَرّ قالَ قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا أَظَلّت الْخَضْراءُ وَلاَ أَقَلّت الغَبْراءُ مِنْ ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ ولاَ أوْفى مِنْ أَبِي ذَرّ شِبهَ عِيسَى ابنِ مَرْيَمَ، فَقَالَ عُمَرُ بنُ الْخَطّابِ كَالحَاسِدِ: يا رَسُولَ اللّهِ أَفَنَعْرِفُ ذَلِكَ لَهُ قَالَ نَعَمْ فَاعْرِفُوهُ" قال هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الحَدِيثَ فَقالَ "أبُو ذَرّ يَمْشِي في الأَرْضِ بِزُهْدِ عِيَسى ابنِ مَرْيَمَ عليه السلام". - قوله: (عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي) البصري ثقة من الثالثة. قوله: (ما أظلت) أي على أحد (الخضراء) أي السماء (ولا أقلت) بتشديد اللام أي حملت ورفعت (الغبراء) أي الأرض (أصدق من أبي ذر) مفعول أقلت وصفة للأحد المقدر وهو نوع من التنازع والمراد بهذا الحصر التأكيد والمبالغة في صدقه أي هو متناه في الصدق لا أنه أصدق من غيره مطلقاً إذ لا يصح أن يقال أبو ذر أصدق من أبي بكر رضي الله عنه وهو صديق هذه الأمة وخيرها بعد نبيها وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أصدق من أبي ذر وغيره. كذا قالوا. قال القاري: وفيه أنه صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء مستثنى شرعاً وأما الصديق لكثرة تصديقه لا يمنع أن يكون أحد أصدق في قوله، وقد جاء في الحديث أقرؤكم أبي وأقضاكم علي. ولا يدع أن يكون في المفضول ما لا يوجد في الفاضل أو يشترك هو والأفضل في صفة من الصفات على وجه التسوية. قوله: (وفي الباب عن أبي الدرداء وأبي ذر) أما حديث أبي الدرداء فأخرجه أحمد في مسنده، وأما حديث أبي ذر فأخرجه الترمذي بعد هذا. قوله: (هذا حديث حسن) وأخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم. - قوله: (حدثنا العباس) بن عبد العظيم (أخبرنا النضر بن محمد) بن موسى الجرشي (حدثني أبو زميل) اسمه سِمَاك بن الوليد (عن مالك بن مرثد) بن عبد الله الزماني (عن أبيه) أي مرثد بن عبد الله الزماني بكسر الزاي وتشديد الميم مقبول من الثالثة. قوله: (من ذي لهجة) بفتح فسكون وقيل بفتحتين وهي اللسان وقيل طرفه والمعنى من ذي نطق، وقيل لهجة اللسان ما ينطق به أي من صاحب كلام وكلمة من زائدة (أصدق) أي أكثر صدق (ولا أوفى) أي بكلامه من الوعد والعهد (من أبي ذر) أي ولا أقلت الغبراء أحداً ذا لهجة وصدق ولا أوفى بكلامه من أبي ذر (شبه عيسى ابن مريم) بالجر بدل أي شبيهه. وفي الاستيعاب من الحديث "من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى ابن مريم فلينظر إلى أبي ذر" انتهى. فالتشبيه يكون من جهة التواضع قاله القاري قلت: حديث "من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى ابن مريم فلينظر إلى أبي ذر" أخرجه أبو يعلى في مسنده عن أبي هريرة كذا في الجامع الصغير، قال المناوي في شرحه قوله: "فلينظر إلى أبي ذر". فإنه في مزيد التواضع ولين الجانب وخفض الجناح يقرب منه (فقال عمر بن الخطاب كالحاسد) أي على طريقة الغبطة (أفتعرف) من التعريف (ذلك) أي ما ذكرت من منقبته (له) أي لأبي ذر، والمعنى هل تعلمن ذلك له (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (نعم) أي أعلمكم ذلك له (فاعرفوه) أي فاعلموه. قال التوربشتي قوله أصدق من أبي ذر مبالغة في صدقه لا أنه أصدق من كل على الإطلاق لأنه لا يكون أصدق من أبي بكر بالإجماع فيكون عاماً قد خص. قال الطيبي يمكن أن يراد به أنه لا يذهب إلى التورية والمعاريض في الكلام فلا يرخي عنان كلامه ولا يحابي مع الناس ولا يسامحهم ويظهر الحق البحت والصدق المحض ومن ثمة عقبه بقوله: ولا أوفى أي يوفي حق الكلام إيفاء لا يغادر شيئاً منه. قوله: (هذا حديث حسن غريب) قال ميرك هو حديث رجالة موثوقون. قوله: (فقال أبو ذر يمشي في الأرض بزهد عيسى ابن مريم) قال القاري: ولا منافاة بين أن يكون متواضعاً وزاهداً بل الزهد هو الموجب للتواضع.
3963- حَدّثَنَا عَلِيّ بنُ سَعِيدٍ الكِندِيّ، حدثنا أبُو محيَاةَ يَحْيـى بنُ يَعْلَى بن عطاء، عَن عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَن ابنِ أخِي عَبْدِ اللّهِ بنِ سَلاَمٍ قَالَ: "لمّا أُرِيدَ قَتْلُ عُثْمَانَ جَاءَ عبْدُ اللّهِ بنِ سَلاَمٍ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ مَا جَاءَ بِكَ؟ قالَ جِئْتُ في نَصْرِكَ. قالَ اخْرُجْ إلى النّاسِ فاطْرُدْهُمْ عَنّي فَإِنّكَ خَارِجاً خَيْرٌ لِي مِنْكَ دَاخِلاً، فَخَرَجَ عَبْدُ اللّهِ إلى النّاسِ فَقَالَ أَيّها النّاسُ إنّهُ كَانَ اسْمِي في الْجَاهِلِيّةِ فُلاَنٌ فَسَمّانِي رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللّهِ وَنَزَلَتْ فِيّ آياَتٌ مِنْ كِتَابِ اللّهِ، نَزَلَتْ فِيّ {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إنّ اللّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الظّالِمِينَ} ونزلت فيّ {قلْ كَفَى باللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ} إِنّ لِلّهِ سَيْفاً مَغْمُوداً عَنْكُمْ وإِنّ المَلاَئِكَةَ قَدْ جَاوَرَتْكُمْ في بَلَدِكُمْ هَذَا الّذِي نَزَلَ فِيهِ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَاللّهَ اللّهَ فِي هَذَا الرّجُلِ أَن تَقْتُلُوهُ فَوَاللّهِ لإِنْ قَتَلْتُمُوهُ لَتَطْرُدُنّ جِيرَانَكُمْ المَلاَئِكَةَ وَلَتَسَلّنّ سَيْفَ اللّهِ المَغْمُودَ عَنْكُمْ فَلاَ يغمدُ عنكم إِلى يَوْمِ القِيَامَةِ، قَالُوا اقْتُلُوا اليَهُودِيّ واقْتُلُوا عُثْمَانَ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ غَرِيبٌ إنّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ وقد رَوَى شُعَيْبُ بنُ صَفْوَانَ هَذَا الحَدِيثَ عَن عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ فَقَالَ: عن عُمَر بن مُحمّدٍ بنِ عَبْدِ اللّهِ بنِ سَلاَمٍ، عَن جَدّهِ عَبْدِ اللّهِ بنِ سَلاَمٍ. 3964- حَدّثَنَا قُتَيْبَةُ، أَخبرنا اللّيْثُ، عَن مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِح، عَن رَبِيعَةَ بنِ يَزِيدَ، عَن أَبي إدْرِيسَ الخَوْلاَنِيّ، عَن يَزِيدَ بنِ عميرَةَ قَالَ: "لَمّا حَضَرَ مُعَاذَ بنِ جَبَلٍ المَوْتُ قِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرّحْمَنِ أوْصِنَا قَالَ: أَجْلِسُونِي فَقَالَ إنّ العِلْمَ والإِيمَانَ مَكَانَهُما. مَن ابْتَغاهُمَا وَجَدَهُمَا، يَقُولُ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرّاتٍ وَالْتَمِسُوا العِلْمَ عِنْدَ أَرْبَعَةِ رَهْطٍ: عِنْدَ عُوَيْمِر أبي الدّرْدَاءِ وَعِنْدَ سَلْمَانَ الفَارِسِيّ وَعِنْدَ عَبْد اللّهِ بنِ مَسْعُودٍ وعِنْدَ عَبْدِ اللّهِ بنِ سَلاَمٍ الّذِي كَانَ يَهُودِيّا فَأَسْلَمَ. فإِنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِنّهُ عَاشِرُ عَشَرَةٍ فِي الجَنّةِ". قال وفي البابِ عَن سَعْدٍ قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَن صحيح غَرِيبٌ. - قوله: (عن ابن أخي عبد الله بن سلام قال لما أريد قتل عثمان الخ) تقدم هذا الحديث مع شرحه في تفسير سورة الأحقاف. - قوله: (أخبرنا الليث) ابن سعد (عن معاوية بن صالح) بن حدير الحضرمي الحمصي (عن ربيعة بن يزيد) الدمشقي (عن يزيد بن عميرة) بفتح العين الحمصي الزبيدي أو الكندي وقيل غير ذلك ثقة من الثانية. قوله: (يا أبا عبد الرحمن) كنية معاذ (إن العلم والإيمان مكانهما) أي في مكانهما (من ابتغاهما) أي طلبهما (والتمسوا العلم) أي أطلبوه أو المراد من العلم علم الكتاب والسنة (عند أربعة رهط) أي نفر والرهط ما دون العشرة من الرجال لا يكون فيهم امرأة (عند عويمر) بضم العين وفتح الواو مصغراً اسم ألدبي رداء (الذي كان يهودياً فأسلم) صفة كاشفة، قال الطيبي ليس بصفة مميزة لعبد الله لأنه لا يشارك في اسمه غيره بل هو مدح له في التوصية بالتماس العلم منه لأنه جمع بين الكتابين (أنه) أي عبد الله بن سلام (عاشر عشرة في الجنة) أي مثل عاشر عشرة ونحوه أبو يوسف وأبو حنيفة إذ ليس هو من العشرة المبشرة كذا ذكره ميرك وهو قول الطيبي، أو المعنى يدخل بعد تسعة نفر من الصحابة في الجنة ذكره السيد جمال الدين، قال القاري: وفيه أن يلزم تقدمه على بعض العشرة فلعله العاشر من الذين أسلموا من اليهود أو مما عدا العشرة المبشرة فيدخل الجنة بعد تسعة عشر من الصحابة. قوله: (وفي الباب عن سعد) أخرجه أحمد وأبو يعلى والبزار وفيه عاصم بن بهدلة وفيه خلاف. وبقية رجالهم رجال الصحيح. قوله: (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه النسائي.
هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن هذيل أبو عبد الرحمن الهذلي، وأمه أم عبد بنت عبدود بن سوا من هذيل أيضاً أسلمت وصحبت فلذلك نسب إليها أحياناً، ومات أبوه في الجاهلية وكان هو من السابقين، وقد روى ابن حبان من طريقه أنه كان سادس ستة في الإسلام وهاجر الهجرتين وشهد بدراً والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي بيت المال بالكوفة لعمر وعثمان وقدم في أواخر عمره المدينة ومات في خلافة عثمان سنة اثنتين وثلاثين وقد جاوز الستين وكان من علماء الصحابة وممن انتشر علمه بكثرة أصحابه والاَخذين عنه 3965- حَدّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بنُ إسْمَاعِيلَ بنِ يَحْيـى بنِ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ حَدّثَنِي أَبِي، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَلَمَة بنِ كُهَيْلٍ، عَن أَبي الزّعْرَاءِ، عَن ابنِ مَسْعُودٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "اقْتَدُوا باللّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي مِنْ أَصْحَابِي أبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ واهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمّارٍ وَتَمَسّكُوا بِعَهْدِ ابنِ مَسْعُودٍ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حسن غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ لا نَعْرِفهُ إلاّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيـى بنِ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، ويَحْيـى بنُ سَلَمَةَ يُضَعّفُ في الحَدِيثِ وأَبُو الزّعْرَاءِ اسْمُه عَبْد اللّهِ بنِ هَانِيءٍ، وَأَبُو الزّعْرَاءِ الّذِي رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ والثّورِيّ وابنُ عُيَيْنَةَ اسْمُهُ عَمْرُو بنُ عَمْروٍ وَهُوَ ابنُ أخِي أَبي الأحْوَصِ صَاحِبِ عبد الله بنِ مَسْعُودٍ. 3966- حَدّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ أخبرنا إِبْرَاهِيمُ بنُ يُوسُفَ بنِ أبِي إسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبي إِسْحَاقَ عَن الأَسْوَدِ بنِ يَزِيدَ أنّهُ سَمِعَ أَبَا مُوسَى يَقُولُ "لَقَدْ قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ اليَمَنِ وَمَا نُرَى حِيناً إِلاّ أنّ عَبْدَ اللّهِ بنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ مِنْ أهْلِ بَيْتِ النبيّ صلى الله عليه وسلم لِمَا نَرَى مِنْ دُخُولِهِ وَدُخُولِ أُمّهِ عَلَى النبيّ صلى الله عليه وسلم". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريب من هذا الوجه وَقَدْ رَوَاهُ سُفْيَان الثّوْرِي عَن أبي إسْحَاقَ. 3967- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، حدثنا عَبْدُ الرّحْمَنِ بنُ مَهْدِيّ، حدثنا إِسْرَائِيلُ، عَن أَبِي إسْحَاقَ، عَن عَبْدِ الرّحْمَنِ بنِ يَزِيدَ قَالَ: "أتَيْنَا حذيْفَةَ فَقُلْنا حَدّثْنَا بِأقْرَبِ النّاسِ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم هَدْياً وَدَلاّ فَنَأْخُذَ عَنْهُ وَنَسْمَعَ مِنْهُ، قَالَ كَانَ أَقْرَبُ النّاسِ هَدْياً وَدَلاّ وَسَمْتاً بِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ابنُ مَسْعُودٍ حَتّى يَتَوَارى مِنّا في بَيْتِهِ وَلَقَدْ عَلِمَ المَحْفُوظُونَ مِنْ أصْحَابِ محمد صلى الله عليه وسلم أنّ ابنَ أُمّ عَبْدٍ هُوَ مِنْ أَقْرَبِهِمْ إلى اللّهِ زُلْفى". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. 3968- حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بنِ عَبْدِ الرحْمَنِ، أخبرنا صَاعِدٌ الحَرّانِيّ، حدثنا زُهَيْرٌ حدثنا مَنْصُورٌ عَن أبي إِسْحَاقَ عَن الْحَارِثِ عَن عَلِيّ قالَ قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كُنْتُ مُؤَمّراً أحَداً مِنْ غَيْرِ مَشورةٍ مِنْهُمْ لأَمّرْتُ عَلَيْهِمْ ابنَ أُمّ عَبْدٍ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ غريب إِنّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ عَن عَلِيّ. 3969- حَدّثَنَا سُفْيَانُ بنُ وَكِيعٍ حدثنا أَبي عَن سُفْيَانَ الثّوْرِيّ عَن أبي إسْحَاقَ عَن الحَارِثِ عَن عَلِيّ قالَ قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كُنْتُ مُؤَمّراً أَحَداً مِنْ غَيْرِ مَشورَةٍ لأَمّرْتُ ابنَ أُمّ عَبْدٍ". 3970- حَدّثَنَا هَنّادٌ حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَن الأَعْمَش عَن شَقِيقِ بنِ سَلَمَةَ عَن مَسْرُوقٍ عَن عَبْدِ اللّهِ بنِ عَمْروٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "خُذُوا القُرآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِن ابنِ مَسْعُودٍ وأُبَيّ بنِ كَعْبٍ وَمُعاذِ بنِ جَبَلٍ وَسَالِمٍ مَوْلَى أبي حُذَيْفَةَ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. 3971- حَدّثَنَا الْجَرّاحُ بنُ مَخْلَدٍ البَصْرِيّ، حدثنا مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ حدثني أبي، عَن قَتَادَةَ، عن خَيْثَمَةَ بنِ أبِي سَبْرَةَ قَالَ: "أَتَيْتُ المَدِينَةَ فَسَأَلْتُ اللّهَ أَنْ يُيَسّرَ لِي جَلِيساً صَالِحاً فَيَسّرَ لِي أَبَا هُرَيْرَةَ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ إنّي سَألْتُ اللّهَ أَنْ يُيَسّرَ لِي جَلِيساً صَالِحاً فَوُفّقْتَ لِي فَقَال لي مِنْ أيْنَ أنْتَ؟ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ جِئْتُ ألْتَمِسَ الْخَيْرَ وَأطْلُبُهُ فَقَالَ أَلَيْسَ فِيكُمْ سَعْدُ بنُ مَالِكٍ مُجَابُ الدّعْوَةِ وابنُ مَسْعُودٍ صَاحِبُ طَهُورِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ونَعْلَيْهِ وحُذَيْفَةُ صَاحِبُ سِرّ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَمّارٌ الّذِي أَجَارَهُ اللّهُ مِنَ الشّيْطَانِ عَلَى لِسَانِ نَبِيّيهِ وَسَلْمَانُ صَاحِبُ الكِتَابَيْنِ، قَالَ قَتَادَةُ والكِتَابَانِ الإِنْجِيلُ والفرقانُ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ وَخَيْثَمَة هُوَ ابنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ بنِ أَبي سَبْرَةَ إنما نُسِبَ إلى جَدّهِ. - قوله: (حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل) الحضرمي أبو إسحاق الكوفي ضعيف من الحادية عشرة (حدثني أبي) هو إسماعيل بن يحيى متروك من العاشرة (عن أبيه) هو يحيى بن سلمة بن كهيل بالتصغير الحضرمي أبو جعفر الكوفي متروك وكان شيعياً من التاسعة. قوله: (وتمسكوا بعهد بن مسعود) أي بوصيته وفي المشكاة: وتمسكوا بعهد بن أم عبد، قال التوربشتي يريد عهد عبد الله بن مسعود وهو ما يعهد إليه فيوصيهم به، وأرى أشبه الأشياء بما يراد من عهده أمر الخلافة فإن أول من شهد بصحتها وأشار إلى استقامتها من أفاضل الصحابة وأقام عليها الدليل فقال لا نؤخر من قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا نرضى لدنيانا من ارتضاه لديننا، ومما يؤيد هذا المعنى المناسبة الواقعة بين أول الحديث وآخره ففي أوله: "اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر" وفي آخره: "وتمسكوا بعهد ابن أم عبد"، ومما يدل على صحة ما ذهبنا إليه قوله في حديث حذيفة: "وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه". هذا إشارة إلى ما أسر إليه من أم الخلافة في الحديث الذي نحن فيه، ويشهد لذلك الاستدراك الذي أوصله بحديث الخلافة فقال "لو استخلفت عليكم فعصيتموه عذبتم ولكن ما حدثكم حذيفة فصدقوه"، وحذيفة هو الذي يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا بالذين من بعدي". ولم أر في التعريض بالخلافة في سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوضح من هذين الحديثين ولا أصح من حديث أبي سعيد: "سدوا عني كل خوخة إلا خوخة أبي بكر رضي الله عنه". قوله: (وأبو الزعراء) بفتح الزاي وسكون المهملة وبالراء (اسمه عبد الله بن هانئ) في التقريب عبد الله بن هانئ أبو الزعراء الأكبر الكوفي وثقه العجلي من الثانية (اسمه عمرو بن عمرو) في التقريب عمرو بن عمرو أو ابن عامر بن مالك بن نضلة الجشمي بضم الجيم وفتح المعجمة أبو الزعراء بفتح الزاي وسكون المهملة الكوفي ثقة من السادسة انتهى. ويقال له أبو الزعراء الأصغر وهو يروي عن عمه أبي الأحوص عوف بن مالك وعكرمة وعبيد الله بن عبيد الله (وهو) أي أبو الزعراء عمرو بن عمرو (ابن أخي أبي الأحوص) اسم أبي الأحوص هذا عوف بن مالك بن نضلة الجشمي (صاحب ابن مسعود) أي تلميذه وهو بالجر بدل من أبي الأحوص. - قوله: (حدثنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق) السبيعي الكوفي (عن أبيه) أي يوسف بن أبي إسحاق السبيعي (عن أبي إسحاق) السبيعي (سمع أبا موسى) أي الأشعري (لقد قدمت أنا وأخي) كان لأبي موسى أخوان أبو رهم وأبو بردة وقيل أن له أخاً آخر اسمه محمد وأشهرهم أبو بردة واسمه عامر وقد خرج عنه أحمد في مسنده حديثاً (وما نرى) بضم النون وفتح الراء أي لأنظن (حيناً) أي زماناً، وفي رواية البخاري في المناقب: فمكثنا حيناً ما نرى (لما نرى من دخوله الخ) اللام فيه للتعليل وكلمة ما مصدرية أي لأجل رؤيتنا من دخول عبد الله بن مسعود ودخول أمه على النبي صلى الله عليه وسلم وذلك يدل على خصوصيته بملازمة النبي صلى الله عليه وسلم وفيه دلالة على فضله وخيره. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان والنسائي (وقد رواه سفيان الثوري عن أبي إسحاق) أخرج هذه الرواية مسلم في صحيحه. - قوله: (أخبرنا إسرائيل) هو ابن يونس (عن أبي إسحاق) السبيعي (عن عبد الرحمن بن يزيد) بن قيس النخعي الكوفي قوله: (حدثنا بأقرب الناس) أي أخبرنا برجل أقرب الناس (هدياً) بفتح الهاء وسكون الدال أي طريقة وسيرة (ودلاً) بفتح الدال المهملة وتشديد اللام أي سيرة وحالة وهيئة وكأنه مأخوذ مما يدل ظاهر حاله على حسن فعاله (وسمتاً) السمت بفتح السين وسكون الميم وهو الهيئة الحسنة (حتى يتوارى منا) يريد أنا نشهد ما يستبين لنا من ظاهر حاله ولا ندري وما بطن له قال ذلك من غاية استغراب طريقته وحاله وحسنه وكماله (ولقد علم المحفوظون) أي الذين حفظهم الله من تحريف في قول أو فعل (أن ابن أم عبد) هو عبد الله بن مسعود، وكانت أمه تكنى أم عبد (من أقربهم) أي من أقرب الناس (زلفاً) كذا في النسخ الحاضرة زلفاً بالألف والظاهر أن يكون زلفى بالياء وهو اسم مصدر بوزن قربى ومعناه أي هو من أقربهم إليه تعالى قربة. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه البخاري والنسائي. - قوله: (حدثنا زهير) هو ابن معاوية (أخبرنا منصور) بن المعتمر (عن أبي إسحاق) السبيعي (عن الحارث) هو ابن عبد الله الأعور. - قوله: (لو كنت مؤمراً) بتشديد الميم المكسورة أي عاجل أحداً أميراً (من غير مشورة) بفتح فسكون ففتح، وفي الجامع الصغير "لو كنت مؤمراً على أمتي أحداً من غير مشورة منهم لأمرت عليهم ابن أم عبد". قال التوربشتي: ومن أي وجه روى هذا الحديث فلا بد أن يأول على أنه صلى الله عليه وسلم أراد به تأميره على جيش بعينه أو استخلافه في أمر من أموره حال حياته ولا يجوز أن يحمل على غير ذلك فإنه وإن كان من العلم والعمل بمكان وله الفضائل الجمة والسوابق الجلة، فإنه لم يكن من قريش وقد نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن هذا الأمر في قريش فلا يصح حمله إلا على الوجه الذي ذكرناه. قوله: (هذا حديث إنما نعرفه من حديث الحارث عن علي) وأخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم والحارث فيه ضعف كما مر مراراً. - قوله: (خذوا القرآن) وفي رواية الشيخين استقرأوا القرآن أي أطلبوا القراءة (من ابن مسعود الخ) بيان للأربعة وتخصيص هؤلاء الأربعة بأخذ القرآن عنهم إما لأنهم كانوا أكثر ضبطاً له وأتقن لأدائه أو لأنهم تفرغوا لأخذه منه مشافهة وتصدوا لأذائه من بعده فلذلك ندب إلى الأخذ عنهم لا أنه لم يجمعه غيرهم، قاله الحافظ وسالم مولى أبي حذيفة. هذا هو سالم بن معقل كان من أهل فارس من اصطخر وكان من السابقين الأولين، وقد أشير في هذا الحديث إلى أنه كان عارفاً بالقرآن وكان يؤم المهاجرين بقباء لما قدموا من مكة وشهد بدراً وما بعدها. وكان مولى لامرأة من الأنصار فتبناه أبو حذيفة لما تزوجها فنسب إليه واستشهد باليمامة، وأما مولاه أبو حذيفة فهو ابن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وكان من أكابر الصحابة وشهد بدراً مع النبي صلى الله عليه وسلم وقتل أبوه يومئذ كافراً فساءه ذلك فقال كنت أرجو أن يسلم كما كنت أرى من عقله واستشهد باليمامة. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان والنسائي. - قوله: (حدثنا الجراح بن مخلد) العجلي البصري القزاز ثقة من العاشرة (حدثنا معاذ بن هشام) ابن أبي عبد الله الدستوائي البصري (حدثني أبي) أي هشام الدستوائي (عن خيثمة بن أبي سبرة) في التقريب خيثمة بن عبد الرحمن أبي سبرة بفتح المهملة وسكون الموحدة الجعفي الكوفي ثقة، وكان يرسل من الثالثة قوله: (أن ييسر) من التيسير أي يسهل (جليساً صالحاً) أي مجالساً يصلح أن يجلس معه ويستفاد من المجالسة (فوفقت) بضم الواو وبكسر الفاء المشددة وفتح الفوقية أي جعلت وفقاً لنا وهو من الموافقة التي هي كالالتحام يقال أتانا لتيفاق الهلال وميفاقه أي حين أهل لا قبله ولا بعده وهي نقطة تدل على صدق الاجتماع والالتيام. قاله النووي (التمس الخير) أي العلم المقرون بالعمل المعبر عنهما بالحكمة التي قال الله فيها {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً} وقد يقال لا خير خير منه أو لا خير غيره (وأطلبه) عطف تفسير (أليس فيكم) أي في بلدكم (سعد بن مالك) هو سعد بن أبي وقاص (مجاب الدعوة) قد تقدم ذكره وبيان إجابة دعوته في مناقبه (صاحب طهور رسول الله صلى الله عليه وسلم) بفتح الطاء أي ما يطهر به فإنه كان صاحب مطهرته صلى الله عليه وسلم ونعليه وكذا صاحب وسادته ونحوها مما يدل على كمال خدمته وقربه (وحذيفة صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم) المراد بالسر ما أعلمه به النبي صلى الله عليه وسلم أموراً من أحوال المنافقين وأموراً من الذي يجري بين هذه الأمة فيما بعده وجعل ذلك سراً بينه وبينه (وعمار الذي أجاره الله من الشيطان على لسان نبيه) قال ابن التين: المراد بقوله على لسان نبيه قول النبي صلى الله عليه وسلم "ويح عمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار" قال الحافظ: وهو محتمل، ويحتمل أن يكون المراد بذلك حديث عائشة مرفوعاً: "ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما". أخرجه الترمذي، ولأحمد من حديث ابن مسعود مثله أخرجهما الحاكم فكونه يختار أرشد الأمرين دائماً يقتضي أنه قد أجير من الشيطان الذي من شأنه الأمر بالغي. ولابن سعد في الطبقات من طريق الحسن قال: قال عمار نزلنا منزلاً فأخذت قربتي ودلوي لأستقي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سيأتيك من يمنعك من الماء" فلما كنت على رأس الماء إذا رجل أسود كأنه عرس فصرعته فذكر الحديث وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ذاك الشيطان"، فلعل ابن مسعود أشار إلى هذه القصة، ويحتمل أن تكون الإشارة بالإجارة المذكورة إلى ثباته على الإيمان لما أكرهه المشركون على النطق بكلمة الكفر فنزلت فيه {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}. (وسلمان صاحب الكتابين) سلمان هذا هو سلمان الفارسي، ويقال سلمان الخير، والمراد بالكتابين الإنجيل والقرآن فإنه آمن بالإنجيل قبل نزول القرآن وعمل به ثم آمن بالقرآن أيضاً. تنبيه: توارد أبو الدرداء في وصف المذكورين غير سلمان مع أبي هريرة بما وصفهم به. فروى البخاري في صحيحه من طريق علقمة قال: قدمت الشام فصليت ركعتين ثم قلت اللهم يسر لي جليساً صالحاً فأتيت قوماً فجلست إليهم فإذا شيخ قد جاء حتى جلس إلى جنبي. قلت من هذا؟ قالوا أبو الدرداء. قلت إني دعوت الله أن ييسر لي جليساً صالحاً فيسرك لي. قال ممن أنت؟ قلت من أهل الكوفة. قال أو ليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين والوسادة والمطهرة أو ليس فيكم الذي أجاره الله من الشيطان؟ يعني على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم. أو ليس فيكم صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يعلم أحد غيره؟ ثم قال: كيف يقرأ عبد الله {والليل إذا يغشى} الحديث.
هو حذيفة بن اليمان بن جابر بن عمرو العبسي بالموحدة حليف بني عبد الأشهل من الأنصار أسلم وهو من القدماء في الإسلام ولي بعض أمور الكوفة لعمرو ولي إمرة المدائن ومات بعد قتل عثمان بيسير بها 3972- حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ أخبرنا إسْحَاقُ بنُ عِيسَى عَن شريكٍ عَن أَبي اليَقْظَانِ عَن زَاذَانَ عَن حُذَيْفَةَ قالَ "قالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ لوْ اسْتَخْلَفْتَ؟ قالَ: إن اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكم فَعَصَيْتُمُوهُ عُذّبْتُمْ وَلَكِنْ مَا حَدّثَكُمْ حُذَيْفَةُ فَصَدّقُوهُ وَمَا أقْرَأَكُمْ عَبْدُ اللّهِ فَاقْرَؤُوهُ. قالَ عَبْدُ اللّهِ فَقُلْتُ لإِسْحَاقَ بنِ عِيسَى يَقُولُونَ هَذَا عَن أبِي وَائِلٍ قالَ لاَ عَنْ زَاذَانَ إِنْ شَاءَ اللّهُ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ وَهُوَ حَدِيثُ شَرِيكٍ. - قوله: (أخبرنا إسحاق بن عيسى) هو ابن الطباع (عن أبي اليقظان) اسمه عثمان بن عمير البجلي الكوفي (عن زاذان) كنيته أبو عمر الكندي الكوفي قوله: (قالوا) أي بعض الصحابة بعد امتناعه من الاستخلاف (لو استخلفت) قال الطيبي: لو هذه للتمني أي ليتنا أو الامتناعية وجوابه محذوف أي لكان خيراً (إن استخلفت عليكم) أي أحداً (فعصيتموه) أي استخلافي أو مستخلفي (عذبتم) بصيغة المجهول من التعذيب، قال الطيبي عذبتم جواب الشرط ويجوز أن يكون مستأنفاً والجواب فعصيتموه والأول أوجه لما يلزم من الثاني أن يكون الاستخلاف سبباً للعصيان، والمعنى أن الاستخلاف المستعقب للعصيان سبب للعذاب، وقوله: "ولكن ما حدثكم حذيفة فصدقوه وما أقرأكم عبد الله أي ابن مسعود فاقرؤوه" من الأسلوب الحكيم لأنه زيادة على الجواب. كأنه قيل: لا يهمكم استخلافي فدعوه ولكن يهمكم العمل بالكتاب والسنة فتمسكوا بهما، وخص حذيفة لأنه كان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنذرهم من الفتن الدنيوية، وعبد الله بن مسعود لأنه كان منذرهم من الأمور الأخروية. وقال القاري الأظهر أنه استدراك من مفهوم ما قبله والمعنى: ما استخلف عليكم أحداً ولكن الخ. ثم وجه اختصاصهما بهذا المقام أنهما شاهدان على خلافة الصديق على ما تقدم، ففيه إشارة إلى الخلافة دون العبادة لئلا يترتب على الثاني شيء من المعصية الموجبة للتعذيب بخلاف الأول فإنه يبقى للاجتهاد مجال انتهى كلام القاري. قلت أشار القاري بقوله (على ما تقدم) إلى ما ذكرنا في شرح حديث ابن مسعود في مناقبه. قوله: (قال عبد الله) أي ابن عبد الرحمن الدارمي المذكور (يقولون هذا عن أبي وائل) أي يقولون هذا الحديث مروي عن أبي وائل عن حذيفة (قال) أي إسحاق بن عيسى (لا) أي ليس الأمر كما يقولون (عن زاذان) أي بل هو مروي عن زاذان عن حذيفة، وأبو وائل هذا هو شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي.
هو مولى النبي صلى الله عليه وسلم وهو من بني كلب أسر في الجاهلية فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة فاستوهبه النبي صلى الله عليه وسلم منها ذكر قصته محمد بن إسحاق في السيرة وأن أباه وعمه أتيا مكة فوجداه فطلبا يفدياه فخيره النبي صلى الله عليه وسلم بين أن يدفعه إليهما أو يثبت عنده؟ فاختار أن يبقى عنده واستشهد في غزوة مؤتة 3973- حَدّثَنَا سُفْيَانُ بنُ وَكِيعٍ حدثنا مُحمّدُ بنُ بَكْرٍ عَن ابنِ جُرَيْجٍ عَن زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ عَن أَبِيهِ عَن عُمَرَ "أَنّهُ فَرَضَ لأُسَامَةَ بن زيد في ثَلاَطثَةِ آلافٍ وَخَمْسِمائَةٍ وَفَرَضَ لِعَبْدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ في ثَلاَثَةِ آلافٍ فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بنِ عُمَرَ لأَبِيهِ لِمَ فَضّلْتَ أُسَامَةَ عَلَيّ فَوَاللّهِ مَا سَبَقَنِي إلى مَشْهَدٍ. قالَ لأِنّ زَيْداً كَانَ أَحَبّ إِلى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَبِيكَ وَكانَ أُسَامَةُ أحَبّ إلى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكَ فَآثَرْتُ حُبّ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حُبّي". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ. 3974- حَدّثَنَا قُتَيْبَةُ حدثنا يَعْقُوبُ بنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ، عن مُوسَى بنِ عُقْبَةَ، عَن سَالِمِ بنِ عَبْدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ عَن أَبيهِ قَالَ "مَا كُنّا نَدْعُو زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ إِلاّ زَيْدَ بنَ مُحمّدٍ حَتّى نَزَلَتْ {أُدْعُوهُمْ لاَِبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللّهِ}. قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. 3975- حَدّثَنَا الْجَرّاحُ بنُ مَخْلَدٍ البصري وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالُوا حدثنا مُحمّدُ بنُ عُمَرَ بنِ الرّومِيّ حدثنا عَلِيّ بنُ مُسْهِرٍ عَن إسْمَاعِيلَ بنِ أَبي خَالِدٍ عن أَبي عَمْروٍ الشّيْبَانيّ قالَ أَخْبَرَنِي جَبَلَةُ بنُ حَارِثَةَ أخُو زَيْدٍ قَالَ "قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللّهِ ابْعَثْ مَعِي أَخِي زَيْداً. قَالَ هُوَ ذَا قال فَإِن انْطَلَقَ مَعَكَ لَمْ أَمْنَعْهُ، قَالَ زَيْدٌ يَا رَسُولَ اللّهِ واللّهِ لاَ أَخْتَارُ عَلَيكَ أَحَداً، قَالَ فَرَأَيْتُ رَأْيَ أَخِي أفْضَلَ مِنْ رَأْيـي" قال هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ حَدِيثِ ابنِ الرّومِيّ عَن عَلِيّ بنِ مُسْهِرٍ. 3976- حَدّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الْحَس أخبرنا عَبْدُ اللّهِ بنِ مَسْلَمَةَ عَن مَالِكِ بنِ أَنَسٍ عَن عَبْدِ اللّهِ بنِ دِينَارٍ عَن ابنِ عُمَرَ "أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بَعْثاً وَأَمّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ فَطَعَنَ النّاسُ فِي إِمَارَتِهِ فَقَالَ النبيّ صلى الله عليه وسلم إِنْ تَطْعَنُوا فِي إمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إمْرَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ وَأَيْمُ اللّهِ إنْ كانَ لَخِليقاً للإِمَارَةِ وإِنْ كَانَ مِنْ أحَبّ النّاسِ إِلَيّ وإِنّ هَذَا مِنْ أحَبّ النّاسِ إِلَيّ بَعْدَه". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. 3977- حَدّثَنَا عَلِيّ بنُ حُجرٍ حدثنا إِسْمَاعِيلُ بنُ جَعْفَرٍ عَن عَبْدِ اللّهِ بنِ دِينَارٍ عَن ابنِ عُمَرَ س/ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ حَدِيثَ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ. - قوله: (حدثنا محمد بن بكر) هو البرساني البصري (عن زيد بن أسلم) العدوي (عن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (أنه فرض) أي قدر في إمارته وظيفة (لأسامة) أي ابن زيد بن حارثة (في ثلاثة آلاف وخمسمائة) أي من أموال بيت المال رزقاً له (في ثلاثة آلاف) أي بنقص خمسمائة من وظيفة أسامة (لم فضلت أسامة علي) أي في الوظيفة المشعرة بزيادة الفضيلة (ما سبقني إلى مشهد) أراد بالمشهد مشهد القتال ومعركة الكفار (لأن زيداً) أي والد أسامة (من أبيك) فيه دليل على أنه لا يلزم من كون أحد أحب أن يكون أفضل (فآثرت) من الإيثار أي اخترت (حب رسول الله صلى الله عليه وسلم) بكسر الحاء وقد يضم أي محبوبه (على حبي) أي مع قطع النظر عن ملاحظة الفضيلة بل رعاية لجانب المحبة وإيثاراً للمودة ومخالفة لما تشتهيه النفس من مزية الزيادة الظاهرة. - قوله: (قال ما كنا ندعو زيد بن حارثة الخ) تقدم هذا الحديث مع شرحه في تفسير سورة الأحزاب. - قوله: (حدثنا الجراح بن مخلد) العجلي البصري القزاز (أخبرنا محمد بن عمر ابن الرومي) الباهلي البصري (عن أبي عمرو الشيباني) اسمه سعد بن إياس الكوفي (أخبرني جبلة) بجيم وموحدة مفتوحتين (بن حارثة) الكلبي أخو زيد صحابي قوله: (أبعث) أي أرسل (زيداً) بدل من أخي (هوذا) هو عائد إلى زيد وذا إشارة إليه أي هو حاضر مخير (لم أمنعه) أي فإني أعتقته (لا أختار عليك) أي على ملازمتك (قال) أي جبلة (فرأيت) أي تعلمت بعد ذلك (رأى أخي) أي زيد (أفضل من رأيي) حيث اختار الملازمة لحضرة المتفرع عليه الدنيا والاَخرة. - قوله: (حدثنا أحمد بن الحسن) بن جنيدب الترمذي (حدثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن عبد الله بن دينار) العدوي. قوله: (بعث بعثاً) أي أرسل جيشاً وهو البعث الذي أمر بتجهيزه في مرض وفاته، وقال أنفذ وأبعث أسامة فأنفذه أبو بكر رضي الله عنه بعده قاله الحافظ (وأمر) بتشديد الميم أي جعل أميراً (فطعن الناس) بفتح العين يقال طعن يطعن بالفتح في العرض والنسب وبالضم بالرمح واليد ويقال هما لغتان فيهما (في إمرته) بكسر الهمزة وسكون الميم أي في إمارته (في إمرة أبيه من قبل) يشير إلى إمارة زيد بن حارثة في غزوة مؤتة، وعند النسائي عن عائشة قالت: ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في جيش قط إلا أمره عليهم (وأيم الله) بهمزة وصل وقيل قطع أي والله (إن) مخففة من الثقيلة أي الشأن (كان) أي أبوه (لخليقاً للإمارة) أي لجديراً وحقيقاً لها لفضله وسبقه وقربه مني (وإن كان) أي أبوه وإن هذه أيضاً مخففة من الثقيلة (وإن هذا) أي أسامة (بعده) أي بعد أبيه زيد بن حارثة، وفيه جواز إمارة المولى وتولية الصغار على الكبار والمفضول على الفاضل لأنه كان في الجيش الذي كان عليهم أسامة أبو بكر وعمر. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان. قوله: (أخبرنا إسماعيل بن جعفر) بن أبي كثير الأنصاري الزرقي.
كان الصحابة يسمونه حب رسول الله صلى الله عليه وسلم بكسر المهملة أي محبوبه لما يعرفون من منزلته عنده لأن كان يحب أباه قبله حتى تبناه فكان يقال له زيد بن محمد وأمه أم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هي أمي بعد أمي وكان يجلسه على فخذه بعد أن كبره مات بالمدينة سنة أربع وخمسين 3978- حَدّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ أخبرنا يُونُسُ بنُ بُكَيْرٍ عَن مُحمّدِ بنِ إِسْحَاقَ عَن سَعِيدِ عن عُبَيْدِ بنِ السّبّاقِ عَن مُحمّدِ بنِ أُسَامَةَ بنِ زَيْد عَن أبيهِ قَالَ "لَمّا ثَقُلَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم هَبَطْتُ وَهَبَطَ النّاسُ المَدِينَةَ فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وقَدْ أصْمَتَ فَلَمْ يَتَكَلّمَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَيّ وَيَرْفَعُهُمَا فَأَعْرِفُ أنّهُ يَدْعُو لِي". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. 3979- حَدّثَنَا الْحُسَيْنُ بنُ حُرَيْثٍ أخبرنا الفَضْلُ بنُ مُوسَى عَن طَلْحَةَ بنِ يَحْيَـى عَن عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَن عَائِشَةَ أُمّ المُؤْمِنِينَ قَالَتْ "أرَادَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُنَحىَ مُخَاطَ أُسَامَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ دَعْنِي حَتّى أكون أنَا الّذِي أَفْعَلُ قَالَ يَا عَائِشَةُ أَحِبّيه فَإِنّي أُحِبّهُ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. 3980- أخبرنا محمَدُ بنُ الحَسَنِ حدثنا مُوسَى بنُ إِسْمَاعِيلَ حدثنا أَبُو عَوَانَةَ حدثنا عمَرُ بنُ أَبي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ عن أبِيهِ أخْبَرَنِي أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ قَالَ "كُنْتُ جَالِساً عند النبيّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَ عَلِيّ والعَبّاسُ يَسْتَأْذِنَانِ فَقَالاَ يَا أُسَامَةَ اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللّهِ عَلِيّ والعَبّاسُ يَسْتَأْذِنَانِ فَقَالَ أَتَدْرِي مَا جَاءَ بِهِمَا؟ قُلْتُ لاَ أدري. فَقَالَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لَكِنّي أَدْرِي فأذن لَهُمَا. فَدَخَلاَ فَقَالاَ يَا رَسُولَ اللّهِ جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ أَيّ أَهْلِكَ أحَبّ إلَيْكَ؟ قَالَ فَاطِمَةُ بِنتُ مُحمّدٍ فَقَالاَ ما جِئنَاكَ نَسْأَلُكَ عَن أَهْلِكَ قَالَ أَحَبّ أَهْلِي إلَيّ مَنْ قدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِ وَأنْعَمْتُ عَلَيْهِ أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، قَالاَ ثُمّ مَنْ؟ قَالَ ثُمّ عَلِيّ بنُ أَبي طَالِبٍ، فَقَالَ العَبّاسُ يَا رَسُولَ اللّهِ جَعَلْتَ عَمّكَ آخِرَهمْ قَالَ لأنّ عَلِيّا قَدْ سَبَقَكَ بالهِجْرَةِ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيح وكَانَ شُعْبَةُ يُضَعّفُ عُمَرَ بنَ أبِي سَلَمَةَ. - قوله: (عن محمد بن إسحاق) هو صاحب المغازي (عن محمد بن أسامة بن زيد) بن حارثة الكلبي المدني ثقة من الثالثة. قوله: (لما ثقل) بضم القاف أي ضعف هبطت أي نزلت من مسكني الذي كان في عوالي المدينة (وهبط الناس) أي الصحابة جميعهم من منازلهم قيل إنما قال هبطت لأنه كان يسكن العوالي والمدينة من أي جهة توجهت إليها صح فيها الهبوط لأنها واقعة في غائط من الأرض ينحدر إليها السيل وأطرافها ونواحيها من الجوانب كلها مستعلية عليها (وقد اصمت) على بناء المفعول من الإصمات يقال اصمت العليل إذا اعتقل لسانه (فأعرف أنه يدعو لي) أي لمحبته. - قوله: (أخبرنا الفضل بن موسى) السيناني المروزي (عن طلحة بن يحيى) بن طلحة بن عبيد الله التيمي. قوله: (أن ينحي) بتشديد الحاء المكسورة من التنحية أي يزيل (مخاط أسامة) بضم الميم وهو ما يسيل من الأنف (دعني) أي اتركني (أنا الذي أفعل) أي ذلك. - قوله: (أخبرنا أحمد بن الحسن) بن جنيدب الترمذي (أخبرنا موسى بن إسماعيل) المنقري (حدث عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني. قوله: (كنت جالساً) أي عند باب النبي صلى الله عليه وسلم (يستأذنان) أي يطلبان الإذن في دخولهما (ما جاء بهما) أي ما سبب مجيئهما (ما جئناك نسألك عن أهلك) أي عن أزواجك وأولادك بل نسألك عن أقاربك ومتعلقيك (من قد أنعم الله عليه) أي بالإسلام والهداية (وأنعمت عليه) أي أنا بالعتق والتبني وهذا وإن ورد في حق زيد لكن أبنه تابع له في حصول الإنعامين. قال الطيبي: أي أهلك أحب إليك مطلق ويراد به المقيد أي من الرجال بينه ما بعده وهو قوله أحب أهلي إلي من قد أنعم الله عليه وفي نسخ المصابيح قوله: ما جئناك نسألك عن أهلك مقيد بقوله من النساء وليس في جامع الترمذي وجامع الأصول هذه الزيادة ولم يكن أحد من الصحابة إلا وقد أنعم الله عليه وأنعم عليه رسوله إلا أن المراد المنصوص عليه في الكتاب وهو قوله تعالى {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه} وهو زيد لا خلاف في ذلك ولا شك وهو وإن نزل في حق زيد لكنه لا يبعد أن يجعل أسامة تابعاً لأبيه في هاتين النعمتين وحل ما حل من الله تعالى في التنزيل من الإنعام على بني إسرائيل نحو أنعمت عليكم نعم أسداها إلي آبائهم (جعلت عمك آخرهم) أي آخر أهلك (سبقك بالهجرة) أي وكذا بالإسلام فهذا أوجب تقديم الأحبية المترتبة على الأفضلية لا على الأقربية.
هو جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك البجلي وكنيته أبو عمرو نزل الكوفة ثم نزل قرقيسيا وبها مات سنة إحدى وخمسين وكان سيداً مطاعاً مليحاً طوالاً بديع الجمال صحيح الإسلام كبير القدر قال صلى الله عليه وسلم: على وجهه مسحة ملك، وعن عمر رضي الله عنه قال أنه يوسف هذه الأمة، ولما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرمه وبسط له ردءه وقال: "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه". رواه الطبراني في الأوسط من حديث قيس عنه، واختلف في وقت إسلامه والصحيح أنه في سنة الوفود سنة تسع وكان موته سنة خمسين وقيل بعدها 3981- حَدّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنِيعٍ حدثنا مُعَاوِيَةُ بنُ عَمْروٍ الأَزدِي، حدثنا زَائِدَةُ، عَن بَيَانٍ، عَن قَيْسِ بنِ أَبي حَازِمٍ، عَن جَرِيرِ بنِ عَبْدِ اللّهِ قَالَ: "مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مُنْذُ أَسْلَمْتُ ولاَ رَآنِي إلاّ ضَحِكَ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. 3982- حَدّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنِيعٍ، حدثني مُعَاوِيَة بنُ عَمْروٍ، حدثنا زَائِدَةُ، عَن إسْمَاعِيلَ بنِ أبِي خَالِدٍ، عَن قَيْسٍ، عَن جَرِيرٍ قَالَ: "مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مُنْذُ أسْلَمْتُ وَلاَ رَآنِي إلاّ تَبَسّمَ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ. - قوله: (حدثنا معاوية بن عمر) بن المهلب الأزدي المعنى (حدثنا زائدة) بن قدامة (عن بيان) بن بشر. قوله: (ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي ما منعني من الدخول إليه إذا كان في بيته فاستأذنت عليه ولا يلزم منه النظر إلى أمهات المؤمنين (إلا ضحك) وفي الرواية الاَتية إلا تبسم. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجه. - قوله: (عن إسماعيل بن أبي خالد) الأحمسي البجلي (عن قيس) هو ابن أبي حازم.
3983- حَدّثَنَا محمد بن بشار 1و مَحْمُودُ بنُ غَيْلاَنَ قالاَ: حدثنا أبُو أحْمَدَ عَن سُفْيَانَ، عَن لَيْثٍ، عَن أبِي جَهْضَمٍ، عَن ابنِ عَبّاس: "أنّهُ رَأَى جِبْرِيلَ عليه السلام مَرّتَيْنِ وَدَعَا لَهُ النبيّ صلى الله عليه وسلم مَرّتَيْنِ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ مُرْسَلٌ ولا نعرف لأبي جَهْضَمٍ سماعاً، من ابنَ عَبّاسٍ. وقد روى عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس عن ابن عباس وأبو جهضم اسْمُهُ مُوسَى بنُ سَالِمٍ. 3984- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ حَاتِمٍ المكتب المُؤَدّبُ حدثنا القَاسمُ بنُ مَالِكٍ المزَنِيّ، عَن عَبْدِ المَلِكِ بنِ أبي سُلَيْمَانَ، عَن عَطَاءٍ، عَن ابن عَبّاسٍ قَالَ "دَعَا لِي رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُؤْتِيَنِي اللّهُ الحكْمَة مَرّتَيْنِ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ عَطاءٍ وَقد رَوَاهُ عِكْرِمَةُ عَن ابنِ عَبّاسٍ. 3985- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ أخبرنا عبْدُ الْوَهّابِ الثّقَفِيّ، عن خَالِدُ الْحَذّاءُ، عَنِ عِكْرِمَةَ عَن ابنِ عّباسٍ قَالَ: "ضَمّنِي إِلَيهِ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَال اللّهُمّ عَلّمْهُ الحِكْمَةَ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. - قوله: (أخبرنا أبو أحمد) اسمه محمد بن عبد الله الزبيري (عن سفيان) هو الثوري (عن ليث) هو ابن أبي سليم. قوله: (ودعا له) أي لابن عباس (مرتين) أي مرة بإعطاء الحكمة أو علم الكتاب حين ضمه إلى صدره، ومرة بتعليم الفقه حين خدمه بوضع ماء وضوئه. - قوله: (حدثنا قاسم بن مالك المزني) أبو جعفر الكوفي صدوق فيه لين من صغار الثامنة (عن عطاء) هو ابن أبي رباح. قوله: (أن يؤتيني الله الحكم) بضم الحاء وسكون الكاف أي العلم والفقه والقضاء بالعدل، والظاهر أن المراد به هنا الفهم في القرآن. وفي بعض النسخ الحكمة وهي بمعنى الحكم ولها معان أخرى كما ستقف عليها (مرتين) أي دعا لي بهذا مرتين. قوله: (هذا حديث غريب) وأخرجه النسائي. - قوله: (ضمني) بتشديد الميم أي أخذني (إليه) أي إلى صدره كما في رواية البخاري (اللهم علمه الحكمة) قال الحافظ في الفتح: اختلف الشراح في المراد بالحكمة هنا فقيل القرآن، وقيل العمل به، وقيل السنة، وقيل الإصابة في القول، وقيل الخشية، وقيل الفهم عن الله، وقيل العقل وقيل ما يشهد العقل بصحته، وقيل نور يفرق به بين الإلهام والوسواس، وقيل سرعة الجواب مع الإصابة. وبعض هذه الأقوال ذكرها بعض أهل التفسير في تفسير قوله تعالى {ولقد آتينا لقمان الحكمة} والأقرب أن المراد بها في حديث ابن عباس الفهم في القرآن انتهى. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجه.
وهو أحد العبادلة وفقهاء الصحابة والمكثرين منهم، وكان مولده في السنة الثانية أو الثالثة من المبعث لأنه ثبت أنه كان يوم بدر ابن ثلاث عشرة سنة وكانت بدر بعد البعثة بخمس عشرة سنة، مات بمكة في سنة ثلاث وسبعين وعمره ست وثمانون سنة، وقيل كان سبب موته أن الحجاج دس عليه من مس رجله بحربة مسمومة فمرض بها إلى أن مات 3986- حَدّثَنَا أحْمَدُ بنُ مَنِيعٍ أَخبرنا إسْمَاعِيلُ بنُ إِبْرَاهِيمَ عَن أيّوبَ عَن نَافِعٍ عَن ابنِ عُمَرَ قَالَ "رَأَيتُ في المَنامِ كَأَنّمَا في يَدِي قِطْعَةُ إِسْتَبْرَقٍ وَلاَ أَشِيرُ بِهَا إلى مَوْضِعٍ مِنَ الجَنّةِ إلاّ طارَتْ بِي إلَيْهِ فَقَصَصْتها عَلَى حَفْصَةَ فَقَصّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النبيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إِنّ أخَاكَ رَجُلٌ صَالِحٌ أَو إنّ عَبْدَ اللّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. - قوله: (حدثنا إسماعيل بن إبراهيم) المعروف بابن علية (عن أيوب) السختياني. قوله: (قطعة إستبرق) هو الغليظ من الديباج وهو فارسي معرب بزيادة القاف (إلا طارت بي إليه) أي تبلغني إلى ذلك المكان مثل جناح الطائر والباء للتعدية (إن أخاك رجل صالح) الصالح هو القائم بحقوق الله تعالى وحقوق العباد (أو إن عبد الله رجل صالح) أو للشك من الراوي. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان والنسائي.
ابن العوام الأسدي القرشي وهو أول مولود ولد في الإسلام للمهاجرين بالمدينة أول سنة من الهجرة وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمان سنين قتله الحجاج بن يوسف بمكة وصلبه يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الاَخرة سنة ثلاث وسبعين 3987- حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بنُ إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِيّ حدثنا أَبُو عَاصِمٍ عَن عَبْدِ اللّهِ بنِ المؤَمّلِ عَن ابنِ أبِي مُلَيْكَةَ عَن عَائِشَةَ "أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم رَأَى في بَيْتِ الزّبَيْرِ مِصْبَاحاً فَقَالَ يَا عَائِشَةُ مَا أَرَى أَسْمَاءَ إلاّ قَدْ نُفِسَتْ فَلاَ تُسَمّوهُ حَتّى أُسَمّيَه فَسَمّاهُ عَبْدَ اللّهِ وَحَنّكَهُ بِتَمْرَةٍ بيده". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. - قوله: (حدثنا أبو عاصم) النبيل (عن عبد الله بن المؤمل) المخزومي المكي ويقال المدني ضعيف الحديث من السابعة. قوله: (رأى في بيت الزبير) أي ابن العوام (مصباحاً) أي سراجاً (ما أرى) بضم الهمزة وفتح الراء أي ما أظن (أسماء) هي أخت عائشة زوجة الزبير (إلا قد نفست) بضم النون وكسر الفاء وقد يفتح النون أي ولدت وصارت ذات نفاس (فلا تسموه) أي المولود (وحنكه) بتشديد النون يقال حنكت الصبي إذا مضغت تمراً أو غيره ثم دلكته بحنكه.
هو أنس بن مالك بن النضر بن ضم بن زيد بن حرام بن جندب أمه أم سليم بنت ملحان، قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهو ابن عشر سنين وانتقل إلى البصرة في خلافة عمر ليفقه الناس بها وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة سنة إحدى وتسعين وله من العمر مائة وثلاث سنين وقيل تسع وتسعون سنة، قال ابن عبد البر وهو أصح ما قيل 3988- حَدّثَنَا قُتَيْبَة حدثنا جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ عَن الْجعْدِ أبي عُثْمَانَ عَن أنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ "مَرّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَتْ أُمّي أُمّ سُلَيْمٍ صَوْتَهُ فَقَالَتْ بِأبِي وَأُمّي يَا رَسُولَ اللّهِ أُنَيْسٌ قالَ فَدَعَا لِي رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثَ دَعَوَاتٍ قَدْ رَأيْتُ مِنْهُنّ اثْنَيْنِ في الدّنْيَا وَأَنَا أَرْجُو الثّالِثَةَ في الاَخِرَةِ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم. 3989- حَدّثَنَا محمُودُ بنُ غَيْلاَنَ، حدثنا أبُو أُسَامَةَ، عَن شَريكٍ، عَن عَاصِمٍ الأحْوَلِ، عَن أنَسٍ قالَ: "رُبّمَا قالَ لِي رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا ذَا الأُذُنَيْنِ قالَ أَبُو أُسَامَةَ يَعْنِي يُمَازِحُهُ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صحيحٌ. 3990- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ أَخبرنا محمدُ بن جَعفر أخبرنا شُعْبَة قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدّثُ عَن أنَسِ بنِ مَالِكٍ عَن أُمّ سُلَيْمٍ أنّهَا قَالَتْ: "يا رَسُولَ اللّهِ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ خَادِمُكَ ادْعُ اللّهَ لَهُ. قالَ: اللّهُمّ أكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَبارِكْ لَهُ فِيمَا أعْطَيْتَهُ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. 3991- حَدّثَنَا زَيْدُ بنُ أخْزَمَ الطّائِيّ، حدثنا أَبُو دَاودَ، عَن شُعْبَةَ، عن جَابِرٍ، عَنْ أبي نَصْرٍ، عَن أنَسٍ رضي الله عنه قالَ: "كَنّانِي رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بِبَقْلَةٍ كُنْتُ أجْتَنِيها" قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ لاَ نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الْجُعْفِيّ عَن أَبي نَصْرٍ وَأبُو نَصْرٍ هُوَ خَيْثَمَةُ بنُ أَبي خَيْثَمَة البَصْرِيّ رَوَى عَن أنَسٍ أحَادِيثَ. 3992- حَدّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بنُ يَعْقُوبَ، حدثنا زَيْدُ بنُ حُبَابِ، حدثنا مَيْمُونٌ أبُو عَبْدِ اللّهِ، حدثنا ثَابِتٌ البُنَانِيّ قَالَ: قَالَ لِي أنَسُ بنُ مَالِكٍ: "يَا ثَابِتُ خُذْ عَنّي فَإِنّكَ لَمْ تَأْخُذْ عَن أحَدٍ أَوْثَقَ مِنّي إِنّي أَخَذْتُهُ عَن رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَأخَذَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ جِبْرِيلَ وَأخَذَهُ جِبْرِيلُ عَن اللّهِ عَزّ وَجَلّ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حسنٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بنِ حُبَابٍ. 3993- حَدّثَنَا أبُو كُرَيْبٍ أَخبرنا زَيْدُ بنُ حُبَابِ عَن مَيْمُونٍ أبي عَبْدِ اللّهِ عَن ثَابِتٍ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ نَحْوَ حَدِيثِ إبْرَاهِيمَ بنِ يَعْقُوبَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ س/ "وَأخَذَهُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عَن جِبْرِيلَ". 3994- حَدّثَنَا محمُودُ بنُ غَيْلاَن حدثنا أَبُو دَاوُدَ، عَن أبي خَلْدَةَ قالَ: "قُلْتُ لأِبي العَالِيَةِ سَمِعَ أنَسٌ مِنَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ خَدَمَهُ عَشْرَ سِنِينَ وَدَعَا لَهُ النبيّ صلى الله عليه وسلم وكَانَ لَهُ بُسْتَانٌ يَحْمِلُ في السّنَةِ الفَاكِهَةَ مَرّتَيْنِ وكَانَ فِيهَا رَيْحَانٌ كان يجيء منها رِيحَ المِسْك". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسن. وأبُو خلدَةَ اسْمُهُ خَادلِدُ بنُ دِينَارٍ وَهُوَ ثِقَةٌ عِنْدَ أهْلِ الْحَدِيثِ وَقَدْ أَدْرَكَ أبو خلدة أنَسَ بنَ مَالِكٍ وَرَوَى عَنْهُ. - قوله: (حدثنا قتيبة) بن سعيد (أخبرنا جعفر بن سليمان) الضبعي البصري (عن الجعد أبي عثمان) هو ابن دينار اليشكري. قوله: (أنيس) بضم الهمزة تصغير أنس أي هذا أنيس (قد رأيت منهن اثنتين في الدنيا) هما كثرة المال وكثرة الولد (وأنا أرجو الثالثة في الاَخرة) هي المغفرة كما بينها سنان بن ربيعة بزيادة وذلك فيما رواه ابن سعد بإسناد صحيح عنه عن أنس قال: "اللهم أكثر ماله وولده وأطل عمره وأغفر ذنبه". قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه مسلم. - قوله: (اللهم أكثر ماله وولده) قال النووي في شرح مسلم: هذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم في إجابة دعائه وفيه فضائل لأنس، وقال الحافظ أما كثرة ولد أنس وماله فوقع عند مسلم في آخر هذا الحديث من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال أنس: فوالله إن مالي لكثير وإن ولدي وولد ولدي ليتعادون على نحو المائة اليوم، وتقدم في حديث الطاعون شهادة لكل مسلم في كتاب الطب قول أنس أخبرتني ابنتي أمينة أنه دفن من صلبي إلى يوم مقدم الحجاج البصرة مائة وعشرون. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان. - قوله: (حدثنا أبو داود) هو الطيالسي (عن جابر) هو ابن يزيد الجعفي عن أبي نصر اسمه خيثمة بن أبي خيثمة البصري. واسم أبي خيثمة هذا عبد الرحمن. قوله: (كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقلة كنت أجتنيها) قال في النهاية أي كناه أبا حمزة، وقال الأزهري البقلة التي جناها أنس كان في طعمها لذع فسميت حمزة لفعلها يقال رمانة حامزة أي فيها حموضة انتهى. وفي القاموس الحمزة الأسد وبقلة. - قوله: (أخبرنا زيد بن الحباب) هو أبو الحسين العكلي (أخبرنا ميمون أبو عبد الله) هو ميمون بن أبان، قال الحافظ في تهذيب التهذيب: ميمون بن أبان الهذلي ويقال الجشمي أبو عبد الله البصري، روى عن ثابت البناني وروى عنه زيد بن الحباب وأبو عاصم. ذكره ابن حبان في الثقات انتهى. وله (خذ عني) أي خذ علم الكتاب والسنة عني (أوثق مني) صفة لأحد أي أكثر وثوقاً مني، والظاهر أن أنساً قال هذا لثابت حين لم يبق أحد من الصحابة بالبصرة وكان أنس آخر من بقي بها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. - قوله: (عن أنس قال ربما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ) تقدم هذا الحديث مع شرحه في باب المزاج من أبواب البر والصلة. - قوله: (سمع أنس من النبي صلى الله عليه وسلم) بحذف حرف الاستفهام أي هل سمع منه (وكان له) أي لأنس (بستان) بالضم معرب بوستان وهي أرض أدير عليها جدار وفيها شجر وزرع (يحمل) أي يثمر (في السنة) أي الواحدة وفي بعض النسخ في كل سنة (مرتين) أي ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، ولأبي نعيم في الحلية من طريق حفصة بنت سيرين عن أنس قال: وإن أرضي لتثمر في السنة مرتين وما في البلد شيء يثمر مرتين غيرها (وكان فيها) أي في ذلك البستان وتأنيث الضمير يتأول الحديقة (ريحان) بفتح الراء وسكون التحتية نبات طيب الرائحة (يجد) أي أنس أو يجد واجد، وفي بعض النسخ يجيء. قوله: (هذا حديث حسن غريب) قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث رجاله ثقات.
تقدم ترجمته في باب فضل الطهور 3995- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيّ المَقدميّ، حدثنا ابنُ أبي عَدِيّ، عَن شُعْبَةَ، عَن سِمَاكٍ، عَن أَبِي الرّبِيعِ، عَن أبي هُرَيْرَةَ قالَ: "أَتَيْتُ النبيّ صلى الله عليه وسلم فَبَسَطْتُ ثَوْبِي عِنْدَهُ ثُمّ أَخَذَهُ فَجَمَعَهُ عَلَى قَلْبِي قالَ فَمَا نَسِيتُ بَعْدَهُ حديثاً. قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوجْهِ. 3996- حَدّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحمّدُ بنُ المُثَنّى، حدثنا عُثْمَانُ بنُ عُمَرَ، حدثنا ابنُ أَبي ذِئْبٍ عَن سَعِيدٍ المَقْبُرِيّ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "قُلْتُ يَا رَسُولَ اللّهِ أسْمَعُ مِنْكَ أَشْيَاءَ فَلاَ أَحْفَظُهَا قَالَ أَبْسُطْ رِدَاءَكَ فَبَسَطْتُهُ فَحَدّثَ حَدِيثاً كَثِيراً فَمَا نَسِيتُ شَيْئاً حَدّثَنِي بِهِ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ قد رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَن أبِي هُرَيْرَةَ. 3997- حَدّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنِيعٍ، حدثنا هُشَيْمٌ، حدثنا يَعْلَى بنُ عَطاءٍ، عَن الوَلِيدِ بنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ، عَن ابنِ عَمرَ أنّهُ قالَ لأَبِي هُرَيْرَةَ: "يَا أبَا هُرَيْرَةَ أَنْتَ كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحْفَظَنَا لِحَدِيثِهِ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ. 3998- حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ أَخبرنا أحْمَدُ بنُ سَعِيدٍ بن أبي شعبة الْحَرّانِيّ حدثني مُحمّدُ بنُ سَلَمَةَ عَن مُحمّدِ بنِ إسْحَاقَ عَن مُحمّدِ بنِ إِبْرَاهِيمَ عَن مَالِكِ بنِ أبِي عَامِرٍ قالَ "جَاءَ رَجُلٍ إِلى طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللّهِ فَقَالَ يَا أَبَا مُحمّدٍ أَرَأيْتَ هَذَا اليَمَانِيّ- يَعْنِي أبَا هُرَيْرَةَ- أَهُوَ أعْلَمُ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكُمْ نَسْمَعُ مِنْهُ ما لا نَسْمَعُ مِنْكُمْ أوْ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ يَقُلْ؟ قَالَ أمّا أنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ نَسْمَعْ عَنْهُ فلا أشك إلا أن سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم تسمع وَذَلِكَ أنّهُ كَانَ مِسْكِيناً لاَ شَيْءَ لَهُ ضَيْفاً لِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَدُهُ مَعَ يَدِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَكُنّا نَحْنُ أَهْلَ بُيُوتَاتٍ وَغِنًى وَكُنّا نَأْتِي رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم طَرَفَي النّهَارِ فلاَ نَشُكّ إلاّ أَنّهُ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لا نَسْمَع وَلاَ تَجِدُ أَحَداً فِيهِ خَيْرٌ يَقُولُ عَلَى رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ يَقُلْ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ حَدِيثِ مُحمّدِ بنِ إِسْحَاقَ، وَقد رَوَاهُ يُونُسُ بنُ بُكَيْرٍ وَغَيْرُهُ عن مُحمّدِ بنِ إِسْحَاقَ. 3999- حَدّثَنَا بِشْرُ بنُ آدَمَ بنِ بنت أَزْهَرَ السّمّانُ، حدثنا عَبْدُ الصّمَدِ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ، أَخبرنا أَبُو خَلدَةَ، حدثنا أَبُو الْعَالِيَةِ عن أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ لِيَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "مِمّنْ أَنْتَ قال قلت: مِنْ دَوْس، قالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَنّ فِي دَوْسٍ أَحَداً فِيهِ خَيْرٌ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ. وَأَبُو خَلْدَةَ اسْمُهُ خَالِدُ بنُ دِينَارٍ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ اسْمُهُ رفيعٌ. 4000- حَدّثَنَا عِمْرَانُ بنُ مُوسَى الْقَزّازُ، حدثنا حَمّادُ بنُ زَيْدٍ، أَخبرنا المهَاجِرُ عن أَبي الْعَالِيَةِ الرّيَاحِيّ عن أَبي هُرَيْرَةَ، قالَ: "أَتَيْتُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم بِتَمَرَاتٍ، فَقلت: يَا رَسُولَ اللّهِ ادْعُ اللّهَ فِيهِنّ بِالْبَرَكَةِ فَضَمّهُنّ، ثُمّ دَعَا لِي فِيهِنّ بِالْبَرَكَةِ، فَقَالَ لِي: خُذْهُنّ فَاجْعَلْهُنّ فِي مِزْوَدِكَ هَذَا أَوْفِي هَذَا المِزْوَدِ كُلّمَا أَرْدَتْ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئاً فَأَدْخِلْ فِيهِ يَدَكَ فَخُذْهُ وَلاَ تَنْثُرْهُ نَثْراً، فَقَدْ حَمَلْتُ مِنْ ذَلِكَ التّمْرِ كَذَا، وَكَذَا مِنْ وَسْقٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَكُنّا نَأَكُلُ مِنْهُ وَنُطْعِمُ، وَكَانَ لاَ يُفَارِقُ حِقْوِي حَتّى كَانَ يَوْمُ قَتْلِ عُثْمَانَ فَإِنّهُ انْقَطَعَ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقد رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الوَجْهِ، عن أَبي هُرَيْرَةَ. 4001- حَدّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سَعِيدٍ المُرَابِطِيّ، أَخبرنا رَوْحُ بنُ عُبَادَة حدثنا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، عن عَبْدِ اللّهِ بنِ رَافِعٍ قالَ: "قُلْتُ لأبِي هُرَيْرَةَ لِمَ كُنّيتَ أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قالَ: أَمَا تَفْرَقُ مِنّي؟ قلت: بَلَى وَاللّهِ إِنّي لأهَابُكَ، قال: كُنْتُ أَرْعَى غَنَمَ أَهْلِي، فَكَانَتْ لِي هُرَيْرَةٌ صَغِيرَةٌ فَكُنْتُ أَضْعُهَا بِاللّيْلِ فِي شَجَرَةٍ، فَإِذَا كَانَ النّهَارُ ذَهَبْتُ بِهَا مَعِي، فَلَعِبْتُ بِهَا فَكَنونِي أَبَا هُرَيْرَةَ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. 4002- حَدّثَنَا قُتَيْبَةُ، أَخبرنا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمْرِو بنِ دِينَارٍ، عن وَهْبِ بنِ مُنَبّه، عن أَخِيهِ هَمّامِ بنِ مُنّبّهٍ، عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: "لَيْسَ أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثاً عن رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مِنّي إِلاّ عَبْدَ اللّهِ بنَ عَمْروٍ، فَإِنّهُ كَانَ يَكْتُبُ، وَكُنْتُ لاَ أَكْتُبُ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
- قوله: (حدثنا عثمان بن عمر) العبدي البصري (أخبرنا ابن أبي ذئب) اسمه محمد بن عبد الرحمن. قوله: (أسمع منك أشياء) أي كثيرة (فلا أحفظها) وفي رواية البخاري في العلم: إني أسمع منك حديثاً كثيراً أنساه (فبسطته) زاد البخاري فغرف بيديه ثم قال: ضم فضممته فما نسيت شيئاً. قال الحافظ: لم يذكر المغروف منه وكأنها كانت إشارة محضة، وفي الحديث فضيلة ظاهرة لأبي هريرة ومعجزة واضحة من علامات النبوة لأن النسيان من لوازم الإنسان وقد اعترف أبو هريرة بأن كان يكثر منه ثم تخلف عنه ببركة النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه البخاري. - قوله: (حدثنا ابن أبي عدي) اسمه محمد بن إبراهيم (عن سِمَاك) هو ابن حرب (عن أبي الربيع) المدني مقبول من الثامنة. قوله: (ثم أخذه فجمعه على قلبي) هذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أخذ الرداء وجمعه على قلب أبي هريرة، ولفظ البخاري السابق يدل على أن أبا هريرة هو الذي جمع الرداء وضمه، ويمكن الجمع بأنهما جميعاً جمعا الرداء وضماه على قلبه وإلا فما في الصحيح فهو المقدم. - قوله: (حدثنا هشيم) هو ابن بشير بن القاسم (أخبرنا يعلى بن عطاء) العامري الليثي الطائفي (عن الوليد بن عبد الرحمن) الجرشي الحمصي. قوله: (كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم) أي كنت أكثرنا لزوماً له صلى الله عليه وسلم منا (وأحفظنا لحديثه) أي أكثر وأقوى حفظاً لحديثه منا. قوله: (هذا حديث حسن) وأخرجه أحمد. - قوله: (أخبرنا أحمد بن سعيد الحراني) قال الحافظ في تهذيب التهذيب: أحمد بن سعيد الحراني صوابه أحمد بن أبي شعيب الحراني وقع في بعض نسخ الترمذي أحمد بن شعيب فحرفها بعضهم أحمد بن سعيد فنشأ منه هذا الوهم، وإنما أخرج الترمذي عن الدارمي عنه انتهى. وقال في ترجمة أحمد بن أبي شعيب ما لفظه أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب بن مسلم الحراني أبو الحسن القرشي مولاهم روي عن أبو داود والبخاري والترمذي والنسائي بواسطة والدارمي وغيرهم. قال أبو حاتم ثقة صدوق (أخبرنا محمد بن سلمة) الحراني روى عنه أحمد بن أبي شعيب الحراني وغيره ثقة (عن محمد بن إبراهيم) بن الحارث التيمي (عن مالك بن أبي عامر) الأصبحي. قوله: (يا أبا محمد) كنية طلحة (أرأيت) أي أخبرني (أما أن يكون سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع عنه) الظاهر أن أما بفتح الهمزة وتشديد الميم وأن مصدرية وهي مع ما بعدها مبتدأ والخبر محذوف أي أما كونه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع منه فهو المتعين (يده مع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي كان ملازماً له صلى الله عليه وسلم لا يغيب عنه (وكنا نحن أهل بيوتات) جمع الجمع لبيوت وهو جمع البيت (وغنى) بالجر عطف على بيوتات (طرفي النهار) أي أوله وآخره (لا أشك إلا أنه سمع الخ) الظاهر أن إلا ههنا زائدة كما في قول الشاعر: حراجيج ما تنفك إلا مناخة *** على الخسف أو ترمي بها بلداً قفرا أي لا شك في أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويؤيده رواية البخاري في التاريخ وأبي يعلى بلفظ: الله ما لشك أنه سمع ما لم نسمع وعلم ما لم نعلم أو المراد بالشك، الظن أي لا أظن إلا أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه البخاري في التاريخ وأبو يعلى: بلفظ قال: كنت عند طلحة بن عبيد الله فقيل له، ما تدري هذا اليماني أعلم برسول الله منكم، أو هو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل. قال فقال: والله ما نشك أنه سمع ما لم نسمع وعلم ما لم نعلم. إنا كنا أقواماً لنا بيوتات وأهلون وكنا نأتي النبي صلى الله عليه وسلم طرفي النهار ثم نرجع. وكان أبو هريرة مسكيناً لا مال له ولا أهل، إنما كانت يده مع يد النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يدور معه حيثما دار، فما نشك أنه قد سمع ما لم نسمع، قال الحافظ في الفتح: إسناده حسن. - قوله: (قلت من دوس) بفتح الدال المهملة وسكون الواو أبو قبيلة (ما كنت أرى) بضم الهمزة، أي أظن. - قوله: (حدثنا المهاجر) بن مخلد أبو مخلد مولى البكرات بفتح الموحدة والكاف مقبول من السادسة. قوله: (بتمرات) بفتحات جمع تمرة (فضمهن) أي فأخذهن بيده أو وضع يده عليهن (ثم دعا لي) أي لأجلي خصوصاً (فيهن بالبركة) أي بالبركة فيهن، وكثرة الخير في أكلهن مع بقائهن (قال) أي بطريق الاستئناف (فاجعلهن) أي أدخلهن (في مزودك) بكسر الميم وهو ما يجعل فيه الزاد من الجراب وغيره (أن تأخذ منه) أي من المزود (شيئاً) أي من التمرات (فيه) أي في المزود (فخذه) أي الشيء (ولا تنثره) بضم المثلثة وتكسر ففي القاموس، نثر الشيء ينثره وينثره نثراً ونثاراً: رماه متفرقاً (فقد حملت من ذلك التمر كذا وكذا من وسق) بفتح الواو وسكون السين. أي ستين صاعاً على ما هو المشهور، أو حمل بعير على ما ذكره في القاموس. قال الطيبي يجوز أن يحمل حملت على الحقيقة، وأن يحمل على معنى الأخذ، أي أخذته مقدار كذا بدفعات انتهى. قال القاري: والحمل على الحقيقة أولى فإنه أبلغ في المدعي (وكنا) أي أنا وأصحابي (ونطعم) من الإطعام أي غيرنا (وكان) أي المزود (لا يفارق حقوي) أي وسطي، وقيل الحقو الإزار. والمراد هنا موضع شد الإزار، وقال الطيبي: الحقو معقد الإزار وسمي الإزار به للمجاورة (حتى كان يوم) بالرفع على أن كان تامة وجوز نصبه على أن التقدير حتى كان الزمان يوم (قتل عثمان) بصيغة المصدر مضافاً إلى مفعوله أبو بصيغة المجهول. وعثمان نائب الفاعل (فإنه) أي المزود. - قوله: (حدثنا أحمد بن سعيد) الأشقر (المرابطي) كذا وقع في النسخ الحاضرة المرابطي، ووقع في التقريب وتهذيب التهذيب والخلاصة: والرباطي فليحرر. (أخبرنا أسامة بن زيد) الليثي المدني (عن عبد الله بن رافع) كنيته أبو رافع مولى أم سلمة. قوله: (لم) أي لأي شيء (كنيت) بصيغة المجهول من التكنية. يقال كنا يكنى كنية وكنية وكني وتكنية وأكني إكناء زيداً أبا فلان، وكناه أو كناه بأبي فلان إذا سماه به (أما تفرق مني) أي ألا تخاف مني (كانت لي هريرة) تصغير هرة وهي السنور (في شجرة) أي على شجرة (فكنوني أبا هريرة) فيه دلالة على أن أهل أبي هريرة كنوه به، وقيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناه به، وقد تقدم شيء من الكلام في هذا في باب فضل الطهور. - قوله: (عن أبي هريرة قال ليس أحد أكثر حديثاً إلخ) تقدم هذا الحديث مع شرحه في باب الرخصة في كتاب العلم.
|